لا خلاف حول احتمال ترؤس سعد الحريري الحكومة. الأمر محسوم بالسياسة ربطاً بالتفاهم المسبق بين رئيس "تيار المستقبل" و"المرشح" ميشال عون. كما هو أيضاً محسوم على الورقة والقلم وفق تصويت الكتل النيابية التي يبدو أنّ جميعها، باستثناء "كتلة الوفاء للمقاومة"، سيضع اسم الحريري أمام رئيس الجمهورية خلال الاستشارات النيابية الملزمة التي تنتهي مساء الغد.


مرسوم تسميته شبه جاهز لا يحتاج الا لعدد الأرقام التي سينالها "العائد" الى السرايا الحكومية بعد مرحلة التصحّر الطويلة، ولتوقيع رئيس الجمهورية، ليصير رئيس "تيار المستقبل" رئيساً لأولى حكومات عهد ميشال عون.

بهذه الروحية دخل الرجل الى القصر الجمهوري صباح اليوم للقاء سيد القصر. بادية الثقة بالنفس على محياه وعلى خطاه، بعدما استعاد بعضاً من الراحة والطمأنينة لسير الأمور، كما يقول عارفوه.

قبل أيام قليلة، وتحديداً قبل وصول الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان الى بيروت، كان الوضع مختلفاً كلياً. كان الإرباك مسيطراً على حركة الرجل حتى لو أظهر عكس ذلك. لكن اللصيقين به يعرفون تماماً أن الخشية كانت تملأ ذهنه وتدفعه الى العدّ للعشرة قبل الاقدام على أي خطوة.

لماذا؟

يروي عارفو سعد الحريري أنّ الأخير قاد مساراً "متهوراً" بالنسبة للبعض، وجريئاً بالنسبة للبعض الآخر، في تبنيه لترشيح العماد عون. وتحديداً في الشق المتعلق بموقف المملكة السعودية... كان من الممكن أن يودي به الى "الانتحار السياسي"، كما عبّر بنفسه.

بالمبدأ أوحى الرجل أنه يخبىء في جيبه ضوءاً أصفر ملكياً يمكن تحويله الى ضوء أخضر متى نجح في مهمته وتمكن من ايصال الجنرال الى كرسي الرئاسة مقابل عودته الى الرئاسة الثالثة. عندها تفرج المملكة عن موقفها الحقيقي الداعم لحركة الحريري. أما قبل ذلك، أو غير ذلك فلا مجال للسؤال عن موقف واضح يعبّر عن خيارات الممكلة.

ولكن عارفيه، كما زوار المملكة، وتحديداً ممن تمكنوا من سؤال بعض مسؤوليها خلال الفترة الأخيرة عن ردة فلعها تجاه المبادرة الحريرية، ومنهم وائل أبو فاعور مثلاً، يدركون جيداً أن الديوان الملكي لم يكن متحمساً أبداً لحركة رئيس "تيار المستقبل" ولم يكن يهضم فكرة وصول ميشل عون الى القصر. وقد أبُلغ هذا الموقف بشكل واضح لمن حاول الاستفسار من اللبنانيين.

على هذا الأساس، يقول المطلعون إنّ الرئيس نبيه بري بالغ في ردة فعله ورفضه للتسوية المقترحة معتقداً أنّ الرياض سترفع في أي لحظة بطاقتها الحمراء لتفرمل حركة الحريري وتعيدها الى مربع الصفر.

ماذا تعني هذه المعادلة المتضاربة في مكوناتها؟

يقول العارفون إنّ سعد الحريري خاطر برصيد علاقته بالممكلة مع ما يحمل ذلك من مخاطرة باستثماراته المالية قبل مخزونه الشعبي وموقعه السياسي، وحمل المملكة الى الخيار الذي رسمه، ان لم نقل فرضه. على خلاف كل السيناريوهات المتداولة، يؤكد هؤلاء أنّ السعودية انضمت الى قبّة التفاهم حول الرئاسة اللبنانية بعدما تبيّن لها أنّها منجزة وأنه من الأفضل اشراك يدها في الطبخة على البقاء خارجها... وهذه الكلمة لم يحصل عليها الحريري الا في آخر رحلة قام بها الى الرياض.

كلير  شكر: لبنان 24