كان يوم أمس يوماً تاريخياً في تاريخ لبنان، وبعد فراغ رئاسي لمدة سنتين و5 أشهر، ودون وجود اي أمل بانتخاب رئيس للجمهورية وكان الرأي العام يربط اجراء الانتخابات وحصولها تارة بعد تقسيم العراق وطوراً بعد انتهاء الازمة السورية وكان الناس ضائعين اذا كان سيتم انتخاب رئيس جديد والبعض وصل الى حد القول بأن ميشال سليمان هو آخر رئيس للبنان، حصل انتخاب رئيس للجمهورية.
وهنا مضطرون لنقول ملاحظة وهي، كيف ان الرئيس السابق اميل لحود يمضي يومه بالرياضة والسباحة وصيد السمك وحكم 18 سنة بواسطة السوريين، لا يحضر انتخاب رئيس الجمهورية مع ان العماد الرئيس ميشال عون أسبق منه بالرتبة وبقيادة الجيش وبرئاسة الحكومة ولديه أكبر كتلة نيابية وله تاريخ عسكري قتالي أين منه تاريخ إميل لحود في هذا المجال، وقاطع لحود الاحتفالات وسابقاً كان يقول انا أقدم بالرتبة من الرئيس ميشال سليمان، لذلك لن أشارك باحتفال تسلّم مهامه الرئاسية وكان يقول أيضاً أنا أقدم بالرتبة من العماد جان قهوجي لذلك لا اشترك باحتفالات الاستقلال وتخريج الضباط لانني اقدم منه بالرتبة وبالخدمة العسكرية. ونحن نتحدث عن مرحلة ما بعد رئاسة إميل لحود للجمهورية، اما اليوم فكيف يفسر إميل لحود عدم مشاركته بالجلسة الرئاسية والعماد الرئيس ميشال عون أعلى منه رتبة وأقدم منه في الجيش اللبناني وكان رئيس حكومة موقتة وأقدم منه بالقتال والتاريخ العسكري وأعلى منه بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، وبالتالي لماذا «التشاوف والتكبر» من قبل العماد لحود بهذه العقلية الأنانية الاقطاعية على علم لبنان ورئيس لبنان وعلى الدولة كلها ولماذا هذا الاحتقار للشعب اللبناني حيث ان لحود اثناء حكمه كان يحتقر الشعب اللبناني لانه كان يستعمل العصا السورية لضرب اللبنانيين فما باله اليوم بعد ذهاب السوريين يحتقر الشعب اللبناني ولا يشارك بالمناسبات الوطنية حيث موسيقى التعظيم ورفع العلم اللبناني عالياً وإنارة قصر بعبدا وعودة رئيس الجمهورية الى الحكم عبر مسيحي قوي لكن هذا هو اميل لحود من دون مشاعر واحاسيس بل احتقار للشعب اللبناني.
انتهينا من الملاحظة حول العماد اميل لحود، وهو ان الناس كانوا خائفين وبسحر ساحر وضوء أخضر حصلت المعجزة وتم انتخاب رئيس جديد هو العماد ميشال عون لمدة 6 سنوات وحضر الجلسة كافة النواب على أساس 127 نائباً بدلاً من 128 لان الرئيس بري وحسب نظام المجلس اعتبر روبير فاضل مستقيلاً ونال العماد عون عدد اصوات هامة وهي 83 صوتاً رغم ان الرئيس بري وكتلته وكثيرين لم يصوتوا له ومع ذلك حصل على 83 صوتاً تقريباً هي السن الذي وصل اليه العماد عون بالعمر، اما الوزير سليمان فرنجية فلم يحصل بل نال اوراقا بيضاء عددها 36 تشكل له قاعدة ترشح في المرة القادمة لرئاسة الجمهورية، ولكن يبقى الدكتور سمير جعجع أقوى منه لأنه نال من دون اوراق بيضاء 48 صوتاً عندما ترشح في جلسة نيسان 2014 ومن دون استعمال اوراق بيضاء كما قلنا بالامس معركة رئاسة الجمهورية القادمة هي بين سليمان فرنجيه وسمير جعجع.
انتقل الرئيس العماد عون الى القصر الجمهوري ليدخله رئيساً قويا محققا اعجوبة ومعجزة اذ تركه تحت نيران الطائرات والدبابات في 13 تشرين الاول 1990 ليعود اليه في 31/10/2016 رئيسا للجمهورية من الباب الشرعي الدستوري بعد نضال طويل طال حتى مضى اكثر العمر تقريباً و«أطال الله بعمر العماد ميشال عون».

ـ انتقائية الطائف ـ

واثناء خطاب العماد ميشال عون في المجلس النيابي قال الرئيس المنتخب في حديث غير مباشر ان الدستور لا يجب تطبيقه انتقائيا وهو بذلك يقول ان اتفاق الطائف تم تطبيق اجزاء منه ولم تطبق اجزاء أخرى متجنبا القول عن رغبته بتعديل بعض بنود الطائف. مقابل ذلك فانه في احتفال لوزير خارجية مصر في بيروت سأل وزير الخارجية المصري العماد عون عن وضعية مجلس النواب فأجاب عون «انه قانوني وغير شرعي» فرد بري اليوم غامزا في خطابه وعبر كلام موجه للعماد عون قائلا «لقد انتخبكم هذا المجلس الشرعي الذي انتم شككتم بشرعيته» وكأنه بذلك يرد على كلام عون «ان المجلس غير شرعي» وبالتالي فان بري يعتبر بأن المجلس الشرعي انتخب العماد عون.
خطاب الرئيس نبيه بري في مجلس النواب كان خطاب مد اليد للعماد ميشال عون واشار الى انه سيقوم بالحوار السياسي معه بشأن الحكومة وقانون الانتخابات وغيرها بتفويض من حزب الله وسيقود المفاوضات السياسية عن أمل وحزب الله مع رئيس الجمهورية والحكومة. اما خطاب العماد عون فكان خطابا موضوعيا وعاديا ولم يقدم فيه العماد ميشال عون وعوداً بل ما زال الرئيس عون يعتمد عبارة لا تأخذوا بالكلام اليوم كثيرا بل احكموا على انجازاتنا.

ـ عون والفوز بالدورة الثانية ـ

نجح الرئيس نبيه بري في اسقاط العماد ميشال عون بالدورة الاولى ولعب لعبة الاوراق البيضاء والخربطة بعدد الأوراق لمرتين ربما بقصد اثارة العماد ميشال عون وقد اثار هذا الامر جدلاً في المجلس عاد الرئيس بري وضبطه بإجراء عملية اقتراع رابعة نجح فيها العماد عون بالحصول على 83 صوتاً مقابل 36 ورقة بيضاء و8 اوراق ملغاة. ولعبة الاوراق البيضاء هي لعبة الرئيس نبيه بري الذي قالها لفرنجيه كي يعلنها.

ـ عون والحريري لا يملكان خطة ـ

لكن المشكلة الكبرى ان الرئيس العماد ميشال عون والرئيس الحريري لا يملكان خطة للحكم وبناء اسس الدولة فالحريري همه من شواطئ بيروت في الرملة البيضاء الى السوليدير ومن المنطقة الممتدة من عقاراته قرب المطار حتى الصيفي. اما العماد عون فلا يملك خطة للتنمية المتوازنة في المناطق التي تم اهمالها منذ 26 سنة وأصبحت المناطق اللبنانية سيئة للغاية وتحديداً على صعيد الطرقات والمدارس والمشاريع التحتية بالاضافة الى التلوث الذي يصيب نهر الليطاني والمناطق اضافة الى الوضع الصعب الذي يعيشه اهالي عكار بالاضافة الى الاهمال الذي نال منطقة جبل لبنان ولم يتم صرف الاموال الا في حدود الاراضي التي يملكها الحريري من الرملة البيضاء الى السوليدير حتى أن طريق جونيه - فاريا لم يتم فيها اصلاح اي حفرة رغم انها منطقة سياحية من الدرجة الاولى ومنطقة تزلج وجبال وغيرها كما ان منطقة الشوف وقضاء عاليه لم ينالا حقهما كذلك كسروان وفتوح كسروان وجزء من بلاد منطقة جبيل باستثناء الاوتوستراد التي تم انشاؤه من بلدة البترون حتى تنورين ليس هناك مشروع حصري حصل في كل مناطق جبل لبنان حتى اطراف الشمال في البترون، فلذلك الحريري لا يملك خطة للانماء المتوازن ودعم قطاع الصناعة والزراعة وكذلك الرئيس عون لا يملك هذا الموضوع ونحن لا نظلمهما لأننا نقرأ خطابات الحريري طوال 11 سنة وخطابات العماد عون 30 سنة ولم نقرأ فيهما عن اي خطة حكم وبرنامج عمل في كيفية بناء الدولة وبناء المشاريع والعنصر البشري ودعم القطاعات المنتجة وتعزيز الاقتصاد الوطني للمواطنين وتحريك حركة التجارة والترانزيت وتفعيل مرفأ بيروت الذي تسيطر عليه مافيا ولا ندري اذا كان الرئيس العماد عون سيفعل شيئا تجاه مافيا المرفأ في بيروت والمطار أم سيترك الأمر سائباً كما هو حاله الآن.

ـ المهنئون ـ

ومن جهة اخرى حصل ظاهرة هامة تمثلت بتهنئة دول العالم بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ونذكرهم ليس بمرتبتهم وقيمتهم بل وفق الاسماء من قبل الوكالات والذين اتصلوا هم: الرئيس الايراني حسن روحاني، الرئيس بشار الاسد، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كما ان باريس اصدرت قراراً رحبت فيه بانتخاب العماد عون، اميركا اصدرت بيانا بشأن تهنئة العماد عون ودعته الى أن يكون الجيش اللبناني القوة الوحيدة على الساحة اللبنانية كما اتصل مهنئاً سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، كما اتصل مساعد وزير الخارجية الروسي بوغدانوف عبر برقية ارسلها عبر النائب أمل ابو زيد ليوجهها الى العماد عون بالاضافة الى عدد كبير من الوزراء الدوليين والرؤساء في الاتحاد الاوروبي وآسيا وبريطانيا ومئات الاف البرقيات من المغتربين كما اشتعلت ساحات لبنان كلها باطلاق الاسهم والالعاب النارية بشكل كان عيدا كبيرا بانتخاب عون رئيساً للجمهورية.

ـ الدين العام وخطة مصرف لبنان ـ

هل يستطيع العماد عون تحقيق انجازات وحل مشاكل والخروج من الأزمة؟
الجواب هو انه سينجح بنسبة 50% بينما ستبقى 50% خارج عن القدرة عن السيطرة عليها فالعماد عون يستطيع بناء جيش قوي جداً وحديث ومتطور بالاسلحة مع جنود مدربين بمستوى الجنود الاميركيين والفرنسيين ويستطيع العماد عون ضرب قطاع المخدرات والتهريب والسرقات من خلال الحفاظ على الأمن لكن ستبقى مناطق خارج سيطرته خاصة في مناطق اقطاعية وحزبية وهنالك مشكلة الدين التي وصلت الى 72 مليار دولار ولن يستطيع العماد ميشال عون ايقاف الدين العام واذا استلمه 72 مليار دولار سيسلم الدين لسلفه الرئيس القادم 115 مليار دولار، ولكن هنالك خطوة جبارة ستحصل وهي ان الودائع سترتفع من 190 مليار دولار الى 350 مليار دولار مما يعني ان لبنان سيصبح في المرتبة الاولى عربيا حيث يحتل بنك ابو ظبي المرتبة الاولى مع مصارفها وستصبح الامارات ثانية ولبنان في المرتبة الاولى اذا وافقت الحكومة على خطة حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامه في حل مشكلة الكهرباء والمياه وتحرير البورصة والتنمية المتوازنة في كل المناطق ودعم الصناعة والزراعة والتكنولوجيا وبالتالي فان الدين العام سيقف عند حدود 80 مليار دولار، وعندها يبدأ مصرف لبنان بدعم الدولة لتصل الى موازنة مالية متوازنة تستطيع عبرها البلاد برد الديون بشرط وهذا الشرط اساسه ان تسمع الحكومة من حاكم مصرف لبنان ومن سياسته الهندسية التقنية بتلزيم استخراج الغاز والنفط من بحر لبنان ومن البر وعندها يصبح عندنا مخزون سنوي اضافي بقيمة 3 مليارات دولار شرط الا يكون تلزيم الغاز والنفط ضمن صفقات سياسية وعندها لا مجال لايفاء الديون ولا لتحقيق 3 مليارات دولار في السنة وتخفيض العجز.