المواطن دائما هو الذي يدفع الثمن في حلّه وترحاله. في القوانين الجائرة التي يتم إقرارها خدمة لبعض الجهات النافذة وفي الاعتراض على هذه القوانين المجحفة من خلال الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات فإنه يستخدَم كأداة لأغراض سياسية وحزبية تصبّ في خدمة مصالح شخصية لبعض أقطاب السلطة الممسكين بمفاصل الدولة والمالكين لقرار تحريك الشارع عندما تقتضي الضرورة وتدعو الحاجة. 
وفي هذا السياق، فقد نفّذت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري يوم الخميس الماضي اعتصامها المفتوح في كافة المناطق وتظاهر السائقون العموميون على كل الأراضي اللبنانية مجددين المطالبة "بإعادة المعاينة الميكانيكية" إلى كنف الدولة. 
وتمّ قطع جميع الطرقات الدولية من الشمال إلى الجنوب مرورا بالبقاع والجبل انسجاما مع استمرار تحركات اتحاد النقل البري التي بدأها مطلع الشهر الجاري. 
وفي الاعتصام المركزي في ساحة رياض الصلح حيث تجمع السائقون العموميون ونفّذوا منذ الصباح الباكر مسيرةً سيارة للاتحاد وصلت إلى الصيفي ثم إلى مقر وزارة الداخلية في الصنائع  وتحدّث باسمهم رئيس اتحاد نقابات النقل البري القيادي في حركة أمل بسام طليس الذي أكّد على استمرار التحركات إلى حين تنفيذ مطالبهم وعلى رأسها قضية الميكانيك حيث أشار إلى أن المعاينة الميكانيكية باتت اليوم غير شرعية ملمِّحًا إلى استمرار التصعيد، على أن تبقى مراكز المعاينة مقفلة حتى تحقيق المطالب. 
وتخلّل الإضرابات في عدة مناطق تعديات على بعض أصحاب السيارات الخصوصية الذين صودف مرورهم في أماكن التجمعات وذلك على مرأى ومسمع عناصر القوى الأمنية المتواجدة في المكان حفظًا للنظام والتي لم تنفع مع هذه التعديات هي كلمات الإعتذار والأسف لما فيها من امتهان للكرامات. 
ومع أنّ الإضراب كان مقرّرا سابقا، إلا أنه كان بالإمكان تأجيله لما بعد هذه المعمعة الرئاسية حيث يعيش البلد حالًا من الإرباك والخلافات والمناكفات عشية انتخاب رئيس للجمهورية سيما وأنه لا توجد مؤسسة عاملة في الدولة يمكن أن يتم توجيه الإضراب باتجاهها لتحقيق المطالب المحقة مع التعطيل الذي يعمّ الدولة بمعظم أجهزتها. 
ومن البديهي القول أنّ لحركة أمل اليد الطولى في تحريك اتحادات ونقابات قطاع النقل البري  ومن الصعوبة بمكان تبرئة الحركة من تحريك الشارع في هذه اللحظة الحرجة وفي هذا التوقيت، والبلد على أبواب انتخابات رئاسية تسير لمصلحة العماد ميشال عون الفاقد حتى اللحظة دعم رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي هدّد بانتقاله إلى صفوف المعارضة. 
وقد يكون إضراب يوم الخميس هو أول الغيث لمعارضة يقودها رئيس حركة أمل بوجه عهد ميشال عون القادم على أكثر الترجيحات وقد يكون إشارة للبدء بالجهاد الأكبر.