بقيت المداولات السياسية والإعلامية حول الملف الرئاسي في إطار التكهنات والإحتمالات، ولم يصدر أي موقف جدي من أي من الأقطاب السياسية في البلاد بالرغم مما أشيع مؤخرا عن احتمال ترشيح العماد عون من قبل رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
لقد بقي ترشيح العماد عون مجرد بالونات اختبار إعلامية استفزت رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري الذي لم يخف امتعاضه من تسريب مثل هذه الأخبار وذلك نظرا للعلاقة المطربة بين العماد عون والرئيس بري .
وبالرغم من السلبيات المحيطة بالعلاقة بين الرجلين فإن المساعي ما زالت مستمرة في جمع الرجلين للوصول إلى قواسم مشتركة ربما تؤدي الى حلحلة العقبات العالقة بين الطرفين حول الملف الرئاسي .
وشاءت العلاقة بين الرئيس بري وميشال عون أن تؤدي إلى الإستنفار الذي أعلنه بري الذي استشعر أن ثمة مساعي من تحت الطاولة لترتيب الملف الرئاسي، إلا أن الرئيس بري وهو عراب السياسة اللبنانية ومهندس التفاهمات والتسويات السياسية في البلاد أراد أن يعيد الأمور إلى مكانها الصحيح وأنه لا اتفاقات ولا تسويات دون الرجوع إليه ولذلك بقي الرهان على ترتيب العلاقة بين الرجلين فهل تنجح المساعي لجمع بري و عون ؟ وهل ستأخذ العلاقة المتأزمة بين بري وعون طريقها الصحيح الى التسويات ؟ وهذا ما ستحدده الأيام المقبلة .
إن العلاقة المتأزمة  بين بري وعون ترتبط إلى حد كبير بالانتخابات النيابية في العام 2009 وتحديدا تلك التي جرت في قضاء جزين وكذلك ترتبط الى حد كبير بالاداء العوني في الحكومة والمجلس النيابي، والمشكلة تكبر بين عون والرئيس نبيه بري وخلاصتها انه لا يوجد اي انسجام بين الرجلين على  الرغم من محاولات تركيب خلطة المودة التي تستطيع أن تجميع الرجلين .
المشكلة بين بري وعون لا تتعلّق بانعدام الكيمياء الشخصية بينهما فحسب. عملياً، لا مشكلة لدى بري مع عون الشخص، لطالما استطاع تليين مواقفه. فبري يعرف عون منذ سنوات، تخللت محطات سلبية وإيجابية. لكن مشكلة بري الأساسية تبدو مع الوزير جبران باسيل. يرى طريقته متعالية وإستفزازية في التعاطى مع اللبنانيين. ويمتعض بري من تحويل باسيل طموحاته الشخصية إلى مطالب وطنية، وفق مفهومه، وإدراجها في سياق الدفاع عن حقوق المسيحيين.
في الشكل، يلتقي الرجلان على أن لا يلتقيا. عناد عون يقابله ثبات بري، حنكته وإدارته حياكة التسويات والحلول. وفيما يريد عون أن يكون أباً للجمهورية، كما قال الوزير جبران باسيل أمام قصر بعبدا، يلعب بري دور العرّاب. عرّاب العهود والحلول. ولذلك، فإن أكثر ما يقع عليه سلباً، هو التفاهمات الثنائية، أو ما يعتبره إتفاقاً بين عون والحريري وعلى اللبنانيين أن يلتزموا. وهذا ما يرفضه على قاعدة أنه هو صاحب الحلول، وعبره تمر الإتفاقات.
ومن هنا فإن الرهان اليوم هو على نجاح المساعي لجمع الرجلين وما يمكن أن يصدر عن هذا الإجتماع فيما تتحضر الأوساط إلى خلطة جديدة قد تسهم في حلحلة الملف الرئاسي مع شوية أمل للعماد ميشال عون في وصوله الى بعبدا.