قضي الأمر. فالرئيس سعد الحريري، وفقاً للسيناريو العوني، سينهي هذا الأسبوع، ملف إعلان ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة الأولى، وبالتالي، سيتعين على المرشح الرئاسي رئيس تكتل الإصلاح والتغيير ان ينتقل إلى مرحلة ما بعد الترشيح بزيارتين لكل من الرئيس نبيه برّي والنائب سليمان فرنجية، لإزالة التباينات والتفاهم مع الأوّل على الضمانات السلة، واحتواء الثاني والتمني عليه الخروج طوعاً من الترشيح، ليوفر النائب عون أمامه فرصة الرئيس الإجماع.
الا ان هذا السيناريو العوني يغفل عن عمد أو عن غير عمد الجوانب الأخرى ذات الصلة للمشهد الرئاسي اللبناني، سواء في ما يتعلق برئاسة الحكومة، وسلة الشروط المطلوبة من الرئيس الحريري، أو التقاطعات الدولية والإقليمية المتباينة حول وضعية لبنان، في ضوء محاولات وقف النار في اليمن، وتقدم المواجهة في حلب والموصل ضد «داعش»، ومجموعات المعارضة المسلحة في هذين البلدين.
ولا تخفي مصادر في تكتل «الاصلاح والتغيير» ارتياحها من المسار الإيجابي المتقدم للمعطيات اللبنانية لمصلحة النائب عون، لكنها لا تخفي في الوقت عينه، خشيتها من مفاجآت العنصر الخارجي الذي ما يزال عاملاً مؤثراً، ان كان في لعبة التوازنات الداخلية، أو مسار المشاورات الرئاسية.
أسئلة مقلقة
ووسط أسئلة مقلقة حول ما إذا كان الرئيس الحريري ضمن السيناريو المعلن لجهة مؤيدي عون («حزب الله» و«القوات اللبنانية) سيقدم على السير بخطوة ليست سهلة، وهي محفوفة بالمخاطر، ان لجهة سلّة الشروط المتعلقة بتشكيل الحكومة، أو السير عكس الرياح التي يشتهيها الرئيس برّي، وكلا الوصفين محفوف بالمخاطر لجهة فرصته من ان يكون ممكناً.
فبالنسبة لرياح رئيس المجلس، فالتحدي الكبير: هل يمكن ان يكتب لأي مبادرة النجاح من دون مباركة الرئيس برّي؟
اما بالنسبة لرياح رئاسة الحكومة، فالمعلومات تتحدث ان العقد لم تعد محصورة في شخصية رئيس الجمهورية، بل بدأت تظهر في رئاسة الحكومة، عبر تناهي مواقف من «حزب الله» ودمشق تعترض على وصول الرئيس الحريري إلى السراي الكبير.
ومن الشروط التعجيزية التي جرى الكشف عنها: 
1- التخلي عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهو شرط سبق وحدثت حوله مفاوضات أدّت إلى الاطاحة بصيغة عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة بعد استقالته في العام 2011 عندما انسحب 11 وزيراً من حكومته هم وزراء 8 آذار و«التيار الوطني الحر».
2- وقف الحملات الإعلامية والسياسية على نظام الرئيس بشار الأسد، وإعادة تطبيع العلاقات اللبنانية - السورية.
3- وقف الحملات على مشاركة «حزب الله» إلى جانب النظام السوري في قتال المعارضة.
وكشف مصدر مطلع ان اتصالات تجري من أجل تدوير الزوايا لهذه الشروط - العقد، قبل ان يعلن الرئيس الحريري موقفه النهائي من ترشيح عون.
«حزب الله»
وعلى هذا الصعيد، علمت «اللواء» ان المعاونين السياسيين لكل من الرئيس برّي الوزير علي حسن خليل والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الحاج حسين الخليل، التقيا الليلة الماضية، وتداولا في الوضع الرئاسي المستجد وحسابات كل من «حزب الله» وحركة «أمل» تجاه تبني ترشيح عون أو معارضته، وما يتوجّب فعله بعد الإعلان الرسمي من قبل رئيس تيّار «المستقبل».
وفي معلومات «اللواء» ان «حزب الله» كرّر على مسامع وزير المال ان حلفاءه في 8 آذار غير معنيين بالضمانات والتفاهمات التي تمّ التوصّل إليها أو التوقيع عليها بين وزير الخارجية جبران باسيل وبين مدير مكتب الرئيس الحريري السيّد نادر الحريري، فضلاً عن ان الحزب نفسه لا يعتبر انه معني بهذه التفاهمات، وإن كان حليفه عون طرفاً فيها.
الترشيح خلال أيام
اما في ما خص الخطوات الاجرائية لاعلان الترشيح، فقد ترددت معلومات بأن الرئيس الحريري يعتزم إعلان هذا الترشيح عبر شاشة التلفزيون، لكن مصادر نيابية في كتلة «المستقبل» جزمت بأن هذا الترشيح سيتم من خلال اجتماع لكتلة «المستقبل» يفترض ان يعقد اما اليوم أو الخميس المقبل، بعد ان يجري تقييم للموقف، وخلاصة المشاورات التي أجراها على مدى الأسابيع الماضية.
وقالت المصادر ان موعد الاجتماع يفترض ان يبت اليوم، على اعتبار ان الموعد لا يتقرر عادة الا في اليوم نفسه لاعتبارات أمنية.
مزاج الشارع
وإذا كانت أوساط عين التينة لا ترى مؤشراً جدياً على إمكان انتخاب عون في جلسة 31 تشرين أول، في ظل ترجيحات أن تكون كسابقاتها، فإن الدوائر  العونية التي تكاد تنتشي على معلومات أن مسار وصول عون  إلى الرئاسة الأولى ثابت، تنصح في الوقت عينه باستمرار التحضير لاستنفار الشارع العوني إذا ما حدثت مفاجآت بدّلت المشهد الجاري رأساً على عقب، مع  العلم أن مزاج الشارع الإسلامي غير متحمّس لوصول عون  إلى قصر بعبدا، فعدا اليافاطات والشعارات التي رُفعت، والمواقف التي عبّر عنها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك وتويتر) فقد دلّ استطلاع «اللواء» رداً على سؤال: هل يمكن انتخاب عون رئيساً في جلسة 31 تشرين؟ أن غالبية المصوّتين على السؤال توزعوا بين 24 في المائة قالوا : نعم و76 في المائة قالوا: لا، في حين أن مزاج الشارع الشيعي، لا سيما بعد الاعتداء في احتفال التيار ببعبدا على مراسلة N.B.N الزميلة رشا الزين، آخد في الإتساع لجهة الامتعاض من دعم ترشيح عون للرئاسة الأولى.
وليس أبلغ تعبير عن مزاج الشارع الإسلامي، من صراحة الرئيس نجيب ميقاتي لوفد «التيار العوني» الذي زاره أمس، عندما أبلغه بأن هناك هوّة كبيرة جداً بين شريحة من اللبنانيين وخاصة من أمثّل (الجمهور السنّي) ومرشح «التيار الوطني الحر».
وبالنسبة لرئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط  الموجود في بيروت فقد قالت أوساطه أنه لن يُحدّد موقفه النهائي قبل أن يلتقي الرئيس برّي الذي بعث إليه بإشارات عقّب على تغريداته الأخيرة، والتي كان آخرها قوله: «العين ساهرة، وكلمة السر مشفّرة، وحلّوها يا شباب»، وذلك إلحاقاً بتغريدته  الشهيرة والتي قال فيها: «أتت كلمة السر يبدو..  الله يستر».
موفد فرنسي
في غضون ذلك، ووفقاً لما أشارت إليه «اللواء» أمس بدأ الموفد الفرنسي رئيس دائرة افريقيا والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية جيروم بونافون، أمس، مهمته في بيروت موفداً من «الكي دورسيه» لاستطلاع القيادات السياسية لمعرفة مدى إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة النيابية المقررة في 31 الشهر الحالي، بالإضافة إلى رأي هذه القيادات تنظيم مؤتمر دولي لدعم لبنان حيال مسألة النازحين واستمرار الشغور الرئاسي، على ان يعقد هذا المؤتمر قبل نهاية العام.
وفي هذا السياق، جال الموفد على كل من البطريرك الماروني بشارة  الراعي في بكركي ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، والرئيس الحريري في «بيت الوسط».
واستكمل الاجتماع إلى مأدبة عشاء أقامها الرئيس الحريري على شرف بونافون، حضرها  الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج والنائب عاطف مجدلاني.
ونقل بونافون، وفقاً للمكتب الإعلامي لجعجع، قلق فرنسا على الوضع الاقتصادي والمعيشي في لبنان الذي بدأ يلامس حدود الإنهيار، كما وضع زيارته في إطار استطلاع القيادات السياسية لمعرفة مدى إمكانية انتخاب رئيس جمهورية في جلسة الانتخاب المقبلة.
جلسة التشريع
وبالنسبة للجلسة التشريعية، والتي كانت موضع مشاورات جرت أمس بين الرئيسن برّي وتمام سلام، رجحت مصادر نيابية أن تعقد جلسة التشريع الأربعاء بدل الخميس تلافياً لتضارب الموعد مع جلسة مجلس الوزراء المقررة  الخميس المقبل، على أن تستكمل الجلسة بعد ظهر الخميس، إذا احتاج الأمر لذلك، مشيرة إلى أن اجتماع مكتب المجلس الذي سيجتمع اليوم بعد جلسة انتخاب اللجان النيابية يفترض أن يحسم الخيار النهائي للجلسة التشريعية والتي يريد الرئيس برّي عقدها بأسرع وقت، وقبل سفره المقرّر إلى جنيف في 21 الحالي، لافتة إلى أن الرئيس برّي سبق أن وزّع جدول الأعمال على النواب السبت تلافياً لشرط مرور 48 ساعة على  الدعوة للجلسة.
وفي معلومات «اللواء» أن مسألة مشاركة الكتل المسيحية في الجلسة، ولا سيما كتلتي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» باتت مرجحة بعد أن  تمّ الاتفاق على مخرج وصف بأنه جيّد لشرط قانون الانتخاب.
ويقضي المخرج الذي اقترحته «القوات» بعد ظهر أمس بأن يُصار إلى وضع قانون الانتخاب على جدول الأعمال بشكل معجل مكرر لطمأنة الكتل المسيحية، علماً أنه يعود للهيئة العامة البتّ بهذا  الأمر أثناء الجلسة.
إعتصام النقل البرّي
نقابياً، أعلن رئيس اتحادات ونقابات النقل البري بسام طليس أن «الإعتصام المفتوح مستمر في كل مراكز المعاينة الميكانيكية في لبنان، إلى حين اتخاذ مجلس الوزراء القرار المناسب، وهم في انتظار ما سيصدر عنه الخميس المقبل».
وكان قطاع النقل البري بدأ اعتصاماً مفتوحاً منذ ساعات الصباح الأولى أمام مركز المعاينة في الحدث احتجاجاً على زيادة الرسوم الميكانيكية. وشهدت الطرقات المؤدّية إلى مركز المعاينة، ازدحاماً نتيجة توقف الشاحنات والسيارات أمام المركز وترافق الإعتصام مع إقفال مراكز المعاينة في المناطق اللبنانية كافة