يجد التيار الوطني الحر نفسه في موقف صعب، خاصة بعد دعوة حليفه الاستراتيجي حزب الله إلى إعادة تفعيل عمل الحكومة، ومجلس النواب.
 
وكان التيار الحر قد أعلن منذ فترة مقاطعته جلسات مجلس الوزراء، كخطوة أولى نحو المزيد من التصعيد، تحت عناوين الدفاع عن الميثاقية وحقوق المسيحيين.
 
وقبلها رفض التيار المشاركة في جلسات مجلس النواب بتعلة أنه غير دستوري الأمر الذي كلفه غاليا خاصة على صعيد علاقته مع رئيس المجلس نبيه بري.
 
ولكن إطلالة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ليلة الثلاثاء، في خطاب له بمناسبة ذكرى عاشوراء، ومطالبته بعودة المقاطعين وتفعيل مجلس الوزراء والبرلمان، أحرجت كثيرا التيار العوني، وهو ما دفعه إلى إبداء “نصف مقاطعة” لجلسة المجلس العتيد، الخميس، حيث حضرها إلياس أبوصعب، وزير التربية، فيما قاطعها رئيس التيار ووزير الخارجية جبران باسيل.
 
ويرى متابعون أن العودة النصفية لوزراء التيار العوني ليست فقط مرتبطة بدعوة حزب الله وإن كانت أحد دوافعها الرئيسية، ولكن لها أيضا علاقة بالأجواء الإيجابية التي طغت في الفترة الأخيرة بسبب ما رشح عن إمكانية قبول رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بميشال عون رئيسا للجمهورية.
 
وانقسم العونيون بين من يرى أنه لا بد من إبداء قدر من المرونة، قد تطمئن الأطراف المقابلة، وتسهل المفاوضات الجارية بعيدا عن الأعين، وبين شق آخر يرى أن عليهم الاستمرار بالضغط عبر المقاطعة لتسريع عملية المفاوضات والتوصل إلى حل.
 
وجاءت تصريحات نصرالله لتعزز موقف الطرف العوني الأول من خلال إشراك الوزير إلياس أبوصعب في الجلسة.
إحراج نصرالله للتيار الوطني الحر لم يقف فقط عند مستوى المطالبة بتفعيل عمل المجلس الوزاري والبرلماني، بل أيضا من خلال إعلانه عدم التعويل عليه في إقناع رئيس البرلمان نبيه بري بالموافقة على عون للمنصب الرئاسي، أو في فرض سحب ترشح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
 
وأكد الأمين العام لحزب الله أن على التيار الحر المبادرة بنفسه ومحاولة استمالة الحليفين، والوصول معهما إلى تفاهمات مثلما هو الحال مع تيار المستقبل.
 
تصريحات نصرالله تعني وفق المراقبين، أن حزب الله ترك التيار يواجه مصيره بنفسه مع الحليفين اللدودين، اللذين لديهما احترازات كبيرة عليه.
 
ويتوقع مراقبون أن يضطر التيار الوطني الحر إلى إعادة فتح قنوات تواصل مباشرة مع كل من بري وفرنجية، ولكن هل مفتاح الرئاسة فعلا لديهما؟
 
ويجيب البعض عن هذا التساؤل بالقول إن مسألة الرئاسة في لبنان وعلى مر العقود الماضية لم تكن بأيدي اللبنانيين فكيف بالحال اليوم في ظل التشابك الإيراني السعودي.
 
ويضيف هؤلاء أن الهجوم الجديد الذي شنه نصرالله على المملكة العربية السعودية، واستعراضات أنصاره في شوارع لبنان ضد الأخيرة، سيجعل من الصعب جدا على الرياض هضم وصول الجنرال إلى المنصب، خاصة وأن الخارجية اللبنانية التي يترأسها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لم تحرك ساكنا ولم تتبرأ من هذه التصريحات.
 
ويرى سياسيون لبنانيون أن حزب الله بهجومه الأخير على المملكة ينسف الأجواء الإيجابية حيال ملف الرئاسة اللبنانية.
 
ويتساءل القيادي في تيار المستقبل أحمد فتفت “إلى متى سيسمح باستمرار عملية الشتم اليومية والإهانات التي توجه إلى المملكة العربية السعودية وإلى كل المؤسسات الخليجية؟”، مضيفا “نحن حتى الآن لم نر أي ردة فعل من الدولة اللبنانية وتحديدا من وزارة الخارجية. فكيف يريد الجنرال عون أن يأتي رئيسا فيما يتصرف وزراؤه على هذا النحو في السياسة الداخلية والخارجية، كل هذا سيكون مرده سلبيا”.
 
ودعا فتفت عون إلى “أن يدرس الأمور كلها ويدرك من يقف معرقلا في وجهه، وعليه أن يحلل رسالة نصرالله بشكل تفصيلي، فإذا كان يؤمن بالمصلحة اللبنانية فإن الحل بسيط جدا وهو أن ينزل إلى المجلس النيابي ويرضى بانتخابات ديمقراطية وعندها تفعل المؤسسات كافة. أما أن يقول أنا حليف نصرالله ويشتم السعودية فإنه يضر بالعلاقات العربية على كل المستويات”.
 
وطالب “التيار الوطني الحر بأن يملك قراره الخاص ويسترجعه من حزب الله ليصبح قرارا وطنيا، عندها تحل الكثير من الأمور وينتخب رئيسا وتؤلف حكومة جديدة”.
 
 
صحيفة العرب