لم تكن التوترات التي حصلت في مدينة النبطية منذ بداية عاشوراء محض صدفة , كما يحاول البعض أن يصورها , أو كما يحاول المعرّف في الحسينية بإيعاز من شيخ البلد أن يمتصّ إستنفار الناس الواعي الذي أدرك بحسّه وحدسه أن ثمة شيءٌ وراء الاكمة , وفعلا لقد تنبأ الحسّ الشعبي المُرهف وصدق بما تنبّأ , أن مجيء الشيخ المهاجر إلى لبنان وخاصة إلى مدينة النبطية المعروفة بولائها للمقاومة , فيه ما فيه من إشكالات , لأن القيمين على حسينية النبطية قد أكدوا أن الشيخ المهاجر هو الذي بادر بالاتصال وطلب المجيء إلى النبطية . ثمة معلومات أمنية , من مصادر موثوقة في العراق أن الشيخ المهاجر طُلب منه الذهاب إلى لبنان وبالخصوص جنوب لبنان , وتؤكد تلك المصادر أن هذا الامر قد دُبّر بالتواصل بين شخصيات عراقية مقرّبة من إمام مدينة النبطية من دون علمه بالتفاصيل , وبين أجهزة أمنية عراقية مرتبطة بشخصيات أميركية ناشطة , فاستدعي الشيخ المهاجر من أميركا إلى العراق ومن ثم إلى جنوب لبنان , والذي يثير الريبة أكثر أن الشيخ المهاجر طلب أن يحيي ليالي عاشوراء تبرّعا منه لوجه الله وبدون أي أجر مالي , وهذا أمر غريب على قرّاء السيرة الحسينية . فحركة الشيخ المهاجر , ومَنْ ساعده على ذلك قد وضعها بعضُ المراقبين والمتابعين ضمن مشروع أميركي غربي يسعى إلى إيصال الفتنة والشقاق إلى مناطق تشهد نوعا من الاتفاق والاتحاد والتعاون , وإيصال بعض الافكار التشويهية إلى صلب المذهب الشيعي و التي من شأنها تقسيم الطائفة إلى طوائف , وهذا الذي نجحت به الاجهزة المخابراتية في بعض البلاد و هنا لا بد من الاشارة إلى أن سماحة السيد حسن نصرالله حفظه الله قد إستدرك تلك التشويهات على مستوى الشعائر الحسينية التي تشكل عصب الفكر الشيعي , فكانت كلمته ليلة التاسع من المحرّم كالصاعقة على مَنْ تمادى ويتمادى في ممارسة التشويه لقضة تعتبر من أهم القضايا التي ينهل منها ليس فقط كلّ شيعي في العالم , بل كل إنسان شعر بظلم في كل بقاع الارض , ينهل منها العزيمة والكرامة ويضعها نصب عينيه كمدرسة لكل أنواع الدروس القيمية والاخلاقية , فالف شكرٍ لسماحة السيد الذي فتح الابواب بكل جرأة لنقد أي إنحراف أو تحريف قد يطال هذه القضية المقدسة التي تعطي وتعطي ولا تنضب مهما تتطاول الزمان أجمل معاني للإنسانية . فلذلك لم تكن زيارة هذا الشيخ إلى جنوب لبنان مجرد صدفة , وخدمة للإمام الحسين عليه السلام وقضيته , بل هي مشروع له إرتباطات بمشاريع الحملات على المقاومة وفي عقر دارها , فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة , كيف إخترقنا بهذه الطريقة , ومن أخطر عدو , وبأخطر وسيلة .

بقلم : محمد علي ظاهر