في تموز 2015، أوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانيّة السوري "محمود ع"، بعد ورود معلومات وثيقة عن إرتباطه بالتنظيمات الإرهابيّة والمشاركة بالقتال ضد الجيش اللبناني في منطقة عرسال، وبنتيجة مراقبته تبيّن أنّه غادر عرسال إلى بلدة وادي خالد فتمّ توقيفه فيها وهو يتجوّل بإخراج قيد سوري مزوّر، عليه رسمه الشمسي بإسم "خالد.ع"، وأوقف معه كل من شقيقه و13 آخرين جميهم من التابعيّة السورية للإشتباه بارتباطهم بتلك المجموعات.

أُخضع المتهم للتحقيق، فأفاد بأنّه إنشقّ عن الجيش السوري مع شقيقه "خالد" والتحق بمجموعة وردان الزهري التابعة لـ"كتائب الفاروق" في القصير، وبعد سقوط المنطقة، حضر إلى القلمون ومنها دخل إلى عرسال وأقام فيها لينتقل بعدها إلى وادي خالد ويعمل في أحد المطاعم.

بداية أعمال "محمود" مع المجموعات المسلّحة تجلّت في المشاركة بخطف أشخاص سوريين مؤيدين للنظام السوري بهدف المفاوضة عليهم مقابل سجناء أو فدية ماليّة، وبحال فشل المفاوضات يُتّخذ القرار بذبحهم من قبل قائد المجوعة شخصيّاً ورميهم في بئر ماء.

من الأشخاص الذين شارك بخطفهم، الرقيب أول في الجيش السوري "و.ع" ( خاله عضو في مجلس الشعب)، حيث نصبوا له كميناً محكماً خلال عودته من مركز عمله، وتمّ نقله إلى مقرّ المجموعة داخل بساتين في القصير، فقام "محمود" بالتفاوض عليه من خلال تواصله مع خاله النائب في البرلمان، وبعد فشل المفاوضات تمّ ذبحه ورميت جثّته في البئر.

لم يتوقف عمل ابن مدينة حمص عند هذا الحدّ، بل إنتقل إلى المجال اللوجستي فصار ينقل الأسلحة والذخائر التي كانت تأتي عبر المعابر التركيّة إلى القصير، بعد إستلامها من مُهرّبين في محلّة جباب حمد.

في تلك الفترة، حاولت زوجة "محمود" وأولاده الخمسة الحضور إليه في القصير، لكنّهم اختفوا على الطريق ولم يعد يعلم عنهم شيئاً، لكنّه سمع أنّه تمّ اختطافهم من قبل النظام أسوة بخطفه أشخاصاً موالين له وتصفيتهم لاحقاً.

من القصير إلى يبرود إنتقل أفراد المجموعة ومعهم "محمود"، حيث قام المدعو "محمّد.ج" الملقّب بـ"أبو السوس" بإحضار صحافيين إيطاليين (يذكر الموقوف أن إسميهما البير ودومنغو) تمّ نقلهما إلى وادي ميرا، وتمّ التفاوض عليهما مع الأمم المتحدة من قبل "ابو السوس" وشخص ملقّب "أبو عمر" ليتمّ إخلاء سبيلهما مقابل مبلغ 4 مليون دولار حسبما أفاد.

مع سقوط يبرود، إنتقل "محمود" إلى عرسال وراح يعمل على بيك آب تويوتا، كان سرقه سابقاً وأرسله إلى شقيقه "خالد" الذي سبقه إليها، هناك تعرّف على عبد الرزّاق جمعة، الأمير الأمني لجبهة "النصرة" في عرسال والملقّب بـ "ابو الهمام"، فبدأ العمل معه في المجموعة الأمنيّة التي يترأسها فضلاً عن شقيقه وأشخاص ملقّبين بـ "أبو ساطور" و"أبو مطر" و"أبو ماجد" وغيرهم، فكلّف بمراقبة تحرّكات أشخاص زوّده بأسمائهم وعناوين إقاماتهم "أبو الهمّام"، بهدف خطفهم كونهم يعملون لصالح الجيش اللبناني والدولة اللبنانيّة.

وبالفعل قام "محمود.ع" بمراقبة تحرّكات عدد من "العراسلة" بينهم "أحمد.ح"، وبعدما علم في أحد المرات بحضوره إلى منزله، أخبر "أبو الهمّام" بالأمر فوراً، وبعد لحظات حضر أشخاص تابعون لتنظيم "داعش" واقتادوه إلى مكان يجهله، فأيقن أنّ "أبو الهمام" ينسّق مع "داعش". وبعدما أفشى المخطوف لعناصر التنظيم بأسماء 13 شخصاً يعملون لصالح المخابرات، قام "أبو الهمام" بتزويده بها ليقوم بدوره بـ"استفزازهم"، بعد إبلاغهم أنّ أسماءهم موجودة على لائحة الخطف لدى "داعش" وجبهة "النصرة"، ومطالبتهم بمبالغ ماليّة لقاء شطبها عن اللائحة.

وبالفعل، قام "محمود" بإرسال السوري "أبو علي.ف" إلى العرسالي "علي.ح"، ليخبره أنّه مستهدف من قبل "النصرة"، وأنّ شطب إسمه عن اللائحة يتطلب دفعه 10 آلاف دولار فقام بدفع المبلغ فعلاً.

تكرّرت "الإستفزازات" مع أسماء أخرى، لتبدأ بعدها معركة عرسال وسط خلاف استفحل بين "محمود" و"أبو الهمام" على خلفيّة نيّة الأوّل الزواج من فتاة سورية كان أحبّها الثاني سابقاً (والذي إنتقل إلى الجرود)، فاستلم مهمة الأخير "ابو البراء" الذي رفض أن يعمل "محمود" معه، فالتحق بمجموعة "ابو محمّد جمعة" واستلم مع عناصرها بنادق كلاشنكوف وانتظروا ساعة الصفر للهجوم على مراكز الجيش في عرسال.

ساعات قليلة سُمع صوت إطلاق نار قرب المخفر، فتوجّه عدد من عناصر المجموعة إلى هناك حيث شاهدوا المسلّحين يدخلون المخفرويأسرون دركيين تمّ تسليمهما إلى "أبو الهمّام" وأبو مالك التلّة.

واعترف المتهم بمصادرة المسلّحين لملالة تابعة للجيش والإستيلاء على عدد من الحشوات والقذائف والذخائر، ولدى إنسحاب المسلّحين إلى الجرود إنسحب معهم ليتقرّب بعدها من "أبو سلام" أمير "داعش" في عرسال وكلّف بمراقبة موقوف لدى "داعش" هو "حفيد البغدادي"، لكنّ تمكنّه من الفرار منه وتوقيفه لاحقاً من قبل مخابرات الجيش، جعل "داعش" يتهمه بالعمل لصالح المخابرات و"حزب الله" وتمّ إصدار قرار بتصفيته، ففرّ من بلدة إلى أخرى حتّى وصل إلى منزل خالته في إلى وادي خالد ليتمّ توقيفه هناك.

ومن المقرّر أن يمثل المتهم "محمود.ع" أمام المحكمة العسكريّة في 7 كانون الأوّل المقبل ليتم استجوابه بتهمة الإنتماء إلى التنظيمات الإرهابيّة والإنخراط في أعمالها وخطف مواطنين مناوئين لها تمهيدا لذبحهم وقتلهم.

لبنان 24