التطبير" يرافق ذكرى عاشوراء التي تُحيي استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، حيث يقوم نفرٌ من أتباعه الذين تبعث فيهم الفاجعة حماساً واندفاعاً بضرب ظهورهم بالسلاسل الحديدية حتى تتقرّح والرؤوس بالحراب والخناجر حيث تنفجر الدماء اللاهبة، إمعاناً في إيذاء النفس سعياً لتنفيس الكرب، ومحاكاةً لنزف الدم المراق في كربلاء، وتعبيراً عن توبةٍ لاحقة لما أصاب آل بيت الرسول في هذه الفاجعة. لا ندري من نحت مفهوم "التطبير" ،هذا المفهوم الغامض لغة ومعنى، ولم نهتدي من أين استقاه، وكيف استقام استعماله ونشره، فإبن منظور في لسان العرب يورد عن ابن الأعرابي: طبر الرجلُ إذا قفز ، وطبر إذا اختبأ، ولا قرابة أو قرينة بين القفز والاختباء والقرع بالسلاسل وتجريح الرؤوس، أمّا من اهتدى لهذا المفهوم لقول العرب: ووقعوا في طبارٍ أي داهية، ووقع فلان في بنات طبارٍ وطمار إذا وقع في داهية، فيكون التطبير بالمعنى السلبي: أي داهية أصابت القوم، في حين أنّ من يقوم بالتطبير ويدعو إليه، يستعمله بالمعنى الإيجابي الذي سبق وأوردناه، أي التضحية والفداء ومحاكاة الفعل الأصلي: نزف دماء الحسين وصحبه في كربلاء، وعند هذه المفارقة بين القفز والاختباء، وداهيات الأمر، لا بدّ من نحت مفهوم أكثر ملائمة لهذا الطقس، وهذه الشّعيرة العُنفية المصاحبة لهذه الذكرى، لا غرو أنّ هذا الفعل مُختلفٌ عليه أشدّ الاختلاف بين أتباع المذهب عينه، ناهيك عن استغراب واستنكار سائر المسلمين وغير المسلمين، لما يصاحب الفعل من عُنفٍ ودماء ، لا سيما من الأطفال الذين يتعرضون لجرح الرؤوس. أمّا إذا كان الطبر والطبرزين كما ورد في "المنجد" : الفأس من السلاح (والكلمتان فارسيّتان)، عند ذلك لا معنى للاستغراب، ويكون النحت "فارسي" ،وهذا يتماشى مع المد الفارسي هذه الأيام.