لا شك أن  جولة المحادثات  التي قام بها دولة الرئيس سعد الحريري على الأطراف السياسية اللبنانية ساهمت في إعادة الروح للملف الرئاسي ووسعت مروحة المفاوضات بين الجميع .

ما حققه حتى الآن:

ولعل أبرز من يعبر عن نتائج جولات الحريري المكوكية هو ما قاله الرئيس بري بأن جميع من إلتقاهم الحريري كان معترضا أو متحفظا على ترشيح الجنرال عون دون إستثناء.
فوسط المعارضة الكبيرة التي شعر بها الحريري أثناء مفاوضاته وحجم الممانعة الموجودة لترشيح عون كان عليه أن يوسع المروحة شيئا ما لإعطاء حراكه بعض الزخم.

زيارة السعودية والموقف الإيراني:

زار الحريري السعودية ولكن لم يتسرب معلومات عن اللقاء الذي جمعه مع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ولم يتضح الموقف السعودي من الملف الرئاسي.
فالموقف السعودي  اللامبالي بالأزمة الرئاسية اللبنانية يردها البعض إلى أمرين أولهما  هو أن السعودية مؤمنة بأن  أي محاولة تأتي بعون رئيسا    لن يكتب لها النجاح حاليا  وتراهن على معظم الأطراف اللبنانية الرافضة له وثانيهما أن المملكة تدرك سابقا أن إيران لا تريد رئيسا في لبنان حاليا في ظل التوتر الكبير الذي تعيشه المنطقة.
ومن جهتها السعودية لن تقدم تنازلا مجانيا لإيران في قضية الرئاسة والعكس صحيح بإنتظار وضوح الصورة أكثر في المنطقة وخصوصا ما يحصل حاليا في حلب.
وهذا الموقف إستشعر به الحريري في السعودية فأولويات المملكة حاليا مختلفة عن أولويات الحريري.
ووسط تراجع الإهتمام الإقليمي من قبل السعودية وإيران بهذا الملف ثمة من يحاول إستغلال الوضع محليا وتمرير الملف الرئاسي في لبنان بهدوء  وإنتخاب الرئيس بحيث يشعر البعض من اللبنانيين أن هذه فرصة حقيقية لقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية خصوصا السعودية وإيران.
لكن يبقى هذا الرأي مجرد سراب ولا أسس واقعية له بسبب عدم قدرة اللبنانيين على فصل قضيتهم عن قضايا المنطقة بحكم التجربة والتاريخ.

إقرأ أيضا : عون يتوسط لدى نصر الله لجمعه ببري

 

زيارة روسيا:

وعلى الرغم من الموقف السعودي يكمل الحريري جهوده من أجل إنجاح حراكه فطلب موعدا من الروس.
منذ أسبوعين تقريبا كانت المنطقة تعيش هدوءا  ببركة الإتفاق الروسي - الأميركي حول سوريا وزاد منسوب الأمل والتفاؤل بحلحلة الأمور.
كانت إندفاعة الحريري نحو ترشيح عون مرافقة بل موازية لهذه الأجواء وتقررت الزيارة على هذا الأساس بحسب معلومات مطلعة.
لكن التحولات الدراماتيكية التي حصلت في الآونة الأخيرة من إنهيار الهدنة في سوريا  ووقف المفاوضات الروسية - الأميركية والتهديدات الأميركية بقصف قواعد  النظام كلها ساهمت في إعادة الأمور إلى المربع الأول.
زيارة الحريري إلى روسيا كانت في أجواء غير مؤاتية لتسويق الصفقة الرئاسية في لبنان وسط زيادة منسوب التوتر بين أميركا وروسيا.
فلم يكن الحريري محظوظا في توقيت تسويق الفكرة وسط هذا الكم الهائل من التهديدات والإتهامات المتبادلة.

والروس ليسوا متحمسين لإنجاز الإستحقاق الرئاسي ولا لإنتخاب ميشال عون رئيسا.

 

مراوحة: 

تبقى زيارتي الحريري إلى روسيا والسعودية كفيلتان بالتأكيد على أن الملف الرئاسي لا زال حتى هذه اللحظة مرتبطا بالتسوية الكبرى في المنطقة.
وأن ما يقوم به الحريري هو مجرد مراوحة لن تقدم شيئا ولن تؤخر.
بإنتظار ما سيحصل في سوريا وحلب بالتحديد.

بقلم رئيس التحرير