لا يحتاج المرءُ مزيدا من التأمل والنظر , لكي يُدرك مدى الضياع السياسي في لبنان , الذي يجتاح كل المفاصل الحيوية للبلد , والذي إبتُلِي به الكلُّ , ضياعٌ لم يسبقه مثيل في تاريخ لبنان , فالكل أخطأ , ويصرّ على موقفه الذي لم يكن يوما ما موقفا ذاتيا , فتشتت بين داخلٍ معقد بتداخلات أشبه بخيوط العنكبوت لكثرة الفساد  , وبين خارج أكثر تعقيدا , بتداخلات المصالح الدولية الاكبر من لبنان وما فيه , فانقسم الجمهور اللبناني إنقساما حادا , وقد ساعد على هذا الانقسام تسرّب أزمة وعي لدى هذا الجمهور ,  فلا القيادات قادرة على حسم الموقف , ولا الجمهور قادر على إستيعاب ما حلّ به من أزمة فكرية خطيرة , شوّهت الوجدان اللبناني , وشوّهت التاريخ اللبناني الحديث والمعاصر .

قبل البحث والعمل على ملء الفراغ في المؤسسات , وعلى رأسها رئاسة الجمهورية , ثمة مسؤولية أخلاقية ووطنية على المسؤولين اللبنانيين , هي الإجابة على مجموعة من  الأسئلة التي تتجاذب اللبنانيين وتخوض بهم خوض الابل المسعورة .

أول هذه الاسئلة , كيف تعرّفون مفهوم الدولة  ؟ , لأن المواطن اللبناني يشعر بأنه يعيش ضمن مزرعة يتقاتل على ملكيتها أفراد محددون أعطوا أنفسهم صفات القيادة ومنعوها عن الاخرين

وثانيا : ما هو مفهوم المواطن ؟  لأنه يشعر ايضا أنه رقم أو عدد , يُحسب له حساب فقط في محطاتٍ إنتخابية , وبعدها لا قيمة له ولا كرامة , ولا خدمات , وإذا ما طالب بأي خدمة , من كهرباء ,  أو ماء , أو إستشفاء , أو أو ... يواجه بأولويات وهمية وكمٍ هائل من الوعود الكاذبة , ولائحة الاسئلة تطول وتطول , ولائحة الكذب من القيادات جاهزة وغب الطلب .

 بعد ذلك لو سمحتم عرّفوا لنا مفهوم السيادة من جديد  !!!! .

السيادة التي تتحدثون عنها والتي تستجدي رئيسا للبلاد من كل البلاد , والتي لعنت كلّ الكرامات وأباحت كل المحرمات , وعطّلت كل المؤسسات , هذه السيادة التي أوصلت حامليها إلى مستوى من الوقاحة غير مشهودة , حيث بِيع لبنان بإسم السيادة , وإستبيح بإسم الكرامة , وظُلِم شعبه بإسم العدالة .