صمم الكونغرس الأميركي، الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول 2016، على تمرير قانون مقاضاة السعودية، حتى أنه أبطل الفيتو الرئاسي الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما. إلا أن الخوف من رد الفعل العكسي المُحتمل ضد أميركا دفع بقادة الحزب الجمهوري إلى البحث عمن يلومونه يوم الخميس. ويبدو أنهم استقروا على أوباما.
يسمح مشروع قانون "العدالة ضد رُعاة الإرهاب" لضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول بمقاضاة المملكة لدعمها المزعوم، غير المثبت، لخاطفي الطائرات التي استخدمت في الهجوم على مبنى التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بحسب تقرير نشرته النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست".
كان المُعارضون قد قالوا إن مشروع القانون يَرضخ لأصحاب نظرية المؤامرة وأنه سيزيد من احتمالية مساءلة الولايات المتحدة قضائياً من قِبَل الدول الأخرى بسبب الأفعال التي قامت بها، مثل قتل المدنيين في هجمات الطائرات.
وصف البيت الأبيض هذا الإبطال للفيتو بأكثر الأمور التي قام بها مجلس الشيوخ الأميركي إحراجاً منذ عقود.
حتى الـ28 نائباً الذين ساعدوا على تمرير أول رفض لفيتو رئاسي في فترة رئاسة أوباما، أرسلوا لقادتهم يوم الخميس قائلين إنه ربما يجب أن تكون هناك تغييرات.


لوم جزئي


ألقى ميتش مكونل - زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ - باللوم الجزئي على أوباما. إذ صرح للصحفيين قبل تعليق أعمال الكونغرس حتى بعد الانتخابات قائلاً: "كان ذلك بالنسبة لي مثالاً جيداً لفشل التواصل المبكر بشأن العواقب المُحتملة للتشريع. وبحلول الوقت الذي بدأ فيه الجميع بالتركيز على بعض عواقبه المُحتملة، كان الأعضاء قد اتخذوا مواقفهم بالفعل".
وأضاف مكونل: "كنت أتمنى لو أن الرئيس – أكره إلقاء اللوم عليه في كل شيء وأنا لا أفعل ذلك الآن - ولكن كان الأمر ليكون مفيداً، لو تناقشنا حول ذلك الشأن قبل الأسبوع الماضي".
أما ويب جون كورنين - عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري ومن داعمي مشروع القانون - فكان أشد قسوة يوم الأربعاء، بينما كان زملاؤه يعربون عن شكوكهم.
قال كورنين للصحفيين: "الغريب بالنسبة إليّ هو انفصال البيت الأبيض عن كل ما يحدث في العملية التشريعية. كانوا غائبين طوال سير تلك العملية".
إلا أن هذا ليس كل شيء. قبل بداية تصاعد النقد العالمي لمشروع قانون "العدالة ضد رُعاة الإرهاب"، اتهم الجمهوريون أوباما بمحاولة إيقاف مشروع القانون الذي يقلقون بشأنه الآن. وكان كورنين نفسه غاضباً من ذلك وهو ما عبر عنه في أبريل/نيسان في مجلس الشيوخ قبل ذهاب أوباما لمقابلة السعوديين.
قال كورنين: "يبدو أن الإدارة تعمل على إبطاء مشروع القانون ومنعه من المضي قدماً قبل زيارة أوباما للرياض. أتمنى أن يقضي أوباما ومن معه وقتاً وجهداً إضافياً في العمل معنا بشكل حزبي كما يعملون ضدنا لمنع ضحايا الإرهاب من الحصول على العدالة التي يستحقونها".


سابقة خطيرة


من جانبها استعرضت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الآثار السلبية المترتبة على تقديم دعاوى قضائية ضد السعودية، مؤكدة أنه لم يتم العثور على أي دليل يفيد أن مسؤولين سعوديين كانوا متورطين في تلك الهجمات، حسبما أفادت وكالة الأناضول الجمعة 30 سبتمبر/أيلول 2016.
ويمنح القانون عائلات ضحايا الهجمات حق مقاضاة دول أجنبية أو أفرادها ممن يتمتعون بحصانة أمام المحاكم الأمريكية، مشيرةً أن العديد من أعضاء الكونغرس أقروا أن القانون الذي صوتوا عليه قد يحتاج إلى تعديل.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في إدارة أوباما حذروا من أن ذلك القانون يشكل سابقة خطيرة، قد تدفع دولًا أخرى للانتقام، وقد يعرّض الولايات المتحدّة لدعاوى قضائية خاصة في محاكم أجنبية، على خلفية عملياتها العسكرية والإستخباراتية خارج البلاد.


تقليل حجم الاستثمارات


وأوردت الصحيفة ردود الأفعال الغاضبة لمسؤولين ومحللين في دول الخليج، على خلفية تمرير مشروع القانون، الذي قالوا إنه قاد بلادهم لإعادة النظر في تحالفاتهم مع الولايات المتحدة، مشيرةً أن بعضهم اقترح على السعودية والحلفاء الإقليميين بالرد على ما اعتبروها خيانة من الولايات المتحدة، من خلال تقليل حجم الاستثمارات في بلادها أو تخفيض مشاركاتها في البرامج الأمنية والعسكرية المشتركة.
وذهب البعض بالقول إن القانون من شأنه أن يقللّ من توجّه المستثمرين السعوديين لوضع أموالهم في الولايات المتحدة، حسب الصحيفة.
وأعرب معارضون للقانون الجديد، في الولايات المتحدة والخارج، عن أملهم بأن تستفيد إدارة أوباما، في نهاية المطاف، من أحكام التشريع التي تسمح للمدعي العام بالتدخل مباشرةً في إجراءات المحكمة المدنية، وذلك بهدف تأخيرها في حال تمكنت الحكومة الأمريكية من إقناع القاضي أن واشنطن والرياض يجرون محادثات لتسوية الأوضاع خارج المحكمة، وفق ما ورد في الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الحكومة الأمريكية بما فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) ولجنة التحقيق بأحداث 11 سبتمبر/أيلول، أمضت سنوات وملايين الدولارات على عمليات التحقيق في هجمات أيلول، وحتى الآن لم تعثر على دليل واحد يفيد أن مسؤولين سعوديين كانوا متورطين في تلك الهجمات.
كما فشلت لجنة التحقيق بالعثور على أي دليل يثبت تورط الحكومة السعودية كمؤسسة أو مسؤولين كبار بتمويل تنظيم "القاعدة" بشكل فردي، حسب الصحيفة.
    
المصدر : هافينغتون بوست عربي