عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت وقبل 48 ساعة من موعد الجلسة 48 لانتخاب رئيس جمهورية الأربعاء تتجه الأنظار نحو بيت الوسط، هل يكون 28 أيلول يوم انتخاب النائب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية؟ كل المؤشرات السياسية لا توحي سوى بنتيجة واحدة أن هذه الجلسة ستنضم إلى شقيقاتها و"لا رئيس" والأزمة الرئاسية "راوح مكانك".

"الأول: ابقاء الوضع على ما هو عليه بالتمسك بترشيح النائب سليمان فرنجية، وهناك صوت في "المستقبل" يعتبر أن هذا الخيار "استنزاف"، فيما آخر يعتبره "الأكثر جدية".
الثاني: تسوية أو "سلة متكاملة" وانتخاب عون رئيساً، لكنه خيار مرفوض من القاعدة الشعبية وكوادر "المستقبل"، وبالتالي سيكون الخيار لصالح "حزب الله" واستيلائه على الجمهورية وليس عون، وارتداداته لن تكون لصالح الحريري.
الثالث: نقل العلاقة بين "حزب الله" و"المستقبل" من "ربط نزاع" إلى المواجهة، يكون عنوانها العودة إلى الدستور والتمترس خلفه، بناء على قاعدة أن حزب الله غير حواري والحوار الثنائي لا جدوى منه، وبالتالي تكون المواجهة بوجه مشروع الحزب ويتجه الضغط نحو انتخابات نيابية لأن الأخير يرفض حل أزمة الرئاسة".

 

 


اسألوا حزب الله أولاً!
ويسود الحديث في مكاتب "المستقبل" حول نظرية منطقية، فإذا كان "حزب الله" يكابر بمعادلة "عون مقابل الحريري"، ففي أي خانة يضع الحزب "سرايا المقاومة" وسلاحه وتدخله في سوريا؟ ويقول هذا القيادي المستقبلي: "بدلا من البحث عن رأي الحريري، لماذا لا نسأل عن موقف حزب الله؟"، موضحاً أن "مشكلة عون هي أن حليفه حزب الله لا يستطيع أن يضمن تأييد حلفائه (8 آذار) أقله الرئيس نبيه بري أو النائب سليمان فرنجية كما أن الحزب لا يشارك في الجلسات، فلماذا تحميل الحريري المسؤولية؟"، كما كان النائب وليد جنبلاط قد أوضح في احدى مقابلاته أنه سينتخب عون رئيساً في حال حصل التوافق عليه وبذلك يكون الشرط مستحيلاً، فيما الرئيس بري أعلن انحيازه لفرنجية"، وهنا يرى القيادي "عملية توزيع أدوار بين حزب الله وبري، بين داعم ومعارض لايصال عون للرئاسة".


مبادرات الحريري
الحريري قدم كل ما لديه، رشح رئيس "القوات" سمير جعجع، تحاور مع عون في الوقت الذي كان الجميع يرفض ترشيحه بينهم جعجع، دعم الرئيس أمين الجميل وأخيراً خرج من متراس "14 آذار" ورشح أحد أفرقاء "8آذار" النائب سليمان فرنجية وهي كانت الخطوة الأقرب باتجاه الآخر وختامها كان بالموافقة على البحث عن مرشح توافقي، في المقابل لم يخطُ الفريق الآخر خطوة واحدة إلى الأمام بل تمترس خلف ترشيح عون، وتستغل الماكينة الاعلامية لـ"حزب الله" أزمة الحريري المادية والسياسية، وتروّج  أن الأخير بحاجة إلى الحكومة لحل أزماته، فيما القيادي يشدد على ان "الحكومة لا تأتي بالشعبية بل العكس الصحيح".


ثلاثة أسباب سعودية
ماذا عن الموقف السعودي؟ البعض يراه غامضاَ في ظل حديث من غرف الحزب الاعلامية عن "عقاب" سعودي للحريري، لكن الواقع بالنسبة إلى القيادي مختلفاً، ويصف "كل ما يروّج له في الاعلام بغير الصحيح"، ويوضح: "اعتادت الناس على نمط سابق من الادارة السعودية تجاه لبنان وذلك أيام الملك عبدالله لكن اليوم هناك ثلاثة متغيرات:
أولاً: وجود عنصر شبابي في الادارة الجديدة، لا علاقة عاطفية بينه وبين لبنان ولم يشهد تاريخ العلاقات السعودية - اللبنانية.
ثانياً: "مصلحة السعودية أولاً" هي السياسة الحالية في ظل الوضع الاقتصادي الضاغط نتيجة انخفاض سعر النفط.
ثالثاً: خيار السعودية الاستراتيجي يضع لبنان في نهاية اللائحة، فهناك ما هو أهم كالبحرين واليمن وسوريا". ويضيف القيادي: "لا ننتظر موقفاً من السعودية بل يجب أن نتخذ موقفنا وبالتالي مصلحتنا بابقاء العلاقة مع السعودية ممتازة".


قرار "المستقبل" واحد
وبالحديث عن الانقسام داخل صفوف "المستقبل"، بين مؤيد وداعم لترشيح عون وبين معارض له، يقول القيادي: "كتلة المستقبل والرئيس الحريري واحد، والقرار الواحد هو للحريري وببساطة من يلتزم بالقرار يبقى ومن لا يلتزم يخرج من الكتلة، ورغم الاختلاف في وجهات النظر فان بيان الكتلة يصدر بالاجماع"، وكان لا بد من طرح سيناريو انتخاب عون وأن يستلم وزير الداخلية نهاد المشنوق الحكومة الموقتة إلى حين انتخاب مجلس نيابي جديد ليترأس الحريري الحكومة الجديدة، وهنا يرفض القيادي هذا السيناريو بالقول: "من الصعب ان يكون السياسي رئيس الحكومة ثم يعود وزيراً"، في اشارة منه إلى المشنوق.


"الانتحار الشعبي"

ماذا لو رشح الحريري عون؟ يجيب القيادي بسؤال: "ماذا يتبقى حينها للحريري في الانتخابات النيابية، وكيف سيصل حينها إلى الحكومة؟"، في مؤشر واضح إلى أن اقدام الحريري على انتخاب عون أشبه بـ"الانتحار الشعبي" ويرى القيادي أن نتائج انتخاب عون ستكون

"أولاً: كارثة في القاعدة الشعبية وبين الكوادر في "تيار السمتقبل".
ثانياً: سنشهد مشكلة نيابية كبيرة، لأن نوابا كثرا سيفضلون الجلوس في المنزل.
ثالثاً: سيكتشف الحريري أن كل وعود حزب الله وعون لا أساس لها من الصحة.
رابعاً: سيُكتشف ان اول النادمين على ايصال عون للرئاسة هو جعجع وبعده الحريري.
خامساً: وهي النتيجة، استيلاء حزب الله على كامل السلطة في لبنان وبالتالي تصبح الايجابية من انتخاب عون معدومة".


معالجة خاطئة من ريفي
ولا يمكن الحديث عن المنزل "المستقبلي" من دون التطرق إلى الحالة التي بسطها الوزير المستقيل أشرف ريفي في الشارع السني، فيقول القيادي: "لم يكن ريفي أو خالد الضاهر في تيار المستقبل، لكن السياسة اختلطت بالشخصي بسبب أخطاء متراكمة من الطرفين ووصلنا إلى هذه الحال، ولا أوافق على طريقة معالجة الأمور من ريفي لأننا في مرحلة وحدة الصف وليس التفرقة"، ويعتبر انه "من الخطأ اعتبار أن نواب الشمال أصبحوا في جيب ريفي وأن الحريري سيخسر نوابه هناك، لأن الانتخابات البلدية تختلف تماماً عن النيابية، كما أن شعبية ريفي في الفترة الأخيرة تراجعت بعد تصويبه على الحريري بشكل مباشر... ولمسنا ذلك".

المصدر: النهار