هذه السطور، على سجيتها وبساطتها، ليست ردة فعل وليست بالتالي تعبيراً عن فشّة خلق، بل هي صرخة في وجه جميع أصحاب الحقوق، ونحن معهم في ما يطالبون به، ولكننا لسنا معهم في قطع الطرقات "كلما دّق الكوز بالجرّة"، لأن هذه الطرقات ليست ملكاً لهذا الفريق أو ذاك، وليست مسجلة في الدوائر العقارية بإسم هذه الفئة المغبونة أو تلك المظلومة، وجميعنا مغبونون ومظلومون في مكان ما.


فلو كان اللجوء إلى تسكير الطرقات في وجه المواطنين المغلوب على أمرهم وسيلة للتعبير عن مظلومية ما وللمطالبة بحقّ لا يموت ما دام وراءه مطالب، لكانت بقيت طرقاتنا مقفلة 365 يوماً، ليلاً ونهاراً، وذلك لكثرة الغبن اللاحق بالشعب المعتر، الذي لا يجد سوى تسكير الطرقات كتعبير عن ألمه وللمطالبة بحقّ من حقوقه المهدورة، وما أكثر هذه المطالب... ولا من يسمع أو من يجيب.

فالطرقات ليست ملكاً خاصاً، بل هي ملك عام، وأي تعدٍ عليها هو تعدٍ يفرض على القيمين على أمن البلاد والعباد زجّ المعتدي على الأملاك العامة بالسجن، بالقانون وليس بـ"السلبطة". فلو طّبّق القانون كما يجب، وليس على أساس صيف وشتاء على سقف واحد، لما كان "إبن مرة" تجرأ ونزل إلى الشارع وقطع طريقاً.

أما وقد بلغ بالبعض حدّ الإطاحة بكل ما يجعل من هذه الدولة قائمة على رجليها، بعدما "استوطوا حيطها وكسروا مزراب العين، وجعلوا منها مكسر عصا، فلم يعد ينفع مع بعض الذين يتمادون في تحدّي ما تبقى من هيبة لدولة هشة سوى الكيّ، وهو آخر الدواء، لكي تستعيد بعضاً من هيبتها، وتذكير الناس بأن "فرقة الـ16" كانت تثير في نفوس شذاذ الأفاق رعباً ما بعده رعب، لأنها كانت مع الحق وفرض القانون وكانت تضرب بيد من فولاذ".

لبنان 24