عادت قضيّة الطّفل الذي سافر إلى تركيا عبر "مطار رفيق الحريري الدولي" من دون أوراق ثبوتيّة، إلى الضوء. ففي الأصل، لم تغب هذه القضيّة بل يستمرّ قاضي التّحقيق العسكريّ الأوّل رياض أبو غيدا بإجراء تحقيقاته والاستماع إلى الشهود المتصلين بالقضية.


وللمرّة الثانية على التوالي، جاء الطّفل خالد الشبطي برفقة والده إلى المحكمة. أدلى بإفادته، أمس، ثم جلس لأكثر من ساعتين على المقعد في الخارج، حتّى انتهى "الريّس" من تحقيقاته. لا يكاد يمكن لابن الـ12 عاماً أن يجلس من دون حركة أو كلام، مرّة يهزّ جسده يمنةً ويسرة ومرات يحدّث والده ويغمره ثمّ ما يلبث أن ينام حتّى "جاء الفرج".

بابتسامةٍ، نادى العسكريّ على الطّفل ووالده اللذين حملا "بطاقة شاهد" ليؤكّد لهما إمكان خروجهما. قفز الطفل النحيل من مكانه ضاحكاً، متوجّهاً إلى العسكريّ ليأخذ الورقة التي كتب عليها موعد الجلسة المقبلة. لم يستطع العسكريّ "بلع" المزحة متوجّهاً إلى الشبطي بالقول: "إنتَ اللي خربت الدّنيا".

ضحك الطّفل الذي حفظ عن ظهر قلب الإجراءات داخل المحكمة. ومن دون أن يكلّفه أحد، أبرز الشبطي الورقة ليقف عند نافذة الغرفة، حيث يتمكّن من استرداد أغراضه من العسكريين الموكلين بهذه المهّمة.

كان الطّفل مستعجلاً للخروج. ابتسامةٌ هي الردّ على سؤال: "بدّك تسافر مرّة تانية؟". بعيون حالمة، يقفز الطّفل الذي لا يكلّ عن الحركة فيقول ضاحكاً كما لو أنّه حضّر الإجابة سلفاً ويحضّر لها: "إيه. إلى إسبانيا"، قبل أن يتدخّل والده معقّباً: "مع بيّو".

أمّا بشأن التحقيقات التي ما زالت سريّة، فإنّ خيوطاً جديدة تكشّفت في هذه القضيّة بعدما حامت الشكوك حول ما إذا كان الخطّ العائد للشبطي الابن يتضمّن خدمة التجوال الدولي (roaming)، ما يعني أن قضيّة سفره إلى الخارج كانت محضّرة ومدروسة وأنّ والده كان على علم بها وإلّا لما اشترك بهذه الخدمة.

هذا الأمر ظهر بعد إجابة الوالد عن سؤال كيف علم أنّ ابنه سافر إلى تركيا، بالقول إنّه اتّصل بابنه بعدما فتح خطّه لتردّ عليه إحدى الموظفات (مضيفة الطيران) ثمّ قبطان الطائرة اللذين أبلغاه أن ابنه صار في مطار تركيا وهو في طريق العودة إلى بيروت.

فيما أزيلت هذه الشكوك بعد مراجعة شركة الهاتف الخلوي التي أشارت إلى أنّ صاحب الخطّ المدفوع سلفاً يمكنه تلقّي اتصالات فور هبوط الطائرة، وذلك على عكس الخطّ الثابت.

كما كان من المفترض أن تدلي والدة الشبطي بإفادتها، أمس، أمام القاضي رياض أبو غيدا وذلك للتأكّد من أمر سفر شقيقها إلى السعوديّة عندما قام ابنها بعبور الإجراءات الأمنيّة داخل المطار وهرب منهم بالإضافة إلى أمور أخرى. ولكنّ الوالدة لم تحضر إلى المحكمة وعلّل زوجها الأمر بمرضها، ليطلب أبو غيدا من جديد حضورها للاستماع إلى إفادتها في جلسةٍ لاحقة.

على ما يبدو، فإنّ التحقيقات تحتاج إلى المزيد من الوقت والمتابعة قبل أن يصدر أبو غيدا قراره الظنيّ في هذا الملفّ ويحيله إلى "هيئة العسكريّة".

(السفير)