لا يزال حديث الوزير أشرف ريفي بحق الرئيس سعد الحريري محور تعليقات أبناء طرابلس في محاولة لتلّمس أهدافه الحقيقية. يقول النائب سمير الجسر تعليقاً على كلام ريفي الأخير: «أولاً، في الشكل ما كنت أتمنى أن تنغَّص فرحة الناس بالعيد بهكذا كلام. فهو كلام أقرب لإيقاع الطلاق منه للموقف السياسي. وإن كان الطلاق مشروعاً فإنه يبقى أبغض الحلال عند الله، فكيف ممَّن كانوا أخوة؟ وكيف إيقاعه في أيام التشريق؟ أقولها بصراحة، أنا حزين على سيادة اللواء الذي أعرفه منذ ما يقرب خمسة وعشرين عاماً، والذي لم أتلمّس لديه في يوم من الأيام القدرة على التلفّظ بهكذا كلام، أو إتخاذ هكذا موقف بحق الرئيس الحريري الذي عامله معاملة الأخ، والذي وفّر له من الدعم المعنوي والمادي، ما لم يوفّره لأحد غيره في كلّ الفريق. وهو الذي كان وراء تسميته مديراً عاماً ووزيراً، وكان يعتبره إبن بيت الشهيد رفيق الحريري».

ويبدي الجسر استغرابه: «أنا بطبعي لست قادراً على طيّ صفحات من العمر مع أيّ كان وليس فقط من أمثال الرئيس الحريري في لحظة غضب أو بسبب إختلاف في الموقف السياسي كما يزعم. وأقول كما يزعم لأنني لا أعتقد أنّ الخلاف مع الحريري هو خلافٌ على تبنّي ترشيح النائب سليمان فرنجية، لأنه لو كان الأمر كذلك فماذا يقول في الإختلاف مع حليفه «الأول» سمير جعجع كما يقول، أليس هو على إختلاف معه على تبنّي جعجع للجنرال ميشال عون؟ فهل تقطّعت قنوات الإتصال مع جعجع كما تقطّعت مع الحريري؟».

ويضيف: «إن كنت تراني غاضباً فيما أقول فلأني مصدوم، ومصدوم أكثر من مواقف اللواء، ومصدوم أكثر وأكثر من الظلم الذي يقع على الرئيس الحريري الذي أنفق ماله في مساعدة الناس وعرّض حياته للخطر من خلال مواقفه السياسية، وداس على قلبه ومشاعره من أجل مصلحة بلده، من دون أن ننسى يوم احتُلّت بيروت وحوصرت قريطم. والذي داس على قلبه ومشاعره من أجل مصلحة بلده، لكن لا بدّ أن يأتي يوم يعرف فيه الناس حجم الأسى الذي تعرّض له خلال هذه الأعوام العشرة وحجم التضحيات التي بذلها ممّا تنوء عن حمله الجبال، فهو لم يوفّر ساعة من أجل وأد الفتنة سواءٌ في طرابلس أو بيروت أو كلّ لبنان من دون أن يتنازل ولو لحظة عن أيّ من الأساسيات. جميل أن تكون للإنسان طموحاته ولو بلغت عنان السماء، ولكنّ الأجمل ألّا ننسى الفضل بيننا، وأن نقف دوماً الى جانب مَن وقفوا يوماً الى جانبنا».

وعن كلام ريفي أنّ الحريري انتهى، يبتسم الجسر ويقول: «منذ أكثر من ثلاث سنوات وآلات الهدم لأعداء الحريري والوطن لا تترك يوماً يمرّ من دون أن تحاول النيل من صورته بهدف إنهاء الحريرية السياسية وتيار «المستقبل» الذي خلق إمتداداً متماسكاً على كامل الساحة اللبنانية».

ويتابع: «طاولوه في أزمته المالية، حاولوا تصويره أنه على خلاف مع أخوته وأشقائه، بل ومع كلّ من الرئيس فؤاد السنيورة وشقيقه بهاء. شككوا في علاقاته الدولية والعربية ليصوّروا للناس أنه إنتهى. ولم يقف خصومه وخصوم البلد عند هذا الحدّ، بل راحوا يدعمون قوى سياسية في كلّ المحافظات والأقضية التي يتواجد فيها تيار «المستقبل»، وأخذوا يخلقون فيها مجموعات مسلّحة من «سرايا مقاومة» الى خلايا أمنية».

ويسأل الجسر ريفي: «هل غاب هذا الأمر عن معالي اللواء؟ هل من مصلحة لبنان ومصلحته أن ينتهي سعد الحريري؟ هل من مصلحة معالي اللواء أن يغطي عن قصد أو غير قصد ذلك المشروع الجهنّمي الذي ما فتئ يغدق المال يمنة ويسرى في نطاق نفوذ وإمتداد تيار «المستقبل»، ويعملون على تقويض هذه الظاهرة بتفتيتها وتقسيمها من خلال دعم قوى سياسية محلية محدودة بأهدافها، محدودة بنشاطها، محدودة بقدرتها على الإنتشار، حتى إذا ما تسنّى لهم ذلك إبتلعوها واحدة تلو الأخرى من خلال سيطرة المال أو سيطرة السلطة؟».

ويتابع: «هذه الحالة تذكرني بصيف 1998 يوم أُبعد الرئيس الشهيد رفيق الحريري من السلطة. كان ذلك في زمن الوصاية التي حشدت كلّ القوى السياسية إضافة الى قوتها وطاردت الحريري بالشائعات، والإفتراءات، والتهم، وإعتقال أقرب المقرّبين اليه، حتى ينفر الناس من حوله. لكنّ هذا الأمر لم يثنِ الرئيس رفيق الحريري عن متابعة نضاله، وكانت له تلك العودة المظفرة في صيف العام 2000. وأنا أقول ما أشبه اليوم بالبارحة، الرئيس سعد الحريري لن تنال منه الشائعات، وهو الحريري المتجدّد الذي تعرّض لما لم يتعرّض له والده الشهيد حتى في أقسى الأيام، والذي يستعيد من خلال عودته لبيروت زمام المبادرة والقيادة بإذن الله».

وعن حقيقة ما أدلى به ريفي عن تواصل قائم بينه وبين السنيورة والنائب بهية الحريري، يرى الجسر أنّ «محاولة الإيحاء بهذا الموضوع على حساب سعد الحريري ليس فيه شيء من الظُرف!». ويؤكد الجسر رداً على كلام ريفي أنه سينافس الحريري في طرابلس ومختلف المناطق: «نعم ريفي لديه حضور قوي الآن في طرابلس، وهذا مصدره بلا شك الدعم المتمادي له من الرئيس الشهيد، ومن ثمّ من الرئيس الحريري. وهو بلا شك عرف كيف يبني على هذا الدعم حالة خاصة لديه. فهل باتت هذه الحالة تُستخدم للحرب على الحريري والإنتهاء منه؟!».

وبالنسبة إلى تصوّر قيام تحالف بين ريفي والنائب محمد الصفدي بفعل كلام ريفي عن كرههما المشترك للرئيس نجيب ميقاتي، يستغرب الجسر فحوى الحديث: «لا يزال الوقت باكراً للتحالف، والتحالفات تُبنى على أسس ثابتة، وليس على الغضب والكره. لكنّ الذي يحيّرني هو أنه حتى لو سمع اللواء مشاعر الكره من الوزير الصفدي، وبالطبع أنا أجلّ الوزير الصفدي عنها، أو حتى لو استنتجه هو، ألا يدخل هذا في باب «الحديث بالأمانات» الذي أكثَر ريفي من ذكرها في إطلالته التلفزيونية الأخيرة».

ويختم الجسر حديثه موجّهاً رسالة الى ريفي: «أقول لك بكل محبة لا تنسى نصيحة والدك. «إياك وقاتل الرجال: الغرور». وأنا على ثقة بأنك في النهاية لن تدعَ المشروع الفارسي يظهر على المشاريع الوطنية. عُد الى الثوابت، فلن تجد الراحة إلّا في القلب الذي حضنك ودعمك».


الجمهورية