"أبو هاجر الحمصي"، "ابو عمر سراقب" ، "أبو خالد لبنان"، تعددت الاسماء والشخص واحد، انه السوري أسامة نمورة (أبو محمد) الذي سقط بالأمس في غارة جوية استهدفت اجتماعاً قيادياً لـ "جبهة فتح الشام" في ريف حلب، ولا تزال الجهة المنفذة غامضة، فمنهم من اتهم التحالف الدولي بتنفيذها ،فيما اعتبر اخرون ان الموقع الجوي هو من اختصاص روسيا. وتزامنت هذه العملية الجوية مع احياء الذكرى الثانية لمقتل قادة حركة "أحرار الشام" اثر انفجار غامض خلال اجتماعهم في بلدة رام حمدان - شمالي ادلب، واتت قبل ساعات من لقاء يجمع وزير الخارجية الاميركية جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
وهو الاستهداف الأول لـ"فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بعد فك ارتباطها عن "القاعدة" .
وبالعودة إلى مقتل الحمصي فوفق المعلومات التي حصلت عليها "النهار" من مصادر عدة مقربة من "فتح الشام" فإن أبو هاجر، اربعيني، من بلدة سراقب الادلبية، وسكن في حمص لفترة طويلة، انطلق في نشاطه الجهادي مع تنظيم القاعدة في العراق ايام التدخل الاميركي، واعتقل هناك ثلاث مرات، وما أن انطلقت الثورة السورية انتقل إلى سوريا".
هو من ابرز قادة "فتح الشام " نشط أولاً في القلمون، وعمل مع أمير المنطقة "أبو مالك الشامي" الذي أسس التنظيم في القلمون، وبحسب المصادر "فإن ابو هاجر عمل على تأسيس فرع للنصرة في لبنان لم يصل إلى مرحلة التنظيم المكتمل بل اقتصر على الخلايا، وكان معروفا باسم "ابو خالد".
وتوضح: "لا شك أن مواقع النصرة فعلياً كانت في الجرود لكن كان لها بعض العناصر في طرابلس، والمجموعات التي تعاون معها ابو هاجر هي المسؤولة عن غالبية التفجيرات التي تبنتها النصرة أنذاك، كالتفجير الذي استهدف المستشارية الايرانية في بئر حسن"، وتصفه المصادر بـ"مدير العمليات في لبنان سابقاً والمخطط الأمني لها".
انتقل "ابو هاجر" الى ادلب وعين اميراً عليها ثم أميراً لحلب، وشارك بقيادة ابرز المعارك كمعسكري وادي الضيف والحامدية في جنوبي ادلب. ويعتبر من مؤسسي غرفة عمليات "جيش الفتح" وهو مندوب "فتح الشام" فيها. وتقول المصادر: "حقيقة، ابو هاجر ليس القائد العام لجيش الفتح بل هو القيادي الابرز في الغرفة، والقائد الحالي هو نقيب مهندس منشق وخريج الاكاديمية العسكرية بحلب وكان له دور كبير بمعركة حلب" .وترفض المصادر الكشف عن اسم القائد العام لدواع امنية. وتوضح: "كان ابو هاجر القائد العام قبل وقف العمل بالغرفة العام الماضي وخاض معارك ادلب، لكن بعد اعادة احياء العمل في جيش الفتح اشترطت حركة أحرار الشام وفيلق الشام وأجناد الشام تغيير ابو هاجر، فهو معروف انه غير متساهل وقاسي، إلا ان جدارته العسكرية تضعه دائما في مقدم المعارك، وهو من قاد معركة تحرير ادلب وجسر الشغور وسهل الغاب".
عُرف "ابو هاجر" بالشدة والقساوة في التعامل واختلف مع قياديين كثر بسبب اسلوبه الحاد، وفي حزيران الفائت خلال توليه امارة حلب سجن لايام بسبب خطأ اداري وصف بـ "سوء استخدام المنصب"، وبعد خروجه، رجح البعض ان ينتقم من أميره أو ينشق عن التنظيم، لكنه اكمل المسيرة رغم تجريده من منصبه، وتابع مهمته كعسكري قيادي في المعارك. وبحسب المصادر فإن "أسلوب "ابو هاجر" العسكري المفضل هو محاصرة المنطقة العسكرية كما حدث في في مطار ابو الظهور العسكري وبالتالي وابادة كل من فيها بعكس قادة الأحرار الذين يفضلون ترك طريق للعدو للإنسحاب كي لا يستميت الأخير بالدفاع".
فصائل عدة ومنوعة نعته وسارع القاضي الشرعي في "جيش الفتح" عبدالله المحيسني الى اصدار تسجيل صوتي يرثي فيه الراحل، واتبعها في تغريدة قال فيها: "قبل ثلاث أيام كنت مع ابي هاجر فأخذني على حده وقال: بشرني ما جديد جمع الكلمة؟ ولا تحضر هنا في المعركة يكفي أن تسعى إلى الاندماج". في اشارة إلى محاولة النصرة منذ فك ارتباطها عن القاعدة الى جمع صفوف المعارضة.
ووصف المحيسني في التسجيل ابو هاجر بـ"أسد من اسود الله"، وقال: "ظللت معه سنة و9 اشهر في اجتماعات متتالية، رأيت منه العجب، واول يوم عرفته في وادي الضيف والحامدية، رأيت اسداً يقفز من هنا وهنالك، يدير الشباب ويستنفر الشرعيين وثم يقود المعركة".
ولم يخف المحيسني عتبه على ابي هاجر قائلاً: "كنت اعيب عليه شدة في خلقه وفي تعامله مع بعض الفصائل، فكان يرد عليي اعذرني يا شيخ انا عسكري ولست شرعيا، وشدتي هي من اجل ان نصل الى فتح الشام ودحر الطغاة". ويتابع: "أخطأ في أحد المرات في التعامل والكلام، واغلظ علي قليلا واذا به يتصل بي متأخرا وقبل راسي واعتذر، وكان يؤخذ عليه بعض التشدد مع بعض الفصائل لكن منذ رمضان الفائت لم اسمع كلمة منه، وامسك لسانه".

 

 

تعتبر مصادر سورية معارضة أن "هذه الضربة معنوية لكنها لا تؤثر على مجريات الاحداث والقرارات"، مذكرة بأنه "لم يشهد للتنظيمات أو المجموعات ان توقفت على اشخاص". وسبق أن خسرت "أحرار الشام" غالبية قادتها وأكملت الطريق، كما تم اغتيال قائد "جيش الاسلام" زهران علوش واكمل الجيش طريقه، ومن المعطيات التي كشفتها المصادر أن "أمير فتح الشام أبو محمد الجولاني كان حاضرا في غرفة العمليات عند فك الحصار عن حلب، وهذه الغرفة كانت خلف ‏الخط الأول بمئات الأمتار فقط ولو قتل لن يتغير اي شيء سوى اسم القائد".