عندما حزم العماد ميشال عون أمره أواخر ثمانينات القرن الماضي، واتخذ قراره بالأطباق على البلد، ولبس لأمة الحرب وامتطى الجواد واجتاح قصر الرئاسة اللبنانية ليتوج نفسه رئيسا للجمهورية بقوة المؤسسة العسكرية التي كان قائدها متجاوزا كل المواثيق والدساتير والصيغ اللبنانية التي تحض على العيش المشترك، فإن جبران باسيل كان يومها لا يزال يحبو على ركبتيه وبحاجة إلى حاضنة تعتني به وتغير له حفاضاته. 
أما اليوم وبعد أن ارتبط بالعماد عون بصلة نسب مما سهل له مهمة وراثة التيار الوطني الحر، فإن جبران باسيل لم يرث عن عمه الذي لا يزال على قيد الحياة التيار فقط، بل ورث عنه ذهنية الاستئثار بالسلطة والتفرد بالحكم وتكرار عمه كنسخة مصغرة بالمبالغة في الحديث عن الميثاقية وتمسكه بها واستعادة حقوق المسيحيين الضائعة وكأنه الحريص الوحيد على مصالح الطائفة، ولو كان في ذلك تدمير مؤسسات الدولة وتعطيل مرافق الحياة في البلد وضرب لصيغة العيش المشترك التي تعتبر ثروة لبنان التي يتغنى بها اللبنانيون ويحرصون على المحافظة عليها لأنها الرباط الوحيد الذي لا يزال يجمعهم في السراء والضراء. 
فتجربة اللبنانيون مع العماد ميشال عون كانت فاشلة بكل المقاييس وانتجت سلسلة من الحروب والمعاناة أدت إلى إثارة الكثير من المخاوف والهواجس لديهم من أسلوبه الارعن في إدارة الحكم والمبنية على قاعدة /أنا او لا احد/ و /أما أنا او فليحترق البلد/، وتاريخه يشهد بذلك. 
فمع نهاية ولاية الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل فإن العماد عون الذي كان على رأس المؤسسة العسكرية باعتباره قائدا للجيش فإنه سيطر على القصر الجمهوري عسكريا وشكل حكومة برئاسته وحاول حكم البلد من خلالها بوزيرين من لون طائفي واحد وهما عصام أبو جمرة وادغار معلوف بعد امتناع الوزيرين المسلمين عن المشاركة في هذه الحكومة الممسوخة 
متجاوزا الروح الميثاقية للدستور وكل المضامين التي تحض على التوافق والتعايش بين كافة المكونات الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية اللبنانية، وخاض دون طموحه الهادف إلى تكريس نفسه حاكما مطلقا حربين كانتا الأسوأ والأشد إيلاما على اللبنانيين بشكل عام والمسيحيين على وجه الخصوص والأكثر تدميرا وازهاقا للأرواح من كافة الحروب التي خيضت خلال مراحل الحرب الأهلية وهما حرب الإلغاء ضد القوات اللبنانية وحرب التحرير ضد الوجود السوري إلى أن انتهت مهزلة اغتصابه للقصر الرئاسي بأيدي القوات السورية التي تحركت باتجاه قصر الرئاسة بغطاء إقليمي ودولي مستخدمة سلاح المدفعية والسلاح الجوي وحررته من مغتصبه الذي فر هاربا باتجاه السفارة الفرنسية التي وفرت له وسائل الحمايه والنقل ومن ثم ترحيله إلى فرنسا تاركا أشلاء جنوده وجثثهم على الطرقات وعلى التلال المحيطة بالقصر وناسيا الميثاق والحقوق والكرامة والشرف العسكري والبلد وحتى نسي زوجته التي وقعت أسيرة بيد الجنود السوريين. 
واليوم فإن الصهر الذي تسلق على أكتاف الرفاق الذين وقفوا إلى جانب العماد عون في كافة المحن التي مر بها والاكثرها قساوة فإنه خان أمانة علاقة الأخوة وتجاوز تضحيات رفاق الدرب وتحايل على قوانين التيار ضاربا الديمقراطية بعرض الحائط وورث تيار عمه بقوة القرابة والنسب، ويحاول أن يفرض نفسه كلاعب سياسي وناطقا بإسم المسيحيين تحت زعم المطالبة بحقوقهم متجاوزا لكافة المكونات والفعاليات والزعامات المسيحية ذات الامتداد الشعبي الواسع والفاعل. 
إلا أن جبران باسيل الصهر وهو الفتى الغر والذي لم يبلغ الحلم في الشأن السياسي فإنه يحصر معنى الميثاقية في وصول عمه العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة ويرى أن حقوق المسيحيين تتمثل باختصار الموارنة أولا والمسيحيين عامة في شخصه وسوى ذلك فلا ميثاقية ولا حقوق. 
ومن سخريات القدر أن جبران باسيل وأمثاله من كافة الطوائف والمذاهب والأحزاب من الوصوليين والاستغلاليين والذين تسلقوا في غفلة من الزمن إلى مواقع السلطة هم من يطالب بحقوق طوائفهم ويزايدون بالتمسك بالميثاقية مع أنهم هم الذين يعطلون المؤسسات ويدمرون البلاد والعباد بغبائهم وانانياتهم ويهددون الكيان والوطن سيما وأن الدستور حدد مفهوم الميثاقية بأنه لا شرعية لأي سلطة تناقص العيش المشترك فيما ميثاقية جبران باسيل وعمه ميشال عون هي إلغاء الآخرين لأي طائفة انتموا.