كان إحتفال بدنايل هذا العام مثيرا للجدل كونه جاء بعد خروج حسن يعقوب من السجن بسبب عملية خطف هنيبعل القذافي ولكون الحفل شهد مفاجآت من جهة الحضور وما نتج عنه من إطلاق حركة سياسية سماها النائب السابق بحركة " النهج".

وفي سياق هذا الموضوع تثار العديد من علامات الإستفهام عن مضمون كلمة يعقوب وما قاله.
لكن الأهم في الموضوع يبقى هو ما تجنب قوله وحاول إقناع الحضور بنسيانه.

هنيبعل كان في حماية النظام السوري:

لم يتطرق يعقوب في كلمته عن أسباب إستقبال نظام بشار الأسد لهنيبعل القذافي وتأمين مسكن له في سوريا وحمايته وتقديم دمشق  لمساعدات عسكرية للنظام الليبي قبل سقوطه.
ولم يدن  إستضافة النظام السوري لرموز النظام الليبي بل كان يسمح لنفسه في السنوات الماضية التي تلت مقتل القذافي أن يطل على قنوات الإعلام السوري التي تصف القذافي ب " الشهيد".
وقد يتفهم المرء حجم غضب حسن يعقوب من الرئيس بري إلا أن ما لا يمكن تفهمه هو تجاهله لموقف الوزير أشرف ريفي الذي رفض تسليم هنيبعل القذافي للسلطات السورية فلم ينل منه موقف شكر  ولو تناسينا السياسة وألزمنا حسن يعقوب بالمبدأ والصورة التي يروجها لنفسه بأنه مع الحق أينما كان فأين يصنف موقف ريفي؟
هذه الدلالات تزيد موقف النائب السابق غرابة قد تفهم لاحقا بأنه يريد إغلاق هذا الفصل مع السوريين وإعادة فتح صفحة جديدة معهم خصوصا بعد أن أبدوا إنزعاجا من عملية الخطف.
وإغلاق الصفحة يعني إغلاق شق مهم من ملف قضية المغيبين الثلاث بما يتعلق بعلاقة النظام السوري بالنظام الليبي وتأمينه ملاذا لرموزه السابقين، ومتى أغلق النائب يعقوب هذا الشق من الملف وهو الأرجح فهو يروج لصورة من يتاجر بقضية والده ليستغلها في أمور سياسية ومالية لتصفية القضية نهائيا.

حضور ممثل عن إيران رسالة لأصحاب الشأن:

وكان حضور ممثل عن إيران في الحفل ملفتا هو الآخر وأكثر غرابة فهو يحمل رسالة لأكثر من طرف داخل الطائفة الشيعية وبالأخص للسيدة رباب الصدر.
فالسيدة رباب الصدر كانت قد تحدثت قبل أيام من حفل حسن يعقوب عن تقصير من قبل إيران وأعلنت أن علاقتها مع حزب الله ستكون كما تعاملت إيران معها.
وهذا الإعلان المهم هو الأول من نوعه في قضية التغييب والأجرأ والأقوى والذي لا يصدر عن جرائد ومجلات بل عن شخصية من عائلة الإمام موسى الصدر وهي أخته.
وبعد تصريحها هذا شنت عليها حملة تخوين واسعة من أوساط بيئة حزب الله وإتهموها بأنها باعت القضية.
فحضور الممثل الإيراني في حفل يعقوب هو رسالة بالدرجة الأولى موجهة للسيدة رباب الصدر كرد على موقفها لأن الحفل ينظمه شخص آخر من عوائل المغيبين بخلاف تفسير حضور السفير في مهرجان صور والذي نظمته حركة أمل، ولسان حال الرد على السيدة أن هناك في عوائل المغيبين من يقدر دور إيران.
دلالات الحضور الإيراني لا تتوقف هنا، فهناك رسائل باطنية موجهة للرئيس بري أيضا يحملها كساعي بريد من حزب الله.
فخطاب بري في صور والذي كان ملفتا لجهة الموقف من القتال السوري والدلع السياسي الداخلي في لبنان وحجم الحضور الجماهيري كلها قضايا أثارت ريبة لدى حزب الله عبرت بيئته عنها بعد المهرجان وتوجها الحضور الإيراني كرسالة رفض لخطاب مدينة صور.

التغطية الإعلامية لحفل يعقوب:

غطت كل من قناتي OTV و الجديد حفل النائب يعقوب.
فالتيار العوني لديه تصفية حسابات مع بري خصوصا لجهة موقفه الرافض لوصول عون إلى الرئاسة الأولى ولجهة أن حسن يعقوب كان نائبا سابقا عن كتلة التغيير والإصلاح العونية وأراد عون إخبار بري بأنه منفتح على خيارات شيعية بديلة عنه.
أما الجديد فحساباتها قديمة وجديدة تتعلق بالحرب المستعرة مع الرئيس بري وجمهور حركة أمل منذ عام إلى الآن حول إتهامات متبادلة بالفساد والصفقات ومن صالحها الإضاءة على أي جديد يصب في مصلحة إضعاف بري ولو معنويا على المستوى الإعلامي السياسي.

 

حسن يعقوب وحركته:

من على منبره الخاص في الحفل أعلن حسن يعقوب عن ولادة حركة النهج وهي حركة جديدة إستغل فيها مناسبة التغييب للتصويب بالسياسة على بري من دون أن يسميه.
الحركة وما شرحه يعقوب عنها لا تقدم جديدا بل تعمل على الوتر الطائفي والمناطقي" جنوبي - بقاعي"  وتستغل حاجات وحرمان أهالي البقاع وبعلبك لإثارة العواطف والتجييش المناطقي، فهي لن تقضي على الحرمان ولن تقدم أي جديد خصوصا أن حسن يعقوب كان بالسابق نائبا ولم يفعل أي شيء يذكر في هذا الإتجاه ما يؤكد أن الحركة هي مجرد وسيلة إلهاء للناس الفقيرة ومحاولة لإزعاج الرئيس بري والتهويل عليه بأن يقدم حسن يعقوب نفسه رقما جديدا في المعادلة الشيعية.
وأيضا، فإن سجن حسن يعقوب كان بمثابة إهانة غير متوقعة وجهت إليه ويخشى أن تتكرر وبحركته هذه يؤمن غطاءا سياسيا لأفعاله القادمة في المستقبل.

ذكرى المغيبون هي للجمع:

إن المغيبين الثلاث السيد موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين هم عنوان للجمع ورفض الطائفية والمناطقية والعشائرية وتبني الوطنية شعارا وعملا.
والمؤسف أن كلمة حسن يعقوب كانت بعيدة عن هذه الأدبيات الوطنية وتخللها كلمات طائفية وعبارات تروج للجهل مقابل تفسيرات خاطئة للعلم وسادها لغة غرائزية تحاكي منطق العشيرة والثأر والطائفة الذي أول من رفض هذه اللغة هو الشيخ محمد يعقوب نفسه.
هو تغييب آخر للمغيبين وإستغلال إضافي لذكراهم  وإستثمار لأسماء عظيمة في سماء مجد لبنان من أجل غايات في نفس يعقوب.