لا يشكُّ عاقل في أنّكم تعتقدون وتعلمون علم اليقين أنّكم انتصرتم على إسرائيل، التي هزمت ثلاثة جيوش عربية عام ١٩٦٧، وتمتلك أكبر وأهم جيش في منطقة الشرق الأوسط، وترسانة أسلحة متطورة، وأكبر وأهم سلاح جو، وتُصدّر بمليارات الدولارات أسلحة متطورة لبلدانٍ عدة. انتصرتم عليها بقوات محدودة، وإمكانيات محدودة، مع إيمانٍ لا محدود بصدق قضيتكم ، وحقّكم في تحرير أرضكم، ومقاومة المحتلّ الغاصب، فأيّدكم الشعب العربي قبل الشعب اللبناني، وهذا طبعا بعد تأييد الله عزّ وجلّ بنصره الموعود، وليست إسرائيل بعصيّةٍ على سُنن الله في خلقه، فالمستعمرُ والغاصب مخذولٌ مهزوم، طال الزمنُ أو قصُر، ولا بُدّ أن تنتصر إرادة الشعوب نهاية المطاف، والملاحظة التي نرغب في سوقها هنا، هي أنّك يا سماحة السيد لا بُدّ أن تُقرّ ، وتعلم علم اليقين أنّك مهزومٌ في سوريا ولو بعد حين، فلا هي أرضك لتدافع عنها، ولا تدافع فيها عن مقدسات، أو حقٍّ تدعيه، أو قضية عادلة، أو نصرة مظلوم، إنّما أنت مُستعمر، وكذلك الإيرانيون والروس والافغان والشيشان، وكل طواغيت داعش وأخواتها، كل من لا يملك قضية عادلة على أرض سوريا سيُهزم، ولن تنتصر إلاّ إرادة الشعب السوري، رغم القتل والاعتقال والتدمير والتهجير، سينتصر، هذه إرادة الشعوب، نابليون بونابرت تلقى أول هزائمه على يد العصابات المسلحة الاسبانية، ولماذا نذهب بعيدا، فلنبق في القرن العشرين، فقد خاض الفرنسيون حروبا عبثية في الهند الصينية انتهت بهزيمتهم على يد حركات التحرّر الوطنية، وفشلت مغامرة السويس التي قام بها البريطانيون والفرنسيون عام ١٩٥٦، وأُجبرت الولايات المتحدة الأميركية على إنهاء تدخلها في فيتنام عام ١٩٧٥ بعد حرب خاسرة دامت عشر سنوات، إمبراطورية اليابان المهزومة تفتّتت عام ١٩٤٥، واستقلّت في العام نفسه سوريا وليبيا، عام ١٩٤٧ انسحب البريطانيون من الهند، وفي العام التالي نشأت بورما وسيرلنكا واندونيسيا، وبعدها حازت مناطق المغرب الإسلامي استقلالها، وتُشكّل نهاية النظام العنصري في جنوب أفريقيا بارقة أمل لكل الشعوب التواقة للحرية والاستقلال، بما فيها طبعا شعب فلسطين وسائر الشعوب العربية والإسلامية، ورغم الحروب الأهلية والصراعات الثقافية والمذهبية، فهي دول ذات سيادة ، ومواطنوها أحرار في اختياراتهم السياسية والسيادية حق تقرير المصير.
وبما أنّها ملاحظة عابرة، لا يبقى سوى السلام على من اتّبع الهدى.