(سبحان من يحي العظام وهي رميم ). 

أنه مجلس الشيوخ اللبناني الذي تم وضعه ضمن منظومة اتفاق الطائف أواخر الثمانينيات من القرن الماضي لأنهاء الحرب اللبنانية. وهو أساسا ولد ميتا وتم دفنه في ذاك الوقت. إلا أن الطاقم السياسي اللبناني يحاول احياؤه من جديد رغم العجز الواضح لدى افرقاء السلطة في البلد عن التوافق على قانون جديد للأنتخابات النيابية وعن تأمين النصاب داخل المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد الشغور الرئاسي الذي جاوز ستة وعشرون شهرا وتفعيل عمل الحكومة المعطلة. 

وكما كان متوقعا فقد فشل المجتمعون حول طاولة الحوار الوطني خلال الجلسات الأخيرة التي  أنهت أعمالها يوم الخميس الماضي في الاتفاق على حل أي من المشاكل الخلافية. إلا أن الطبقة السياسية اللبنانية وفي محاولة لأعادة إنتاج نفسها بأدخال تعديلات على النظام السياسي. فقد لجأ المتحاورون إلى سياسة الهروب إلى الأمام لتغطية فشلهم في حوار وطني مضى على انطلاقته أكثر من سنة ونصف تخللها ثلاث وعشرون جلسة بإيجاد مخرج عملي لا يهدد أوزان التيارات السياسية في البلاد وهو مجلس الشيوخ. 

فرئيس المجلس النيابي نبيه بري والمعروف بالحنكة والحكمة وتدوير الزوايا فإنه وبعد عجزه عن تمرير سلة الاتفاقات الشاملة للرئاسة والحكومة وقانون الانتخابات. فأنه لجأ إلى فكرة إحياء مجلس الشيوخ تحاشيا لأطلاق صفة الفشل على أركان السلطة في لبنان من فريقي الصراع 14 و 8 آذار. وعليه فإنه أدلى بتصريحه في ختام جلسات الحوار التي استمرت لثلاثة ايام وأعلن فيه عن تفاؤله بهذا الحوار وحدد موعدا للجلسات المقبلة في أوائل شهر أيلول القادم على قاعدة تفاءلوا بالخير تجدوه. وكذلك فإن المتحاورين. وتجنبا لوصمهم بعار الخروج من طاولة الحوار يخفي حنين فإنهم تفاعلوا مع إحياء فكرة قيام مجلس الشيوخ. 

وكان لافتا المناخ الإيجابي الذي تميز به النقاش حول هذه الفكرة وسقوط الاعتراضات والتحفظات السابقة الصادرة عن القوى السياسية المتعددة بحيث تصبح للبرلمان غرفتان. كما هو معمول به لدى الدول الكبرى الراقية وتمتلك منسوبا كبيرا من الديمقراطية وحرية التعبير والمحاسبة على قاعدة الانتماء الوطني وليس الانتماء الطائفي و المذهبي والحزبي.

ووفقا لاتفاق الطائف فإن إنشاء مجلس للشيوخ يجب أن يكون متزامنا مع نهاية الطائفية السياسية في لبنان. وأن أول مجلس شيوخ يبصر النور سيترافق مع انتخاب أول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي. وهذا يطرح مزيدا من الأسئلة حول جهوزية البلد لانتخاب مجلس نواب غير طائفي. وحول المخارج المطلوبة لظهور مجلس الشيوخ علما أن تشكيل هذا المجلس لا تعوزه المواد القانونية التي أقر خطوطها اتفاق الطائف. 

وعليه فإن بعض المتابعين لجلسات الحوار يستبعدون الجدية في طرح فكرة مجلس الشيوخ وإمكانية إحيائها في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد. ويعتبرون أن هذا الطرح في هذا التوقيت لا يعدو كونه تغطية لفشل طاولة الحوار في التوصل إلى حلول للقضايا الكبرى العالقة وأهمها الملف الرئاسي.