كان القدر يُخفي له مصيرا غير متوقع، فرصاصة واحدة انهت حياة الشاب العشريني بعدما انطلقت عن طريق الخطأ من مسدس صديقه فأصابته اصابة قاتلة.

فعلي وعلي صديقان منذ أيام المدرسة، افترقا قبل سنوات الى أن اجتمعا مجدداً ليعودا و"يفترقا" بعد حادث مأساوي. في تلك الليلة، كانت "الرصاصة الطائشة" التي اخترقت ظهره، "ضيفا" على مائدة العشاء التي جمعت للمرة الاخيرة الصديقين مع اصدقاء آخرين لهما.

مع انتهاء العشاء، كانت بداية نهاية علي ف. (20 عاما) حين صعد في سيارته وخلفه صديقه علي غ. الذي كان يحوز مسدسا غالبا ما "يلّقمه"، لتنطلق منه رصاصة اصابت الاولى يد صاحبه، فيما اخذت الرصاصة الثانية طريقها الى ظهر على الذي قضى على الفور.

هذه الحادثة، وبعد التحقيق فيها صدر قرار قضائي اعتبر فيه قاضي التحقيق انه لم يثبت بالتحقيقات والادلة اقدام المدعى عليه علي غ. على قتل رفيقه علي ف. قصدا من مسدسه الحربي المرخص، ليخلص الى احالة الاول امام الحاكم المنفرد الجزائي للمحاكمة سندا الى المادة 564 من قانون العقوبات التي تنص على ان "من تسبب بموت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات"، مخالفا بذلك مطالعة النيابة العامة التي طلبت عقوبة السجن عشرين عاما للمدعى عليه بجرم القتل قصدا.

ويروي القرار تفاصيل الحادثة، فيشير الى ان المدعى عليه ورفاقه محمد وحسين وغسان والمرحوم علي اعتادوا الخروج والتنزه مع بعضهم البعض وارتياد اماكن السكن، وهم في غالبيتهم من الطلاب فيما عدا المدعى عليه الذي كان آنذاك عاطلا عن العمل، وهو كان قد افترق عنه بعد ايام الدراسة، ليبدأ العمل مع اقرباء له خارج لبنان، حيث بعودته عادت علاقة الصداقة والمودة بينه وبين رفاقه الاخرين.

وليلة الحادثة، خرج المدعى عليه برفقة محمد في سيارة المرحوم، وكان بانتظارهم في احد المقاهي في الاشرفية حسين وغسان، وبوصولهم الى موقف المطعم استلم العامل من المرحوم سيارته فأعلمه حينها المدعى عليه انه وضع مسدسه على ارض السيارة خلف مقعد السائق، ثم صعدوا الى المطعم.

خلال العشاء، تبادل الاصدقاء الخمسة الاحاديث، وكان الجوّ عاديا كما العادة فيما بين الجميع الذين اعتادوا ارتياد المطعم ذاته. وبعد العشاء الذي لم يتخلله تناول المشروبات الروحية - بحسب اقوال الجميع - او خلاف ومشاجرة بين اي منهم - وفقا لاقوال بعض العاملين في المطعم- خرج الجميع، فغادر غسان وحسين معا، فيما توجه المدعى عليه والمرحوم علي ومحمد نحو موقف السيارات. وما إنْ تولى المرحوم قيادة السيارة وجلس المدعى عليه في المقعد الخلفي حتى امسك الاخير بمسدسه وراح يقلّبه بيديه فانطلق منه عيار ناري وحطّم زجاج باب السائق، وبعد حوالى الخمس ثوان، انطلق عيار ناري ثان. وعلى الفور خرج المدعى عليه من السيارة وقد اصابته الرصاصة الاولى باصبع يده اليسرى فيما اصيب المرحوم من الخلف حيث اخترقت الرصاصة الثانية ظهره وخرجت من صدره ما ادى الى تمزق في الشرايين وفي الاجهزة الاساسية، وبالتالي الى حصول نزيف قاتل، حيث وصل الى المستشفى وكان قد فارق الحياة.

يصف المدعى عليه علاقته بالمرحوم بانها "صداقة متينة"، ويلتقيان بشكل دائم ويومي. وهو يحمل مسدسه الحربي باستمرار ويلقّمه عندما يتنقل بمفرده خصوصا في الليل. وسهوا، بقي المسدس على هذه الحالة يوم الحادثة، يقول المدعى عليه، مضيفا ان الوقت الفاصل بين الطلقين الناريين لا يزيد عن نصف دقيقة، وان الطلق الثاني انطلق من المسدس بعد خروجه من السيارة عندما كان يحاول الامساك بالمسدس الذي كان لا يزال على المقعد في السيارة، وقد مدّ يده الى النافذة لالتقاط المسدس عن المقعد فانطلقت منه الرصاصة الثانية واصابت مسند المقعد الخلفي. وعاد المدعى عليه وادلى بانه كان لا يزال داخل السيارة، وانه خرج منها بعد الطلق الناري الثاني، وان الحادثة بمجملها لم تتعدّ الدقيقة الواحدة، وقد اصيب الجميع بحال من التوتر والخوف، نافيا اطلاق النار قصدا على المرحوم.

وباستماع افادة مدير المطعم، اكد بان المرحوم ورفاقه كانوا اثناء تواجدهم في المطعم بحالة طبيعية ولم يحصل اي جدال او خلاف بينهم.

وقد نفى احد الشهود ان يكون قد صدر عنه اي كلام، يتعلق بحصول جدال وتلاسن بين المرحوم والمدعى عليه بعد خروجهما من المطعم.

(المستقبل)