لقاء شخصيات إسلامية وقومية في بيروت..

 

 أولا: الزلزال التركي وتداعياته..

 

 عن جريدة السفير الغراء والتي لا تزال تصدر بقدرة "المال النظيف" المخصص لشراء الصحف والضمائر، وأنّه على وقع التطورات التركية، والانقسام الحاد الذي خلّفته هذه التطورات في الساحة اللبنانية والعربية والإسلامية (هكذا كل ساحة على حدة)، شهدت بيروت ( ومن غير بيروت يشهد هذه الأيام) سلسلة لقاءات واتصالات بعيدا عن الأضواء (لماذا التخفّي ، ربما لعلّة لا يعلمها سوى علاّم الغيوب) بين عدد من الشخصيات والقيادات اللبنانية والعربية والإسلامية من أجل البحث في الأزمات القائمة في المنطقة ( والهدف طبعا تخفيف التوترات المذهبية والطائفية) التي تقضُّ اضجاع الجميع، خاصة أنّ الانقلاب العسكري التركي فشل، ولولا ذلك لما دعت الحاجة إلى مثل هكذا اجتماعات ولقاءات طارئة وعاجلة لمواجهة التطرف والعنف والإرهاب، الذي سيستفحل حتما بعد فشل الانقلاب، وعلى يدي "الإرهابي" الأول في المنطقة والعالم اردوغان التركي. شخصيات وقيادات بلا أسماء، "غُفل".

 تسرّب خبر اللقاءات والاجتماعات خارج القاعات، والشخصيات والقيادات المدنية( بلباس التقوى) والدينية ( المهمومة بمشاغل الدنيا وصغائرها) ما زالت مجهولة الأسماء والعناوين، ويمكن لنا أن نُقدّر سعيهم نحو " الغُفل"، ونحن هنا نستعمل اسماً لم تُنتجُه لغتنا العربية الحديثة، لأن حداثتنا لم تنتج مُسمّاه، فالغفل في لغة الأعاجم هو الأنونيميا، أي ذاك الانعتاق من وصمات وسمات النسب والانتماء على أنواعهما، والغفل، بضم الغين وتسكين الفاء، هو، على حد القواميس ، ما لم يُعرف ولم يحمل ما يدلّ عليه. فيقال شاعر غُفل إذا كان غير مسمّى ولا معروف، وأرضٌ غفل أي مجهولة المعالم ليس فيها اثرٌ يُعرف، ودابة غفل وناقة وإبل غفل، أي لا سمة عليها ولا علامة تميّزها ، ولم تستعمل هذه التسمية في حداثتنا إلاّ في الشركات "المُغفلة" التي لا يفصح أصحابها عن اسمائهم علناً. ماذا تفعل الشخصية القيادية السياسية والدينية عندما تجتمع وهي "غُفل" ، أي انعتقت من عشيرتها وطائفتها وقبيلتها وحزبها ومرجعها الإلهي؟ إنّها تستطيع أن تفعل، أو تطمح أن تفعل كل ما ترغب في فعله من أمور خارجة عن المراقبة والحساب، وتستطيع أن تقيم علاقات منفلتة من كلّ قيد، وهذه العلاقات غالباً ما تجنح نحو الانتهازية والوصولية والارتهان.

 

 ثانيا: نسخة مُنقّحة عن اللقاء القومي الإسلامي لدعم المقاومة..

 

 يتساءل مسرب الخبر، عمّا دار في هذه اللقاءات؟ وماهية الأفكار والطروحات حول "كيفية الخروج من الأزمات القائمة"، هكذا، الأزمات يمكن الخروج منه باللقاءات والبيانات التي تُدبّج، وإذ يضع الرجال "الغفل" الإصبع على الجرح، عندئذٍ تسهل معالجة الأزمات، فالمنطقة تعاني من التطرف والعنف والإرهاب، وهو يطال الجميع، ولا موجب للتسمية، فالغفل يقتضي ذلك،للتعمية وذو الرماد، أمّا العلة الوافدة من تركيا فهي واضحة وجلية، ونظام بشار الأسد ترياق أحيا، والتدخل الإيراني الواسع في العالم العربي يمكن "إغفاله" مؤقتا، والصراعات التي بلغت حدّا لا يطاق، فإنّ الذين التقوا منذ أيامٍ معدودات لدعم المقاومة و"جهادها السوري" يعيدون اليوم بيانهم الجديد بنسخة مزيدة ومنقّحة، وهو عدم السكوت بعد اليوم من "الظلم الحاصل"، ولا ندري أين حصل الظلم ،وكيف حصل، ومن قام به!، ثم يستنهضون كل القوى الإسلامية والقومية والليبرالية (خلطة كوكتيل عجيبة غريبة) لتتصدى للصراعات التي اتخذت منحىً مذهبيا، مُغفلا طبعاً.

 

 ثالثا : العودة إلى حضن المرجعيات الدينية..

 

انتهت اللقاءات على خير، سيتم تشكيل فريق عمل "غُفل" من شخصيات موثوقة ولها حضور "علمي"، وستتوجه (طبعا) نحو المرجعيات الدينية" الأساسية" ،كي لا تتخذ مواقف على أسس "مغلوطة" وستتوجه الشخصيات المرموقة كي تضع خططاً مستقبلية متكاملة، فكرية وإعلامية وتربوية ودينية، من أجل تشكيل رأي عام رافض للصراعات "المذهبية"، أمّا التمويل اللازم فهو "غفل" أيضا، لكن من الممكن العودة إلى خطاب أمين عام حزب الله، الذي أوضح فيه أنّ "النعم" التي ترتع فيها قوى المقاومة والممانعة، إنّما تتكفّل بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دام عزُّها وظلُّها.

 
  •