آثار وتداعيات إنقلاب تركيا وفشله يسيطران على الاجواء السياسية اللبنانية ويسيطران على الصحافة

 

السفير :

لا شيء يوحي بأن «المقصلة الأردوغانية» ستتوقف قريبا. أكثر من خمسين ألف شخص تم اعتقالهم أو إقالتهم منذ ما بعد ليلة الانقلاب الغامض. الاستنفار الأمني لم يهدأ، والتقارير تؤكد أن حملة المطاردين من كبار العسكريين، تتعدى المجموعة الصغيرة التي جرى اتهامها بمحاولة الانقلاب، في وقت جرى تقييد حركة العديد من القطاعات العسكرية وألوية الجيش، ما عزز التكهنات على مسارين، إما أن الحركة الانقلابية أكبر مما بدت حتى الآن، أو أن حملة الاقتلاع التي تطال كل الخصوم، في الجيش والأمن والاستخبارات والقضاء والمصارف والإعلام والتعليم والمؤسسة الدينية والطاقة، قد ترتد على أصحابها وتثير شهية الكثيرين للتخلص من رجب طيب أردوغان، المترنح في مكانته الداخلية والخارجية على السواء.
التساؤل القائم يتعلق بما اذا كان جموح أردوغان الحالي، دليلاً على ضعفه أم على قوته، أم أنها ثقة مفرطة بالنفس، قد لا تكون محمودة العواقب. ومع ذلك، تتكاثر الأسئلة: لماذا لم يعد اردوغان الى العاصمة أنقرة وما زال منذ أن عاد السبت الماضي من منتجع مرمريس، متحصناً في اسطنبول؟ لماذا جرى عزل القائد العام لقوات الدرك غالب مندي فجأة أمس؟ ولماذا الانقضاض على المؤسسة التعليمية والجامعات؟ نحو 20 في المئة من الجنرالات والضباط يعتقد أنهم أيدوا الانقلاب بحسب «معهد واشنطن» الأميركي، ويعتقد أن 125 جنرالا من أسلحة الجو والبر والبحر، معتقلون الآن، فهل أخفت السلطات التركية حقيقة حجم الحركة الانقلابية؟ ام ان الانتقام الاردوغاني مضى عميقا في حركة انقلابية معاكسة ام انها لحظة انتهازية ملائمة للتخلص من كل من قد يقف في وجه طموحاته؟
وكالة «رويترز» تقدم حصيلة غير نهائية وتشير الى أن السلطات التركية اعتقلت وأقالت حوالي 50 ألف شخصٍ من مناصبهم، بمن في ذلك العسكر والشرطة والموظفون والمدرّسون والقضاة ورجال دين. والى جانب القائد العام للدرك الذي كان يعتقد أنه من المقربين من الرئيس التركي، جرى اعتقال مستشار اردوغان العسكري الجنرال اركان كريفاك. الأخطر من ذلك، أن صحيفة «الاندبندنت» البريطانية تقول إن قوات «الجيش الثاني» التي تقاتل التمرد التركي في جنوب شرق البلاد، تلقت أوامر بالبقاء في معسكراتها. جرى اعتقال قائد «الجيش الثاني» الجنرال ادم حودوتي. القاعدة العسكرية للفيلق الثالث في اسطنبول، وهي قوة مرتبطة بقوة التدخل السريع التابعة لحلف «الناتو»، مطوّقة المداخل بشاحنات وعربات النفايات التابعة لبلدية المدينة.
«إنهم يخشون محاولة انقلاب ثانية»، يقول الباحث في «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» في اسطنبول اصلي ايدينتسباس.
وبعدما وضعت السلطات 9322 عسكرياً وقاضياً وشرطياً قيد الملاحقة القضائية، أعلنت وزارة التربية، أمس، تعليق عمل أكثر من 15 الفاً من موظفيها يُشتبه في ارتباطهم بجماعة فتح الله غولن. وذكرت الوزارة في بيان: «تم تعليق عمل 15 الفاً و200 موظف في وزارة التربية .. وفتح تحقيق في شأن هؤلاء الأفراد».
من جهته، طلب مجلس التعليم العالي في تركيا استقالة 1577 شخصاً من رؤساء وعمداء الجامعات الحكومية وتلك المرتبطة بمؤسسات خاصّة.
كما أبطل المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون «جميع حقوق البثّ والتراخيص الممنوحة من المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون لجميع مؤسسات الخدمات الإعلامية (إذاعة وتلفزيون) .. ذات الصلة والمرتبطة والداعمة لجماعة غولن الإرهابية».
ويشمل القرار 24 شركة إعلامية، كما سُحبت البطاقات الصحافية من 34 صحافياً من المُقرّبين من غولن. ووضعت السلطات يدها على وسائل إعلام قريبة من غولن، بينها صحيفة «زمان» ووكالة «جيهان» للأنباء اللتان أوكلت مهمة إدارتهما إلى موظفين حكوميين.
وذكرت مصادر في رئاسة الوزراء التركية لوكالة «الأناضول» أن 257 من العاملين في رئاسة الوزراء أُبعدوا عن وظائفهم. كما أفادت وكالة «دوغان» الإخبارية بأن رئاسة الشؤون الدينية، وهي أعلى هيئة دينية، عزلت 492 من موظفيها عن مواقعهم.
وأبعدت هيئة التنظيم والرقابة للعمل المصرفي 86 من موظفيها الفنيين، وأُقيل 300 شخص في وزارة الطاقة والموارد الطبيعية. كما أقالت الاستخبارات التركية 100 من عناصرها.
وبعد اتهام مسؤولين أوروبيين لأردوغان بشن حملة تطهير معدة مسبقة، اعترف المتحدث باسم الرئيس التركي ابراهيم كالين بذلك، قائلا إن «بعض الجنرالات والقادة الموقوفين كانوا يدركون أنهم سيقالون خلال (اجتماع) المجلس العسكري المقبل. كانوا يعلمون بأنهم على اللائحة .. لقد رأوا بطريقة ما في (الانقلاب) الوسيلة الأخيرة للحؤول دون ذلك»، في أول اعتراف رسمي بوجود لائحة مُعدّة مُسبقاً تشمل عددا من الإقالات.
وفيما يحاول حكم أردوغان الإيحاء بسيطرته على الموقف، والقضاء على الانقلابيين ومن يؤيدهم، إلا أن القيود التي فرضها على تحركات القطاعات العسكرية المختلفة، وابتعاد أردوغان نفسه عن العاصمة، واستمرار الاستنفار الأمني العالي، كلها مؤشرات على أن النظام ليس مطمئنا الى نجاحه بالتخلص من الخطر القائم.
وفي مؤشر إضافي على هذا الخطر، اضطرت الحكومة التركية الى نفي التقارير التي تحدثت عن فقدان الاتصال بـ14 سفينة حربية تركية بعد محاولة الانقلاب.
وكانت صحيفة «التايمز» البريطانية قد ذكرت أن قائد القوات البحرية التركية الأدميرال فيسل كوسيلي، متوارٍ عن الأنظار منذ محاولة الانقلاب، ومعه 14 سفينة حربية، بينها فرقاطة ضخمة، وليس معروفاً ما إذا كان من بين الانقلابيين الفارين، أم أنه محتجز لديهم منذ ذلك الوقت. وأشارت الى أن السفن الـ14 التي وصفتها بـ «المفقودة»، كانت في الخدمة الفعلية في بحر إيجه أو في البحر الأسود يوم الجمعة.
أما صحيفة «حرييت» التركية، فقد أشارت الى أن مروحيتين عسكريتين ما زالتا مفقودتين، بالإضافة إلى اختفاء 25 عنصراً من القوات الخاصّة، كانوا على متن المروحيتين في الطريق إلى الفندق في مرمريس، حيث كان يقضي اردوغان إجازته.

النهار :

توعدت السلطات التركية أمس باجتثاث أنصار رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة الأسبوع الماضي، بينما توسع نطاق عملية تطهير كبيرة في الجيش والشرطة والقضاء.

 

وقالت السلطات إنها أوقفت عن العمل أو احتجزت قرابة 50 ألفاً من الجنود ورجال الشرطة والقضاة والموظفين الحكوميين منذ محاولة الانقلاب، مما يثير توتراً في عموم البلاد والبالغ عدد سكانه 80 مليون نسمة والذي يعد حليفاً رئيسياً للغرب في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم في مجلس النواب: "هذه المنظمة الإرهابية الموازية لن تكون بعد الآن بيدقاً فعالاً في يد أي دولة... سنجتثهم من جذورهم حتى لا تجرؤ أي منظمة سرية على خيانة شعبنا مرة أخرى".
فقد طلب مجلس التعليم العالي في تركيا استقالة عمداء الكليات الرسمية وتلك الملحقة بمؤسسات خاصة وعددها 1577، بعد محاولة الانقلاب على نظام رجب طيب اردوغان.
كما أعلن المجلس الأعلى للاذاعة والتلفزيون ابطال تراخيص محطات التلفزيون والاذاعة المتهمة بأنها مقربة من غولن. وأشارت وكالة "أنباء الأناضول" التركية شبه الرسمية الى ان هذا الأمر يشمل 24 شركة اعلامية، موضحة أن 34 صحافياً يعتبرون مقربين من غولن سحبت منهم بطاقاتهم الصحافية.
وأظهر تعداد لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" تعليق مهمات ما لا يقل عن 25000 موظف رسمي بينهم شرطيون وأساتذة، أو تسريحهم، في انحاء البلاد في اطار مطاردة "اتباع غولن". ومنع هؤلاء من مغادرة البلاد.
وأعلن نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولوموش ان ما مجموعه 9322 عسكرياً وقاضياً وشرطياً هم قيد الملاحقة القضائية، من غير أن يدلي بتفاصيل.
وتم حتى الساعة توقيف 118 جنرالاً واميرالاً على الأقل في حملة تطهير واسعة في صفوف الجيش. كما أوقف 26 جنرالاً واميرالاً بينهم القائد السابق لسلاح الجو الجنرال اكين اوزتورك ووضعوا قيد التوقيف الاحتياط بعد توجيه تهمة "محاولة قلب النظام الدستوري" و"محاولة اغتيال" الرئيس اليهم.
وأفاد مسؤول تركي بارز إن بين المعتقلين طيارين أسقطا طائرة روسية مقاتلة قرب الحدود السورية في تشرين الثاني 2015 في واقعة أثارت خلافاً ديبلوماسياً مع موسكو.
غير ان رئاسة اركان الجيش التركي شددت على ان "الغالبية الساحقة من القوات المسلحة التركية تحب وطنها وأمتها وعلمها ولا علاقة لها اطلاقاً" بمحاولة الانقلاب، مضيفة ان "الخونة" الذين شاركوا في هذا "العمل الدنيء" سيتلقون "أقسى عقوبة".
كذلك تحدثت وزارة الداخلية عن اقالة نحو تسعة آلاف شخص بينهم ثمانية آلاف من الشرطة، الى مسؤولين محليين.
وفيما دعا صندوق النقد الدولي الى "المحافظة" على المؤسسات الديموقراطية "عماد" التطور الاقتصادي في البلاد، تدهورت الليرة التركية مجدداً مقتربة من أدنى مستوياتها مساء الجمعة (0,2972 دولار).
من جهة أخرى، أكد يلديريم ان حكومته أرسلت ملفات الى الولايات المتحدة لطلب استرداد غولن، وقال أمام مجلس النواب: "لقد أرسلنا أربعة ملفات الى الولايات المتحدة لتسليم كبير الارهابيين". كما يفترض توجيه طلب الاسترداد الرسمي قريباً.
لكن الداعية نفى مجدداً في مقابلة مع وسائل اعلام بينها "وكالة الصحافة الفرنسية" في مقر اقامته في بنسلفانيا بشرق الولايات المتحدة أي مسوؤلية له في محاولة الانقلاب التي أوقعت ما لا يقل عن 308 قتلى ليل الجمعة، بينهم مئة من الجنود المتهمين بالمشاركة في الانقلاب.
واتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان وعرض المساعدة في التحقيق الذي تجريه أنقرة في محاولة الانقلاب.
وحض أوباما الحكومة التركية على التحلي بضبط النفس في ملاحقتها للمسؤولين عن المحاولة الانقلابية.
وصرح الناطق باسم البيت الأبيض جوش إيرنست ان الرئيسين بحثا في وضع غولن الذي يتهمه إردوغان بتدبير الانقلاب وتقول تركيا إنها ستطلب تسليمه إليها. وقال إيرنست إن الحكومة التركية قدمت معلومات عن غولن للحكومة الأميركية وإن المسؤولين الأميركيين يراجعونها. وأضاف أي طلب استردد من تركيا سيقوّم فور تقديمه بموجب المعاهدة المبرمة بين البلدين.
وفي غضون ذلك، يثير عدم عودة اردوغان من اسطنبول الى العاصمة أنقرة حتى الآن تساؤلات. وقد أثار بقاؤه خارج مقر مؤسسات الحكم التي تعرض بعضها مثل مبنى البرلمان للقصف خلال محاولة الانقلاب، تعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب أحدهم ساخراً في موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي: "السيد الرئيس في اسطنبول منذ الانقلاب، لا أفهم هذا. هل هناك انعدام للأمن في العاصمة؟".
وتساءل آخر: "عاصمة تركيا هي أنقرة فلماذا يعلن الرئيس من اسطنبول ان كل شيء تحت السيطرة؟ لماذا أرسل كل هؤلاء الجنود الى اسطنبول؟" بعد الاعلان عن ارسال 1800 احتياطي من قوى الأمن الى المعقل السياسي لاردوغان لتعزيز الامن في المواقع الاستراتيجية

 

 

المستقبل :

فيما لا تزال النقاشات السياسية غارقة في الاستحقاقات الدستورية والمالية وآخرها الموازنة التي رفض تكتّل «التغيير والإصلاح» أمس إقرارها بـ»مراسيم وعقد عادي أو استثنائي بغياب رأس الدولة»، علماً أن «حزب الله» أيّد إصدارها خلال جلسة الحوار المسائية مع تيّار «المستقبل»، حصد اللبنانيون مكسباً اجتماعياً مهمّاً، ولا سيّما مَن بلغ منهم سنّ الـ64 من غير المضمونين، يتمثّل بتغطية استشفائية شاملة على نفقة وزارة الصحة اعتباراً من مطلع أيلول المقبل.

وكانت جلسة الحوار 29 التي انعقدت مساء بين تيّار «المستقبل» و»حزب الله» في عين التينة ناقشت قرار مجلس الوزراء بوجوب إقرار موازنة 2017، وتوافق الجانبان كما أفادت مصادر المجتمعين «المستقبل» على ضرورة المضي قدماً في هذا الاستحقاق، من دون أن يسجّل أي تبدّل في موقف الحزب إزاء الاستحقاق الرئاسي. فيما طرأ بند جديد على طاولة الحوار أثاره وفد «المستقبل» وهو المتعلّق بملف مستشفى شبعا الذي تحوّل بنداً أساسياً في النقاش الذي يُفترض أن يتابع في جلسة الحوار المقبلة المقرّرة في 16 آب.

وحضر الجلسة عن «المستقبل» مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، وعن الحزب المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله، بحضور الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة أصدر المجتمعون بياناً أشار إلى أنهم ناقشوا التطورات السياسية «وأكدوا على إدانتهم القوية للأعمال الإرهابية في أي مكان ودعمهم داخلياً لدور الجيش والأجهزة الأمنية في مواجهة هذه الأعمال.

وتوقفوا أمام ازدياد الحاجة إلى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، لا سيما المجلس النيابي نظراً للاستحقاقات التي تفرض نفسها على أكثر من صعيد خاصة التشريعات المالية الضرورية».

التغطية الاستشفائية

أما مشروع التغطية الاستشفائية الشاملة للمسنّين فقد أطلق أمس من السرايا الحكومية بمبادرة من وزير الصحة وائل أبو فاعور وبرعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام. (التفاصيل ص 11)

ووصف الوزير أبو فاعور المشروع بـ»المغامرة» المقدّرة تكاليفه السنوية بـ17 مليار ليرة، تشكل إنفاقاً إضافياً بنسبة 2,7 في المئة من موازنة وزارته، فيما وصفه رئيس الحكومة بـ»الطموح»، وأبدى وزير المالية علي حسن خليل حذراً تجاه الخطوة باعتبارها «جريئة وفيها الكثير من المتاعب والصعوبات«.

ولعل أبرز «الصعوبات» تنطلق من كون تحديد سقف مالي مسبق للمشروع ينطلق من تقديرات راهنة ربما تخالف الواقع مستقبلاً، خصوصاً في حال اندفعت أفواج من المضمونين والمشمولين بتغطية شركات التأمين باتجاه الوزارة، ما يعني تالياً أن الدولة ستكون أمام تحدي احتمال مفاقمة فاتورة هذه التغطية إلى مستويات مرتفعة جداً، في الوقت الذي تعاني فيه خزينة الدولة ما تعانيه من أعباء.

المعلوم أن وزارة الصحة تغطي المرضى حالياً بنسبة 85 في المستشفيات الخاصة و95 في المئة في الحكومية، أي أن المريض يدفع فرقاً بين 5 و15 في المئة، ما يعني أن مشروع أبو فاعور سيؤمن هذا الفرق لتصبح التغطية شاملة بنسبة 100 في المئة.

أما فئة المسنين المعنية بالمشروع (64 سنة وما فوق) فهم من غير المضمونين، وتشير البيانات الحالية إلى أن عددهم 128 ألفاً لا يستفيدون من الضمان أو شركات التأمين، من أصل 416 ألفاً بلغوا هذه الفئة العمرية فعلاً، ويمثلون 9,7 في المئة من إجمالي اللبنانيين بحسب إحصاءات عام 2014. لكن من يضبط هذا العدد إذا فُتح باب الاستشفاء على مصراعيه؟

المشروع ينطوي على حلول من شأنها أن تفرمل حالات «الجشع» المحتملة التي تستسهل دخول المستشفيات لأسباب موجبة أو من دونها. لذلك فهو ينص على تدابير لترشيد الإنفاق، ومن أبرزها الاستعانة بمؤسسات خاصة (TPA) للمراقبة والتدقيق وتطبيق نظام معايير الدخول إلى المستشفى، إضافة إلى تعزيز شبكة الرعاية الأولية وتعزيز البرامج الوقائية، وتطوير قاعدة المعلومات الموحدة للمستفيدين من الجهات الضامنة، واستصدار قرارات متتالية لتخفيض أسعار الأدوية، فضلاً عن إعادة توزيع المستشفيات وفقاً لفئات تعرفة تأخذ في الحسبان جودة الخدمات ورضى المريض وجدية الحالات.

رئيس لجنة الصحة النائب عاطف مجدلاني قال لـ»المستقبل» إن أكثر ما ينعكس سلباً على المشروع هو أنه «لم يُزل الذريعة» التي تستعملها بعض المستشفيات لرفض استقبال مرضى الوزارة، والمتمثلة بالسقف المالي، أي تحديد كمية الأموال الممكن أن يصرفها المستشفى على مرضى الوزارة، وترصد لكل مستشفى مبلغاً شهرياً مسبقاً مخصصاً لهذا الغرض.

الديار :

الاوساط الديبلوماسية الغربية في بيروت تقول انه لو نجح الانقلاب في تركيا لكان كصاعقة تضرب الشرق الاوسط، وبطبيعة الحال تتبعثر قواعد اللعبة، بل ويتبعثر اللاعبون...
وحين كان رجب طيب اردوغان يقطع رؤوس الجنرالات والقضاة، وحتى بعض مستشاريه، بإقصائهم عن مناصبهم او باعتقالهم او حتى بجلدهم، بدأت الاوساط اياها تتحدث عن سلسلة من الصواعق التي ستشهدها المنطقة بعدما كان واضحاً أن الازمات في سوريا والعراق تدار من اسطنبول ومن قبل جهاز الاستخبارات التركي.
الكلام الذي يتردد الآن في الاوساط ا ياها يحفل بالتوقعات الدراماتيكية. لا يعرف ما اذا كان صحيحا ان الروس والايرانيين عرضوا عليه، وبمجرد ظهور بتقنية السكايب، المساعدة لمواجهة الانقلابيين. ولدى الجانبين الكثير مما يستطيعان فعله في هذه الحال.
الرئيس التركي اطلق مواقف يمكن ان تحدث تعديلات مثيرة في خارطة العلاقات في المنطقة. قال انه سيدير ظهره للخلافات مع الجوار. من هو الجوار الذي يتحدث عنه، فهل سيمد يده ثانية الى دمشق او الى بغداد ليكتشف ان اولئك الذين بذل جهوداً هائلة لتفجيرهم وتفكيكهم لا ينظرون  الى تركيا سوى انها «الجار العزيز»، حتى ان البعض حاول تقليد النموذج التركي في محاولة للدخول في العصر.
المعلق الاميركي الشهير من اصل هندي فريد زكريا قال ان اردوغان قرر ان يوقف رقصة التانغو مع الحطام الذي كاد، في ساعات هائلة، ان يحوله الى حطام...
لا بل انه يتساءل ما اذا كان الذي حدث، ولا شك انه احدث هزة كبيرة في المشهد الجيوبوليتيكي في المنطقة، يمكن ان يحد من التصاعد الدرامي للصراع بين المملكة العربية السعودية وايران.
هذا ايضاً رأي سياسيين غربيين، من بينهم وزير الخارجية الفرنسي السابق ابوير فيدرين الذي يرى ان الصراع الداخلي في تركيا والذي سيستمر لمدة طويلة، سيجعل هذه الدولة الاطلسية والحائرة بين نصفها الآسيوي ونصفها الاوروبي، سيجعل اردوغان يبتعد عن ذلك الصراع العبثي الذي يستنزف الاطراف كافة دون ان يجنب احد شيئاً في نهاية المطاف.
ساسة آخرون يرون ان الرئيس التركي «يشبه رقاص الساعة». كان شقيقاً لبشار الاسد ثم اصبح شقيقاً لابي بكر البغدادي. وهنا يقول مصدر في المعارضة السورية (غير المسلحة) لـ«الديار» ان صديقاً له وهو عضو في «الائتلاف الوطني» خائف من «ان يقبضوا علينا ويزجونا في السجون».
عضو الائتلاف يعتبر انه اذا ما قرر اردوغان اعادة العلاقة الطبيعية مع دمشق، فهو لن يتردد في فعل اي شيء، وربما تسليم اعضاء الائتلاف الى بشار الاسد او ترحيلهم الى اي مكان آخر لانه قرر ان يتفرغ لتركيا.
وتشير مصادر ديبلوماسية الى ان هذا ما تتوقعه وكالة الاستخبارات المركزية التي تعتبر ان اردوغان شخصية مكيافيلية «كاملة الاوصاف». المشكلات الداخلية المتراكمة تحمله على حصر نشاطاته بعدما ذهل عندما اطلع على اسماء الذين شاركوا في المحاولة الانقلابية.
وبحسب هذه المصادر، فان اردوغان فوجىء ببعض الاسماء التي كانت تعبر له عن الولاء المطلق (والحب المطلق). من الآن وصاعداً قد يشك في زوجته، ولا يريد لعبدالله غول او لاحمد داود اوغلو ان يقفا الى جانبه لاعتقادهما انه في حالة من الضعف تستحق بعض الشماتة به من خلال اظهار التعاطف.
من دون تركيا لا مجال للصراع السعودي ـ الايراني ان يأخذ مداه، ودون ان يبقى سراً أن هناك داخل العائلة المالكة من ينظر بارتياب الى الرئىس التركي على انه يستخدم السعودية لاغراضه الخاصة، وهذا ما يدركه السعوديون جيداً، ولكن عندما يكون هناك صراع مع ايران، وعلى سلسلة من الجبهات، لا بد من التعاون مع انقرة، والا سيكون هناك اختلال مثير في موازين القوى، وحتى في المجال الديموغرافي.
اذا ادار اردوغان ظهره للأزمة في سوريا، فهذا يعني اقفال نصف هذه الازمة على الاقل، وهذا ما ظهر في الايام الاخيرة على جبهة حلب. كان الاتراك يقدمون خدمات لوجيستية وعملانية لا يمكن تصورها، وتصور مدى تأثيرها في عملية رسم الخرائط على الارض.
وتعترف قيادات معارضة، لا سيما تلك التي على ارتباط مباشر مع انقرة، بأنها تستشعر تخلي انقرة عنها في لحظة ما، وهذا ما سيكون له حتماً تأثير كبير على مجرى الاحداث العسكرية.
ويقول خبراء عسكريون استراتيجيون انه مهما رفعت السعودية من مستوى مساعداتها للفصائل المعارضة، فان خسارة الوصي التركي ستكون له ارتداداته الخطرة على الارض.

ـ الخنجر الكردي ـ

اعلاميون مقربون من حزب العدالة والتنمية يتحدثون عن «الخنجر الكردي»، كما لو انهم يتحدثون عن الخنجر الاميركي. لم تفعل واشنطن شيئاً لمد يد العون في تلك الساعات الحرجة. من آزروه ليسوا من الفريق الاميركي او الاطلسي.
المؤسسة العسكرية التركية الآن في مأزق. هناك ضباط لم يشاركوا في الانقلاب ويمثلون مواقع حساسة ابعدوا او اعتقلوا لاسباب وصفت بأنها تتعدى اللامعقول، ليبدو ان الشرطة الامنية، واجهزة الاستخبارات، هي الذراع الحديدية لاردوغان الذي ما زال خائفاً حتى الآن من تحليق طائرات الهليكوبتر فوق اسطنبول.
جيو سياسياً، يقولون في الغرب ان اردوغان لا يعرف اين يضع قدميه في الوقت الحاضر توقيف الطيارين اللذين اسقطا قاذفات السوخوي الروسية ليس بالاشارة العادية كثيرون في اميركا واوروبا يقولون ان محاولة الانقلاب حولت الرئيس التركي الى شخص على حافة الجنون.

ـ الصاعقة التركية ـ

هل مسموح له حقاً ان يتجه شرقاً اي الى الكرملين؟ هذا ممنوع اميركياً، وعليه ان يعلم ان الخنجر الكردي، وهو الخنجر القاتل، في يد الولايات المتحدة التي لن تسلمه فتح الله غولن في حال من الاحوال.
الاسابيع المقبلة تكشف ما يمكن ان تفضي اليه الصاعقة التركية. المؤكد ان تغيراً حصل في المشهد الاقليمي. اذا انكفأت تركيا الى الداخل، هل يمكن ان تكون اسرائيل هي البديل العلني عن الظهير التركي؟
في كل العواصم العربية، وصولاً الى بيروت بطبيعة الحال، اسئلة خطيرة حول تركيا. كلها تشي بأن نتائج ما حصل ستظهر في خطوات على الارض السورية. ماذا اذا سحب اردوغان اصابعه (فقط اصابعه؟) من سوريا؟

الجمهورية :

توزّعَت الاهتمامات السياسية أمس بين التطوّرات الداخلية التي كان منها جلسة الحوار الجديدة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، وبين التطوّرات الإقليمية التي يتصدّرها المشهد التركي والتفاعلات والمضاعفات الناجمة من الانقلاب الفاشل، وما يرافقها من مواقف إقليمية ودولية تطرّقَ بعضُها إلى الأزمة السوريّة.

وقال مرجع كبير لـ«الجمهورية» إنّ «ما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا لن يكون كما قبلها». وأكّد أنّ «التصفيات» التي ينفّذها الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان في حقّ الانقلابيين أو المتّهمين بالتورّط في الانقلاب لن تكون في مصلحته، وأنّ تركيا مقبلة على واقع جديد سيؤثّر على دورها الإقليمي».

غير أنّ قطباً سياسياً قال لـ«الجمهورية» إنّ ما حصل في تركيا «كان تمرّداً، وليس انقلاباً، وإنّ المتمردين أرادوا مِن تمرّدهم ان يوجّهوا رسالة الى النظام لكي يعترفَ بوجودهم في القطاعات والمؤسسات التي يعملون فيها، ولو كانت حركتهم انقلاباً لكان عليهم لكي ينجح انقلابُهم ان يعتقلوا مسؤولين أو المسؤولين الكبار في الدولة، ويمسِكوا بمؤسسات وقطاعات حساسة تَحول دون تمكّنِ النظام من إحباط انقلابهم.

الأمر الذي لم يحصل، وقد تمكّنَ النظام من إحباط حركتهم والإفادة منها الى أقصى الحدود لتشديد قبضته على السلطة وشلِّ حركة جميع مناوئيه ومعارضيه، وإظهارهم إنقلابيين يريدون تدميرَ الدولة والإنجازات التي حقّقها في مختلف قطاعاتها منذ تولّي حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002».

الشأن الرئاسي

محلّياً ظلّت الملفات الخلافية محورَ الاهتمام في كلّ الأوساط السياسية، ففيما استقرّ ملف النفط على رفّ التعقيد، بدا الاستحقاق الرئاسي أسوأ حالاً، لِما يلفّه من تعقيدات لم يتيسّر حتى الآن إمكانُ تفكيكها.

في هذا السياق استبعَد قطب نيابي عدمَ حصول أيّ خَرق في جدار أزمة الاستحقاق الرئاسي في المدَيين المنظور والقريب، وقال لـ«الجمهورية»: 

«إنّ مختلف القوى السياسية تمارس سياسة تقطيع الوقت ليس كخَيار، وإنّما لأنّ التطورات الجارية محلياً وإقليمياً ودولياً تفرض عليها ذلك، في ظلّ معطيات توحي بأنّ انتخاب رئيس جمهورية جديد قد لا يتيسّر قبل النصف الاوّل من السنة المقبلة ، أي بعد انتخاب الرئيس الاميركي الجديد».

وأشار القطب نفسه الى أنّ أيّ جديد لم يحصل على مستوى ترشيحَي رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، إذ إنّ كلّاً منهما كان ولا يزال متمسكاً بترشيحه، وإنّ كلّ المقاربات التي جرت لتأمين توافق على أيّ منهما لم تنجح، وإنّ الاهتمام ينصبّ الآن على تأمين التلاقي على انتخاب مرشّح يَحظى بتوافق جامع يُمكن انتخابه من دون انتظار الاستحقاقات الخارجية ، خصوصاً إذا تبيّنَ انّ الجهات الخارجية المؤثرة تؤيّد انتخابه.

وأبدى القطب تفاؤلاً في إمكان توصّل الحوار بين حزب الله وتيار»المستقبل» الى «مقاربات ايجابية لموضوعَي الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب العتيد، في وقتٍ ليس ببعيد، في حال تحوّلت المرونة الطارئة في المواقف دائمة».

الحوار الثنائي

وكانت جلسة الحوار الـ 29 بين «الحزب» و«المستقبل»، قد أنعقدت مساء أمس في عين التينة، في حضور المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر. كذلك حضَر الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صدر البيان الآتي:

«ناقشَ المجتمعون التطوّرات السياسية، وأكّدوا إدانتهم القوية للأعمال الإرهابية في أيّ مكان ودعمَهم داخلياً لدور الجيش والأجهزة الامنية في مواجهة هذه الأعمال. وتوقّفوا أمام ازدياد الحاجة إلى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، ولا سيّما منها المجلس النيابي، نظراً للاستحقاقات التي تفرض نفسَها على أكثر من صعيد، خصوصاً التشريعات المالية الضرورية».

قمّة نواكشوط

على صعيد آخر، أنجَز رئيس الحكومة تمّام سلام وفريق عملِه التحضيرات الجارية لتكوين ملفّه إلى القمّة العربية الدورية السنوية المقرّرة في 25 و26 تموز الجاري في العاصمة الموريتانية نواكشوط. وسيرافقه وفد يضمّ الوزراء: علي حسن خليل، وائل ابو فاعور، جبران باسيل ورشيد درباس، إلى بعض المستشارين الاقتصاديين والماليين والديبلوماسيين ووفدٍ إداريّ وإعلامي.

وعلمت «الجمهورية « أنّ سلام والوفد المرافق لن يَبيتوا ليلتَهم في نواكشوط عقبَ اجتماعات القمّة، بل في المغرب، لأسباب صحّية وبيئية، بعدما تبيّنَ أنّ فنادق موريتانيا المخصّصة لاستقبال الوفود العربية لا تتمتّع بالمواصفات الصحية التي تَسمح بإقامة سليمة على رغم التدابير الاستثنائية التي اتّخَذها الوفد الى القمّة باصطحاب كمّيات كبيرة من المواد والمبيدات الضرورية.

وكان سلام قال خلال الإعلان عن التغطية الاستشفائية الشاملة للمسنّين: «في الأمس، تابَعتم جلسة مجلس الوزراء التي ناقشَت التقرير المالي الذي عرضَه علينا وزير المالية، وما يمكنني قوله إنّني في جلسة الأمس لمستُ ربّما وللمرّة الأولى أنّ هناك وعياً وإدراكاً ومسؤولية عند جميع إخواني الوزراء في موضوع يتعلق بالموازنة العامّة للبلاد وضرورة أن نتجاوز في معالجتنا هذا الاستحقاقَ الوطني الكبير كثيراً من خصوصياتنا وحساسيتنا ومن حاجاتنا السياسية الفئوية التي تطغى للأسف على كثير من الملفات». وأضاف: «بعد عشرِ سنوات من غياب الموازنة سيكون للبنان إنْ شاء الله موازنة تساهم في كثير من حاجاته».

كرم

وفي المواقف من الملفّ الرئاسي، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» فادي كرم لـ«الجمهورية»: «نحن ندعم ترشيحَ العماد عون ونَعتبر أنّ أهمّية موقع رئاسة الجمهورية في الأساس تكمن في عدم شغورِه، ونتفهّم حرصَ جميع المسؤولين اللبنانيين على ملءِ هذا الشغور، ولكن أيضاً الشخصية وما تمثّل أمران مهمّان جداً».

 

اللواء :

الملفات دفعة واحدة على الطاولة: فموازنة العام 2017 تقدّم البحث فيها، ولم يخف الرئيس تمام سلام رغبته في ان تتمكن الحكومة في الشهرين المقبلين من إنجاز الموازنة بعد غياب عشر سنوات. وملف النفط موضع مشاورات محلية وإقليمية ودولية نظراً للحسابات المالية والاقتصادية المرتبطة به، والذي تسعى حكومة الرئيس سلام لأن تتخذ من أجله ما يلزم من قرارات في ملفي النفط والغاز تكون صائبة ومفيدة، إلى ملف الكهرباء، والتي سيكون انقطاعها بلا انتظام موضع مساءلة نيابية ابتداءً من الغد..
على ان الحدث الذي وضع على الطاولة أيضاً في غياب الرئيس نبيه برّي الذي سافر في إجازة عائلية، في حين يتوجه الرئيس سلام إلى المغرب الأحد للمشاركة في القمة العربية التي تستضيفها العاصمة الموريتانية نواكشوط يوم الاثنين المقبل، تمثل في إطلاق التغطية الاستشفائية الشاملة للمسنين في لبنان، أي الذين تجاوزوا عمر الـ64 عاماً ولا تضمنهم المؤسسات الضامنة، سواء كانوا صرفوا من العمل قبل هذا السن أو عند بلوغه، أو بعده عند القطاع الخاص.
ولاقت هذه الخطوة التي رعاها الرئيس سلام في حضور وزيري المال علي حسن خليل والصحة وائل أبو فاعور، وهو الوزير المعني، ونقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون ووزراء ونواب في لجنة الصحة النيابية، ارتياحاً شعبياً واسعاً نظراً لاهميتها في توفير الرعاية الصحية لشرائح واسعة من المجتمع اللبناني، وتأكيد ان الدولة هي دولة رعاية صحية لكل اللبنانيين.
ووصف الوزير أبو فاعور الخطوة بأنها «تعزيز لفكرة الدولة وحمايتها وتكريسها في ذهن المواطن»، موضحاً ان مشروع التغطية الصحية الشاملة للمسنين هو بموازنة 17 مليار ليرة لبنانية تؤمن التغطية للمواطن اللبناني الذي يفوق الـ64 عاماً، وذلك برفع التغطية من 85 في المائة إلى مائة في المائة، مع الأخذ بعين الاعتبار هواجس وزارة المال التي تتساءل عن كيفية تأمين 17 ملياراً، هل من خلال زيادة موازنة وزارة الصحة أم من خلال طرق أخرى يتفق عليها مع وزارة المال، على ان تغطي هذه الرعاية كافة المناطق اللبنانية بأسرة تتوزع على المستشفيات الحكومية والخاصة.
وإذا كان وزير المال وصف الخطوة بالجريئة، الا ان اشارته إلى ما وصفه بـ«الارهاب المعنوي» الذي اعتاد عليه وزير الصحة، فسرت بأنها تحمل في طياتها تحفظات لم يشأ الكشف عنها، لكنه في اشارته إلى صعوبة هذا الملف الذي عجزت عنه دول متقدمة، وتمنيه ان تكون الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة صحيحة، ودعوته إلى حملة إعلامية جديدة، بدا وكأنه يطالب بوضع آلية واضحة من أوّل الطريق من أجل حسن تطبيق الخطة الاستشفائية، وتنظيم العلاقة مع المستشفيات المعنية، لا سيما وأن هناك تجارب سابقة اطاحت أكثر من مرّة بخطط طموحه لجهة عدم استقبال المستشفيات للمرضى سواء المضمونين أو على حساب وزارة الصحة، قبل دفع أموال طائلة لحجز أسرة لهم في المستشفيات الخاصة.
ولم يخف وزير المال قلقه من ارتفاع الفاتورة الصحية، مشدداً على ان الخطوة الأولى تكون بإقرار الموازنة لتوفير السيولة اللازمة.
الحوار الثنائي
واللافت في هذا السياق، ان الموازنة حضرت في جلسة الحوار رقم 31 التي انعقدت مساء أمس بين ممثلين عن تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، وفي حضور الوزير خليل، حيث أكّد المجتمعون على «الحاجة إلى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية ولا سيما المجلس النيابي، نظراً للاستحقاقات التي تفرض نفسها على أكثر من صعيد، خاصة التشريعات المالية الضرورية».
وناقش المجتمعون أيضاً بحسب البيان الذي صدر عنهم التطورات السياسية، وأكدوا على إدانتهم القوية للأعمال الإرهابية في أي مكان ودعمهم داخلياً لدور الجيش والأجهزة الأمنية في مواجهة هذه الأعمال.
تفاهم سياسي
وعكس بيان الحوار الثنائي تفاهماً بين «المستقبل» والحزب على موضوع الموازنة، على الرغم من ان مصدراً نيابياً واسع الاطلاع، اعتبر ان إقرار الموازنة بمرسوم دونها عقبات كثيرة وآلية دستورية طويلة ومواعيد محددة، مشيراً إلى انه إذا كانت هناك إرادة سياسية أو اتفاق سياسي بين مكونات الحكومة فإنه بإمكان مجلس النواب ان يقرها بقانون من دون الحاجة إلى مرسوم، لافتاً إلى ان اليقظة السياسية حيال الموازنة سببها اقتناع جميع القوى السياسية بالحاجة إلى هذه الموازنة من أجل تصويب الانفاق المالي للدولة، علماً ان آخر موازنة صدرت كانت في العام 2005، وتعاقب على هذه السنوات حكومات عدّة، كانت آخرها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي لم تحل إلى مجلس النواب أي مشروع للموازنة العامة، في حين أن مجلس النواب رفض استقبال مشاريع الموازنات التي أقرّتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة من سنة 2006 إلى العام 2008، بحجة أن حكومته غير دستورية، بينما تسبب الخلاف على المحكمة الدولية دون إقرار موازنة العام 2011 من قبل حكومة الرئيس سعد الحريري.
وفي تقدير المصدر أن الخلاف حول تمويل المحكمة قد يعرقل التفاهم على الموازنة الجديدة.
وفي هذا السياق، رأى عضو كتلة «المستقبل» محمد الحجّار في تصريح لـ«اللواء» أن هناك صعوبة في الوصول إلى اتفاق سياسي لإقرار الموازنة بمرسوم، مشيراً إلى أن الكتلة تأمل في أن تقرّ الموازنة لوضع الاستقرار المالي على السكة الصحيحة، مذكّراً بأن حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس فؤاد السنيورة هي من الحكومات التي التزمت تقديم مشاريع الموازنة في مواقيتها الدستورية، لكن تطوّر الأحداث وتفاقمها وتقاعس رؤساء حكومات آخرين (ليس بينهم الرئيس سلام) أدّى إلى عدم تقديم الموازنة ضمن المهل، مما انعكس سلباً على الوضع المالي.
وتحدث النائب الحجّار عن ثلاثة عوائق تتحكم بمشرع الموازنة وهي:
أولاً: بند المحكمة الدولية الذي يتمسك به تيّار «المستقبل» ويعترض عليه حزب الله.
ثانياً: قطع الحساب والذي تحوّل إلى ورقة يستخدمها البعض لسوق اتهامات ضد تيّار «المستقبل» والرئيس السنيورة. سائلاً: هل إذا أنجزت الموازنة وقطع الحسابات والمهمة، نكون قد انتهينا من المزايدات والافتراءات ضد الرئيس السنيورة؟
ثالثاً: الموازنة تتضمن نفقات وواردات وإصلاحات، فهل أن المزايدين بهذا الجو لديهم الجهوزية للدخول في ذلك؟

الاخبار :

من ينسى «أمير الكبتاغون» عبد المحسن بن وليد آل سعود الذي ضُبط مُتلبّساً بقرابة ٢ طن من حبوب الكبتاغون في مطار بيروت الدولي في تشرين الأول العام الماضي؟ ومن ينسى الجهود الجبّارة التي بُذلت لإطلاق سراحه أو لإلصاق التهمة بأحد مرافقيه لإخراجه من القضية، لكنها لم تُفلح بسبب الضغوط المقابلة؟

الأمير السعودي الذي ظنّ قاضي التحقيق في جبل لبنان ربيع حسامي به مع تسعة آخرين بجرائم الاتجار بالمخدرات وترويجها وتعاطيها يعيش حياة رفاهية في توقيفه، لا تكاد تنقصه معها حتى الحرّية ربما. إذ تكشف مصادر أمنية لـ«الأخبار» أنّ «الموقوف عبد المحسن يعيش كأنّه في بيته»، مشيرةً إلى أنّ غرفة خاصة في مبنى مكتب مكافحة المخدرات (المبنى المعروف شعبياً بمخفر حبيش) فُرِزت لـ«أمير الكبتاغون» مزوّدة بكل وسائل الراحة. وينقل أحد الرتباء أن فيها جهاز تلفاز وهاتفاً. وتنقل المصادر الأمنية أنّ طلبيات الديليفري تنقل الطعام يومياً إلى غرفة «الأمير الموقوف» المزوّدة بجهاز تبريد. وأنّ أحد العناصر مكلّف «السهر على راحة الأمير» لجهة تدوين طلباته، علماً أنّ الأخير يُسمح له بإجراء الاتصالات متى شاء، فيما عمال المصبغة يترددون بنحو شبه يومي لإحضار ملابس «الأمير» المكوية

فضلاً عن الزيارة شبه الدائمة لديبلوماسي مكلّف من السفارة السعودية متابعة ملفه. وتشير المصادر نفسها إلى أنّه في خلال الفترة الأولى من التوقيف كان يُسمح لـ «الأمير» بالتنقّل في أرجاء الطابق حيث توجد «غرفته»، إلا أنّ أحد الضبّاط القادة تدخّل لإلزام المسؤولين بحبسه داخل غرفته وعدم السماح له بالخروج. وعلمت «الأخبار» أنّه في تلك الفترة، كان اسم عبد المحسن يُدوّن على لائحة الموقوفين التي تُعلّق في غرفة رتباء التحقيق في خانة «موجود خارج النظارة»، على عكس باقي الموقوفين الذين تُدوّن أسماؤهم مع رقم النظارة المحتجزين فيها. أما مرافق «الأمير»، السعودي يحيى الشمّري الذي أوقعت إفادته بالأمير وبوكيله خالد الحارثي باعتبارهما المخططين للعملية، فتكشف المصادر أنّه «مرميّ» في النظارة مع عشرات الموقوفين. وتكشف المصادر أنّ «العناية الملكية» لم تظلله، لأنه رفض حمل «تَجْرَة» الكبتاغون وحده، موقعاً بـ «الأمير» من خلال إفادته التي كشفت ضلوع الأخير بشكل رئيسي في الصفقة. وبحسب المصادر الأمنية، فإنّ هذه «الحظوة» التي يتمتع بها الموقوف السعودي أتت بناءً على توصية سياسية سببها تدخّلات من السفارة السعودية للحرص على «إقامة مميزة» لسليل العائلة المالكة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ حال الموقوفين على ذمة التحقيق في نظارات التوقيف في المفارز القضائية ومكتبي مكافحة المخدرات المركزي وحماية الآداب لا يمكن أن يحتمله إنسان. إذ إنّه في بعض الأحيان يصل عدد الموقوفين في النظارة إلى ٦٠ موقوفاً يُحشَر بعضهم فوق بعض. وينقل أحد الضباط لـ «الأخبار» أنّ موقوفاً في إحدى المرّات بدأ يضرب نفسه ويبكي. ولمّا أخرجه العناصر لمعرفة ما أصابه، كان الردّ بسوء الحال الذي يعيشه. فهؤلاء الموقوفون يتناوبون على النوم، باعتبار أنهم لا يمكنهم التمدد أو الإخلاد إلى النوم دفعة واحدة. ورغم جحيم الاكتظاظ هذا، تجد قوى الأمن الداخلي متّسعاً لإفراد غرفة بوسائل الراحة التي فيها لتمنحها لـ «تاجر مخدرات» ضُبط بحوزته ملايين حبوب الكبتاغون. علماً أنّ هذا الموقوف لو ضُبط في السعودية، لكان الحكم بحسب قانون العقوبات السعودي التالي: «حُكم مهرب المخدرات القتل تعزيراً (الإعدام) طبقاً لنص الماده 37 من نظام المخدرات لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها للبلاد من فساد عظيم، لا يقتصر على المهرب، بل يمتد إلى الأمة بأكملها فيصيبها بأضرار بالغة وأخطار جسيمة». أما حُكم المروج، فإذا كان للمرة الأولى تكون العقوبة الحبس من سن<