أبدت المعارضة السورية قلقا حيال تمشي الولايات المتحدة وغضّها الطرف عن تحركات روسيا الداعمة للنظام في سوريا وبخاصة في محافظة حلب.
وقالت مفاوضة بارزة في المعارضة، إن الولايات المتحدة لا تتصدى لروسيا التي ترتكب “جرائم حرب” في سوريا.

ويأتي ذلك في وقت شدد فيه الجيش السوري وميليشيا حزب الله اللبناني من قبضتيهما على الأحياء الشرقية لمدينة حلب التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، وذلك بدعم من طيران الجو الروسي، وسط تصاعد للمخاوف على مصير الآلاف من المدنيين.

ولفتت بسمة قضماني، عضو اللجنة العليا للمفاوضات في مؤتمر صحافي، “ما نفتقده هنا هو رد فعل جاد على السلوك الروسي على الأرض.. روسيا تقول شيئا وتفعل شيئا آخر”.

وأضافت أن فرص عقد جولة جديدة من محادثات السلام، تبدو بعيدة على نحو متزايد مع مشاركة موسكو في الغارات الجوية بعد “الكذب على نحو مستمر” بشأن الخطوات التي تقول إنها مستعدة للقيام بها من أجل السلام في سوريا.

وعوّلت الأمم المتحدة كثيرا على المحادثات الأخيرة التي تمت في موسكو بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، آملة في أن تؤدي إلى تفاهم بشأن أكبر عقبتين أمام العودة إلى محادثات السلام وهما الاتفاق على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى صيغة للتحول السياسي.

ولكن كيري اختتم زيارته لموسكو بقوله إنه على الرغم من وجود تفاهم مشترك بشأن الخطوات اللازمة لعودة عملية السلام إلى مسارها، إلا أن هناك حاجة ماسة للمزيد من العمل قبل إمكان تنفيذ هذه الخطوات.

وقالت قضماني “ما نحتاجه هو تأكيد روسيا من جديد على اهتمامها بالعملية السياسية. ونحن لا نرى ذلك”، مشددة، على أن “هذا هو المجال الذي نتوقع أن يرد فيه الأميركيون بشكل أقوى لأن هناك جرائم حرب تُرتكب في نفس الوقت الذي يتواجد فيه السيد كيري في موسكو ويناقش ترتيبا أمنيا واستهداف الجماعات الإرهابية في الوقت الذي تشارك روسيا بشكل كامل في عملية حلب”.

وحظيت سوريا بفترة سلام هش على مدى شهرين بفضل اتفاق “وقف العمليات القتالية” الذي توصلت إليه كل من موسكو وواشنطن في فبراير. ولكن ذلك انهار تقريبا. وقالت قضماني إن جهود استئنافه “فشلت فشلا ذريعا”.

وشددت المعارضة السورية “نود أن نعرف ما نوع الضمانات التي تستطيع الولايات المتحدة الاتفاق عليها مع روسيا؟”.

وأضافت أنه يجب أن تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا والشرق الأوسط من اتخاذ خطوات للتأثير بشكل أقوى وللتصدي لروسيا، ولكن يبدو أنه لا نية لفعل ذلك.

وقالت قضماني “إنه فعلا شيء محير تماما أن نرى القوى الغربية التي يُفترض أنها صديقة للشعب السوري لا تقدم أي منهج بديل”، محذرة ممّا يحصل اليوم في حلب.

وتسيطر حالة من الخوف والقلق على سكان الأحياء الشرقية من مدينة حلب التي باتت تحت حصار كامل من الجيش السوري المدعوم بسلاح الجو الروسي.

ويسعى كثيرون إلى إيجاد طريق للمغادرة استباقا لسقوط المدينة أو تحسّبا لحصار تجويعي طويل.

وأحكم الجيش السوري صباح الأحد الحصار على الأحياء الشرقية بعدما قطع بشكل كامل طريق الكاستيلو، آخر منفذ لتلك الأحياء التي يقطنها أكثر من مئتي ألف سوري، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتتواصل الاشتباكات بين الجيش والفصائل الإسلامية والمقاتلة في محيط الكاستيلو في شمال حلب، وفق المرصد. كما تتعرض الأحياء الشرقية لغارات جوية عنيفة من قبل الطيران الروسي والسوري منذ الأحد.

وصرح محمد ركبي، (38 عاما) من سكان حي بستان القصر في الجهة الشرقية، “أشعر بالخوف من القادم. ربما سيقوم النظام بالهجوم على الأحياء الشرقية ولن يكتفي فقط بمحاصرتها، فالقصف اليومي الشديد على أحيائنا يوحي بذلك”.

ويضيف “لا أعلم ماذا سيحل بنا، لا يوجد أي مكان نذهب إليه.. جميع الطرق مغلقة، ونعاني منذ أيام من نقص في الخبز والغذاء وكل شيء تقريبا”.

ويأتي تقدم الجيش ووصوله إلى طريق الكاستيلو بعد عشرة أيام من قطعه ناريا إثر سيطرته على مزارع الملاح الجنوبية المطلة عليه من الجهة الشرقية.

ويقول محمد زيتون (44 عاما) من سكان حي المشهد، وهو ميكانيكي سيارات ووالد لخمسة أطفال، “توقفت عن العمل منذ أيام بسبب فقدان الوقود”، مضيفا “لم أكن أتوقع حدوث ذلك فجأة. خلال أيام معدودة، استطاع النظام الوصول إلى طريق الكاستيلو”. ويتابع “التفكير في الحصار بات يمنعني من النوم ليلا. أسعى للنزوح خارج المدينة ولكن لا يوجد طريق آمن”.

وأعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن قلقه إزاء قطع طريق الكاستيلو أمام الإمدادات الإنسانية من وإلى شرق مدينة حلب، في ظل الكثافة السكانية المرتفعة في هذه المنطقة.

ويتقاسم الجيش السوري والفصائل منذ العام 2012 السيطرة على أحياء مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، وتعتبر المعارك فيها محورية في الحرب الدائرة في سوريا منذ 2011.

وتبدي روسيا اهتماما كبيرا بفرض النظام لسيطرته على المدينة، مما قد يفرز واقعا جديدا يعزز من أوراق ضغط الأخير في أي مفاوضات مستقبلية.

 

 

 

صحيفة العرب