الدين رسالة ربانية تهدف إلى تهذيب روح الإنسان، وتنظيم العلاقة بين البشر، في إطار الخير والفضيلة والرحمة التي توفر السلم والطمأنينة في أوطان آمنة ومجتمعات متحابة ومسالمة، وذلك كله عبر الإيمان، الذي يقود الإنسان إلى حالة تعبُّدية مع ربه تعزز تلك الأهداف، والدين الإسلامي يحث على أمن المجتمع والتعايش بين جميع فئاته، وفي الحديث الشريف: “وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ”.

لكننا في العالم الإسلامي أصبح الدين وسيلة للقتل واستباحة الأوطان، والمذاهب آلة للتجييش، لإنتاج حشود القتلة والإرهابيين، وإنشاء ميليشيات الدم والتفرقة في المجتمعات الإسلامية، وأضحى زعماء تلك الميليشيات الطائفية يتفاخرون بأنهم مرتهنون لمشاريع خارجية على حساب تدمير أوطانهم وقتل شعوبهم، كما يحدث في لبنان والعراق وسوريا واليمن وأفغانستان.

المذاهب العقائدية منتشرة في كل أنحاء الدنيا، لكن لا يوجد أو نادراً ما نجد في بقية العالم مواطناً يهدم وطنه ويهدد أمنه واستقراره، ليخدم مشروعاً مذهبياً خارجياً، فلا يمكن أن يقوم كاثوليكي أميركي بتدمير وطنه من أجل مشروع في الفاتيكان، كما يفعل بعض الشيعة اللبنانيين من أجل مشروع إيران المذهبي الفارسي، وكما يفعل بعض السُنة من أجل مشروع “داعش”، الذي ولد لدى “طالبان” نتيجة فكر القاعدة في أفغانستان، كما أن الصيني الذي يعتقد بالديانة البوذية لا يمكنه أن يدمر وطنه من أجل مشروع بوذي في الهند، مثلاً، كما يفعل الحوثي في اليمن من أجل تنفيذ توجيهات قاسم سليماني في طهران.

بينما في دولنا يحرق ويدمر المتعصبون الطائفيون أوطاننا، فبعض أبناء البحرين يدمرون حركة ديمقراطية مطلبية سلمية، بإلباسها لباساً طائفياً ومشروعاً إيرانياً، فيما تدمر طائفة علوية تمثل أقلية وطنها سوريا، الذي يمثل قلب الشام العربي، من أجل أن تبقى تلك الطائفة تحكم أطلال ما تبقى من وطنها، وكل مذهب إسلامي أغلبية جمهوره تسعى وراء وهم، سواء كان مشروع الخلافة الإسلامية، أو ولاية الفقيه الفارسية، وكلاهما سراب لن يتحقق في عالم الدول المدنية المعاصرة، وهي الحالة التي ستؤدي إلى أنهار من الدم تسيل حالياً، وستدفع إلى تفتت الأوطان وشرذمة المنطقة ودخولها عصراً مظلماً من المذابح والدمار… فلماذا تدمر مذاهبنا أوطاننا؟!

عبد المحسن جمعة - الجريدة الكويتية