ارتفع سعر برميل النفط في الآونة الأخيرة إلى 50 دولاراً. كما أن العقود الآجلة له بلغت ذلك السعر أيضاً. وهذا يعني الحصول على أرباح من بيع الإنتاج المستخرَج من النفط الصخري في أميركا. وقد دفع ذلك شركات النفط الصخري إلى زيادة عدد الآبار المنتَجة له، علماً أنها تنوي توسيع عمليات البحث والتنقيب عن آبار جديدة.
بناء عليه، فإن عملية التجريف التي بواسطتها يتمّ إنتاج النفط الصخري، قد سهّلت التحكم بكمية الإنتاج على الصعيد العالمي. لو تمّ الاعتماد على الآبار التي تستعمل التكنولوجيا التقليدية في الإنتاج، لتطلّب الأمر وقتاً أطول. فخلافاً للآبار التقليدية التي تحتاج إلى وقت قد يستمرّ شهوراً للتطوير، فإن آبار النفط الصخري لا تستغرق سوى أسابيع كي توضع على سكة الإنتاج. ومدة الإنتاج فيها لا تدوم إلا لسنوات قليلة. لذلك، فالإنتاج السريع هو الأفضل لأنه الأقل كلفة وذو عوائد أكبر.
ويظهر الإنتاج من النفط الصخري مرونة أكبر من ذاك التقليدي. فعندما هبطت الأسعار، لم تتقبّل شركات إنتاج النفط الصخري ذلك، إلا بعد استمرار الانخفاض لمدة طويلة. لذلك انخفض إنتاج تلك الشركات تلقائياً. وساهم ذلك في إعادة التوازن الى سوق النفط العالمي.
يبقى هنا سؤال أساسي، وهو هل تثبت الأسعار الحالية لبرميل النفط؟
لقد جازفت شركات النفط الصخري بالإنتاج الكبير، برغم انخفاض الأسعار. وكان عليها التنبّه إلى هذا الأمر مبكراً. وتشير تلك الشركات إلى أن الإنتاج اليوم يفوق الطلب، وذلك بكمية مليون برميل يومياً. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن العرض والطلب لن يتوازنا إلا في السنة المقبلة.
هناك أيضاً صعوبات أخرى تتمثل في كيفية إعادة شركات النفط الصخري الإنتاج، إلى ما كان عليه من قبل. إذ إن الأمر يتطلّب شهوراً من أعمال الصيانة كي تعود الآبار إلى إنتاجها السابق. كما أن بعض العمال يمكن أن يكونوا قد ارتبطوا بأعمال أخرى. فكيف السبيل إلى إعادتهم إلى أعمالهم السابقة في إنتاج النفط الصخري؟ وهناك قيود مالية تمنع تلك الشركات من العودة إلى العمل. إذ إن 70 في المئة منها قد توقّفت في أميركا، وذلك منذ بداية العام الماضي. والشركات الباقية ستركز على إيفاء ديونها، وليس على استعادة الإنتاج.
إذا استعادت أميركا قدرتها الإنتاجية السابقة، فسيكون ذلك أقلّ بمليون برميل في اليوم عن إنتاجها السابق. ما يعني انخفاضاً في الإنتاج في بعض البلدان المنتِجة له.
ويتكوّن سوق النفط من 95 مليون برميل في اليوم. وتقول شركة «وود ماكنزي» البحثية إن شركات النفط وعدت بعدم صرف تريليون دولار على التنقيب والإنتاج في أعوام 2015ـ 2020. ويبقى سعر 50 دولاراً لبرميل النفط أمراً مقبولاً. أما الأسعار المستقبلية فهي رهن الصراع بين دول الخليج، وشركات النفط الصخري في أميركا.

 
سمير التنير