إنقلاب غير مكتمل في تركيا , والفوضى تغطي الصورة النهائية وتركيا في المجهول

 

السفير :

مجهولة هي الساعات التي ستطل هذا الصباح، بالنسبة للجميع وخصوصا الاتراك. هل سيكون رجب طيب اردوغان قيد الاعتقال؟ ام هاربا من «عدالة» الانقلابيين في الجيش؟ ام ستكون الشوارع التركية مجبولة بالدم بعدما ظهرت شرارات الصدام الداخلي المسلح منذ ان اعلن ضباط الجيش انقلاب الليل على الرئيس التركي؟
ولعل المشهد سيكون معكوسا بالكامل، وسيكون اردوغان متربعا في قصره، وقادة الانقلاب الذين لم تتضح هوياتهم حتى ساعات الفجر الاولى، قيد الاعتقال. ومهما يكن، فان ما يجري يشكل الخطر الاكبر الذي يضرب الحكم الاردوغاني، وهيمنة حزب العدالة والتنمية على السلطة في تركيا منذ 14 سنة.
ومما يعزز المشهد المشوش تسارع الانباء فجراً عن فشل الانقلاب، وإعلان رئيس الوزراء بن علي يلديريم ان رئيس هيئة الأركان وقادة الجيش يسيطرون على الوضع، وتأكيد المخابرات ان الانقلاب في طريقه نحو الفشل.
ان الجهل بأجوبة هذه التساؤلات هو بالضبط صورة المشهد التركي الغامض. اردوغان «المخلوع» الذي تردد انه كان في منتجع مرمريس عندما اعلن ضباط الجيش الانقلاب، لم يجد امامه سوى دعوة انصاره للنزول الى الشارع لمواجهة الانقلابيين، ما يعني اندلاع مواجهات بين مؤيديه وقوات الجيش التي كانت بسطت سيطرتها على مدينتي انقرة واسطنبول ومقار حكومية وامنية وعسكرية في انحاء البلاد، بما في ذلك محطات تلفزة.
ليس انقلابا عاديا هذا. ان هزاته الارتدادية اذا اكتمل، ستكون واسعة، وتطال الاقليم كله. هذه دولة «اطلسية»، وهي لاعب اقليمي كبير متهم بالتورط في كل النزاعات والحروب التي اشتعلت في المنطقة خلال السنوات الست الماضية. سوريا قد تتبدل الاحوال فيها تبدلا كبيرا بعدما ظل اردوغان الحاضن الاقليمي الاول للفصائل المسلحة خصوصا في الشمال السوري. ايران تتابع بالتأكيد وبقلق تطورات الاحداث المتسارعة. الرئاسة الايرانية دعت الى اجتماع عاجل لمجلس الامن القومي. الكرملين من جهته، والذي بالكاد اعلن عن مصالحة مع انقرة قبل ايام قليلة، اعلن انه ينظر بقلق كبير الى تطورات الموقف. العراق، مصر، السعودية، قطر، ليبيا، قبرص وغالبية دول الاتحاد الاوربي، واللائحة تطول للدول التي ستتأثر بهذه الهزة الاقليمية الكبرى.
وللدلالة على الحال التي وصل اليها حكم اردوغان، لم يتمكن الرئيس التركي من الظهور علانية ولا عبر وسائل الإعلام سوى من خلال اتصال عبر السكايب مع مقدمة احدى البرامج التلفزيونية التركية ليخاطب الشعب التركي ويحرض الناس على احباط الانقلاب ضده. الا ان التطورات التي شهدتها الساعات الاولى من الانقلاب، لم تظهر حسما كاملا من جانب الحركة الانقلابية في ضبط المشهد لمصلحتها، خصوصا انه لم تتضح ولاءات قطاعات الجيش المختلفة، ولم يتم اعتقال كل القادة السياسيين في حكم اردوغان بما في ذلك رئيس الحكومة بن علي يلديريم.
وفي هذه الاثناء، كان ضباط الانقلاب يتحدثون باسم الجيش ويعلنون البيان الرقم واحد، فيما مقاتلاتهم الجوية تحلق في سماء البلاد، وقواتهم تقطع جسري اسطنبول، وتهاجم مقار للمخابرات، وتحاول فرض حظر التجول في المدن الكبرى، وتخوض اشتباكات مع عناصر حكومية مسلحة، وانما بشكل متفرق ومحدود، من دون ان يتضح ما اذا كانت الاشتباكات ستتخذ في الساعات المقبلة شكلا اكثر خطورة واتساعا.
على ان من بين المؤشرات التي يتحتم التوقف عندها المواقف الصادرة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. اذ بالكاد سمع صوت مندد بالانقلاب المفترض. ردود الفعل الاولية سواء من وزير الخارجية جون كيري او غيره من المسؤولين في اوروبا، كانت اما منصبة على التعبير عن القلق على الوضع في تركيا، او الاشارة الى اهمية الحفاظ على الدستور واستقرار البلاد. ونقلت تقارير عن مصادر اميركية تأكيداتها انها تجهل هوية الانقلابيين ولم تكن على اطلاع مسبق على خطط إطاحة اردوغان. وغالب الظن ان مسؤولي الاتحاد الاوروبي، من جهتهم، لن يستطيعوا اخفاء فرحتهم برحيل اردوغان، بغض النظر عما سيؤول اليه الوضع في تركيا.
واعتبر اردوغان أن «منفذي محاولة الانقلاب» لن ينجحوا، قائلا لقناة «سي أن أن تورك» في اتصال عبر هاتف محمول: «لا أعتقد أبداً أن منفذي محاولة الانقلاب سينجحون»، مشدداً على أنه سيظل الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد وأن الانقلابيين سيدفعون «ثمناً باهظاً جداً».

الجيش التركي
بدت تصريحات قادة الجيش التركي متضاربة أمس، بين من أقروا بالانقلاب وتعاملوا على أساسه أمنياً، وبين من اعتبر أنّ الانقلاب محاولة من قبل فصيل صغير و «لا يوجد مبرر للقلق».
وأعلن الجيش التركي أنه استولى على السلطة وفرض حظر التجول والأحكام العرفية على عموم الأراضي التركية، بينما حلقت مروحيات في سماء العاصمة أنقرة بعدما سبقتها مقاتلات حربية حلقت على علو منخفض.
وقال الجيش في بيان بثه التلفزيون الحكومي، صدر عن «مجلس السلم في البلاد»، الذي قال إنه شكله إثر الانقلاب: «لن نسمح بتدهور النظام العام في تركيا. تم فرض حظر تجول في البلاد حتى إشعار آخر»، مؤكداً أنه «تولى السيطرة على البلاد».
وقال الجيش في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني وأذاعته قنوات تلفزيونية تركية إنه تولى السلطة من أجل حماية النظام الديموقراطي وحقوق الإنسان، وأنه سيحافظ على جميع العلاقات الخارجية للبلاد، وأن الأولوية ستكون لسيادة القانون.

النهار :

قادت وحدات من الجيش التركي محاولة انقلاب ضد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان واعلنت الاستيلاء على السلطة وتعليق الدستور، بينما قال اردوغان من مكان "آمن" ان الانقلابيين لن ينجحوا واتهم بالمحاولة موالين للداعية الاسلامي فتح الله غولن الذي يتخذ الولايات المتحدة مقراً له. وكان الوضع لا يزال غامضاً حتى فجر اليوم.

 

وأصدر الانقلابيون بياناً باسم الجيش أرسل بالبريد الإلكتروني وبثته قنوات تلفزيونية تركية مفاده أنه تولى السلطة من أجل حماية النظام الديموقراطي وحقوق الإنسان. وأضاف أنه سيحافظ على جميع العلاقات الخارجية للبلاد وأن الأولوية ستكون لسيادة القانون.
وأفادت وكالة "أنباء الأناضول" التركية شبه الرسمية أن رئيس هيئة الأركان التركية الجنرال خلوصي آكار محتجز مع آخرين "رهائن" في العاصمة أنقرة. وبثت شبكة "سي إن إن تورك" أن الرهائن محتجزة في مقر قيادة الجيش.
وعلّق الانقلابيون العمل بالدستور الحالي في تركيا وفرض الأحكام العرفية على كامل أراضي البلاد، مشيراً الى إطلاق عملية إعداد دستور تركي جديد قريبا.
وقال الانقلابيون في بيان صدر عن "مجلس السلم في البلاد" الذي قال انه شكله اثر الانقلاب: "لن نسمح بتدهور النظام العام في تركيا ... تم فرض منه تجول في البلاد حتى اشعار آخر"، مشيراً الى انه "تولى السيطرة على البلاد".
وطمأن الانقلابيون الى ان "كل اتفاقاتنا والتزاماتنا الدولية لا تزال صالحة ونامل ان تستمر علاقاتنا الجيدة مع الدول الاخرى".
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن سيطرة الانقلابيين على مقري حزب العدالة والتنمية الحاكم في اسطنبول وأنقرة.
وتحدثت قناة تلفزيونية عن اقفال الجسرين فوق البوسفور في اسطنبول جزئيا في اتجاه واحد من آسيا الى أوروبا.
كما اقفلت قوى الامن الشوارع الرئيسية في اسطنبول وخصوصاً تلك المؤدية الى ساحة تقسيم في وسط المدينة، في ظل انتشار كثيف للشرطة في الشوارع.
وسمعت أصوات اطلاق نار في اسطنبول بعد نزول حشود معارضة للانقلاب. وتوجهت الحشود الى مطار أتاتورك الدولي اسطنبول المقفل شأن المطارات الأخرى.
واسقطت مقاتلة تركية طائرة هليكوبتر عسكرية يستخدمها مدبرو الانقلاب فوق أنقرة.
وقالت وكالة "أنباء الأناضول" إن طائرات هليكوبتر عسكرية تركية اطلقت النار على مقر وكالة الاستخبارات الوطنية في أنقرة. واضافت ان 17 شرطياً قتلوا في مواجهات في العاصمة.
ونشر الجيش التركي دبابات أمام مبنى البرلمان في انقرة. وسمع دوي انفجارين قويين في العاصمة بينما حلقت طائرات حربية بشكل مستمر في سمائها.

 

اردوغان
وردا على هذه التطورات، دعا أردوغان في اتصال عبر تطبيق إلكتروني مع قناة تلفزيونية تركية الشعب التركي للنزول إلى الساحات والشوارع. وقال إنه سيتوجه إلى العاصمة التركية أنقرة. وأضاف : "من خلال قوى الأمن سنرد بقوة... وأقول للجيش أن كل ضابط وكل جندي عليه أن يحترم الشرعية وعدم التعاون مع هؤلاء الخونة". وصرح في اتصال هاتفي مع شبكة "سي ان ان تورك": "لا اعتقد اطلاقا ان منفذي محاولة الانقلاب سينجحون"، وتوعد ب"رد قوي جدا". وشدد على انه سيظل الرئيس والقائد الاعلى في البلاد.
وشدد مصدر رئاسي على ان اردوغان في "مكان آمن".
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم عبر "تويتر" إن قوى الأمن ستثأر ممن يقومون بمحاولة الانقلاب وإنها ستقوم بكل ما يلزم حتى إذا سقط قتلى. وتحدث عن حصار مبان مهمة، لكنه لم يحددها. وحض الشعب على التزام الهدوء قائلاً إن أي تحركات ضد الديموقراطية لن يسمح بها. واضاف انه لا ينبغي لأحد أن يشعر بقلق وان الحكومة لا تزال في السلطة. وأكد أن القيادة العسكرية أمرت كل الجنود بالعودة إلى قواعدهم. ووصف الانقلابيين بانهم خونة. وكرر الدعوة لانصار الحكومة للنزول الى الشوارع.
وصرح مسؤول حكومي تركي كبير بأن الفصيل العسكري التركي الذي حاول قلب نظام الحكم سيطر على بعض الدبابات وأمر قواته بمحاولة السيطرة على الشوارع، لكنه عجز عن ذلك في مناطق عدة. وقال إن من المرجح أن يستمر إنعدام الأمن خلال الساعات الـ24 المقبلة، لكنه لن يدوم .
وحذر قائد القوات الخاصة التركية الجنرال زكائي أقسقالي من أن القوات المسلحة لن تتغاضى عن هذه الأفعال.
وسبق للجيش التركي ان نفذ محاولات انقلابية اعوام 1960 و1971 و1980 و1997.

ردود الفعل
وتعليقاً على التطورات المتسارعة في تركيا، أفاد البيت الابيض ان "فريق الامن القومي أطلع الرئيس على تطورات الاحداث في تركيا والرئيس سيواصل الاطلاع بشكل منتظم على التطورات".
وأعرب وزير الخارجية الاميركي جون كيري من موسكو عن الامل في حل الازمة في تركيا والحفاظ على السلام والاستقرار واحترام "استمرارية" السلطة في هذا البلد.
وقال البيت الأبيض إن أوباما تحدث هاتفيا مع كيري للبحث في الوضع في تركيا واتفقا على ضرورة دعم جميع الأطراف في تركيا الحكومة.
وحضّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع كيري على تجنب "اي سفك للدماء" في تركيا، وقال إن "المشاكل يجب ان تحل بموجب الدستور".
واعرب الكرملين عن "القلق البالغ" لموسكو من الوضع في تركيا. وقال إن روسيا تريد لتركيا العودة الى مسار الاستقرار والوضوح والأمن.
ودعت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني الى "التهدئة واحترام المؤسسات الديموقراطية".

 

المستقبل :

وفيما العالم يتفكر في «مجزرة نيس» الفرنسية وأبعادها الإرهابية، أضطر الى الالتفات شرقاً باتجاه تركيا ليس بسبب حدث إرهابي هذه المرة، هي التي شهدت وقائع عدة من هذا النوع، بل بفعل تواتر أخبار عن محاولة انقلابية عسكرية، بعدما نسي كثيرون أن هذا البلد الواقع على تقاطع خطوط زلازل جيوـ سياسية كان دائماً واقفاً عند احتمال انقلاب خامس، بعدما شهد تاريخه الجمهوري أربع انقلابات حفظت للعسكر مكانة خاصة رغم العهد الطويل للانقلاب السياسي الذي قاده رجب طيب اردوغان منذ العام 2003، محاولاً فرض نموذج إسلامي مقبول في محيطه الشرقي ومرحب به غرباً، رغم أنف «الدولة العميقة» ذات المزاج العسكري المتلحف بشعار الجمهورية الأتاتوركية العلمانية.

الأخبار على تواترها السريع، وعلى وقع دوي رصاص فرح في دمشق احتفالاً متعجلاً بسقوط اردوغان، العدو اللدود لبشار الأسد، لم تتح مجالاً لإدراك حقيقة الوضع على الأرض: هل سيُكتب لتركيا أن تكون في عهدة «انقلاب خامس» أم في عهد «اردوغان الثاني»؟ اذ لا بد من تصفية حسابات في الحالتين، وهي حسابات لن تقف عند حدود الداخل التركي بل ستكون ارتداداتها إقليمية وربما دولية

وفي ساعة متقدمة قبيل الفجر أعلن رئيس وزراء تركيا علي بن يلديريم أن رئيس هيئة أركان الجيش والقادة العسكريون يسيطرون على الوضع في تركيا. وقالت وكالة الأناضول إن رئيس هيئة الأركان استأنف عمله على رأس هيئة القيادة العسكرية بعد المحاولة الانقلابية.

وقال بن يلديريم إن الوضع تحت السيطرة إلى حد كبير، وإن الذي حصل تمرد من جانب حركة فتح الله غولن التي نفت علاقتها بذلك.

وأعلن بن يلديريم منطقة حظر طيران فوق أنقرة حيث أسقطت مقاتلة «اف 16» تركية مروحية تابعة للانقلابيين الذين قصفوا مبنى البرلمان في العاصمة، إضافة إلى قصف مركز الاستخبارات الذي قام بالرد على القصف المروحي.

وكانت مجموعة انقلابية في الجيش التركي قد قالت إنها استولت على السلطة في تركيا، وأعلنت في بيان بثه التلفزيون الرسمي حظر التجول وفرض الأحكام العرفية في البلاد حيث كان الوضع غامضاً إلى ساعة متقدمة قبيل الفجر. وطالب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي قال إنه سيتوجه إلى العاصمة أنقرة، الشعب في كلمة من خلال تطبيق «سكايب» أولاً ثم من خلال محطة تلفزيونية تركية، بالنزول إلى الشارع لإفشال المحاولة التي قام بها بعض فصائل الجيش.

وأكد وزير العدل التركي تورط جماعة الداعية فتح الله غولن في محاولة الانقلاب التي لم يثبت نجاحها حتى ساعة متقدمة، في وقت قالت جماعة هذا الداعية الموجود في الولايات المتحدة إنها ترفض أي عمل عسكري في الحياة السياسية التركية، وإن اتهامها بمحاولة الانقلاب «اتهامات غير مسؤولة«.

وفي ساعة متقدمة أعلنت الاستخبارات التركية عودة الوضع إلى طبيعته في البلاد، ولكن أشارت أخبار إلى وجود مقاومة لبعض الانقلابيين. كذلك أكد رئيس الوزراء التركي عودة الوضع إلى طبيعته بشكل كبير.

وسمع دوي انفجار عنيف في أنقرة بينما حلقت طائرات حربية ومروحيات في سماء العاصمة وقامت بقصف مقر الاستخبارات في المدينة الذي رد على النيران. ولم يعرف على الفور سبب الانفجار.

وسارع اردوغان الى التنديد عبر التلفزيون بـ»تمرد مجموعة صغيرة داخل الجيش»، ودعا مواطنيه للنزول الى الشارع من أجل التصدي لمحاولة الانقلاب.

وقال اردوغان في اتصال هاتفي مع شبكة «سي ان ان تورك»، «لا اعتقد اطلاقاً أن منفذي محاولة الانقلاب سينجحون»، وتوعد بـ»رد قوي جداً«. وشدد على أنه سيظل الرئيس والقائد الأعلى في البلاد.

وأعلن مصدر رئاسي أن اردوغان في «مكان آمن«.

وطالب اردوغان أعضاء حزب «العدالة والتنمية» ومسؤوليه إلى النزول لتلقين الانقلابيين درساً حسب تعبيره.

وكان رئيس الوزراء بن علي يلديريم حذر في وقت سابق المتورطين في هذا العمل «غير الشرعي» بأنهم سيدفعون «أغلى ثمن«.

وبثت القناة التركية الرسمية مساء بياناً صدر عن «القوات المسلحة التركية» يعلن فرض الأحكام العرفية وحظر تجول على مجمل الأراضي التركية.

وقال الجيش في بيان صدر عن «مجلس السلم في البلاد» الذي قال إنه شكله اثر الانقلاب، «لن نسمح بتدهور النظام العام في تركيا(...) تم فرض حظر تجول في البلاد حتى إشعار آخر»، مؤكداً أنه «تولى السيطرة على البلاد». وأشارت قناة تلفزيونية الى إغلاق الجسور فوق البوسفور في اسطنبول جزئياً في اتجاه واحد من آسيا الى أوروبا.

ولكن قائد الجيش الأول في تركيا وهو جزء من القوات البرية مسؤول عن اسطنبول ومناطق في غرب البلاد قال إن من قاموا بمحاولة الانقلاب فصيل صغير وإنه «لا يوجد مبرر للقلق

وقال قائد الجيش الأول لوكالة أنباء الأناضول التي تديرها الدولة «إنهم يمثلون مجموعة صغيرة داخل مقر الجيش الأول«.

وقال قائد القوات الخاصة التركية إن مجموعة تورطت في خيانة ولن تنجح ونحن في خدمة الشعب. وأدلى الجنرال زكائي أقسقالي بهذه التصريحات لقناة (إن.تي.في) التلفزيونية مضيفاً أن محاولة الانقلاب لن تنجح وأن قواته الخاصة تحت إمرة الشعب.

وأغلقت قوات الأمن الشوارع الرئيسية في اسطنبول خصوصاً تلك المؤدية الى ساحة تقسيم في وسط المدينة، في ظل انتشار كثيف للشرطة في الشوارع، قبل أن تمتلئ الشوارع بالحشود المؤيدة لاردوغان.

وقالت قناة إن.تي.في إن طائرة تركية مقاتلة من طراز إف-16 أسقطت طائرة هليكوبتر عسكرية يستخدمها فصيل داخل الجيش حاول قلب نظام الحكم فوق أنقرة. وفي الوقت نفسه قالت وكالة أنباء الأناضول التابعة للدولة إن 17 شرطياً قُتلوا في هجوم على مكاتبهم في المدينة.

وأوضح الانقلابيون في بيان نشر على موقع هيئة الأركان على الانترنت انهم «سيطروا على السلطة بشكل كامل في البلاد». واضاف البيان أن التحرك تم «لضمان واحلال الامن بموجب الدستور والديموقراطية وحقوق الانسان والحرية وسيادة سلطة القانون في البلاد«.

وطمأن الانقلابيون الى ان «كل اتفاقاتنا والتزاماتنا الدولية لا تزال صالحة ونأمل ان تستمر علاقاتنا الجيدة مع الدول الاخرى«.

افادت وكالة انباء الاناضول التركية الحكومية وشبكات تلفزيونية ان رئيس الاركان الجنرال خلوصي آكار محتجز «رهينة» لدى عسكريين انقلابيين. وقالت الوكالة نقلاً عن «مصادر موثوق بها» ان «الجنرال خلوصي آكار رئيس اركان القوات المسلحة محتجز رهينة لدى مجموعة من العسكريين يحاولون القيام بانقلاب«.

وأشارت شبكة «سي ان ان تورك» الى تعبئة «استثنائية» امام مقر هيئة الاركان. وكذلك أن مطار أتاتورك الدولي تم تعليق الطيران منه وإليه كما استولى الفصيل الذي قام بالانقلاب على بعض المراكز في الدولة.

ولكن المطار الدولي في اسطنبول أعلن أنه يأمل استئناف رحلاته قريباً، في مؤشر على احتمال انحسار الحركة الانقلابية. وفي ساعة متقدمة مساء أمس عاودت قناة «تي أر تي» التركية الرسمية البث بعد انقطاع لساعات.

وقالت وكالة «الأناضول» إن الشرطة اعتقلت عدداً من العسكريين في الجيش حاولوا اقتحام المجمع الرئاسي في أنقرة. وتعرض مبنى البرلمان التركي في أنقرة للقصف، مع دوي انفجار هائل في اسطنبول.

وتعليقاً على التطورات المتسارعة في تركيا اعلن البيت الابيض ان معاوني الرئيس الاميركي باراك اوباما يطلعونه على تطورات الاوضاع في هذا البلد. وقالت الرئاسة الاميركية ان «فريق الامن القومي اطلع الرئيس على تطورات الاحداث في تركيا والرئيس سيواصل الاطلاع بشكل منتظم على التطورات«.

واعرب وزير الخارجية الاميركي جون كيري من موسكو عن الامل في حل الازمة في تركيا والحفاظ على السلام والاستقرار واحترام «استمرارية» السلطة في هذا البلد.

وقال كيري إنه أكد خلال اتصال هاتفي بوزير الخارجية التركي «الدعم المطلق للحكومة المدنية المنتخبة ديموقراطياً في تركيا وللمؤسسات الديموقراطية«.

الديار :

حتى الفجر، كل المؤشرات كانت تدل على سقوط رجب طيب اردوغان بانقلاب عسكري بمكن وصفه بـ «الانقلاب الاتاتوركي» من خلال اتهام حكومة حزب العدالة والتنمية بأنها «أضرت بالنظام الديموقراطي والعلماني».
ولوحظ ان معلقين غربيين اعتبروا ان الانقلاب العسكري الرابع، بعد انقلابات عام 1960 (جمال نورسل) وعام 1980(كنعان أفري) و1997 (لاسقاط حكومة نجم الدين اربكان)، سيغير مسار الاوضاع في الشرق الاوسط انطلاقاً من سوريا.
وكان اردوغان الذي راهن على السيطرة على المنطقة من خلال امساك «الاخوان المسلمين» بالحكم في مصر وسوريا قد مني بسلسلة من الهزائم في كل الرهانات التي خاضها لا سيما فتح حدود بلاده أمام التنظمات الأكثر تطرفاً وعلى رأسها تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» من اجل القتال ضد النظام السوري وتقويضه.
وحيال هذا الوضع كانت مصادر اطلسية تتوقع حصول شيىء ما في تركيا وان كان ما حدث أمس مفاجئاً، وبدأ قبل منتصف الليل بمحاصرة قوة من الجيش مبنى هيئة الاركان، حيث تم احتجاز رئيس الاركان الجنرال خلاصي أكار الذي افادت معلومات لاحقة بأنه قتل.

 قائد الانقلاب 

كما اشارت المعلومات الى ان قائدي سلاح الجو والبر هما من قادا الانقلاب ما أمّن له النجاح، فيما ذكر ان اردوغان نقل الى مكان آمن.
وبالرغم من ان قنوات تلفزيونية موالية للعدالة والتنمية اشارت الى انه سيوجه كلمة الى الشعب التركي، ظهر انه في وضع حرج للغاية من خلال حديثه الى احدى القنوات عبر «السكايب» ليتحدث بعد قليل الى قناة اخرى ليثبت ان الحديث مسجل واعقب حصول الانقلاب بوقت قصير.
واعلن الجيش تعلق الدستور واعلان الاحكام العرفية، وكذلك حظر التجوال بعد اقفال جسري البوسفور والسلطان محمد اللذين يربطان أنقره باسطنبول.
وبالرغم من اتهام اردوغان لجماعة فتح الله غولن الذي فتح أمامه الطريق الى الزعامة السياسية بتنفيذ الانقلاب، قالت مصادر تركية انه لم يبق من جماعة غولن في الجيش سوى الضباط الكبار الصغار، فيما بقي العديد من الضباط الكبار على ولائهم لمؤسس الجمهورية العلمانية مصطفى كمال أتاتورك.
وبقي رئيس الحكومة التركية بن علي بلدريم يؤكد ان الاوضاع لا تزال في يد الرئاسة والحكومة قبل ان يتوقف عن الكلام تاركاً لنائبه التأكيد بأن الحكومة ما زالت تتولى السلطة.


 دعوة الى الشارع 

واذ دعا اردوغان الشعب للنزول الى الشارع للوقوف في وجه الانقلاب، كان لافتاً ان غالبية الذين نزلوا الى الشارع كانوا يحملون الرايات التركية وعليها صور اتاتورك ويهزجون.
والملاحظ ان أياً من قادة الانقلاب لم يظهر على الشاشات، بعد ساعات من بدء الانقلاب، بل اكتفى «مجلس السلام» بالبيانات المكتوبة، فيما كان هناك في اسطنبول من يعتقد انه كان للرئيس السابق عبدالله غول الذي ابعده اردوغان عن السلطة وعن الحزب، دور في الانقلاب، وان اطلق تصريحاً يؤكد فيه على الديموقراطية.

 الشرطة لاردوغان 

وأظهرت التطورات أن قطاع الشرطة ظل موالياً لاردوغان، وخاض مواجهات مع وحدات الجيش، حتى ان طائرة «أف - 16» قصفت مقر قيادة مديرية الأمن في أنقرة.
ويبقى ان رهان اردوغان الوحيد هو عدم تمكن الجيش من السيطرة على «الجماهير» في سائر الانحاء التركية، وان كان مراقبون في اسطنبول يعتبرون انه كلما مضى الوقت، كلما كان لمصلحة الانقلابيين.
غير ان تطورات اليوم والأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة الى الجهة التي ستمسك بمقاليد السلطة في تركيا التي بدا انها تواجه انقسامات خطيرة لا يستبعد ان تؤدي الى حرب أهلية.
وتبقى اسطنبول التي كان اردوغان رئيساً لبلديتها في بداية صعوده السياسي والرهان الأساسي للرئيس التركي، حيث نزل المئات الى الشوارع وهم يهتفون «الله اكبر» في حين انطلق الآذان من مساجد المدينة.
وكان اردوغان الذي فاجأه تحرك الجيش بعدما امضى سنوات وهو يعمل لتدجينه وتطهيره من العناصر الاتاتوركية او المعارضة لنهج حزب العدالة والتنمية، قد ناشد العالم الوقوف الى جانب الشرعية ومساندة تركيا. وهذا ما اعتبر صيحة استغاثة الى واشنطن التي جاءت تعليقاتها ملتبسة، اذ تمنى وزير الخارجية جون كيري السلام والاستمرار لتركيا، فيما دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى تجنب اراقة الدماء.
وعكست التصريحات الأميركية والأوروبية والاقليمية، بما في ذلك الايرانيين، حالة من الحذر حيال اتخاذ اي موقف حاسم بسبب الضبابية التي احاطت بالانقلاب أو عدم ظهور رجال المجلس العسكري الجديد، في حين بقي اردوغان طليقاً، وكذلك اركان السلطة، وان جرى الحديث عن انتقاله بعد دهم مقر الحزب الحاكم في انقرة وتوقيف عدد من المسؤولين.

الجمهورية :

في خطوةٍ مُباغتة، لا يزال يكتنفها الغموض، وهي أشبه بزلزال ستطاول ارتداداته المنطقة، أعلن الجيش التركي استيلاءَه على السلطة ليل أمس، فيما حضّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشعب على الخروج إلى الشوارع للاحتجاج على ما وصفه بـ»محاولة انقلاب فصيل صغير داخل الجيش»، مُتعهّداً المواجهة «بالرد الضروري». ورأى مراقبون أنّ محاولة إطاحة أردوغان الذي يحكم تركيا منذ 2003، إذا نجحت ستمثّل أحدى أكبر التحوّلات في الشرق الأوسط. وقد أظهرت ردود الفعل الدولية الباردة أنّ الانقلاب يتمّ بـ»غطاء خارجي»، أو بغضّ الطرف، في أضعف الإيمان.

يبدو أنّ تركيا عادت إلى زمن الانقلابات بإعلان الجيش التركي مساء أمس استيلاءه على السلطة، فارضاً حظر التجوّل والأحكام العرفية على عموم الأراضي التركية، حيث لا يزال الوضع غامضاً.

وقال الجيش في بيان بثّه التلفزيون الحكومي باسم «مجلس السلم في البلاد» الذي شكّله إثر الانقلاب «لن نسمح بتدهور النظام العام في تركيا... تمَّ فرض حظر تجول في البلاد حتى إشعار آخر»، مُؤكّداً أنّه «تولّى السيطرة على البلاد»، بينما حلّقت مروحيات في سماء العاصمة أنقرة، بعدما سبقتها مقاتلات حربية حلّقت على علوّ منخفض.

وأشار الجيش إلى أنّه تولّى السلطة من أجل حماية النظام الديمقراطي وحقوق الإنسان، واعداً بالحفاظ على جميع العلاقات الخارجية للبلاد وأنّ الأولوية ستكون لسيادة القانون.

وذكر مسؤول تركي كبير رفضَ الإفصاح عن إسمه أنّه يعتقد أنّ انعدام الأمن سيستمر خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة، ولكن سيتمّ احتواؤه، لافتاً إلى أنّ القوات التي حاولت قلبَ نظام الحكم عاجزة عن السيطرة على الشوارع في مناطق كثيرة.

توازياً، حضَّ الرئيس التركي الشعبَ على الخروج إلى الشوارع للاحتجاج على ما وصفَه بمحاولة انقلاب من فصيل صغير داخل الجيش، وتعهّد بأنّ ذلك سيواجه «بالردّ الضروري».

وقال أرودغان لمراسل محطة «سي.إن.إن تورك» عبر الهاتف: «إنّ على الشعب التركي الاحتشاد في الميادين العامة وإظهار ردِّه على المحاولة الانقلابية»، في تصريحات تمّ بثُها على الهواء مباشرة في التلفزيون.

وأضاف أردوغان: «إنّ المحاولة الإنقلابية ستنتهي خلال فترة وجيزة»، وتوعّدَ بأنّ المسؤولين عنها سيَدفعون ثمناً باهظاً في المحاكم.

ورأى أنّ هذا العمل شجّعَ عليه «الهيكل الموازي»، وهو الوصفُ الذي يطلقه على أتباع فتح الله كولن وهو رجل دين مقيم في الولايات المتحدة، اتّهمه أردوغان مراراً بمحاولة تأجيج انتفاضة بين مؤيّديه في القضاء والجيش.

وذكرت «سكاي نيوز» عن مصدر عسكري أميركي رفضَ السماح لطائرة أردوغان بالهبوط في اسطنبول، وأنّ هناك اتصالات مع السلطانية الألمانية لتأمين اللجوء لأردوغان.

وفي وقتٍ سابق، قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم: «إنّ مجموعة داخل الجيش حاولت الإطاحة بالحكومة وإنّ قوات الأمن أُستدعيَت للقيام بما يلزم».

وأضاف يلدريم قائلاً في تعليقات بثتها قناة (إن.تي.في) الخاصة: «بعض الأشخاص قاموا بغير سند قانوني بإجراء غير قانوني بعيداً عن سلسلة القيادة»، مُحذّراً من أنّ المسؤولين عن محاولة الإنقلاب سيدفعون الثمن غالياً.

وشدّد يلدريم على «أنّ الحكومة المنتخبة لا تزال في السلطة»، مؤكّداً أنّ قوات الأمن ستثأر ممّن يقومون بمحاولة الانقلاب وأنّها ستقوم بكلّ ما يلزم حتى إذا سقط قتلى.

وقالت وكالة أنباء «الأناضول» التي تديرها الدولة إنّ رئيس هيئة الأركان التركية محتجز مع آخرين «رهائن» في العاصمة أنقرة. وذكرت قناة «سي.إن.إن تورك» أنّ الرهائن محتجَزون في مقرّ قيادة الجيش.

وأظهرَت لقطات تلفزيونية مُركبات عسكرية تغلق الجسرَين الرئيسيين فوق مضيق البوسفور في اسطنبول، وانتشار دبّابات في المطار الرئيسي بالمدينة. وفي العاصمة أنقرة حلّقت طائرات حربية وطائرات هليكوبتر في سماء المدينة. وأفاد صحافي من «رويترز» عن سماع دويّ انفجارين قويَّين في وسط العاصمة التركية أنقرة، وأنّ دبابات تفتح النار في محيط مبنى البرلمان التركي.

وقال مسؤول تركي طلب عدمَ ذِكر اسمِه: «إنّ جنود الجيش انتشروا في مدن أخرى في تركيا»، لكنّه لم يحدّد أيّاً منها.

وأفادت وكالة «دوجان» للأنباء بأنّ مديرية الأمن العام استدعت جميعَ أفراد الشرطة في أنقرة. وتدور في هذه الأثناء اشتباكات بين قوات الجيش وقوات الشرطة.

في غضون ذلك، أفادت وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية وشبكات تلفزيونية أنّ رئيس الأركان الجنرال خلوصي آكار محتجَز «رهينة» لدى عسكريين انقلابيين.

وقالت الوكالة نقلاً عن «مصادر موثوق بها»: «إنّ الجنرال خلوصي آكار رئيس أركان القوات المسلحة محتجَز رهينة لدى مجموعة من العسكريين يحاولون القيام بانقلاب».

وتوقّفَ بثُّ قناة «تي.آر.تيط الرسمية التركية بعد أن تلا مذيع بياناً من الجيش يعلن فيه الاستيلاءَ على السلطة في انقلاب.

إلى ذلك، أعلنَت وكالة أنباء الأناضول التركية مقتلَ 17 من عناصر الشرطة قتِلوا في مقرّ القوات الخاصة بأنقرة. في حين ذكرَت الوكالات أنّ طائرة حربية من طراز اف 16 أسقَطت مروحية تقلّ مجموعة من الانقلابيين فوق أنقرة.

وقد ساد الغموص على المجريات الميدانية، ففي وقتٍ تردّدت معلومات عن تقدّم الانقلابيين وسيطرتهم على مفاصل أساسية في الدولة، راجت معلومات مناقِضة تحدّثت عن فشل الانقلاب وتسليم قائد الانقلابيين نفسَه إلى الشرطة، وهو أمرٌ لم تؤكّده أو تنفِه أيّ مِن مصادر المعلومات. فيما ذكرت وكالة الأناضول أنّ مخطِط الانقلاب هو مستشار رئيس الأركان التركي العقيد محرّم كوسا.

وفي ساعة متأخّرة من فجر اليوم ذكرت وكالة «رويترز» أنّ جماعة فتحالله غولن ترفض أيّ عمل عسكري في الحياة السياسية التركية.
وفي المواقف الدولية، أعلن البيت الابيض مساء أمس أنّ معاوني الرئيس الأميركي باراك اوباما يُطلعونه على تطوّرات الأوضاع في تركيا .

وأعلنَ البيت الأبيض أنّ الرئيس باراك اوباما تشاورَ مع وزير الخارجية جون كيري واتّفقا على أن يدعم الجميع الحكومة التركية المنتخَبة، وهو ما أبلغه الوزير كيري لنظيره التركي. وفي السياق، طالبَت الحكومة الالمانية باحترام النظام في تركيا وحماية الأرواح.

وفي وقت سابق، أعربَ وزير الخارجية الأميركية جون كيري من موسكو عن الأمل في حلّ الأزمة في تركيا والحفاظ على السلام والاستقرار واحترام «استمرارية» السلطة في هذا البلد.

وذكرَت مصادر حكومية أميركية أنّ الولايات المتحدة تعتقد أنّ محاولة انقلاب عسكري جارية في تركيا، لكن من غير الواضح في الوقت الحالي من سينتصر.

في وقتٍ عبّر الكرملين عن قلق روسيا البالغ إزاء الوضع، مشيراً إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتطلّع بصورة مستمرّة عبر القنوات الديبلوماسية وأجهزة الاستخبارات.

ودعا وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الى تجنّب «أيّ سفكِ للدماء» في تركيا. وقال: «إنّ المشاكل يجب أن تُحلّ بموجب الدستور».
وأعلنَت الحكومة البريطانية أنّها «قلِقة بشأن الأحداث» الجارية في تركيا .

 

الاخبار :

عام 2014 صدر حكم بالسجن مدى الحياة لقائد انقلاب عام 1980 الجنرال كنعان افرين مع قائد القوات الجوية الأسبق تحسين شاهين كايا لدورهما في انقلاب عسكري و«قلب النظام الدستوري».

لم ينسَ الرئيس رجب طيب أردوغان معاقبة جميع العسكريين «الكماليين». واصل المحاكمات و«طهّر» (حسب تعبير مؤيديه) مؤسسة الجيش من مناوئيه، وعيّن مقرّبين منه في «هيئة الأركان». ساد الاعتقاد أنّ القائد الأوحد سيُخلَّد ذكره كساحق للأفكار «الكمالية» المعادية في الجيش. مراحل حسّاسة مرّت فيها البلاد كان متوقعاً في خلالها تدخّل الجيش، من صراع الهوية الذي جرى بين الإسلاميين والعلمانيين، إلى تأكيد أخبار لقاءات سرية بين قادة من حزب العمال الكردستاني وقيادات تركية، إلى سياسات أنقرة الخارجية. لكن ما ظهر أن الجيش مكبّل ويأتمر بإمرة «السلطان» الأوحد. يضرب حينما يشاء «الكردستاني»، ويتدخّل في العراق، ويخطّط وينفذ بإمرة المخابرات في سوريا.


مع ساعات الفجر الأولى كانت السلطة توحي بأنّ الأمور سترجع إلى طبيعتها


ما حصل أمس، يأتي خارج السياق الطبيعي في تركيا منذ تسلّم حزب العدالة والتنمية الحكم، وتمتين أردوغان قبضته. أحداث ليل تركيا الطويل تعني أنّ لَبِنة أساسية داخل المؤسسة العسكرية ما زالت تعادي المجموعة الحاكمة، وهي قادرة ــ على ما ظهر ــ على تنفيذ محاولة انقلاب ممنهج ومنسّق يشلّ مفاصل البلاد، رغم انقسام الجيش والمؤسسات الأمنية.
الضغينة داخل من تشّرب عقيدة مصطفى كمال أتاتورك القائمة على العلمانية وسطوة الجيش في جميع مناحي الحياة السياسية في البلاد، بدت أنها حاضرة... وأكثر من ذلك، بدت مستعدة للمغامرة بعمل عسكري قد ينتهي بإعدام جميع المشاركين منهم.
فهؤلاء يتذكرون جيداً الضربة التي تعرضوا لها في نيسان 2007، بعد أن نشرت قيادة الجيش على صفحتها الإلكترونيّة إنذاراً يُحذّر فيه حزب العدالة والتنمية من دعم عبد الله غول الإسلاميّ (الذي تلبس زوجته الحجاب) في انتخابات الرئاسة. يومها أوصل الحزب غول إلى المنصب وتعرّض نفوذ الجيش لضربة قاسيّة، بعد «الانقلاب الإلكتروني»، ليزداد التصويت لمصلحة «العدالة والتنميّة» بنسبة كبيرة ويستفيد من التفاف جماهيري في مواجهة تدخّل الجيش في «حياة المسلمين الاجتماعية».
الليلة الماضية تذكّر بالانقلابات السابقة (1960- 1980 - 1971 - 1997)، بعضها كان ناعماً، لكن في غيرها عُلّقَت المشانق (أُعدم رئيس الوزراء عدنان مندريس بعد انقلاب 1960)، وأخذت البلاد منحى جديداً. «القضم» البطيء للمراكز الرئيسية مثل الجسور والمطار ومقرّ التلفزيون ثمّ البرلمان... يُظهر أنّ مجموعة «محدّدة» من الجيش تؤدي دورها في الانقلاب، لكنها استطاعت أن تشلّ مؤقتاً حركة القيادة العسكرية، خصوصاً بعد احتجاز قائد هيئة الأركان خلوصي آكار.
الصورة كانت ضبابية إلى درجة أن الولايات المتحدة الأميركية تجنّبت اتخاذ أي موقف في الساعات الأولى، متحدّثة عن صعوبة تحديد المنتصر. وزاد من الغموض اتهام أردوغان ومؤيديه للانقلابيين بأنهم موالون لفتح الله غولن، الشريك السياسي والديني السابق للرئيس التركي. وغولن يعيش في واشنطن، وسعى أردوغان في السنوات الأخيرة إلى استئصال نفوذه من الجيش والأمن والشرطة والقضاء والسياسة.
ومع ساعات الفجر الأولى، كانت السلطة الحاكمة توحي بأنّ الأمور سترجع إلى طبيعتها و«مجموعة الخونة» التي تنفذ الانقلاب ستحاكم. لكن يبدو أنّ الفوضى هي ما ظهر مع نزول المواطنين الذين دعاهم أردوغان للتصدّي إلى الانقلاب مقابل «المهلّلين» له. فوضى سيجري وأدها في حال حَسْم أحد الطرفين لـ«الصراع»، إذ تاريخياً لم يكن لـ«الجمهور» في أي انقلاب سابق أيّ دور، بل كانت السلطة تحكم قبضتها على مفاصل الحياة في البلاد.
«
الانقلاب الغريب» لم ينجح في احتجاز أي مسؤول سياسي في الحكومة أو البرلمان. ظهر معظمهم على شاشات التلفزة مذهولين من الحدث، وهم في الوقت ذاته يتواصلون مع جنرالات عسكرية مؤيدة لهم. لم يطل اختفاء أردوغان الذي كان خارج العاصمة. ظهر على شاشة هاتف، ليخاطب الشعب. صورته كانت تهتز، لكنه، بثقته المعهودة، أكّد أنه عائد إلى أنقرة، وأنه سيحاسب المتمردين. القوى السياسية، وبينها المعارضة جذرياً لـ»السلطان»، لم تحتضن الانقلابيين. كان ذلك مؤشراً على أن المحاولة ستفشل. لكن اليقين صدر من البيت الأبيض، حيث أعلن باراك أوباما دعم «الحكومة المنتخبة». هذا في السياسة. أما ميدانياً، فبدا جلياً أن ما فعله أردوغان طوال سنوات حكمه داخل القوات المسلحة أثمر جيلاً من الضباط المطيعين، سواء في الاستخبارات أو الشرطة أو القوات الخاصة أو في سلاح الجو، وهي القطعات التي استند إليها أمس لإحباط محاولة وضع حد لمغامرته السياسية التي بدأت قبل نحو عقدين من الزمن.
عملياً، دخلت تركيا نفقاً جديداً قد تخرج منه أقلّ مناعة إزاء ملفات عديدة، وهي كانت قد بدأت استدارتها الاقليمية. لكن هذه المرّة الداخل هو الأكثر اهتزازاً والمسألة ليست في «كيف ندير سياستنا الخارجية»... قوّة في الجيش ما زالت لها كلمتها، لكن نتيجة فشل المحاولة أن مناوئي أردوغان العسكريين قد «يتبخّرون» قريباً، لينتهي، ولو إلى حين، الدور السياسي الداخلي للمؤسسة العسكرية التركية... أو سيكون ما حدث جزءاً من عمل تراكميّ لمحاولة جديدة في جمهورية من الخوف.