بري يتمسك بحرفية الطائف كاملا ردا على معارضيه , وتوقعات كارثية  عن مصارف لبنان

 

السفير :

استعاد مجلس الوزراء أمس صخب ملف تلزيم قطاع الخلوي، الذي آثر رئيس الحكومة تمام سلام إبعاد مرّه منذ كانون الأول الماضي، على طريقة إبعاد مرّ الملف النفطي منذ ثلاث سنوات!
وبرغم أن فترة السبعة أشهر تلك كانت تنطوي على مخالفة صريحة للقانون، تتمثل بتمديد وزير الاتصالات بطرس حرب لعقدي المشغلين الحاليين «ألفا» و«تاتش» شهراً فشهراً، بالتفاهم مع سلام (منعاً لإيقاف مرفق حيوي)، ومن دون العودة إلى مجلس الوزراء، إلا أن سلام كان يأمل أن يكون الوقت كفيلاً بتهدئة النفوس تمهيداً لنقاش هادئ للملف.
الإشكال الذي حصل أمس في مجلس الوزراء بين الوزيرين بطرس حرب وجبران باسيل، أظهر أن رهان سلام كان في غير محله وأن شراء الوقت ليس هو الطريقة المثلى لمعالجة الملفات العالقة.
وعليه، ما أن وصل المجلس إلى البند الرابع من جدول الأعمال، حتى علا الصوت، على خلفية التأخير في مناقصة تلزيم مشغلّي الخلوي.
الخلاف في تفسير الاتفاق الذي أبرم في مجلس الوزراء في 29 نيسان 2015 بشأن الخطوط العريضة لدفتر شروط المناقصة ما يزال على حاله، بعد فشل المناقصة الأولى.
وإذا كان عنوان الخلاف بشأن خبرة الشركات المتقدمة يتعلق برغبة وزير الاتصالات بإدارة القطاع من قبل شركات عالمية قادرة على نقله إلى عصر التطور مقابل رغبة باسيل بإعطاء حق متساو للجميع بالدخول إلى المناقصة، من دون شروط تعجيزية، فإن خلفية الخلاف السياسي تتعلق بمصير شركة «أوراسكوم» المشغلة لـ «ألفا» تحديداً: بطرس حرب يريد إسقاط مركز النفوذ الأبرز للعونيين في قطاع الاتصالات و «التيار الحر» يريد تثبيته!

هل يمكن حل الموضوع وكيف؟
حتى الآن، لا أحد يملك الجواب، وإن كان حرب يبدي ثقته بأن المناقصة ستجري قبل نهاية العام، موضحاً أنه يمكن إجراؤها خلال شهرين. وهو طلب لذلك إذناً من الحكومة بأن يتمكن من التمديد للشركتين الحاليتين بحسب الحاجة، خلال مدة تسعة أشهر على أبعد تقدير، حيث يفترض خلال الفترة إجراء المناقصة وإنهاء إجراءات التسلم والتسليم بين الشركات.
في المقابل، وخوفاً من تكرار تجربة المناقصة الفاشلة (لم يتقدم سوى شركتين)، والتي يرى حرب أنها أفشلت بالسياسة، فقد كشف حرب لـ«السفير» عن نيته في حال أقرت المناقصة، القيام بجهد شخصي لإنجاحها من خلال جولة على مختلف الدول.
أولى الخطوات التي قام بها حرب تتمثل باقتراح تعديل دفتر الشروط بما يتيح توسيع مروحة الشركات التي يحق لها المشاركة في المناقصة، حيث دعا إلى السماح بمشاركة تجمعات الشركات (ممولة وفنية على سبيل المثال) أو فروع شركات كبرى (كان هذا الاقتراح مرفوضاً من الوزارة في المناقصة السابقة).
وفيما اشتم البعض رائحة صفقة ما تتيح دخول شركات غير مؤهلة إلى القطاع خلف ستار الشركات الكبرى، فقد أكد حرب لـ «السفير» أن الاقتراح يشترط أن تكون الشركة الفنية هي المسؤولة أمام الدولة اللبنانية عن تنفيذ العقد، ويشترط أن تكون الشركة الأم مسؤولة أمام الدولة لا الفرع، بما يضمن عدم استلام القطاع في وقت لاحق من قبل شركات غير مؤهلة.
وقد أكد الوزير محمد فنيش لـ «السفير» أنه من حيث المبدأ لا اعتراض على هذا الاقتراح، مؤكداً في الوقت نفسه أن الخلاف ما يزال قائماً بشأن سنوات الخبرة التي يفترض أن تمتلكها الشركات المتقدمة للمناقصة (يصر حرب على أن تكون الشركة المتقدمة قد شغّلت شبكة تضم 10 ملايين مشترك خلال السنوات الخمس الأخيرة، فيما يعتبر الفريق الآخر أن شرط الخبرة يتحقق من خلال تشغيل الشركة المتقدمة لشبكة تضم 10 ملايين خط في أي من تلك السنوات).
كما رفض فنيش اتهام حلفائه بالسعي إلى عرقلة المناقصة في ظل الوضع السياسي الراهن، مميزاً بين مناقصة لإدارة القطاع وبين «محاولة إلزامنا بخيارات في قطاع الاتصالات». وهذا الحرص مرده قلق عبّر عنه فنيش في زمن المناقصة السابقة، ويتعلق بـ «العقلية التي يُطرح فيها دفتر الشروط وتظهر أن الفريق السياسي للوزير حرب يتصرف على قاعدة أن المناقصة هي تمهيد لخصخصة القطاع، وأن الشركات التي ستتولى إدارة القطاع بعد المناقصة، ستكون الأوفر حظاً في امتلاك القطاع في حال اتخاذ قرار الخصخصة».
رفعت جلسة الحكومة، أمس، من دون أي اتفاق وتقرر أن يكون الموضوع بندا أول على جدول أعمال الجلسة التي تلي عودة الوفد اللبناني من القمة العربية نهاية الشهر الحالي.

«موديز».. وتصنيف لبنان السلبي
من جهة أخرى، وغداة جلسة مجلس الوزراء المالية، التي تخللتها أرقام مقلقة لكن ليست كارثية، صدر، أمس، تقرير دولي يلقي الضوء على هشاشة الوضع المالي اللبناني، حيث توقعت وكالة «موديز» لخدمات الائتمان المصرفي استمرار ضعف البيئة التشغيلية للمصارف اللبنانية. وأشارت إلى أنها ستؤدي إلى بطء التوسع الائتماني وتزيد من الضغوط على جودة الأصول في المصارف، وكذلك انكشاف هذه المصارف العالي والمتزايد على الدين السيادي.
وحمل تقرير «موديز» عنوان «استشراف النظام المصرفي - لبنان: البيئة التشغيلية الضعيفة.. والتعرض للديون السيادية يؤدي إلى توقعات سلبية».
وقال نائب الرئيس المساعد في «موديز» ألكسيوس فيليبيديس، «نحن نعتبر أن الانكشاف العالي والمتزايد على الديون السيادية اللبنانية سيشكل خطراً ائتمانياً أساسياً للمصارف اللبنانية في أفق التوقعات، وسوف تستمر المصارف اللبنانية أيضاً بمواجهة رياح معاكسة كبيرة وسط بيئة تشغيلية صعبة».
وأوضح التقرير أن تعرّض المصارف اللبنانية للديون السيادية يحمِّلها مخاطر تهدّد جدارتها الائتمانية ويربط تصنيفها بتصنيف لبنان (B2 سلبي). وبحسب تقديرات «موديز»، سيسجل العجز المالي 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوسط في العامين 2016 و2017، وستعتمد الحكومة في المقام الأول على المصارف المحلية لتغطية فجوة التمويل.
وعلاوة على ذلك، توقعت وكالة التصنيف نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.7 في المئة خلال العام 2016 (في العام 2015 كان 1.3 في المئة)، أي أقل بكثير من المتوسط بين العامين 2007-2010 (9 في المئة)، في حين أن عدم الاستقرار السياسي والصراع الإقليمي سيستمران في التأثير على الاستثمار الخاص، وثقة المستهلك، وعلى قطاع البناء والتشييد والتجارة. وهذا بدوره سيرفع الضغوط على جودة الأصول للمصارف، مع تقدير «موديز» بأن خسائر القروض ستبقى مرتفعة بين 1 و1.5 في المئة من إجمالي القروض، بينما تزداد القروض المتعثرة إلى أكثر من 5 في المئة من إجمالي القروض، فيما كانت سجلت مع نهاية العام 2015 ارتفاعاً بنسبة 4 في المئة.
وبرغم هذه الضغوط، تلاحظ «موديز» أن مستويات رأس المال ستظل مستقرة على نطاق واسع، بدعم من تنفيذ اتفاقية «بازل 3» مع الاحتفاظ بالأرباح ونمو محدود للموجودات، على أنها ستبقى عرضة لخطر الهبوط.
وتتوقع وكالة التصنيف أن يبقى إجمالي أصول رأس المال مستقراً عند نسبة 9 في المئة خلال العام 2016، وهو مستوى متواضع بالنظر إلى البيئة التشغيلية الصعبة والتعرض السيادي العالي جداً للمصارف.

النهار :

فيما كان مجلس الوزراء يخوض احدى جولات سجالات النكد السياسي المعتادة التي غالباً ما تتسبب بتعطيل قراراته أو ترحيلها، كانت مؤسستان دوليتان تصدران على نحو متلازم تصنيفين سلبيين للأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان من شأنهما ان يسلطا مزيدا من المحاذير على تداعيات الواقع السياسي الذي يقف في المقام الاول وراء هذا التراجع.
وصدر التصنيف الاول أمس عن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني التي خفضت تصنيف لبنان الى b- مع نظرة مستقبلية مستقرة كما أفادت وكالة "رويترز". وقالت "فيتش" ان الحرب في سوريا تؤثر تأثيراً شديداً على الأداء الاقتصادي وتوقعات لبنان كما ان المخاطر السياسية تتفاقم بسبب الحرب السورية والضعف البالغ للمالية العامة والأداء الاقتصادي الهزيل. وتوقعت ان يظل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للبنان دون اثنين في المئة سنة 2016.
أما التصنيف الثاني الصادر عن وكالة "موديز" فأبقى النظرة السلبية للوكالة حيال القطاع المصرفي اللبناني للمرحلة المقبلة نتيجة استمرار انكشاف المصارف على الديون السيادية مما يزيد مجدداً الخوف من امكان ان يشهد تصنيف القطاع في الفترة المقبلة مزيدا من الخفض. وتوقعت ان يسجل الناتج المحلي اللبناني نمواً بنسبة 1.7 في المئة سنة 2016 مع توقعات لارتفاع مستمر للودائع المصرفية ولكن بوتيرة ابطأ نتيجة الضعف الذي تعانيه القطاعات الاقتصادية اللبنانية.

 

مجلس الوزراء
في غضون ذلك، أبلغت مصادر وزارية "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء العادية أمس كانت "منتجة" في حدود ما تسمح به الظروف بفضل إدارة رئيس الوزراء تمّام سلام لها والذي إستطاع أن يبّقي النقاش داخل "الخطوط الحمر" مع ان سجالاً حاداً حصل في ملف الخليوي. وتقرر نقل مناقشة البند الرابع المتعلق بتجديد عقديّ الخليوي الى نهاية الجلسة حيث تم الاتفاق على تخصيص جلسة إستثنائية له في 27 تموز الجاري مما سهّل إقرار بند آخر بطلب من الرئيس سلام بإعتبار انه تنفيذ لإمر قضائي وهو الموافقة على طلب وزارة الاتصالات فتح اعتماد إضافي بقيمة 24 مليار ليرة لبنانية في موازنة الوزارة الملحقة لسنة 2016، لتنفيذ قرارات لمجلس شورى الدولة المتعلقة بتحويل رواتب فنيي وزارة الإتصالات من الجداول الفنية الملحقة بسلسلة الرتب والرواتب. وعلى رغم ذلك حصل سجال بين الوزير المعني بطرس حرب من جهة والوزيرين جبران باسيل ومحمد فنيش من جهة أخرى.فبعدما إعترض الاخيران على طلب الوزارة تمديد العقديّن مطالبيّن بالعودة الى إجراء مناقصة مع دفتر شروط جديد رد حرب عليهما بأنه تصرّف بالطريقة التي تصرّف فيها أسلافه (وزراء "التيار الوطني الحر") عندئذ تدخل الرئيس طالباً تأجيل البحث الى 27 من الجاري.
ومن المناقشات التي تنطوي على دلالات سياسية، إعتراض وزير المال علي حسن خليل على تأخير تطبيق مرسوم لا يزال عالقا منذ ستة أشهر بسبب تمنّع وزيريّ "التيار الوطني الحر" باسيل والياس بوصعب عن توقيعه وهو يتعلق بتعيين مدير مصلحة الصرف في وزارة المال، وطلب خليل تجاوز إعتراض مكوّن واحد في الحكومة كما اتفاق سابقاً، فانتهى النقاش بتدخل الرئيس سلام وحال دون تطور النقاش على أن يعود الى سلام أن يرسل المرسوم للنشر في الجريدة الرسمية.
الى ذلك، أرجئ بت طلبات خفض غرامات تحقق وتحصيل على شركات ومصارف للحصول على معلومات إضافية بعدما طلب وزير المال سحبه من جدول الاعمال. لكن المصادر الوزارية لفتت الى ان تكثيف تخصيص جلسات استثنائية لكل من الملفات الشائكة الى جانب الترحيل المتكرر لكل بند خلافي بات يعكس في جوانب اساسية منه تمدد التعطيل المتعمد الى الحكومة اسوة بما يجري في مجلس النواب الامر الذي يخشى معه ان تكون ثمة معادلة ضاغطة يراد لها ان تعمم التعطيل " بعدالة سلبية "!

بري والطائف
وسط هذه الأجواء، برزت المواقف التي عبّر عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمة ألقاها أمس في مؤتمر الاقتصاد الاغترابي والتي اكتسبت دلالات بارزة لجهة تبديد المخاوف على اتفاق الطائف اذ شدد على التمسك باتفاق الطائف وأهمية تطبيقه بكامل مندرجاته "قبل الحديث عن أي تعديل فيه"، معارضاً الحديث عن "عقد مؤتمر تأسيسي". واذ نوه بأهمية العلاقات مع دول الخليج ولا سيما منها المملكة العربية السعودية، أضاف: "نحن لم ننكر يوماً ما قدموه لنا ولكن ما زال للبنان الكثير في ذمة العرب".

بون: التسوية أولاً
الى ذلك، تحدث السفير الفرنسي ايمانويل بون الى برنامج " كلام الناس" من المؤسسة اللبنانية للارسال عن تحرك بلاده في شأن الازمة اللبنانية فقال إن "فرنسا لا تملك القدرة على التفاوض نيابة عن الأحزاب اللبنانية ولكن على رغم ذلك نتحاور مع الجميع ونحاول إيجاد الظروف المناسبة ليكون لبنان في وضع جيّد وأفضل ربما على اللبنانيين التحاور معاً من أجل إيجاد الحلول".

 

المستقبل :

«أنت ديكتاتور قاسٍ، إنكَ رجل تلوثت يداه بالدماء، وإن الدماء التي على يديك أكثر حتى من التي كانت على يدي والدك«.. بهذه الكلمات الجارحة والمهينة خاطب صحافي أميركي من محطة «أن بي سي» رئيس النظام السوري بشار الأسد في مقابلة بثت أمس

في غضون ذلك، أكدت الحكومة الروسية أمس أنها لا تدعم الأسد شخصياً، وذلك قبل وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى موسكو حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين وأعرب عن قناعته بأن واشنطن وموسكو تستطيعان فعل الكثير لحل أزمات عدة وعلى رأسها سوريا وأوكرانيا، وتوقع «تحقيق تقدم حقيقي« في سوريا، فيما أشار بوتين الى أن المكالمة الأخيرة التي جرت بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما تعزز ثقته بتحقيق تقدم على طريق حل الأزمة السورية.

ووسط كثرة كلام أمس عن إمكان تعاون عسكري أميركي ـ روسي في سوريا أعلنت السعودية أمس أن تعاوناً كهذا يجب أن يقود الى تشجيع عملية انتقال سياسي يُستثنى منها الأسد.

كلام الصحافي الأميركي بيل نيلي من قناة «أن بي سي»، جاء في معرض تعليقه على «الاستخفاف» غير المسبوق الذي تحدث به الأسد عن مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفن، في سوريا، وبخاصة عندما قال: «إنها حالة حرب، وهي (كولفن) دخلت إلى سوريا بشكل غير قانوني وعملت مع الإرهابيين، فهي مسؤولة عن كل ما حدث لها«!، فرد الصحافي الأميركي مستغرباً بقوله للأسد: «هي مسؤولة عمّا حدث لها؟» فعاود الأسد تأكيده: «طبعاً«.

وبعد تبريرات الأسد الذي بدأ بسوقها ليشرّع قتل المدنيين السوريين بأعداد مهولة على يد جيشه وبقرارات منه، جاعلاً من مقتل عشرات آلاف السوريين، قضية ناتجة من مجرد الحرب، قال له الصحافي الأميركي: «هل تشرح الحرب على هذا النحو، مثلاً، لأطفالك على طاولة الفطور؟«.

ثم ينتقل الصحافي لسؤال الأسد: «هل حدث أن بكيت على ما حدث في سوريا؟» وطبعاً كانت الإجابة بالنفي.

ويقول له الصحافي: «كيف تعتقد أن التاريخ سيذكرك؟». فيرد الأسد بأنه لا يتنبأ، ثم يكرر إجابته بأنه يأمل أن يكون من حرر بلاده من التدخل الأجنبي وحافظ على سيادة بلاده!

ثم يتوجه إليه الصحافي متمماً حملة الانتقاد المباشرة غير المسبوقة للأسد ليسمعه أكثر الأوصاف عنفاً بحقه: «لأنك تعلم ما تقوله المسودة الأولى للتاريخ: أي أنت ديكتاتور قاسٍ، إنكَ رجل تلوثت يداه بالدماء، وإن الدماء التي على يديك أكثر حتى من التي كانت على يدي والدك«!.

ثم يباغته الأسد بمثال عن الطبيب الجرّاح الذي يقطع يد المصاب بالغرغرينا، ويبني عليها إجابته: «فلا تقول عندها إنه طبيب قاتلٌ، بل يقوم بعمله لإنقاذ بقية الجسم!«.

بوتين ـ كيري

أشاد بوتين في مستهل المحادثات مع كيري بالجهود المتبادلة المبذولة من قبل روسيا والولايات المتحدة من أجل تسوية مختلف النزاعات التي يمر بها العالم حالياً.

وقال بوتين إن المكالمة الأخيرة التي أجريت بينه وبين أوباما تعزز ثقته بتحقيق تقدم على طريق حل الأزمة السورية. ولفت الرئيس الروسي إلى أن نظيره الأميركي أشاد، خلال المكالمة، بإسهام موسكو في تحرير أحد المواطنين الأميركيين بسوريا.

وأشار بوتين في هذا السياق إلى أن روسيا تواصل، استجابة لطلب من الولايات المتحدة، العمل من أجل المساعدة في تحرير المواطنين الأميركيين في سوريا، مضيفاً أن موسكو تتوقع بدورها اتخاذ واشنطن خطوات مماثلة، حال تطلب الأمر.

وأكد كيري أنه وأوباما، يعتقدان أن واشنطن وموسكو تستطيعان فعل الكثير لحل أزمات عدة وعلى رأسها سوريا وأوكرانيا.

وتعليقاً على القضية السورية، قال كيري: «نتوقع تحقيق تقدم حقيقي... سيكون من الممكن تحقيقه على الأرض».

ووصل كيري الى موسكو للقاء بوتين، ونظيره الروسي سيرغي لافروف أمس، حاملاً، بحسب ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» مقترحات لتعزيز التعاون العسكري وفي مجال المعلومات مع روسيا ضد «داعش» و»النصرة» رغم الشكوك التي تساور المسؤولين الأميركيين.

وسيمثل مدى التنسيق الذي تحدده وثيقة نشرتها «واشنطن بوست« أمس نقلة نوعية بعد سنوات من الخلاف بين واشنطن وموسكو اللتين تساندان جهات متعارضة في الصراع السوري المستمر منذ أكثر من خمس سنوات.

ورفض كيري التعليق عندما سئل عن ذلك التقرير في باريس قبل مغادرته متجهاً إلى موسكو. وقال للصحافيين: «سأدلي بتصريحات... سأذهب إلى موسكو والتقي بالرئيس بوتين. سيكون لدينا وقت كافٍ للحديث عن ذلك وسأشرح لكم جميعاً أين نقف«.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية لـ«رويترز« إن كيري سيناقش كيفية التعامل مع «داعش» و»النصرة» وجهود الحد من العنف والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وسبل التحرك نحو الانتقال السياسي.

الديار :

هل تحوّل الرئيس فؤاد السنيورة الى عبء على الرئيس سعد الحريري؟ منذ ايام الملك عبدالله بن عبد العزيز والسعوديون ينظرون الى رئيس كتلة المستقبل على انه المايسترو الذي يضبط الايقاع داخل تيار المستقبل خلال غياب رئيسه...
اقرباء ومقربون من السنيورة يقولون انه بدأ يشعر بالاعياء، وربما بالغثيان. صارح اكثر من شخص انه يفكر بالتخلي عن رئاسة الكتلة ليس لان كلاً يغني على ليلاه، ولان الكل يشكون من ضيق الحال في التعاطي مع القاعدة ومطالبها، وانما لان الحريري الذي كان يتصور انه سيبقى الوصي السياسي عليه مدى العمر بات يتخذ قراراته الكبرى دون استشارته او حتى دون اعلامه المسبق بذلك.
الحريري لم يستشر السنيورة في قرار ترشيح  النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، كما انه لم يأخذ برأيه وقف الحوار مع «حزب الله»، لان المستفيد الوحيد منه هو الحزب، فيما لا يمكنه هو ان يبرر امام كادرات التيار كيف ان الحريري يشن تلك الحملات على الحزب ثم يتابع الحوار معه كما لو ان شيئاً لم يكن...
قد يكون السنيورة ابرع سياسياً ولغوياً، وفي اللعب السياسي كما في اللعب اللغوي، من جميع اعضاء كتلة المستقبل، لكنه لا يستطيع ان يهز وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ربما ينظر الى نائب صيدا على انه من المدرسة القديمة...
رئيس الكتلة اقرب الى عقل الوزير المستقيل اشرف ريفي منه الى عقل المشنوق، الاعتدال، في نظره، لا يعني اللاموقف، والانفتاح لا يعني «مجانية» التعاطي مع الخصم او حتى العمل لحسابه، ولطالما اسرّ السنيورة لبعض المقربين من انه يشعر  احياناً و«كأننا نعمل لحساب حزب الله».
بعض الذين لا يستسيغون اسلوبه في مقاربة المسائل الحساسة يقولون انه لو لم يكن الحريري هو صاحب القرار و«لا تُخدعوا بدماثته» لكان الوضع اللبناني انفجر من زمان. السنيورة لا يرى مهادنة «حزب الله» منطقية في الظروف الراهنة.
وحين يتحدث يبدو وكأنه يقف وراء قانون العقوبات الاميركية بحق «حزب الله» ويتفق مع النائب خالد ضاهر، وبطبيعة الحال، مع ريفي في ان الحزب هو احد الاهداف الاساسية للتصعيد الاقليمي على الساحة السورية.
وكلام عن ان السنيورة لا يمكنه ان يتحمل ان يكون الزعيم رقم 3 في تيار المستقبل، اياً تكن الشخصية التي تحتل المرتبة الثانية، الآن لن يجازف السنيورة باي خطوة تقضي على وضعه السياسي، وصيدا، مسقط آل الحريري، هي كلياًَ غير طرابلس لكي يصول فيها ويجول كما فعل ريفي الذي اسقط حتى لائحة الجبابرة في الانتخابات البلدية.
في عين التينة، لم يتعاملوا مع ما ورد في كتلة نواب المستقبل على انه من قبيل «النوايا الطيبة»، ولا على ان السجال الذي حصل «زوبعة في فنجان» يشككون كثيراً في نوايا السنيورة، ووزير المال علي حسن خليل لم يقل ما قاله الا بعدما تأكد من عضو على الاقل في الكتلة من ان السنيورة هو من «حشر» في البيان العبارات التي تتعلق بالوضع المالي.
اكثر من ذلك، تردد ان رئيس الكتلة اراد من خلال حملته ان يصل الى «سلة» الرئيس نبيه بري على انها القنبلة التي تفجر اتفاق الطائف. من هنا كلام رئيس المجلس الواضح في «مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الثاني» حول الاتفاق بالذات والذي اعتبرت اوساط سياسية انه «صدم» معارضي مبادرته.

ـ بري والمؤتمر التأسيسي ـ

بري امل ان تعود مؤسسات الدولة الى لعب دورها التشريعي والتنفيذي وانجاز كافة الاستحقاقات الدستورية، وفي الطليعة انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال «لا احد يفكر ان احداً يفكر او مسموح له ان يفكر بشيء تأسيسي (مؤتمر تأسيسي) الالتزام دائم وقائم باتفاق الطائف، مضيفاً نفذوا هذا الاتفاق وقولوا بعدئذ ما اذا كان علينا تطويره او تحسينه او تعديله.
ولفت بري الى انه لم يستغرب «ان تمتد يد الجريمة المنظمة والارهاب التهجيري الى القاع، ولم استبعد ان يكون لبنان امس، واليوم، وغداً هدفاً دائماً للارهاب، ليس على حدوده الشرقية والشمالية فحسب بل على حدود المجتمع ايضاً».
وقال «انا استرعي انتباه الجميع ليكونوا حراساً الى جانب الجيش والاجهزة والمقاومة، وان ينتهبوا الى الخلايا الارهابية اليقظة والمحفزة لضرب امن وامان لبنان».
واكد «اننا في لبنان ما زلنا نستدعي تصحيح العلاقات العربية والخليجية والسعودية تحديداً عداً ونقداً، مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، واعادة بناء الثقة في ما بينها»، لان ذلك يشكل ضرورة للعلاقات العربية والاسلامية.
ودعا بري الى وقف توجيه الاتهامات وتبادلها، وتحميل «حزب الله» مسؤولية استدراج الارهاب الى لبنان بسبب ذهابه الى سوريا، ملاحظاً ان الارهاب دق ابواب دول لم تشارك في الحرب و«لقد آن الاوان لنصدق بعضنا البعض ونصدق خطر الارهاب».
واشار الى ان الحروب في المنطقة ضد الارهاب ستتصاعد على وقع الفوضى البناءة التي تتولى تسويق الكونفدرالية على خارطة الشرق الاوسط الكبير.

ـ وفاة الجمهورية الثانية ـ

كلام بري جاء رداً شاملاً على محاولات بعض القوى السياسية مقاربة موضوع السلة بحملة منظمة من التشكيك الذي تجاوز، في بعض الاحيان، كل الخطوط الحمراء والى حد الكلام داخل الغرف المقفلة، ومن قبل شخصيات لا مصلحة لها في اي توافق، عن انقلاب يعده بري مع الامين العام السيد حسن نصر الله لتفجير اتفاق الطائف، وبالتالي اعلان وفاة الجمهورية الثانية دون ان يعلم احد شيئا عن هيكلية السلطة، وعن البنية الفلسفية للنظام في الجمهورية الثالثة.
وكانت مصادر بعيدة عن «حزب الله» قد اشارت الى ان جان مارك ايرولت كان بالغ الارتياح حيال ما سمعه من ممثلي الحزب الذين التقاهم في قصر الصنوبر، فلامست البنية بالصيغة الراهنة، ومع اعتبار المسيحيين في لبنان جزءاً اساسياً من وجود لبنان نفسه.
الستاتيكو الى اشعار آخر، في اوساط تيار المستقبل كلام يؤكد بأن لا رئيس جمهورية ولا قانون انتخاب في المدى المنظور والسلة ما زالت عالقة في مكان ما من الصراع الاقليمي، وان كانت «الادبيات السياسية» و«مقتضيات الشارع» تستلزم القاء المسؤولية على الفريق الآخر.
الستاتيكو الآن الى وقت غير محدد. هذا لا يعني ان الاوساط الديبلوماسية مرتاحة لكيفية ادارة القوى اللبنانية للازمة، والسفراء ينصحون بالحد الادنى (على الاقل) من التعاون الداخلي إن على مستوى العمل الحكومي او على مستوى العمل التشريعي.

الجمهورية :

جونية هي الحدث، سماؤها تنبض بالفرح. ليلها نهار، بيوتها تزيّنت بالأهل والزوّار، شوارعُها وساحاتها والمقاهي والمنتجعات، سلسلةٌ بشرية رقصَت وهلّلت امتداداً مِن البرّ إلى البحر. هو مشهد يتكرّر للسنة السادسة على التوالي احتضَن لبنان، وكلُّ لبنان من أدناه إلى أقصاه تفاعلَ مع هذا الحدث. هي صورةٌ عن لبنان النابض بالحياة، رسمَتها أسهمٌ ناريّة تحدَّت عِقَد السياسة وبحرَ الأزمات التي يعانيها البلد، وعتمة الإرهاب القاتل الذي يريد أن يتسرّب في شرايينه ويغتالَ هويتَه وجوهرَه كواحةِِ للعيش الواحد بين كلّ مكوّناته. هي أسهمُ محبّةٍ، أصابَت كلَّ اللبنانيين بالفرَح والتفاؤل، وبالأمل بالغدِ الآتي، وبرَجاءِ القيامة من الظُلمة إلى النور.

مهرجان جونية كان الحدثَ الأبرز، وأمّا السياسة فظلّت مراوحة موصوفة في كلّ الملفّات. الحوار السياسي مربِك بتبايناتٍ لا حدود لها، النفط معقّد في البرّ والبحر الى أن يثبت العكس، والوضع الماليّ عالق، حتى إشعار آخر، في اشتباك بمفعول رجعيّ بين حركة «أمل» وتيار «المستقبل» برغم محاولات وقفِ القصف السياسي ما بين الرئيس فؤاد السنيورة ووزير المال علي حسن خليل، والقانون الانتخابي يَغلي على نار «الستّين»، وأمّا رئاسة الجمهورية فيتجاذبها الإيقاع الداخلي والخارجي بكثير من الروايات والسيناريوهات، فيما عقاربُ الساعة الرئاسية ثابتة مكانها بلا حراك، ولا سقفَ زمنياً للانتظار.

هذه المراوحة خرقَتها رسالة سياسية تطمينية أطلقَها رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس، فجدّد الالتزام باتّفاق الطائف بكامل مندرجاته. ودعا إلى السير بخارطة طريق الحلّ التي حدّدها للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون للانتخابات النيابية ثمّ إجراء الانتخابات على أساسه مع تشكيل حكومة اتّحاد وطني. وقال: لا أحد يفكّر، بأن أحداً يفكّر، أو مسموح له أن يفكّر بشيء تأسيسي (مؤتمر تأسيسي).

مجلس الوزراء

وسط المراوحة السياسية، عَقد مجلس الوزراء جلسةً عادية خرقَتها مناوشات سياسية على أكثر من محور. وعلمت «الجمهورية» أنّ طرح بندِ التمديد لشركتَي الخلوي، والذي اقترَح تأجيله رئيس الحكومة تمّام سلام إلى نهاية الجلسة، أدّى الى مشادة كلامية تقنية بنيّات سياسية مناطقية بين كلّ مِن الوزيرَين جبران باسيل والياس بوصعب من جهة والوزير بطرس حرب من جهة ثانية، خصوصاً عند البحث في دفتر الشروط للمناقصة ، إذ اتّهم حرب باسيل من دون أن يسمّيه بأنّه أفشلَ المناقصة السابقة عبر مواقفِه الإعلامية وزَعمِه أنّ الوزارة خالفَت قرار مجلس الوزراء، إضافةً الى الحراك الشعبي الذي رافقَ أزمة النفايات، ما حدا بـ 4 شركات من أصل 6 تقدّمت للمشاركة بالمناقصة، إلى الانسحاب منها.

ورفضَ باسيل هذه التهمة معتبراً أنّ الشروط الصعبة وغيرَ المنطقية التي وضَعها حرب في دفتر الشروط نفّرَت الشركات، واتّهمه بمخالفة قرارات المجلس ودفتر الشروط.

وتدخّلَ أكثر من وزير واحتدمَ النقاش، فرفعَ سلام الجلسة وحدّد جلسة خاصة للخلوي والإنترنت غير الشرعي الأربعاء 27 الجاري.

«أوجيرو»

وشهدَت الجلسة جدلاً آخر، وذكرَت أوساط وزارية أنّه لدى طرح بند رقم 13 لدفعِ ما قضى به مجلس الشورى من حقوق لموظّفي أوجيرو الفنّيين، دار جَدلٌ بين كلّ مِن الوزيرين محمد فنيش وباسيل من جهة، وحرب من جهة ثانية حولَ توجّب دفعِ حقوق الموظفين الفنّيين في الوزارة.

وطلبَ باسيل التريّثَ وعدمَ الموافقة على الموضوع إذا لم يقترن بفتحِ ملفّات الاتّصالات بكاملها، مطالِباً سلام بإدراج الملفّات المتعلقة بالوزارة على جدول أعمال مجلس الوزراء مع بندِ تنفيذ أحكام مجلس الشورى التي قضَت بدفع حقوق الموظفين الفنّيين لأوجيرو. وتحفّظَ فنيش على البند لأنّه سيفتح مجالاً لكلّ العاملين الفنّيين في الدولة للمطالبة بشكل مماثل.

فطالبَ حرب بإقرار البند لأنه يأتي تنفيذاً لأحكام قضائية لا يجوز لمجلس الوزراء رفضُها، لأنّ ذلك يُسقط أحد أهمّ مهمّات الحكومة وهو تنفيذ أحكام القضاء، وإنّ الغمزَ من قناة عدم تنفيذ الحكم الصادر لمصلحة آل فتّوش بالأحكام التي تنصِف الموظفين وعائلاتهم غيرُ مقبول وفي غير مكانه، لأنّ قضية آل فتوش تختلف كلّياً عن قضية الموظفين ولا مهربَ مِن إنصافهم، كما لا يجوز ربط تنفيذ هذا الحكم بملف الاتصالات وبملاحظات بعض الوزراء غير الصحيحة على هذا الملف.

باسيل

وقال باسيل: «موقفُنا مع التمديد لشركتَي الخلوي لعدمِ وجود حلّ آخَر، لكنّ المشكلة هي في المناقصة ومخالفة ما اتّفِق عليه داخل المجلس. ودفتر الشروط الذي وضَعه وزير الاتصالات لا يستقطب الشركات، وسبقَ ونبّهنا من هذا الأمر لمَّا اطّلعنا عليه، لكنّ الوزير أصرّ آنذاك على أنّ 20 شركة ستتقدّم إلى المناقصة، والنتيجة تقدّمت شركتان، انسحبَت واحدة منهما في ما بعد... كيف يمكن ان تدخلَ الى المناقصة شركة تحت بند جزائي إذا انخفضت مداخيل الخلوي ونَعلم أنّ المداخيل الى انخفاض ولا يمكن أن تقبل الشركات بهذا الشرط إضافةً إلى شروط تقنية يمكن اعتبارها تعجيزية؟»

وقال باسيل لـ«الجمهورية»: «جلُّ ما نطلبه هو احترام مرجعية مجلس الوزراء في اتّخاذ قراراتٍ تحتاج إلى مراسيم وتُعتبر من اختصاصه، فكيف يحقّ لوزير أن يُبرم عقداً مع أوجيرو بقيمة 176 مليار ليرة وهذا العقد يحتاج إلى مرسوم من المجلس ؟

ثمّ إنّنا نطالب منذ 5 أشهر بأن يدرج ملفّ الإنترنت غير الشرعي ومخالفات أوجيروعلى طاولة المجلس، ونواجَه بالتأجيل، من تأجيل إلى آخر، وهنا لا أتحدّث بالسياسة بل بالأصول الدستورية والمواضيع التقنية».

 

اللواء :

بدا لسان حال الحكومة أمس: «ادفع بالتي هي أحسن»، والذي هو أحسن الارجاء والتأجيل منعاً للتشنجات والسجالات التي من شأنها ان تعكر أجواء التهدئة المطلوبة إقليمياً ودولياً.
على ان هذه الخلاصة لم تحجب ان تكون جلسة مجلس الوزراء شهدت سجالاً وصفه وزير الاتصالات بطرس حرب الذي كان طرفاً فيه مع وزير الخارجية جبران باسيل، بأنه كان سجالاً ذا طابع شخصي، مؤكداً ان لا مانع من الأخذ بالملاحظات التقنية إذا وجدت، لكن «المسألة تتصل بالتعطيل واستمرار العرقلة»، معرباً عن اعتقاده بأن «النقاش الحقيقي سيجري في جلسة مجلس الوزراء المخصصة لموضوع الاتصالات الخميس المقبل، في حين كشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان الجلسة ستتطرق أيضاً إلى موضوع «اوجيرو».
في هذا الوقت كانت الملفات الحياتية تتقدّم في الجلسة من حوض الليطاني الذي يحتاج إلى مجرّد قرار سياسي يمنع رمي المرامل فيه أكثر من تشكيل لجنة وزارية لهذه الغاية أمس، كما دل على ذلك التحسّن النسبي في مجرى النهر ونظافة مياهه بعدما قرّر «حزب الله» وحركة «أمل» التحرّك لإنقاذ النهر ومياهه والقرى التي تستفيد منه من البقاعين الأوسط والشمالي إلى القرى الواقعة على ضفتي النهر من منبعه إلى مصبه في القاسمية.
اما في ما خص أزمة السير والاختناق المروري عند مداخل بيروت، لا سيما من الشمال والشرق إلى الجنوب، بما في ذلك الضواحي والشوارع التجارية في العاصمة التي تعاني من أزمات مرورية خانقة بالرغم من ارتفاع نسبة الرطوبة ودرجات الحرارة، مع التبدلات المناخية غير المسبوقة في لبنان، حيث تجاوزت الـ30 درجة نهاراً في بيروت، فقد تمّ تشكيل لجنة وزارية تضم رجال أمن وخبراء فضلاً عن وزير الداخلية والبلديات المعني نهاد المشنوق، ليس لتقديم خطة وافكار وإنما لوضع الدراسات السابقة التي أدّت إلى ولادة قانون السير الذي وضع على الرف بعد محاولة متعثرة لتطبيقه.
ولئن كانت جلسة مجلس الوزراء انتهت بتحديد مواعيد ثلاث جلسات: الاثنين 18 الجاري لمتابعة الملف المالي في ضوء التقرير الذي عرضه وزير المال علي حسن خليل والذي تعتبر أوساط «حزب الله» انه لا يمكن ان يناقش خارج الصندوق السيادي وملف النفط، والثانية عادية الخميس في 21 يعاد فيها طرح بعض الملفات المرجأة والثالثة الأربعاء في 27 تموز، فإن مصادر وزارية وصفتها بأنها كانت هادئة، وقللت من السجال بين الوزيرين حرب وباسيل اللذين لم يتبادلا النظرات، مشيرة إلى انها أقرّت بنوداً مهمة وارجأت بنوداً أخرى، واصفة ما حصل بين الوزيرين بأنه كان نقاشاً وليس سجالاً، لكن له خلفيات سياسية، وبعض الحجج التي أدلى فيها الوزيران كان تقني وقانوني والبعض الآخر مصطنع.
وبالنسبة لبند إعفاء الشركات من غرامات التحصيل أكّد المصدر الوزاري ان هذا البند طرح للنقاش، غير ان وزير المال علي حسن خليل طلب سحبه، وعندما سئل من قبل الوزراء لماذا؟ قال: أفضل سحبه مع ان بعض الوزراء وجدوا في بت طلبات الاعفاء مصلحة للخزينة، وانه ليس هناك من خيار ثانٍ.
أما في ما خصّ موضوع الليطاني، فنفت المصادر الوزارية وجود أي خلاف حوله، وأكدت أنه أثير في بداية الجلسة من قبل وزيري «حزب الله»، ثم وزيري حركة «أمل»، وكان تأكيد على أنه ملف لا يتصل بطائفة أو قوى سياسية معيّنة، وأن مجلس النواب هو المخوّل لتحريك هذا الموضوع، وقد اتفق على تشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس تمام سلام لاتخاذ إجراءات فورية للمعالجة على أن تتم متابعته لاحقاً في المجلس النيابي.
وأعلن وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر في تصريح لـ«اللواء» أن موضوع الليطاني وطني لا يتعلق بحزب معيّن.
وأوضح الوزير زعيتر أن ملف تجهيرات أمن المطار من كاميرات مراقبة وجرارات حقائب يسير كم هو مخطط له، متحدثاً عن حاجة لملء الشواغر في المطار من خلال التوظيف، كاشفاً أنه أثار الموضوع أكثر من مرّة، وأن الرئيس سلام وعد بتخصيص جلسة لملء الشواغر والتوظيف.
بري: الطائف نهائي
سياسياً، كان الأبرز المواقف التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي من رفض قاطع لما يسمّى بالمؤتمر التأسيسي، والالتزام بالطائف، بأنه أفضل الموجود، داعياً إلى تنفيذه قبل تطويره، مؤكداً بأن الالتزام به أمر نهائي، داعياً إلى خارطة طريق تبدأ بانتخاب رئيس وإقرار قانون انتخاب الخ.. مؤكداً «أننا في لبنان لا نزال نستدعي تصحيح العلاقات العربية والخليجية والسعودية وعداً ونقداً مع إيران وإعادة بناء الثقة بوصفها ضرورة لبنانية وسورية ومصرية وعراقية ويمنية وبحرانية، إضافة إلى أنها ضرورة سعودية وإيرانية وإسلامية»، مطالباً بإعادة النظر بكل القوانين التي تحدّ من حركة المال، ومن تحويلات الاغتراب ورجال الأعمال، معرباً عن خشيته من انخفاض 7 مليارات ونصف تقريباً تحوّل إلى لبنان إذا بقيت هذه القيود.
وفي سياق المواقف، وصف رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل خروج الحزب من الحكومة بأنه كان «أجمل يوم في حياته»، مشيراً إلى أن وزير الاقتصاد المستقيل آلان حكيم لا يقوم بتصريف الأعمال ويوقّع فقط على رواتب الموظفين، لافتاً إلى أنه مع مؤتمر تطويري للنظام السياسي في ظل الدستور، وأنه مع التمديد لقائد الجيش إذا تعذّر أمام الحكومة تعيين قائد جديد، متهماً الحكومة بالتواطؤ مع المافيات، و«حزب الله» و«التيار العوني» بالوقوف وراء التعطيل.
وكشف سفير فرنسا في لبنان إيمانويل بون أن بلاده دعمت مبادرة الرئيس سعد الحريري وشجعت توافقه مع رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية، مؤكداً ما كشفته «اللواء» من أنه تبلّغ من الرئيس الحريري أن مبادرة ترشيح النائب فرنجية ما زالت قائمة، وهو مرشّح لرئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أن اللبنانيين لا يحتاجون إلى (وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد) ظريف أو (ولي ولي العهد السعودي) محمّد بن سلمان، ولا حتى (لوزير الخارجية الفرنسي) جان مارك إيرولت ليختاروا لهم رئيس، بل إن لبنان يحتاج إلى التوافق اللبناني الذي ينتج حكومة جيدة وبرلماناً منتجاً، لافتاً إلى أنه حتى الساعة لم يسمع أي تصريح سعودي أو فرنسي أو أميركي يرفض العماد (ميشال) عون، موضحاً أن المقاربة الفرنسية كانت منذ البداية بأن تحصل تسوية تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية لكل اللبنانيين، وأن يُشكّل حكومة تمثّل الوحدة الوطنية.
واعتبر بون أن إيرولت لم يأتِ إلى لبنان حاملاً معه العصا السحرية، بل حاملاً معه الوعد الفرنسي ببذل قصارى الجهد لإيجاد حل.