السيطرة على الخلاف بين بري وتيار المستقبل , والانشقاق السياسي يستعر على وقع المحاصصة والسرقات

 

السفير :

لم يقتصر الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقلت صوراً للاجئين سوريين موثقي اليدين وتم تركيعهم أرضاً ووجوهم إلى جدار في بلدية عمشيت، في مشهد أثار الرأي العام تجاه ما اعتبر نموذجاً لانتهاكات يومية يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان.
قبل عمشيت، عمدت بلديات لبنانية كثيرة إلى اتخاذ تدابير عنصرية تجاه اللاجئين السوريين تحت ذريعة حفظ الأمن، من دون أن تستند معظم الإجراءات إلى معطيات أمنية وقضائية تفيد بتورط المستهدفين بأي أعمال مخلّة بسلامة المواطنين. في الوقت نفسه، قليلة هي البلديات التي لم تفرض حظر تجول على السوريين ما بين الثامنة (بعضهم السادسة) مساء والسادسة صباحاً، مع تحديد عدد الذين يمكنهم السكن في الغرفة الواحدة!
صارت صلاحيات الشرطة البلدية في أكثر من منطقة تخوّلها اقتحام منازل السوريين واعتقال من لا يملك إقامات شرعية من بينهم لتسليمهم إلى السلطات المختصة، وطرد من لا يرتبط بكفيل. مع العلم أن أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقول إن واحدا من اثنين من اللاجئين السوريين ليس لديه إقامة تبلغ كلفتها 300 الف ليرة سنوياً.
وعندما كان السوريون يحاولون الدفاع عن أنفسهم لدى تعرضهم لأي اعتداء، كانوا يجدون أنفسهم عرضة للمزيد من الإجراءات التعسفية، كترحيلهم من المناطق التي يلجأون إليها، وسحب كفالات اللبنانيين لهم، وبالتالي إفقادهم إقامتهم الشرعية، كما حصل في بلدة رميش في جنوب لبنان مؤخراً.
وأفاد أحد السوريين المقيمين في رميش أن الشخصين اللذين قدّما شكوى لقائمقام بنت جبيل بخصوص ما فعلته البلدية بحق عدد من اللاجئين تم ترحيلهما من بلدة رميش من قبل عدد من الأهالي بالتنسيق مع البلدية.
ويمكن لمن يدخل على صفحة «رميش اولاً» أن يقرأ ما يفيد بوجهة التعامل مع السوريين فيها، وخصوصاً بعد المشكلة التي اندلعت إثر محاولة عدد من اللاجئين الدفاع عن أنفسهم لدى رمي مفرقعات نارية على أماكن تجمعهم في البلدة. وتقول الصفحة إن رميش لأهلها وإنه لا مكان «للدواعش» فيها.
وأفاد سوريون ممن تعرضوا لاعتداءات في البلدة المذكورة أنهم خرجوا للرد على شبان من رميش رموهم بمفرقعات نارية أحدثت رعباً في صفوفهم، وكانت النتيجة وبالاً عليهم.
قبل رميش، وضعت بلدية حراجل في كسروان «قانوناً للنازحين السوريين في البلدة»، وداهمت منازلهم وغرف سكنهم ولم تبق إلا على من لديه أوراق «شرعية» ويعمل في البلدة. كما صودرت الدراجات النارية والسيارات غير القانونية، وتم تسليم من ليس لديه إقامة إلى الجهات المختصة. وإثر إجراءات البلدية، تعرض سوريون يقيمون في البلدة لاعتداءات بالضرب وأصيب بعضهم بجروح بالغة.
أما بلدية ترتج في قضاء جبيل، فقد أرغمت اللاجئين المقيمين في نطاقها على تنفيذ يوم عمل مجاني لتنظيف شوارع البلدة، بالإضافة إلى الإجراءات التنظيمية الأخرى.
ليس خافياً أن البعض يربط بين الإجراءات البلدية ومخاوف البلديات والمواطنين بعد انتحاريي القاع الثمانية، برغم تأكيد جهات أمنية وحزبية لبنانية أنهم أتوا عبر الجرود أو الحدود وليس من تجمعات اللاجئين في لبنان.
ولكن بعض اللبنانيين لم ينتظر الانتحاريين الثمانية لكي يمارس عنصريته ضد الذين أرغمتهم الحرب على ترك وطنهم واللجوء إلى لبنان. اللجوء نفسه، مع التهجير المتكرر، خبره اللبنانيون قبل السوريين بأعوام طويلة. أعوام لم تكف البعض من بينهم لتقدير أوضاع الذين لجأوا إلى بلادهم طلبا للأمن والأمان.
فقد وثق «الراصد السوري لحقوق الإنسان في لبنان» جملة انتهاكات بحق السوريين وأطفالهم في شهر آذار 2016. يمنع أطفال هؤلاء من مغادرة بعض المخيمات في البقاع على سبيل المثال لا الحصر ليرغموا على العمل في حقول صاحب الأرض التي يوجد عليها المخيم.
ورصد «التقرير» انتهاكات جسدية ولفظية ومعنوية بحق التلامذة السوريين وبحق أهاليهم، وبمضاعفة فواتير الكهرباء عليهم، وبعدم تقديم خدمات طبية للمرضى من بينهم حتى عندما يحصلون على موافقة المفوضية، فضلا عن عشرات التصريحات السياسية التي تنم عن نبرة عنصرية، فضلا عن تنفيذ القوى الأمنية والعسكرية في لبنان سلسلة مداهمات أدت إلى توقيف نحو ألف سوري خلال أسبوع واحد بعد تفجيرات القاع. ناهيك عن الحديث اللبناني الدائم عن الولادات السورية التي فاقت المئة ألف في خمسة أعوام والقول إنهم بعد عشر سنوات سيصبحون أكثر من اللبنانيين.
هل تتمتع الشرطة البلدية بصفة أمنية لتفعل ما تفعله؟
تقول المادة 74 من قانون البلديات إن رئيس البلدية «يتولى شؤون الأمن بواسطة الشرطة البلدية، التي تتمتع بصفة الضابطة العدلية، وله أن يطلب مؤازرة قوى الأمن الداخلي عند وقوع أو احتمال حدوث ما قد يهدد السلامة العامة وأن يباشر، عند أي جرم، التحقيقات اللازمة».

النهار :

مع ان أي تطور ايجابي لم يكن متوقعاً في السياق الرتيب للجلسات النيابية سواء تلك المحددة للمضي في مناقشة ملف قانون الانتخاب أم تلك المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية فإن التعطيل المزدوج الذي حصل أمس في مجلس النواب اتخذ طابعاً مثقلا بقوة على مجمل المشهد الداخلي. ذلك ان الفراغ الزاحف على المؤسسات في ظل الازمة الرئاسية بدأ يطاول جلسات اللجان النيابية المشتركة التي تسير أساساً بخطى متعثرة للغاية، الامر الذي يرسم مزيداً من الظلال القاتمة على المرحلة المقبلة وما تواجهه البلاد من استحقاقات وضغوط متعاظمة، فيما الشلل في المؤسسات يتمدد أفقياً وعمودياً ويتسبب بمزيد من الاهتراء والتآكل وتاليا بتفاقم الازمات الاقتصادية والاجتماعية. ولم يكن غريبا حيال هذه الظاهرة ان تطرح عقب تعطيل جلسة اللجان المشتركة قبيل انفراط الجلسة الـ42 لانتخاب رئيس للجمهورية أيضاً تساؤلات عما اذا كان مسلسل التعطيل قد يتمدد الى الحكومة في القليل المتبقي من انتاجها. كما ان التعطيل المزدوج جاء غداة زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت لبيروت والتي تعمد فيها تنبيه القوى السياسية اللبنانية الى ضرورة سلوك سكة لبننة حل الازمة السياسية والرئاسية بمعزل عن الرهانات الاقليمية بما شكل علامة قاتمة اضافية على مدى العجز الداخلي عن الاضطلاع بادنى موجبات تفعيل عمل المؤسسات وفي مقدمها مجلس النواب.
ووصفت مصادر نيابية لـ"النهار" اليوم النيابي أمس بإنه كان "مخيباً للامال".ولفتت الى ان تعطيل النصاب إمتد هذه المرة من جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية الى جلسة اللجان المشتركة بسبب تغيب لافت للكتل النيابية التي تقاطع عادة جلسات إنتخاب الرئيس. ولم يكتمل النصاب لجلسة اللجان التي كان يفترض ان تناقش جدول المقارنة الذي وضع بين الصيغتين المختلطتين لقانون الانتخاب لتبيان جوانب الفروق والتشابه بينهما وتأجلت الجلسة الى 27 تموز الجاري. اما الجلسة الـ42 الانتخاب فلم يحضرها سوى 42 نائباً وارجئت بدورها الى 8 آب المقبل. وبهذه الصورة دخل المجلس لعبة التعطيل الشامل في التشريع داخل اللجان كما في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية. وذهب عضو كتلة "المستقبل" النائب احمد فتفت الى تحميل النواب المتغيبين عن الجلسات مسؤولية "جرمية تقريباً في هذا الموضوع لانهم يحملون الدولة والمؤسسات تبعة الفراغ".

 

العاصفة المالية
ولكن برزت على هامش تعطيل الجلستين ملامح احتواء لعاصفة كانت هبت أول من أمس بين وزير المال علي حسن خليل ورئيس كتلة "المستقبل " النيابية الرئيس فؤاد السنيورة في شأن الملف المالي والموازنة. ووصف السنيورة السجال الدائر في الموضوع المالي بانه "عواصف فنجانية ولا بد من مصارحة المواطنين ببعض الحقائق ويجب العودة في الامور المالية الى الاصول والانتظام عبر تقديم الموازنات ضمن المهل الدستورية وهذا لا يشمل وزارة المال وحدها بل كل الوزارات والتفتيش عن موارد جديدة للخزينة كي نستطيع المحافظة على الاستقرار المالي ". وحرص على التشديد على ان "هذا الكلام لم يكن موجهاً بالشخصي الى وزير المال علي حسن خليل". كما نفى السنيورة حصول خلاف بينه وبين وزير الداخلية نهاد المشنوق على الملف المالي قائلاً إن "هذا الكلام مجرد اختراع". وأكد عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري ان "لا رغبة أبداً لدى تيار المستقبل أو مصلحة في دخول أي سجال أو تجريح مع احد في ما خص الملف المالي وان الكتلة لا ترى مبرراً للدخول في المشاحنات والسجالات والبلد يحتاج الى ان نتحمل جميعا المسؤولية في هذا الظرف". وعززت اجواء التهدئة المعطيات التي أشارت الى اتصالات جرت في هذا الموضوع وشارك فيها من الخارج الرئيس سعد الحريري تجنباً لأي أزمة في العلاقات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وتيار "المستقبل ".
وعلى صعيد متصل، قالت مصادر وزارية ان نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي للبنان أكدت أن الانتخابات الرئاسية بعيدة المنال بدل أن تعطي أملا في إنجازها قريباً.
وصرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بأن تعطيل إجتماع اللجان النيابية المشتركة وجلسة إنتخاب رئيس للجمهورية "أعطى إنطباعا أن لبنان جمهورية مسموح فيها بإجراء الانتخابات البلدية فقط".

 

المستقبل :

صورتان متناقضتان ظهرتا في فضاء الأزمة السورية. ميدانياً: تصعيد خطير ومجزرتان اشتركت فيهما طائرات روسية وأسدية في حمص وإدلب وراح ضحيتهما عشرات القتلى والجرحى، فيما تقدم الثوار على جبهتي الملاح في حلب وريف حلب الجنوبي، وسياسياً: تحرك أميركي نحو موسكو لإنقاذ العملية السياسية حيث يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم وزير الخارجية الاميركي جون كيري «الممتعض للغاية» والذي تعهد بفعل كل ما هو ممكن لتخفيف عذابات السوريين.

في هذه الاثناء ساد لغط إعلامي بشأن وجود وزير الدفاع السوري السابق العماد علي حبيب في تركيا لتشكيل حكومة عسكرية برئاسته بالتنسيق مع روسيا، سرعان ما أطفأته أنقرة بنفي وجود حبيب على الأراضي التركية.

فقد أفاد ناشطون بأن الطيران الروسي شن أربع غارات جوية على مدينة أريحا، استهدفت إحداها السوق الشعبية الرئيسية فيها، ما أسفر عن استشهاد 13 شخصاً بينهم أطفال ونساء وإصابة نحو 20 آخرين، إضافة لدمار كبير في المحال التجارية والأبنية السكنية.

وأضاف الناشطون أن بعض الجرحى إصاباتهم بليغة، كما أن فرق الدفاع المدني كانت حتى مساء أمس تحاول انتشال الضحايا من تحت الأنقاض، ما يجعل حصيلة الشهداء مرشحة للزيادة.

وقال قائد الدفاع المدني في اريحا احمد قربي: «توجهنا الى مكان الغارة وكانت هناك حرائق وجثث واشلاء متناثرة هنا وهناك.. ودمار كبير». واوضح ان الاحياء التي تم استهدافها في وسط المدينة هي «احياء سكنية مكتظة بالسكان نظرا لقربها من السوق الرئيسية« مشيرا الى وجود عدد كبير من الاشخاص العالقين تحت الانقاض.

كما شن الطيران الحربي التابع لنظام الأسد عدة غارات جوية على منطقة حرش كفربني القريبة من مدينة مصرين، واستهدف مدينة بنش بالقنابل العنقودية، وقصفت قوات الأسد بلدة التمانعة بالمدفعية الثقيلة، ما خلف أضراراً مادية دون ورود أنباء عن وقوع إصابات.

وارتكب طيران النظام الحربي بمساندة من حليفه الروسي مجزرة مروعة في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي أمس، أدت لمقتل 21 مدنياً بينهم نساء وأطفال وإصابة نحو 30 أخرين بجروح خطيرة نتيجة للقصف الوحشي بالصواريخ الفراغية التي استهدفت سوقا شعبية في المدينة.

وبحسب مصادر من الدفاع المدني، فقد استهدف الطيران الحربي كلاً من الزعفرانة وتلبيسة والرستن والحولة، كما استهدفت قذائف المدفعية والصاروخية تجاوز عددها الـ50 كلاً من الحولة وأطرافها وتلبيسة وما حولها أدت لسقوط مزيد من القتلى والجرحى وسط حالة طبية وإنسانية صعبة يعيشها الريف المحاصر بسبب الحصار المفروض عليه ليعلن الريف الشمالي بالكامل حالة الطوارئ وسط نداءات استغاثة وجهت للمنظمات الطبية والإنسانية في الأمم المتحدة للضغط على النظام السوري وحليفه الروسي لوقف الأعمال العدائية ضد المدنيين في ريف حمص.

وأوضح مستشفى الرستن عبر صفحته الرسمية على موقع «فايسبوك«، أن معظم الجرحى الذين استقبلهم كانوا من النساء والأطفال، وبعضهم في حالة خطرة.

في المقابل، سيطرت كتائب الثوار فجر أمس على ثلاثة حواجز لقوات النظام بريف حماة الجنوبي، وقتلوا عدداً من عناصرها، واستولوا على دبابة وكميات من الأسلحة والذخائر، قبل أن ينسحبوا منها بسبب ضراوة القصف.

وفي حلب، أعلن الثوار مساء الثلاثاء سيطرتهم على عدة نقاط في منطقة الملاح شمال حلب، ومقتل وجرح العشرات من قوات النظام وميليشياته في المعارك الدائرة على عدة جبهات في مدينة حلب، في المعركة التي بدأتها فصائل «الجيش الحر» لإبعاد قوات النظام والمليشيات عن طريق الكاستيلو.

وأمس اعترفت وسائل إعلام موالية للنظام بمصرع مجموعة كاملة من عناصر قوات النظام مكونة من 14 عنصراً يقودهم النقيب سومر بدور، بتفجير الثوار لنفقٍ أسفل البناء الذي يتحصنون به في أحياء حلب القديمة، أول من أمس.

سياسياً، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس إن بلاده تهدف إلى تطوير علاقات جيدة مع سوريا والعراق مضيفاً أن البلدين بحاجة إلى الاستقرار حتى تنجح جهود مكافحة الإرهاب.

وقال يلدريم في تصريحات بثها التلفزيون على الهواء مباشرة «هذا هو هدفنا الأهم والذي لا يمكننا الرجوع عنه: تطوير علاقات جيدة مع سوريا والعراق وكل جيراننا حول البحر المتوسط والبحر الأسود«. وتابع قوله «قمنا بتطبيع العلاقات مع روسيا وإسرائيل، وأنا واثق أننا سنطبع العلاقات مع سوريا أيضا. ولكي تنجح المعركة ضد الإرهاب ينبغي أن يعود الاستقرار لسوريا والعراق«.

لكن مسؤولين حكوميين أكدوا أن كلام يلدريم لا يمثل تغيراً على نطاق أوسع في السياسة الخارجية لأنقرة. وقال مسؤول لوكالة «رويترز« بعد تصريحات يلدريم «في الوقت الراهن لا يوجد أي تغيير في سياسة تركيا بشأن سوريا. تركيا لا تريد مشاكل مع أي من دول المنطقة وتشدد على أهمية القضاء على الإرهاب وكذلك على التعاون الوثيق من أجل الاستقرار الإقليمي«. وأضاف «بالطبع تريد تركيا تطبيع العلاقات مع سوريا لكن لا تغيير في سياستها في ما يتعلق بسوريا في وجود بشار الأسد«.

وفي غضون ذلك، نفت مصادر في رئاسة الحكومية التركية ما ذكرته مصادر عربية أول من أمس، عن وصول وزير الدفاع السوري السابق العماد علي حبيب إلى أنقرة لإجراء مشاورات مع القيادة العسكرية التركية، بهدف تشكيل حكومة عسكرية موسعة في سوريا.

الديار :

لماذا لم يقل جان - مارك ايرولت ان تل ابيب تصرّ على ان تكون طرفاً في اختيار رئيس الجمهورية في لبنان؟
اكثر من مسؤول فرنسي سمع من ديبلوماسيين اننا معنيون، واكثر من اي طرف اقليمي او دولي آخر بمن سيكون رئيس الدولة في لبنان، مع رفض كامل لو سمي العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية.
ولا يخفي هؤلاء الديبلوماسيون ان تل ابيب اتصلت باكثر من جهة عربية لها تأثير على مجريات الاحداث في هذا البلد لتحيطها علما بانها ستضغط من اجل قطع الطريق على اي مرشح رئاسي يرتبط بعلاقة وثيقة مع «حزب الله».
وتبعاً لمعلومات موثوقة وردت من باريس الى مرجعية لبنانية، فان حكومة بنيامين نتنياهو تفضل ابقاء الموقع الرئاسي خالياً لحين تتبلور الامور في سوريا، مع تشديد الديبلوماسيين الاسرائيليين على ان الساحة السورية مقبلة على تطورات بالغة الاهمية ولا بد ان تكون لها تداعياتها على خارطة القوى، كما على خارطة التوازنات، في لبنان... الذين باتوا على علم بالكلام الاسرائيلي الذي تزايد مع توجه وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت، يسألون من هو رئيس الجمهورية الذي تريده تل ابيب؟
الاستنتاج الدولي انه اذا كان الاسرائيليون يريدون ان يكونوا شركاء في صناعة الرئيس اللبناني، فهذا يعني ان الوضع سيزداد تعقيداً، وبالتالي لا رئيس للبنان لا في المدى المنظور ولا في المدى الذي يتعدى النظر...
وكانت الولايات المتحدة قد طلبت من اسرائيل، ومنذ بدايات الازمة في سوريا البقاء بعيدة عن الساحة اللبنانية، بعدما تبينت للاجهزة الاميركية ان الموساد حاول انشاء «خلايا عملانية» جاهزة للتعاطي مع اكثر التنظيمات الاسلامية راديكالية.
الى حد كبير التزمت تل ابيب بـ«الاوامر الاميركية» ولكن في باريس، كما في عواصم اوروبية وعربية، بات الحديث علنيا حول تغييرات مثيرة في العلاقات الاستراتيجية والديبلوماسية في المنطقة، ودون ان يبقى سراً ان الاسرائيليين تدخلوا في اكثر من جبهة في سوريا وليس في الجنوب السوري فقط.
كلام كثير و«هائل» حول القنوات السرية المفتوحة، وسيناريوات حول تدخل جوي اسرائيلي (لليلة واحدة) يقلب المشهد السوري رأساً على عقب، هنا فتش عن واشنطن وعن موسكو ايضاً. حتى الفوضى في سوريا تخضع لايقاع معين. وهذا ما اخذت علما به حكومة تل ابيب التي عليها ان تكتفي بان يدمر السوريون بلدهم لمصلحة الصراعات، او التقاطعات، الجيوبوليتيكية في المنطقة.
ما حدث في نيويورك اول امس بين المندوب اللبناني نواف سلام والمندوب الاسرائيلي داني دانون اثبت ان الرؤوس الحامية في اسرائيل لا تزال على حماوتها، وربما زادت حماوتها، في ضوء ابحاث وتقارير لشعبة الاستخبارات العسكرية، تحذر من تنامي الفاعلية الميدانية لـ«حزب الله».
احدى الدراسات الصادرة عن معهد «جافي» في اواخر العام المنصرم، تحدثت بالتفصيل عن الخبرة القتالية التي اكتسبها مقاتلو «حزب الله» في سوريا حيث تخاض الحرب الاكثر تعقيداً والاكثر تشابكاً.
وهذه الدراسة تذكر بانه في ذروة الحرب الاميركية في فيتنام ذهب موشي دايان الى هناك للتدرب على حرب العصابات، وعلى اساس ان ذلك يمكنه من مواجهة الفلسطينيين دون ان يخطر في باله، في حال من الاحوال، ان لبنان سينتج ذلك الطراز من المقاتلين الذين يتجاوزون، بادائهم العملاني، مقاتلي الفيتكونغ.
تل ابيب التي تحتسب خروقاتها لقرار مجلس الامن الدولي بالالاف، اختارت بلدة شقرا مثالاً، وبلهجة لا تترك مجالاً للشك في ان ثمة شيئا ما في رأس بنيامين نتنياهو...
غالباً ما تكون الاشهر الاخيرة من ولاية اي رئيس اميركي فرصة للمساومة بين اللوبي اليهودي والمرشحين، او فرصة لاختراق الوضع القائم، هل تتجرأ اسرائيل وتنفذ عملية صاعقة في جنوب الليطاني؟

ـ الخط الازرق لا يهتز ـ

حين زار جان - مارك ايرولت مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة، وشاهد على الطبيعة الخط الافتراضي بين لبنان واسرائيل بدا واثقا من ان الخط الازرق لن يهتز. الفرنسيون لديهم ما يكفي من المعلومات حول «المأزق الاسرائيلي».
في وزارة الدفاع الفرنسية وحيث لا يزال هناك الكثير من اللمسات الديغولية، يعتبرون ان التجربة اللبنانية احدثت صدمة في العقل العسكري (والاستراتيجي) الاسرائيلي بعدما كان رؤساء الاركان يعتبرون ان اي حرب ضد لبنان هي، وبالحرف الواحد كما قال رفاييل اتيان، «حرب سياحية».
دانون بدا متوتراً خلال كلامه، لم يهدد بازالة صواريخ«حزب الله» بل طالب بازالتها، دون ان يعرف من هي الجهة التي يختارها لهذه المهمة، ليشير الى ان لدى «حزب الله» من الصواريخ تحت الارض ما يفوق عدد الصواريخ لدى الدول الاوروبية (لنتذكر بريطانيا وفرنسا والمانيا...) الاطلسية فوق الارض...

ـ اختراق الجليل ـ

في تجارب سابقة كان الاسرائيليون يلجأون الى هذه اللغة لكي يضربوا. لكن عشرات الابحاث الاستراتيجية التي صدرت في اسرائيل على مدى العامين او الاعوام الثلاثة المنصرمة تحدثت عن خطط لدى «حزب الله» لاختراق الجليل، حتى ان ضباط احتياط بارزين اشاروا الى ان هذا ممكن للغاية ما دام الحزب الذي يمتلك قوات نخبة عالية المستوى، ومدربة على اكثر المعارك شراسة، يستطيع ان يستخدم صواريخ متطورة ضد الدبابات وايضا ضد الطائرات.
الخط الازرق صامد. مسؤولون لبنانيون لاحظوا ان وزير الخارجية الفرنسي اغفل كلياً السبل الخاصة بالمعالجة الجذرية والشاملة لقضية النازحين السوريين لا بل ان ما تسرب من خلال محادثاته مع مرجعيات مسيحية يظهر ان باريس شديدة التوجسس من انقلاب دراماتيكي في الديموغرافيا اللبنانية ما يعني ان لبنان القديم، بقاعدته المسيحية انتهى.
الثنائي السني - الشيعي
لكن ايرولت حاول ان يترك «خياراً» اخيراً «للامل» كما قال احد المطارنة لـ«الديار» لم يدع المسيحيين الى ان يحزموا حقائبهم، بل دعاهم الى تجاوز كل الخلافات وانتخاب رئيس للجمهورية لان من شأن ذلك اعطاء دفع للحضور السياسي المسيحي.
وفي المعلومات المسربة ان مرجعية روحية قالت للزائر الفرنسي ان النواب المسيحيين ان وقفوا في خندق واحد لا يستطيعون الاتيان برئيس للجمهورية. الورقة الان بيد الثنائي السني - الشيعي الذي يدور في فلك الصراع السعودي- الايراني.
امس يوم اخر، يوم فولكلوري في «الجلجلة الرئاسية».
النصاب طار ايضا في الجلسة الثانية والاربعين وموعد اخر في 8 آب اي بعد 3 ايام من انتهاء ثلاثية الحوار الوطني. وكان لافتا ان النصاب طار ايضا في اجتماع اللجان النيابية المشتركة المولجة ملف قانون الانتخاب.
في ساحة النجمة كان بعض النواب يقولون اما رئيس الجمهورية وقانون الانتخاب، او لا رئىس جمهورية ولا قانون انتخاب الاستحقاقان باتا متلازمين وملزمين. النائب جورج عدوان حلّق فوق الاستحقاق وقال بالاستنفار العام من اجل الوضع المالي.

الجمهورية :

راحت السَكرة الفرنسية... وجاءت الفَكرة اللبنانية. نامَ اللبنانيون على الوعود التي قطعَها وزيرالخارجية الفرنسية جان مارك إيرولت، بتكثيف جهود بلاده على الخطّين السعودي والإيراني، لعلّها تثمر رئاسياً، وكذلك مع المملكة وحدها لعلّها تُثمر إفراجاً عن هبة السلاح للجيش اللبناني.

بمجرّد أن أقلعَت طائرة إيرولت، حطّت الخلافات الداخلية على السطح الداخلي، ودخلت العلاقة بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وتيار «المستقبل» في توتّر ماليّ جرى التعبير عنه في سجال بين الرئيس فؤاد السنيورة ووزير المال علي حسن خليل، إضافةً إلى الحملة السياسية التي يشنّها بعض نواب «المستقبل» على الجلسات الحوارية الثلاث المتتالية التي دعا إليها برّي في 2 و3 و4 آب المقبل، واعتبارها تجاوزاً للدستور.

وبالتزامن، لاحَظ المراقبون برودَ الهمّة الحكومية حيال مقاربة الملف النفطي، وردّ بعضُ المتابعين ذلك إلى بروز تحفّظات لدى رئيس الحكومة تمّام سلام على الاتّفاق النفطي بين برّي ووزير الخارجية جبران باسيل، وجرى التعبير عنها في تغريدة وزير البيئة محمد المشنوق المحسوب على سلام، على حسابه على موقع «تويتر» حيث قال: «مشكلة تفاهم برّي وباسيل حول بلوكات النفط، أنّه لم يتمّ إطلاع القوى السياسية على التفاصيل، كي يأخذ الموضوع طريقَه إلى اللجنة الوزارية ومجلس الوزراء».

علماً أنّ المشنوق نفسَه كان قد اعتبَر في تصريح في 4 تمّوز الجاري أنّ هذا الاتفاق «خطوة إيجابية تُمهّد لرفع الملف إلى مستوى المصلحة الوطنية والشفافية، بعيداً من المزايدات والمحاصَصة».

وثمَّة تساؤلات حول ما استجدّ على الخط الداخلي، لكي تصطدم الإيجابيات الحوارية والنفطية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بري قد لفتَ الانتباه إلى أنّه لمسَ مع بدء إثارة ملف النفط أنّ رئيس الحكومة متحمّس لا بل أكثر المشجّعين له.

وأوضَح أنّ هذا الاتفاق ليس اتّفاقاً ثنائياً، بل هو قضية وطنية تهمّ كلّ اللبنانيين من دون استثناء. وأكّد أنّه ما يزال ينتظر أن يسلك الملف النفطي مسارَه الطبيعي عبر دعوة اللجنة الوزارية المعنية، ومن ثمّ يتمّ طرح الأمر على مجلس الوزراء لإصدار المراسيم التطبيقية، وتلي ذلك إحالةُ الموضوع إلى مجلس النواب لإقرار بعض البنود المرتبطة به.

جلسات... ولا نصاب

وفي السياسة، مرّت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الـ 42 كما هو متوقّع، أطاح بها النصاب وتمّ ترحيلها إلى موعد آخر في الثامن من آب المقبل، كما أطاح النصاب أيضاً بجلسة اللجان النيابية المشتركة التي كانت مخصّصة للبحث في قانون الانتخاب، حيث اقتصَر الحضور على واحد وعشرين نائباً، وتمّ ترحيل الجلسة إلى موعد جديد في السابع والعشرين من تمّوز الجاري.

قبّاني

وفي المواقف، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني لـ«الجمهورية»: أوّلاً، لا يوجد حتى الآن مناخ للاتفاق على قانون انتخابي، ولا توافقَ بعد على قانون المختلط، الأمر الذي يؤثّر على النصاب.

والأمر الثاني المؤثّر هو التزامن بين جلسة اللجان المشتركة وجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فقد كان هناك إحراج مِن أن يأتي النواب إلى جلسة اللجان فيضطرّوا إلى الانسحاب منها عندما تحين الساعة الثانية عشرة للمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس. فالتوقيت كان خلفَ هذا الإشكال».

أبي نصر

من جهته، أوضَح عضو تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب نعمة الله أبي نصر لـ«الجمهورية»: «أنّ عدم اكتمال نصاب جلسة اللجان سببُه أن لا أحد مستعدّ للسير بأيّ اقتراح انتخابي، والنتيجة كانت محسومة سَلفاً، والنواب يئسوا من الاتفاق حول قانون انتخابي معيّن، والجلسة مدّتها ساعة، تَتبعها جلسة انتخاب الرئيس، والظاهر أنّ الكتل النيابية لم تصِلها كلمة السر، ورؤساءَها غير جاهزين بعد للاتفاق على مشروع معيّن، فالمختلط لم «يقلّع» حتى الآن».

الحوت

بدوره، قال نائب «الجماعة الإسلامية» النائب عماد الحوت لـ«الجمهورية»: «أعتقدُ أنّ بعض النواب شعروا بعدم جدّية جلسة اللجان المشتركة نظراً إلى أنّ توقيتها عند الساعة الحادية عشرة، فيما جلسة انتخاب الرئيس عند الساعة الثانية عشرة، وبالتالي صار هناك نوعٌ من التكاسل النيابي لحضورها.

كما أعتقد أيضاً أنّ السبب الأهم، هو الانطباع السائد بأنّ كلّ شيء رحّل إلى جلسات الحوار مطلع شهر آب، فانطباع النواب بأنّ النقاش في مجلس النواب لم يعُد له قيمة بانتظار أن يتوافق رؤساء الكتل، وبالتالي انتقلَ عبء التشريع من داخل البرلمان إلى خارجه بهذه الطريقة، الأمر الذي يجعل النواب يتردّدون بالحضور والمشاركة في اللجان المشتركة».

الأمن... مجدّداً

في هذا الوقت، دقّت مصادر أمنية ناقوس الخطر من تحضيرات تُعِدّها المجموعات الإرهابية لضرب الاستقرار الداخلي، وهو الأمر الذي دفعَ مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية الى رفع مستوى جهوزيتها في تعقّبِ تلك المجموعات وإحباط أهدافها.

والثابت أنّ الخطر يتأتّى من الخلايا الإرهابية الكامنة في بعض المناطق اللبنانية، وكذلك بمحاذاة الحدود اللبنانية ـ السورية، وهذا يتعامل معه الجيش
بكلّ حزم، على نحو ما جرى في الساعات الماضية من مداهمات كثيفة شَملت عدداً مِن مخيّمات اللاجئين السوريين، وبالتزامن مع قصفِ مركَّز نفّذته مدفعية الجيش لمراكز تجمّع الإرهابيين بعدما رصَدت وحداته تحرّكات مشبوهة.

إلّا أنّ الأخطر في هذا السياق، هو التحضيرات الإرهابية للإطباق على بعض المناطق، وسعيُ تلك المجموعات لسيطرة كلّ مِن تنظيم «داعش»على مخيّم عين الحلوة، بأمرة المدعو عماد ياسين، وجبهة «النصرة» بأمرة المدعو هيثم الشعبي.

مصادر أمنية

وقالت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» إنّ «الفصائل الفلسطينية وسكّان المخيّم، قد تلقّوا من الجهات اللبنانية المعنية إشارات تحذيرية، تُنبه إلى خطورة ما يجري في المخيّم، ومحاولةِ الإرهابيين تحويلَه قنبلة موقوتة، قد تنفجر في أيّ لحظة».

ونبَّهت المصادر إلى «أنّ هذا الوضع، إذا ما تفاقمَ أكثر وانفجَر، فسيرتدّ بنتائج وخيمة على سكّان المخيّم الذين سيكونون أوّلَ مَن يدفع ثمنَ ما تُبيته تلك المجموعات.

وهذا يفرض على سكّان المخيّم بالدرجة الأولى، وكذلك على الفصائل الفلسطينية، المبادرةَ إلى حماية المخيّم ولفظ الجسم الإرهابي الخبيث منه، وتجنّب تكرار تجربة «نهر البارد» التي كان لا بدّ منها لاجتثاث الإرهاب منه. وواجب الفصائل وسكّان المخيّم قبل غيرهم، منعُ تلك المجموعات من تحقيق هدفها بجعلِ المخيّم إمارةً لهم وبؤرةَ توتير تفجير ما بين المخيّم وجواره».

ولفتَت المصادر الأمنية إلى أنّ الجيش «يراقب ما يجري في مخيّم عين الحلوة عن كثب، وما زال يعوّل على العاقلين فيه، لإطفاء فتيل التفجير ونزعِ كلّ أسبابه، وفي مقدّمها عدم مجاراة الإرهابيين في ما هم يخطّطون له، ويَعملون على تحقيقه على مراحل:

الأولى: التمدّد والانتشار في المخيّم ومن ثمّ السيطرة عليه، وفرضُ أمر واقع في المخيّم ومحيطه.

الثانية: التحكّم بكلّ الطرقات المحيطة بالمخيّم، وخصوصاً الطريق إلى الجنوب والتي لها رمزيّة دولية بما خصَّ القرار 1701 وعبور قوّات «اليونيفيل». ( مع العِلم هنا أنّ هذه الطريق لها رمزيتها في ما خصَّ المقاومة).

الثالثة: جعلُ المخيّم منطلقاً لعمليات في الداخل اللبناني، وخصوصاً أنّ معلومات مؤكّدة تفيد بأنّ الإرهابيين في المخيّم يقومون بتجنيد الانتحاريين وإعدادِهم، تنفيذاً لأجندات دول خارجية لها حسابات مع قوى لبنانية».

وحيال ذلك، أكّدت المصادر الأمنية «أنّ الجيش لن يَسمح للإرهاب بأن يجد له مكاناً آمناً في المخيّم، أو في أيّ بقعة من لبنان، وليس مسموحاً على الإطلاق أن يتحوّل مخيّم عين الحلوة بؤرةً للإرهاب، فينطلقَ منها لتفجير كلّ لبنان، وسيواجه ذلك بكلّ قوّة وعزم».

وفي السياق نفسِه، وفي وقتٍ يتمّ تضييق الخناق عليه، حقّق جهاز أمن الدولة إنجازاً أمنياً جديداً، تمثّلَ بتمكّن مكتب زحلة من توقيف السوري (ن.س) في البقاع الأوسط مع إثنين من مساعديه.

وعلمت «الجمهورية» أنّ «الموقوف كان أميراً مهمّاً لجبهة «النصرة في ريف حلب الجنوبي، وكشفَت التحقيقات معه أنّه كان يملك نفوذاً كبيراً، ويَحظى بمواكبة أمنية في ريف حلب، وكان من أهمّ القياديين على الأرض، لكنْ بعد خلاف مع القيادة، تركَ الموقوف منطقة خدمته منذ سنة وانتقلَ إلى البقاع الأوسط مع مساعديه، ولم تُبيّن التحقيقات حتّى الساعة قيامَه بأيّ نشاط إرهابي في لبنان أو تخطيطَه للقيام بأيّ مشروع مشبوه».

وأشارت المعلومات لـ«الجمهورية» أنّ «الجهاز اضطرّ لتسليم الموقوفين إلى شعبة المعلومات لاستكمال التحقيقات ومتابعة حركة اتصالاتهم، لأنّ «داتا» الاتصالات ما زالت محجوبة عنه وتُمنَع عليه.

 

اللواء :

في موازاة عدوى التعطيل التي انتقلت إلى اللجان النيابية التي لم يكتمل نصابها العددي أمس، بعد استمرار غياب النصاب السياسي في جلسات انتخاب الرئيس، والتي تجاوزت الـ42 جلسة وضرب لها الرئيس نبيه برّي موعداً جديداً في 8 آب الذي هو، من حيث المبدأ شهر العطلات النيابية، صمدت «فترة التهدئة» المستمرة من قبل شهر رمضان الماضي.
وتمثل هذا الصمود، عشية جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد اليوم بجدول أعمال من 59 بنداً، بملاحظتين:
الاولى: إطفاء «العواصف الفنجانية» التي هبت بتأثير من تقرير وزير المال علي حسن خليل، وتوصيف كتلة «المستقبل» التي انعقدت برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في اليوم نفسه وانتقدت ما اسمته تقاعس وزارة المال عن ضبط الهدر وعدم إقرار الموازنة في موعدها الدستوري، الأمر الذي أدى أيضاً إلى ردّ من الوزير خليل تجاوز خط التهدئة.
والثانية: تمسك «التيار الوطني الحر» بسياسة التهدئة والابتعاد عن المواقف التصعيدية، سواء عبر بيانات التكتل أو نوابه، أو المواقف التي اتسمت بها اجابات رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل في مقابلته التلفزيونية مع محطة M.T.V والتي ابتعد فيها عن مواقف تثير اطرافاً سياسية حليفة أو خصمة، سواء في ما يتعلق بالتمديد لعقدي الخليوي المدرج على جلسة مجلس الوزراء اليوم، أو الاستحقاقات المقبلة في قيادة الجيش أو الأجهزة الأمنية، أو حتى ملف النفط الذي دافع الوزير باسيل عن خلفيات التفاهم حوله مع الرئيس نبيه برّي.
ماذا قال ايرولت؟
وعلى الرغم من الرسالة التي نقلها وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت للقيادات اللبنانية التي التقاها، من ان لا أحد في الخارج يمنع اللبنانيين من التوصّل إلى تفاهم لحل الأزمة السياسية والدستورية في البلاد، انطلاقاً من ان الأزمة السورية ليست وحدها التي أدّت إلى استمرار الشغور الرئاسي، وأن فرنسا وضعت على جدول أعمالها الاهتمام بالمسألة اللبنانية كأولوية فرنسية في الأشهر المقبلة، فإن الجلسة 42 لانتخاب الرئيس أسفرت عن تحديد موعد للجلسة 43، على وقع مواقف وكلام معاد رتيب وممل، وأجوف في ما خص تبادل التهم وتحميل مسؤوليات الفراغ.
وما لم يقل على ألسنة النواب أمس، قيل في الغرف المغلقة بين الوزير ايرولت والقيادات المعنية بالاستحقاق الرئاسي.
ففي المعلومات التي كشفت عنها مصادر سياسية بارزة لـ«اللواء» ان الوزير الفرنسي لم تكن لديه اقتراحات محددة لمعالجة التعطيل المتعمد للاستحقاق الرئاسي من قبل «حزب الله» والتيار العوني.
وتركزت المحادثات على محاور خمسة تقدمها الشغور الرئاسي ومخاطر استمراره، وتأثيرات الأزمة السياسية على الاستقرار اللبناني بما في ذلك موضوع اللاجئين السوريين، فضلاً عن تأكيد استمرار فرنسا دعم المؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة الإرهاب.
وفي ما خص الاستحقاق الرئاسي، كشفت المعلومات ان الرئيس سعد الحريري ورداً على سؤال حول المقترحات المطلوبة لحل أزمة الرئاسة، قال لأيرولت انه قام بأكثر من مبادرة منذ مغادرة الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا، ومنها ترشيح النائب سليمان فرنجية الذي لا ينتمي إلى تحالف 14 آذار.
واضاف: ان هذه المبادرة قوبلت بالتطعيل أيضاً، وأن حزب الله يرفض اجراء الانتخابات الرئاسية لحسابات ومصالح خارجية لصالح النظام الإيراني، وهو لتغطية سياسته يتلطى وراء ترشيح النائب ميشال عون، ولو كان جدياً لاقنع النائب فرنجية بالانسحاب لصالح لعون.
وأكد الرئيس الحريري للوزير الفرنسي انه متمسك بدعم وترشيح النائب فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى، وسيكون أوّل من يهنئ من ينتخب حتى لو كان عون، مكرراً ان من يعطل انتخابات الرئاسة هي إيران، وداعياً فرنسا إلى التحدث مع المسؤولين الإيرانيين لتسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، انطلاقاً من دور فرنسا ومسؤولياتها.
وفي سياق مقابل، كشفت مصادر مقرّبة من حزب الله لـ«اللواء» أن أيرولت جسّ نبض الحزب في محاولة لمعرفة نوع الضمانات التي قد يقدّمها الرئيس الحريري إذا قبل بالتصويت للجنرال عون.
ووصفت المصادر السؤال حول الضمانات بالدوران حول الموضوع، فالوزير الفرنسي لم يشرح مضمونها وطبيعتها، لكن المصادر ألمحت إلى إمكان أن تكون تتعلق «بموضوع رئاسة الحكومة وشكل القانون الانتخابي الذي يعطي حصانة نيابية وازنة للرئيس الحريري تحت سقف الطائف دون استثناء موضوع النفط وحصة الحريري والفرنسيين منه».
العواصف الفنجانية
وفيما آثر الرئيس برّي الابتعاد عن السياسة والنفط والنزاع المالي المستجد، في لقاء الأربعاء النيابي، محذّراً من تفاقم كارثة تلوّث مياه نهر الليطاني، داعياً كل الجهات والإدارات والأجهزة المعنية إلى ممارسة دورها في حماية الليطاني من كل أشكال الاعتداءات والانتهاكات لهذا النهر الحيوي أكان على صعيد المرامل أو شبكات الصرف الصحي أو غيرها، كشف مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» لـ«اللواء» أن اتصالاً جرى بين «بيت الوسط» وعين التينة، ساهم في لملمة الخلاف الذي نشأ بين الرئيس السنيورة والوزير خليل في أعقاب التقرير الذي قدّمه إلى مجلس الوزراء أمس الأول حول الوضع المالي للدولة، مؤكداً أن الرئيس الحريري تدخّل شخصياً للملمة السجال قبل أن يتفاقم إلى أزمة بين الطرفين، مشيراً إلى أن البلد لا يتحمل تراشقاً واتهامات في الموضوع المالي.
ولفت إلى أن البيان الذي صدر باسم كتلة «المستقبل» والذي تلاه النائب عمار حوري، على هامش اجتماعات اللجان وجلسة انتخاب الرئيس، ومن ثمّ التوضيحات التي حرص الرئيس السنيورة على إعلانها بعد تأجيل الجلسة، ساهمت في إطفاء الخلاف، بدليل أن الوزير خليل نفسه أعلن مساء أمس تعقيباً على التوضيحات بأن الموضوع إنتهى.
وفيما أعلن حوري في بيان الكتلة أن لا مبرر لأي مشاحنات أو تجريح، وصف الرئيس السنيورة السجال الذي اندلع حول الوضع المالي والذي طاول حكومته السابقة «بالعواصف الفنجانية» أو «زوبعة في فنجان»، مشيراً إلى أنه «لا مسلّة تنعرنا»، معتبراً توجيه الكلام بالشخصي أمر مُعيب، موضحاً أن ما جاء في بيان الكتلة لم يكن ردّاً من قريب أو بعيد عمّا قاله وزير المال في مجلس الوزراء.
ومن جهة ثانية، كشفت مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» أن وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» سيثيرون في جلسة مجلس الوزراء اليوم مسألة الليطاني، وسيحاولون استصدار قرار في شأن وقف التعديات على هذا النهر، وأنه إذا لم يتمكنوا من ذلك، من خارج جدول الأعمال، فإنهم سيطالبون بإدراج الموضوع على جدول الجلسة المقبلة، على اعتبار أن جلسة اليوم حافلة بموضوعات معقدة، بينها تمديد عقدي الهاتف الخليوي، وطلب وزارة المال إعفاء بعض الشركات والمصارف من غرامات تقدّر بنحو مائة مليون دولار، إلى جانب مسائل تتعلق بنفايات بيروت.
التعيينات الأمنية
في هذا الوقت، وعلى خلفية ما حدث في ملف جهاز أمن الدولة لجهة إحالة نائب رئيس الجهاز العميد محمّد الطفيلي إلى التقاعد، على الرغم من عدم تعيين بديل، فإن الأنظار تتجه إلى استحقاقات تتعلق بضباط كبار في غضون الفترة الممتدة من 21 آب 2016، وهو تاريخ ينتهي فيه قرار وزير الدفاع سمير مقبل بتأجيل تسريح أمين المجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمّد خير والذي صدر في 6 آب 2015، والذي شمل في الوقت نفسه تأجيل تسريح رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، وفي التاريخ نفسه تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وبين التمديد والتعيين تبرز إشكالات قانونية وسياسية تجعل التداول بهذا الملف على الطاولة، وإن بعيداً عن الأضو