لخّصت مصادر سياسية اجواء المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ، وقبله رئيس الحكومة تمام سلام ، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مكتبه الخاص ، ووزير الخاجية جبران باسيل ، فأكدت انّ ايرولت لم يحمل اي مبادرات، وكذلك لم يطرح اي أفكار تساهم في بلورة او إنتاج حلول للملف الرئاسي وسائر الملفات اللبنانية العالقة. واشارت الى انّ الرجل حرص خلال محادثاته على ان يكون ودياً، وكثيراً ما قدّم مجاملات وتمنيات.

واضافت المصادر لصحيفة “الجمهورية”، إن ايرولت طرح أسئلة واستفسارات حول كثير من القضايا الداخلية. كذلك حرص على تأكيد موقف فرنسا الداعي الى إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان في أقرب وقت، مشدداً على دور القيادات اللبنانية في نسج التوافق والتفاهم حول هذا الاستحقاق.

ونقل ايرولت حرص المجتمع الدولي على استقرار لبنان، مشيراً الى الخطر الذي يشكّله الارهاب في العالم كله، ومُثنياً على دور لبنان في مواجهة هذا الارهاب والانجازات التي يحققها في هذا المجال.

ولفت الى موقف فرنسا والمجتمع الدولي المشدّد على ضرورة النأي بلبنان عن الأزمة السورية ومنع تَمدّدها اليه. وعَبّر عن ارتياحه الى الوضع الأمني والهدوء الذي ينعم به الجنوب اللبناني. داعياً الى المحافظة على هذا الوضع ومنع حصول اي خروقات من الجانبين اللبناني والاسرائيلي.

وشدّد رئيس الديبلوماسية الفرنسية على دور القيادات اللبنانية في نسج التفاهمات في ما بينها لتجاوز الأزمة التي تعصف ببلدها، مؤكداً “تضامن فرنسا الكامل” مع لبنان ربطاً بأزمة النازحين السوريين والعبء الذي يشكّله هؤلاء على لبنان، مثنيا على دور الجيش والاجهزة الأمنية اللبنانية في مواجهة الارهاب وحماية أمن لبنان واستقراره.

وهنا، تجدر الإشارة الى انّ بري ، وبعدما عرض لإيرولت الوضع اللبناني والتحديات التي يواجهها لبنان، خصوصاً في ما يتصِل بالارهاب الذي يَتهدده، شَدّد للوزير الفرنسي على أهمية وضرورة دعم الجيش معتبراً انّ أولى الواجبات الفرنسية لتأكيد هذا الدعم تكمن في مبادرة باريس بما لها من علاقة قوية مع السعودية، الى إعادة تحريك الهبة السعودية للجيش اللبناني وإقناع المملكة بتغيير رأيها والافراج عن هذه الهبة التي تشكّل حاجة ماسّة للجيش في هذه المرحلة. وقد وعد الوزير الفرنسي خيراً في هذا المجال.

وقالت المصادر نفسها انّ ايرولت شدّد على اهمية الاستقرار السياسي في لبنان، مشيداً في هذا السياق بالحوار الذي يرعاه بري، آملاً في ان تؤدي الجلسات الحوارية المتتالية المزمع عقدها في أول آب المقبل الى حلول ترضي اللبنانيين.

وكان ايرولت ثَمّن الدور الذي يؤديه بري ورعايته للحوار الوطني “الذي هو ضرورة مهمة للبنان”، معتبراً انّ نظرته “هي نظرة رجل وطني يحبّ بلده ويريد ويعمل على حل أزماته عبر الحوار بين جميع القوى اللبنانية من اجل اتفاق متكامل يسمح في الوقت نفسه بانتخاب رئيس الجمهورية وتفعيل الحكومة والمجلس النيابي من أجل مصلحة لبنان. ونحن نعرف انّ هذا الامر صعب لكنه ضروري”.

وأفادت معلومات لـ”الجمهورية”، أن ايرولت كان خلال لقائه مع سلام مستمعاً أكثر منه متكلّماً. وبعدما عرض رئيس الحكومة لواقع الحال، طرحَ وزير الخارجية الفرنسي أسئلة عدة حول الوضع الداخلي، مؤكداً حرص بلاده على الاستمرار في السعي لحَلّ الازمة اللبنانية، وانها لن تتخلى عن لبنان وستواصل الاتصالات مع الجهات المعنية لإيجاد مخارج والدفع في اتجاه التَوصّل الى حل، خصوصاً مع السعوديين والايرانيين.

وقالت مصادر واكبَت زيارة ايرولت لـ”الجمهورية”، انه “لم يحمل ايّ مبادرة او اقتراح، وأنّ لقاءاته السريعة دَلّت الى غياب البحث الجدي في خطوات عملانية، وأنه ركّز في محادثاته على الخطوط العامة من دون التسويق لأمر محدد، وكان استطلاعياً مستمعاً في معظم الاحيان مُتّسِماً بهدوء يعكس إدراكه أنّ إحداث خرق في الازمة حالياً هو من المهمات الصعبة. وحتّى عندما أتى على ذِكر الهبة السعودية للجيش اللبناني، قال بنَحو عابِر: «سأحاول إحياءها من دون إغداق الوعود”.