المحاصصة حاكمة على فشل كل الحلول , ومحاولات فرنسية وأميركية لحل أزمة الرئاسة العالقة في فخ التعطيل الايراني

 

السفير :

كثيرة هي السيناريوهات والروايات التي حيكت حول تفاهم عين التينة النفطي، أما الحقيقة فلا يعرفها سوى الرئيس نبيه بري ومعاونه السياسي علي حسن خليل، والعماد ميشال عون ووزيره «فوق العادة» جبران باسيل.
لكن هذا التفاهم على أهميته، ليس سوى البداية.. لا النهاية.
في الداخل، يتعين على «ناقلة» الحلم النفطي ان تعبر ممرات اللجنة الوزارية المعنية، ومجلسي الوزراء والنواب، قبل ان تبدأ رحلتها الطويلة والشاقة في قعر المياه اللبنانية، نحو آبار الغاز..
أما النصف الآخر من «الفتوحات النفطية» المنتظرة، فيتوقف على إنجاز عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وتحديدا في المنطقة البحرية المتنازع عليها والتي تبلغ مساحتها قرابة 850 كلم2، حيث تبين بالوقائع العلمية ان لبنان يملك في هذه المنطقة كميات كبرى من النفط والغاز، وتحديدا في البلوكين 8 و9 الواقعين في مرمى الاطماع الاسرائيلية.
وإذا كانت بيروت قد انتزعت من الموفد الاميركي السابق فريدريك هوف اعترافا بسيادتها على قرابة 90 في المئة من مساحة الـ850 كلم2، إلا ان مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الطاقة الذي حلّ مكانه، آموس هوكشتاين، بدا أقل مرونة في مقاربة الحق اللبناني، وأكثر انحيازا الى الطرح الاسرائيلي.
ومع ذلك، فان الاتجاه السائد لدى الدولة اللبنانية يتجه نحو عدم الربط بين مسارات الترسيم والعرض والتلزيم، بحيث يتم عرض البلوكات الجنوبية 8 و9 و10، من ضمن تلك التي ستعرض، وفي حال ابدت الشركات الدولية اهتماما بالاستثمار فيها، وفق اسعار جيدة، يجري إبرام عقود معها، على ان تخضع «خطوط التماس» النفطية مع اسرائيل الى مقاربة خاصة، في انتظار إتمام ترسيم الحدود البحرية.
وقد تلقى الاميركيون، خلال الأشهر الماضية، إشارات لبنانية واضحة مفادها ان أي لعب بالنفط هو كاللعب بالنار، وبالتالي ان «أي خطأ اسرائيلي في التعامل مع حقوقنا قد يجر الى حرب، من شأنها ان تهدد بإشعال المنطقة».
تبدو المعادلة واضحة، بالنسبة الى بري الذي يختصرها كالآتي: «لن نقبل باستحداث مزارع شبعا بحرية في مياهنا
وفيما يصر لبنان على رفض أي تفاوض سياسي مباشر مع العدو الاسرائيلي، لتسوية النزاع الحدودي، عُلم ان بيروت قد اقترحت على الاميركيين، عبر هوكشتاين، مبادرة ترمي الى إعادة إحياء دور لجنة تفاهم نيسان، التي كانت تضم ضابطا لبنانيا وضابطا اسرائيليا وثالثا من «اليونيفيل»، على ان تتولى هذه اللجنة انهاء مشكلة الحدود البحرية بالاستعانة بخبراء تقنيين كما جرى في موضوع ترسيم الحدود البرية (الخط الأزرق)، ولا مانع لدى لبنان من متابعة الأميركيين لهذا المسار.
ويمكن اثناء التفاوض تلزيم شركات دولية حيادية للبلوكات الحدودية الجنوبية، في حال توافر الشروط المناسبة، مع عدم التصرف بموارد الجزء المتنازع عليه في البلوكين 8 و9، الى حين إنجاز الترسيم.
وأثناء الزيارة الاخيرة التي قام بها هوكشتاين الى بيروت، عقد اجتماعا ساخنا مع بري الذي باغته بالقول: أنا أعرف الكثير عنك، بما في ذلك أنك تمضي معظم إجازاتك في اسرائيل..
كانت هذه الإشارة كافية، لإيصال رسالة الى الزائر الاميركي الذي حاول ان يتشاطر قدر الامكان على المطالب اللبنانية، فأكد له رئيس المجلس انه ليس واردا لديه التخلي عن كوب ماء من البحر اللبناني «تماما كما انني لا أطمع في كوب واحد من مياه البحر الفلسطيني المحتل».
ونبه بري ضيفه الى خطورة الموقف، قائلا له: باسمي وباسم «حزب الله»، أؤكد لك اننا لا نريد نشوب حرب مع اسرائيل، لكن النزاع على النفط والحدود ربما يتسبب في اندلاعها، فانتبهوا..
قصة «التفاهم»
في هذا الوقت، تمكن لبنان من تحسين موقعه التفاوضي، عبر تفاهم عين التينة الذي سبقه مخاض عسير وطويل.
كان بري يلح على الوزير جبران باسيل، خلال توليه وزارة الطاقة، ان يستعجل في عرض البلوكات النفطية العشرة، «بغية حماية حقوق لبنان البحرية والنفطية عند الحدود مع فلسطين المحتلة»، تاركا له حرية اختيار عدد البلوكات التي سيتم تلزيمها للشركات تدريجيا. لكن باسيل كان يرفض طرح العشرة، دفعة واحدة، خصوصا انه لم تكن بحوزته معطيات جازمة، آنذاك، حول وجود محتوى غازي كبير في البلوكات الجنوبية المحاذية للكيان الاسرائيلي.
تكررت محاولات بري لإقناع باسيل بنظرية «الطوابق العشرة»، على قاعدة انه عندما يتم الانتهاء من تشييد مبنى جديد، تُعلق في العادة عند مدخله لافتة يكتب عليها: «للبيع او الإيجار»، من دون استثناء أي من الطوابق، وعندما يأتي الزبون، يختار الطابق الذي يعجبه ثم يحصل تفاوض معه حول السعر ويكون القرار الأول والأخير لصاحب المبنى.
لم ينجح بري طيلة ثلاث سنوات في إقناع باسيل بتسييل هذه القاعدة نفطيا.. ومع استمرار المراوحة، بدأ رئيس المجلس يرتاب في أبعاد تصلب وزير الطاقة آنذاك.
أصيب الملف بجمود عند هذا الحد، وأصبحت طريق المرسومين النفطيين الى طاولة مجلس الوزراء غير سالكة وغير آمنة، بفعل رصاص القنص السياسي.
مرت الايام الضائعة والمهدورة، ثقيلة الوطأة، الى ان طلب وزير الطاقة الحالي آرتور نظاريان لقاء بري مؤخرا.
وصل نظاريان الى عين التينة متأبطا الخرائط، يرافقه أعضاء هيئة إدارة قطاع البترول. على الفور، خاطب نظاريان رئيس المجلس قائلا: «لقد تبين انك كنت على حق يا دولة الرئيس عندما أكدت منذ سنوات وجود مكامن نفطية لبنانية في أقصى الجنوب، متداخلة مع المياه الفلسطينية المحتلة».
ثم ما لبث وزير الطاقة ان فَرَد على الطاولة خريطة مزدحمة بالألوان، فيما تولى أحد أعضاء الهيئة شرح مضمونها والفارق بين لون وآخر.
ترك بري مقعده، وجلس على الكنبة المحاذية، قبالة الخريطة، وراح يدقق فيها، حيث تبين له ان اللون الداكن يغطي جزءا واسعا منها، وهو اللون الذي يؤشر الى المكامن الجنوبية الحدودية، المثبت بشكل نهائي، انها غنية بالغاز، وفق مسح أجرته خلسة احدى الشركات الدولية المتخصصة، فيما يرمز اللون الفاتح الى النقاط التي من المحتمل انها تحتوي كميات من الغاز.
بعد أيام، انعقدت جلسة الحوار الوطني في عين التينة، فانتهز بري الفرصة ليدعو الرئيس تمام سلام، خلال دردشة جانبية، الى الاسراع في عقد جلسة لمجلس الوزراء، يكون المرسومان النفطيان على جدول أعمالها.
استغرب سلام الطلب، وقال لبري: ألا تكفيني مصائبي، حتى اضيف واحدة جديدة اليها.
حاول بري ان يشرح لرئيس الحكومة سريعا ان هناك تطورا إيجابيا طرأ على الملف، ناصحا إياه بان يتشاور في الامر مع الوزراء باسيل وخليل ونظاريان الذين كانوا مشاركين في جلسة الحوار.
لم يبد سلام حماسة فورية لاقتراح بري، مشترطا حصول توافق سياسي حول المرسومين النفطيين بين رئيس المجلس والعماد ميشال عون، قبل التئام أي جلسة بترولية للحكومة.
لاحقا، ابلغ خليل رئيس المجلس ان باسيل يرغب في لقائه. على الفور، ألغى بري موعدا كان محددا في اليوم التالي، ليتسنى له مقابلة وزير الخارجية، طالبا من معاونه السياسي ان يقترح على باسيل ان يأتي بثياب «سبور»، حتى لا يتخذ الاجتماع طابعا رسميا، لا سيما وان الحصيلة السلبية للقاءات السابقة دفعته الى التعاطي بحذر مع الزيارة المفاجئة.
حطّ باسيل في عين التينة مزودا بخرائط تفصيلية، فيما توقف بري عند نتائج المسوحات التي أثبتت صوابية توقعاته بامتلاك لبنان مكامن غازية مشتركة مع كيان الاحتلال، وتحديدا في البلوكين 8 و9 وهما الاكثر عرضة لخطر السرقة الاسرائيلية.
وتوجه بري الى ضيفه قائلا: كل ما أطلبه هو ان نتفق على عرض البلوكات العشرة، وبعد ذلك، لست معنيا بعملية التلزيم، ومن أين تبدأ واين تنتهي.. ربما يتقرر في المرحلة الاولى تلزيم ثلاثة بلوكات او اثنين او واحد، هذا ليس شأني، بل شأن وزارة الطاقة وهيئة القطاع.
حاول باسيل ان «يأخذ ويعطي» في هذا الجانب، على مدى قرابة ساعة من الوقت، لكن رئيس المجلس بدا متمسكا باقتراحه قائلا: تحملت كثيرا وصبرت طويلا.. يجب أن ننتهي من القصة، حتى نحمي ثروتنا في المكامن الجنوبية من التهديد الاسرائيلي الداهم، وأضاف: إذا تقرر عرض البلوكات العشرة ينبغي ان تكون بلوكات الجنوب الثلاثة من ضمنها، وإذا تم عرض خمسة ينبغي ان تكون البلوكات الجنوبية بينها، وإذا جرى عرض اثنين، فان الاولوية تبقى لبلوكين جنوبيين ونضيف اليهما الجنوبي الثالث.. أنا لا أشترط ان يبدأ التلزيم العملي من البلوكات الجنوبية، هذا ليس اختصاصي، ما يهمني ان تكون مشمولة بالعرض لنقطع الطريق على أي قرصنة اسرائيلية.
وعندما همّ باسيل بالمغادرة، توقف للحظات عند باب الغرفة متوجها الى بري بالقول: «ما دمنا قد اتفقنا على ملف النفط، فماذا عن الملف الآخر والذي لا يقل أهمية»؟
بري: عن أي ملف تتكلم؟
باسيل: رئاسة الجمهورية..
بري: «عدس بترابو، وكل شي بحسابو»..
.. وبعد أيام، حل عون ضيفا على عين التينة.

النهار :

في ظل العنوان الابرز الذي يحكم المرحلة الراهنة وهو "مكانك راوح"، على رغم كل مسحات التفاؤل لدى البعض بإمكان انهاء الازمة الرئاسية في آب أو في تشرين الاول المقبلين، ثمة ثلاث محطات هذا الاسبوع قد تعيد تحريك العجلة السياسية بعد جمود فرضته عطلة عيد الفطر وتأجيل الاستحقاقات. لكنها لا توحي جميعها بامكان تحقيق خروقات كبيرة على مستوى الملفات المعلقة. أما الجلسة الـ 42 لانتخاب رئيس للجمهورية الاربعاء، فلا تحتسب ضمن هذه السلة اذ انها استمرار للشغور ولا تدفع في اتجاه أي بلورة للحل أو توحي بتقدم حقيقي في هذا الملف.
وتتمثل المحطة الاهم في زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت لبيروت اليوم وغداً، ولقائه مسؤولين سياسيين واقتصاديين ودينيين بالاضافة الى مسؤولين أمميين في بيروت معنيين بملف اللاجئين السوريين. لكن ما بات واضحاً ان الوزير الفرنسي لا يحمل مبادرة واضحة أو بذور تسوية اقليمية يسعى الى التحضير لها، بل يركز على استمرار الاهتمام الفرنسي بلبنان، وسعيه الى اقناع اطراف الداخل بالاتفاق على لبننة الاستحقاق تمهيداً لاقناع الاطراف المؤثرين في الخارج بـ"مباركة" اتفاق الداخل.
وعشية زيارته، تحدث الوزير ايرولت الى مراسل "النهار" في باريس سمير تويني، فقال انه "من الملح التوصل الى حل للازمة المؤسساتية التي تنخر لبنان، وتقع مسؤولية حل الازمة على الجهات السياسية اللبنانية مع دعم شركاء لبنان الإقليميين. وفرنسا على اتصال دائم بايران والمملكة العربية السعودية، وهي تشدد دائماً لديهما كما مع جميع محاوريها وشركائها على ضرورة إنهاء الازمة في لبنان. وقد أجريت محادثات معمقة مع ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ونظيري الايراني محمد جواد ظريف. ويتعين على جميع الجهات الفاعلة ان تدرك ان من مصلحتها إنهاء الازمة، مما سيضع حداً للفراغ الرئاسي ويتيح للمؤسسات اللبنانية استئناف عملها. ويجب عزل حل الازمة في لبنان عن المسألة السورية".
ولاحظ ايرولت ان "عملية الانتخاب معرقلة حالياً، وخصوصاً لأن البعض يمنع إجراءها. لذا أوجه رسالة عاجلة الى جميع الاطراف اللبنانيين لكي يجتمعوا ويتيحوا إبرام اتفاق يشمل أوسع طيف ممكن تمهيداً لإنهاء الازمة سريعاً، وانتخاب رئيس واستئناف عمل المؤسسات بصورة طبيعية". 

مجلس الوزراء
وقبيل مغادرة الضيف الفرنسي بيروت الثلثاء، يعقد مجلس الوزراء جلسته الاولى لهذا الاسبوع، وهي مخصصة للبحث في الوضع المالي وسيعرض خلالها وزير المال علي حسن خليل تقريرا من 41 صفحة يفصل فيه تراجع الواردات في مقابل زيادة النفقات، ويشدد على ضرورة اتخاذ اجراءات ملحة تضمن استمرار الدولة في ايفاء المتوجبات عليها. كما يعقد المجلس جلسة عادية الخميس المقبل يتوقع ان تتطرق الى الملف النفطي في ضوء الاتفاق الاخير بين "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر".
ولدى إستيضاحه الخطوات التي يعتزم إتخاذها على هذا الصعيد، صرّح رئيس الوزراء تمام سلام: "النهار" بأنه يريد "درس الملف بكامله والاطلاع على كل المعطيات في شأنه قبل إتخاذ أي خطوة"، لافتاً إلى ان "هذا الملف ليس ملفاً سياسياً بل ملف وطني وسيكون لكل خطوة نتخذها اليوم إرتداداتها على المستقبل. وهذا ما يتطلب منا الكثير من العناية والتعامل بمسؤولية مع هذا الملف الدقيق. من هنا، حرصي على أن أطمئن إلى ان الوضع سيستقر على خطوات وإجراءات أشبعت درساً".

 

الديار :

كان وزير الخارجية الفرنسية الاسبق اريفيه دوشاريت يقول «ان من يدخل الى الكي دورسيه لا بد ان يكون فيه شيء من لبنان». لم تكن هذه حال لوران فابيوس الذي فيه الشيء الكثير من اسرائيل...

الوزير الحالي جان مارك ايرولت، وان وصف بالشخصية الكلاسيكية، او البيروقراطية، لا بد ان يكون فيه شيء من لبنان. اليوم في بيروت. ربما يتساءل كيف لبلد بهذا الحجم ان يتحمل كل هؤلاء السياسيين بألقابهم الثقيلة (فخامة الرئيس، دولة الرئيس، عطوفة الجنرال، معالي الوزير، سعادة النائب)، ومن اللقب العثماني «البيك» الى اللقب العثماني الآخر «الافندي» كان هناك باشا (حبيب باشا السعد) ولا باشوات بعده...

قبل وصوله كانت باريس قد قالت ما يفترض ان يقال «زيارة من اجل الجمهورية لا من اجل رئاسة الجمهورية. هنا النظام ليس توتاليتارياً ولا ديكتاتورياً ليكون التداخل العضوي (والتاريخي) بين الجمهورية ورئاسة الجمهورية ومع ذلك شعار باريس: لا جمهورية دون رئيس الجمهورية.

باريس قلقة على لبنان. رئيس الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه لا يتصور ان خارطة سوريا والعراق ستعود كما كانت. كيف يمكن ان يبقى لبنان خارج اللعبة وحتى خارج الاعصار؟ لا بد ان تكون عواطف الفرنسيين قد تغيّرت حيال لبنان، ولكن ليس الى حد النسيان. امزجة اللبنانيين تغيرت ايضاً. في كأس اوروبا لكرة القدم كانت غالبية اللبنانيين مع انغيلا ميركل لا مع فرنسوا هولاند.

ايرولت شخصية دؤوبة ويدرس الملفات بدقة. قد يكون هناك من اسرّ باذنه انه سيكون امام كوكتيل عجيب من السياسيين. لماذا لم يضع سيغمند فرويد في حقيبته، او اي عالم نفس معاصر، لكي يستطيع ان يفهم كيف يفكر وليد جنبلاط او ميشال عون او محمد رعد او فؤاد السنيورة وغيرهم وغيرهم وغيرهم...

ايرولت في قصر الصنوبر ويعرف ان على درج القصر اعلن الجنرال هنري غورو قيام «دولة لبنان الكبير». قبل ان يصل كان قد اخذ علماً بان هذه الدولة قامت من اجل المسيحيين بل ومن اجل الموارنة الذين وصفهم الملك لويس التاسع (القديس) بـ «فرنسيي الشرق».

لدى الساسة الموارنة شيء من الشرف الفرنسي، وشيء من التعالي الفرنسي، وايضا شيء من الجمهورية الرابعة الفرنسية، وحيث الجميع يحطمون الجميع. في نهاية المطاف الجمهورية هي التي تتحطم..

الزائر الفرنسي سيسأل اين الموارنة؟ هل حقاً ان باتريس باولي، رئيس دائرة الازمات في وزارة الخارجية، قال له ان هناك صراعين في لبنان صراع كبير بين السنّة والشيعة، وصراع صغير بين الموارنة والموارنة؟

لا رئيس جمهورية هناك، حين يلتقي قائد الجيش جان قهوجي او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيكتشف ان الموارنة، من غير السياسيين، هم الذين يحمون لبنان عسكرياً ومالياً. ما حال السياسيين؟

مهما قيل، ليس الموارنة هم الذين يختارون رئيس الجمهورية حتى ولو تقمص سمير جعجع شخصية قسطنطين الاكبر وحاول ميشال عون ان يرسم على جبينه صليب اللورين. السنّة والشيعة ان اتفقوا، داخلياً وخارجياً، هم من يختارون الرئيس الماروني.

بطبيعة الحال يصل القلق الفاتيكاني الى فرنسا، وهي الابنة الكبرى للكنيسة. في الحاضرة البابوية خوف كبير من اعادة هيكلة السلطة في لبنان، ثمة ازمة عضوية وبنيوية، وثمة قناعة بان الصراع السني - الشيعي قد يستمر لمائة عام. في هذه الحال اين المسيحيون؟ وما هو مصيرهم ان خسروا رئاسة الجمهورية.

فرنسياً، زمن القبعات السرية انتهى. شارل ديغول قال «اذهب الى الشرق المعقد بافكار بسيطة». هذه هي حال جان - مارك ايرولت «اذهب الى لبنان المعقد بافكار بسيطة». قلق ودعم ونصيحة اخيرة بالحفاظ على الستاتيكو بانتظار ما ستؤول اليه النيران...

 

 لبنان في البال  

 

كل ما في الامر «لبنان في البال». فرنسا ليست من اهل القرار، حتى انها وعدت بل تعهدت لمسؤولين كبار باقناع السعوديين بالافراج عن هبة الثلاثة مليارات دولارات. بعد اسبوعين فقط كان السفير السعودي علي عواض عسيري يعلن «طي هذه الصفحة». الهبة الغيت، بحيثيات غير مقنعة، وقضي الامر... 

واليوم تهبط في بيروت (على بيروت) من «الكوكب الاميركي» السفيرة اليزابيت ريتشارد، لا جديد في حقيبتها. لمن تقدم اوراق اعتمادها؟ هذه ليست بالمسألة التي تعني واشنطن كثيراً. كان السناتور وليم اولبرايت يقول «اميركا عاشقة الازمات».

الاهتمام الاميركي بالمؤسسة العسكرية وبالمؤسسات الامنية. مسؤول كبير غير مدني وسمع من جنرال اميركي عبارة عن لبنان «جمهورية للمستقبل». لم يكن يقصد تــيار المستقبل، بل كان يريد القول ان لبنان الباقي كما هو سيضطلع بدور كبير في عمليات اعادة سوريا الجـديدة والعراق الجديد. النوم، اذاً، على الحريري الاميركي...

واشنطن تبدو لا مبالية حيال الازمة السياسية، هــل لان ثمة ازمات في المنطقة اشد هولاً بكثير؟ ام لانها تعتبر ان الازمة اللبنانية جزء من الازمة (او الازمات) الاقليمية، ولا داعي لاضاعة الوقت، حين تتبلور ظروف التسوية فــي المنطقة تدخل التسوية الى لبنان من الباب العريض...

 

المستقبل :

يبدأ وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت اليوم زيارته لبيروت التي تستمر ليومين، وسط اهتمام محلي واسع بهذه الزيارة كونها محاولة جديدة لإحداث خرق في جدار الازمة الرئاسية، وبوصفها اختباراً جديداً لموقف ايران التي تبلغت باريس من وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الاسبوع الفائت «عدم ممانعتها حصول تسوية لبنانية لإنهاء الشغور». لكن مرجعاً نيابياً لبنانياً استبعد بروز أي تبدّل في الموقف الإيراني، وأبدى لزوّاره تخوّفه من انعكاس استضافة فرنسا لمؤتمر المعارضة الايرانية خلال اليومين الماضيين سلباً على موقف إيران إزاء زيارة المسؤول الفرنسي لبيروت.

فماذا يحمل إيرولت في جعبته؟

ديبلوماسي فرنسي اكد لـ«المستقبل» امس ان طهران اعربت خلال زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف لباريس «عدم ممانعتها حصول تسوية داخلية لبنانية لإنهاء الفراغ الرئاسي». فيما افادت اوساط اعلامية فرنسية مقربة من الكي دورسيه «المستقبل» ان «مدى جدية الاطراف الاقليمية في ايجاد حل رئاسي قد يظهر في سلسلة اللقاءات التي سيجريها إيرولت اليوم في بيروت. فإذا كانت الامور متروكة فعلاً للمسؤولين اللبنانيين ففرنسا لن تترك جهداً لتقريب وجهات النظر بينهم لانتخاب رئيس وتحصين لبنان في وجه تداعيات الازمة السورية».

وبحسب اجواء العاصمة الفرنسية فإن إيرولت الذي سيلتقي مساء اليوم عدداً من المسؤولين اللبنانيين حول مأدبة عشاء في السفارة الفرنسية سيشدد أمامهم على ان مستقبل رئاسة الجمهورية متوقف على تجاوزهم خلافاتهم وتفاهمهم حول هوية الرئيس المقبل

ولكن مدى فاعلية التأثير الفرنسي على مواقف الأطياف اللبنانية يبقى مرهوناً بمدى الارتباطات الخارجية لهذه الاطراف، فربما الدول الاقليمية لا تمانع الحل لكنها في الوقت عينه لا تضغط من اجل التوصل اليه. كما تبدو الولايات المتحدة، التي تعيش اشهراً انتقالية بين الادارة المنتهية ولايتها والادارة التي ستنتجها الانتخابات الرئاسية المقبلة، غير معنية مباشرة بممارسة اي ضغوط لانهاء الفراغ الرئاسي في لبنان. فيما ينظر مراقبون الى دور اكبر لروسيا وتركيا في الفترة القريبة المقبلة خاصة في ظل التقارب الحاصل بينهما اخيراً.

ورغم ان الخارجية الفرنسية لم تنشر برنامجاً كاملاً للزيارة إلا ان إيرولت سيلتقي عدداً واسعاً من الشخصيات اللبنانية بينها رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزير الخارجية جبران باسيل والمرشحان الرئاسيان سليمان فرنجية وميشال عون.

الجمهورية :

إذا ما صدقت وعود ما قبل عطلة عيد الفطر، يفترض أن تنطلق العجلة الداخلية الحكومية والسياسية بالزخم الموعود ومقاربة زحمة الملفات المُدرجة على بساط المتابعة الحكومية، بما تتطلّبه من عناية فائقة ومعالجات جذرية بعيداً عن لغة المسكّنات والحلول السطحية. ومع الإطلالة الفرنسية على الملف اللبناني، عبر زيارة وزير الخارجية جان مارك آيرولت الى بيروت اليوم، تتراكم الأسئلة حول مغزى الزيارة، والغاية منها في هذا التوقيت وماذا يحمل الوزير في جعبته؟ في وقت تمنّى رئيس الحكومة تمام سلام أن تتمخّض زيارة ايرولت عن أفكار وحلول، إلّا أنّ مراجع سياسية كشفت عن تلقّيها إشارات غربية تنصح بعدم الافراط في التفاؤل أو بناء آمال غير واقعية على زيارة لا تنطوي على أيّ أفكار او اقتراح حلول سياسية او رئاسية، وهدفها الاستماع والاستفسار.

من المقرّر أن يصل ايرولت الى بيروت ظهر اليوم، بعدما كان قد سبقه اليها منذ اسبوع رئيس فريق الأزمات في وزارة الخارجية السفير باتريس باولي. مع العلم انّ زيارة الوزير الفرنسي كان من المقرّر حصولها في أيار الماضي، وتمّ إرجاؤها لأسباب فرنسية.

إلّا أنّ اللافت للانتباه في هذه الزيارة حالياً، هو حصولها على مسافة قصيرة من لقاءات رسمية فرنسية جرت مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ووليّ وليّ العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ولكن من دون ان يرشح ما يؤكد او ينفي إن كان الملف اللبناني قد احتلّ جانباً من تلك المحادثات.

وتستمر زيارة ايرولت يومين، يُخصّص الاول للقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين الرسميين والحزبيين، والثاني لجولة في الجنوب يتفقّد خلالها كتيبة بلاده العاملة في إطار قوات «اليونيفيل»، كما يتفقّد مخيماً تُديره إحدى المؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون اللاجئين.

وقالت مصادر السفارة الفرنسية إنّ ايرولت سيجول على المسؤولين الرسميين، حيث يلتقي في مقرّاتهم الرسمية كلّاً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس الحكومة تمام سلام، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ثم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

وأشارت الى انّ اللقاءات الأخرى ستتمّ في مقر السفارة في قصر الصنوبر، وتشمل كلّاً من رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، وممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ميراي جيرار ومسؤولين أمميين ودوليين في بيروت، ومجموعة من قادة المجتمع المدني.

سلام... تفعيل الحكومة

على صعيد آخر، يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد مرتين هذا الأسبوع، الاولى في جلسة تعقد عصر غد ومخصّصة للوضع المالي، والثانية عصر الخميس المقبل للبحث في جدول أعمال عادي من 59 بنداً.

وقالت أوساط رئيس الحكومة تمام سلام لـ»الجمهورية» إنّ مرحلة ما بعد العيد يفترض أن تكون فاعلة وكثيفة، وهذا يفترض تَحلّي الجميع بالمسؤولية عبر الشراكة في تفعيل عمل الحكومة وإنتاجيتها، خصوصاً أنّ الاوضاع ليست مقبولة والوضع المالي دقيق، وسيعرض وزير المالية هذا الوضع بتفاصيله امام مجلس الوزراء».

ونقلت الاوساط ارتياحه لزيارته الاخيرة الى السعودية ولقاء الملك سلمان بن عبد العزيز، وتشديده ايضاً على أنّ الوضع اللبناني سيبقى يراوح في السلبية والتعقيدات وبعيداً عن الحلول الحقيقية ما دام الشغور الرئاسي قائماً، وهذا يتطلّب التعجيل في الانتخابات الرئاسية بما يُعيد البلاد الى السَّير بشكل طبيعي.

بري: النفط... والسلة

من جهة ثانية، يفترض أن يدخل الملف النفطي في هذه الفترة غرفة العناية الحكومية، مع المبادرة المنتظرة من سلام الى وَضعه على السكة، عبر دعوة اللجنة الوزارية الى الانعقاد لوضع الأسس الآيلة الى إصدار المراسيم التطبيقية، وكذلك التشريعات الضريبية المرتبطة بهذا الملف.

وأعرب رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام زوّاره، عن الامل في أن يتصاعد الدخان الابيض قريباً من المدخنة النفطية، وأن تسلك الامور المسار الطبيعي وصولاً الى الخواتيم السعيدة في هذا المجال.

من جهة ثانية، يدخل القانون الانتخابي الاسبوع الحالي جولة جديدة من الأخذ والرد في اللجان النيابية المشتركة، وسط أجواء توحي باستمرار طبخة البحص الى ما لا نهاية في ظلّ الافتراق الحاد في مواقف القوى السياسية حول شكل القانون الانتخابي وماهية الدوائر الانتخابية.

وجَدّد الرئيس بري التأكيد أمام زوّاره على الحلول التي اقترحها في السلّة المتكاملة، التي تشكّل المخرج الملائم لكلّ المشكلة التي يعانيها البلد.

وأمل بري أن تتمخّض الجلسات الثلاث في آب المقبل عن حلول، خصوصاً أنّ البلد لم يعد يحتمل لا مماطلة ولا مزايدة أو أي تعطيل، فلنستفِد من الوقت ولندخل الى الحلول بكل مسؤولية. وكما سبق وأكدت أنه لن يكون هناك تمديد لمجلس النواب تحت ايّ ظرف، لذلك ما علينا الّا أن نعجّل بالحل لإجراء الانتخابات.

 

الاخبار :

كل الكلام عن حلحلة داخلية، أو تسهيل إنجاز استحقاقات دستورية أو غير ذلك، لا يبدو أنه يستند الى عناصر واقعية تقول بوجود تحول كبير من حولنا، ما يفسح في المجال أمام اللبنانيين لإنجاز بعض أمورهم.

الحراك السياسي الناشط من هنا وهناك، والحديث عن الرئاسة، مروراً بالانتخابات النيابية وقانونها، ومصير قادة الاجهزة الامنية والعسكرية، وصولاً الى ملف النفط، كل ذلك، لا يمكن الاستناد إليه لإيهام الناس بأنهم على وشك ملاقاة تحولات كبيرة على صعيد إدارة بلدهم.
ولكي لا يكون الامر شديد التعقيد، تكفي فقط مراجعة واقع وأولويات القوى الكبرى المعنية بملف لبنان، كذلك واقع وأولويات القوى اللبنانية من صنف أصحاب حق الفيتو، وهذه المراجعة كافية للتدليل على وجهة الامور.
خارجياً، كل العالم ينظر الى لبنان، اليوم، على أنه جزء من ملفات المنطقة المعقدة. ليس في العالم أو الاقليم من جهة تتصرف على أن لبنان ملف بحدّ ذاته. لا أميركا والغرب وإسرائيل والسعودية وتركيا، ولا روسيا وإيران والعراق وسوريا. كل هؤلاء لديهم انشغالاتهم الملحة. من الاوضاع الاقتصادية المتأزمة، الى ملف الارهاب المتنقل عالمياً، الى ملفي سوريا والعراق على وجه الخصوص، وكذلك ملفّا اليمن وليبيا. ومع الأسف، يبتعد هؤلاء أيضاً عن متابعة ملف فلسطين المحتلة التي صارت نسياً منسياً في زمن التكفيريين.
الولايات المتحدة تريد استقرار لبنان. صحيح. لكنها لم تعد معجبة باستقرار يمنح خصومها المحليين المزيد من عناصر التفوق. لذلك، نراها تسعى بين الحين والآخر إلى ممارسة ضغوط يستجيب لها قسم من اللبنانيين. وهدف هذه الضغوط هو حزب الله. لكن ليس الحزب كطرف محلي، بل المستهدف هو دوره في مواجهة إسرائيل وفي حروب المنطقة. وكلما شعرت الولايات المتحدة بأن الضغط يمكن أن يضرب مصالح جماعتها في لبنان، تتراجع الى الخلف قليلاً، ويلحق بها عملاؤها من اللبنانيين. وفي حالة الفراغ، تطلب الولايات المتحدة من فرنسا القيام بألعاب بهلوانية، يجيدها الحكم في باريس، وهي ألعاب ممنوعة من الصرف في أي سوق سياسي.


ليس في العالم أو الإقليم من يرى بلادنا ملفاً بحدّ ذاته، فما علينا إلا انتظار ما يجري حولنا

 


الطرف الآخر المعني هو السعودية التي تشعر بأن فريقها اللبناني يخسر يوماً بعد يوم، ولا تجد سبيلاً لمعالجة وضع هذا الفريق. لكنها لا تريد أن تستسلم لتعاظم نفوذ الطرف الآخر، فتجد عندها مصلحة في منع وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة، وتضغط لكي يتحول موقفها من حزب الله الى إشكالية لبنانية بحد ذاتها. وكما هي حال أميركا، فإن مشكلة السعودية مع حزب الله ليست في حيثيته اللبنانية، بل في دوره المعطل لمصالحها في سوريا والعراق واليمن ومناطق أخرى.
أما إسرائيل، فهي تخشى استقراراً سياسياً في لبنان من النوع الذي يعزز نفوذ حزب الله أو وجهته. ولكن، ليس بمقدورها ممارسة الضغوط السياسية على حلفائها في الاقليم والعالم. وهي، حتى إشعار آخر، غير قادرة على لعب دور مباشر، بعدما خرجت ذليلة من محاولة عام 2006.
من الجانب الآخر، تنظر روسيا وإيران وسوريا الى لبنان كمقر رئيسي لأبرز حلفائها، أي حزب الله، وكذلك كممر لنشاط مركزي في مواجهة هجمة الطرف الآخر. وهذه الاطراف ليس على جدول أعمالها اليوم سوى ما يجري في سوريا والعراق، وبالتالي، ليس من عاقل يتوقع أن تمارس أي نوع من الضغوط على حزب الله لإقناعه بما يتناقض مع مصالحه. ولذلك، فإن هذا المحور يتصرف وفق قاعدة «التفويض» الفعلي لحزب الله للبتّ في مسارات الامور الداخلية.
أما في لبنان، فإن الفيتو الموجود بين يدي حزب الله وتيار المستقبل مرتبط أيضاً بالحسابات الخارجية لكل منهما. يعني، لو كان الحل ممكناً داخلياً فقط، لكان سعد الحريري قاد تظاهرة الى الرابية حاملاً على أكتافه العماد ميشال عون لإيصاله الى القصر الجمهوري، لأنه يعتقد أنه بعد جلوس عون في بعبدا، ستحمله الجماهير نفسها الى السراي الكبير، حيث صار أقصى طموح الحريري العودة الى رئاسة الحكومة. لكن الحريري، الذي يحتاج الى من يعالج له مشكلاته المادية الكبيرة جداً، ليس بمقدوره اليوم مواجهة السعودية أو أي طرف آخر. وهو يلجأ الى المقاطعة السلبية، من خلال تبنّي مواقف يعرف سلفاً أنها غير واقعية، بما فيها طبيعة ترشيحه الحالي للنائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية.