أولا: نبؤة أردوغان..


إذا صحّت توقعات وتنبؤات الرئيس التركي أردوغان (والمفترض انه العارف بشؤون المنطقة) بزوال سوريا عن خارطة العالم كدولة مركزية موحّدة، كما كانت حسب خرائط سايكس-بيكو بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، فإنّ زلزالا عظيما سيضرب منطقة الشرق الأوسط برمّتها، فسوريا كانت، وما زالت، قلب العالم العربي والإسلامي، وملتقى مُنوّعاته السكانية والدينية، وتمتاز طبيعتها الجغرافية بسهولها وجبالها وصحاريها ومياهها بوفرة خيراتها وتنوعها على مدار العام. أمّا شعبها فيمتاز عُمالهُ بالصبر والجلد على القيام بالأعمال اليدوية والحرفية والعمرانية الشاقة.كما تزخر طاقات شعبه بالعلم والرُّقي والطموح. فضلا عن الطاقات الطوباوية التي يتمتّع بها الشعب السوري بأكمله، مسلمين ومسيحيين،فغالبيتهم من المسلمين الذين يُراعون التعاليم السمحة بلباس التقوى. مع الإستثناءات المعهودة. ولعلّ من الظلم الذي لحق بالشعب السوري منذ انطلاق الثورة قبل خمس سنوات، أن يوصم (فوق القتل والتشريد والأعتقال) بالإرهاب والتكفير والعنف). 


ثانياً: دمار لبنان..


ينخرط لبنان في الحرب السورية عبر حزب الله باطّرادٍ ووتيرة متسارعة، ولعل من السذاجة بمكان أو ( من الغباء ولا مُؤاخذة) أن يتوقع أحدٌ انكفاء الحزب عن ميادين القتال المستعر في سوريا، فالحزب (وللأسف طبعا) لا يمتلك من قرارة أمره شيئاً، فهو تنظيم مُسلّح، جذورهُ في إيران وفروعهُ في لبنان.  وهو مُعدٌّ للحرب والقتال، ولعله لا يُحسنُ غير ذلك، وهو كما أراده راعيه ومُؤسسيه عبارة عن "حالة جهادية"، وليس حزبا على غرار الأحزاب، فالأحزاب مكروهة في العُرف الأسلامي، فقد تآلفت وتحزّبت ضدّ الرسول، لذا شاع القول: قاتل الله الأحزاب.


ومعلوم أنّ الحالة الجهادية لا تبني دُولا ولا تُقيمُ عمرانا، إنّما غايتُها قلب موازين القوى ( الشخصية والأجتماعية والعسكرية والثقافية)، واجتراح تاريخ جديد وطي صفحة تاريخ قديم. والحالة الجهادية لا تنمو وتترعرع إلاّ في مجتمع الحروب "المفروضة" حسب تعبير وضاح شرارة في كتابه "دولة حزب الله".قد صحّت نبؤة شرارة، ففرض حزب الله حرب تموز عام 2006، وحرب سوريا عام 2011 ومجتمع الحروب المفروضة يستلزم الكردسة العسكرية وإعداد المقاتلين. والمضي قُدما في الحروب المفروضة.وهذا يستلزم ان تبقى ارض لبنان مُباحا له، دون الألتفات إلى سيادة الدولة اللبنانية ومصالحها. فالسيد حسن نصرالله أفاض عام 1986 في محاضرة ألقاها بمقر الأتحاد اللبناني للطلبة المسلمين في تحديد معالم الحالة الجهادية ووضع في طليعتها بعض الشواهد ومنها: وجود لائحة طويلة بأسماء المجاهدين الذين ينتظرون للقيام بعمليات استشهادية ضدّ أعداء الرسالة والأمة في لبنان وخارجه( النهار 27/1/1986.


ما زال لبنان يعيش هذه الحالة: الجهادية والثورية والحربية "المفروضة". ويحدوها مصالح إيران الأقليمية، فإذا صحّت نبؤة أردوغان لا سمح الله بزوال سوريا عن الخارطة، فإنّ الدمار والخراب سيعُمُّ لبنان، وربّما لحق بشقيقته سوريا، فيزول عن الخريطة. فنعود كما كُنّا سابقا إلى "تلازم المسارين" أو المصيرين المشؤمين.