تقول مصادر مقربة من "التيار الوطني الحر" إن الوضع المتردي الذي بلغه لبنان اليوم وحالة الإنهاك الشديد التي تستشعرها القوى السياسية تشكل فرصة ملائمة أمام العماد ميشال عون لإعادة تسويق نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية.

وتضيف المصادر، أن عون بدأ فعليا في ذلك، من خلال اتباع استراتيجية جديدة تقوم على السعي إلى الانفتاح على الجميع ومحاولة كسب الأصوات الرافضة له وهي كثيرة.

وراوحت سياسة رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" على مدار العامين الماضيين بين الانتظار، والتصادم مع القوى الرافضة لمسلكه. وثبت بالكاشف أن هذه السياسة غير ناجحة لولوج قصر بعبدا، وأن المراهنة فقط على دعم "ظاهري" لـ"حزب الله" ليس مجديا، في ظل ارتهان الأخير لحسابات إيران الإقليمية.

وبناء على ذلك بات لزاما على عون تغيير تكتيكه السياسي خاصة الآن حيث باتت القوى اللبنانية تستشعر وطأة طول مدة الانسداد السياسي، وقد ظهر ذلك من خلال سلسلة الاتصالات والزيارات التي قام بها مؤخرا وأهمها تلك التي أجراها مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى لتهنئته بعيد الفطر، وقد أراد من خلالها إعادة حبل الودّ المقطوع مع الطائفة السنية التي ترفض تماهيه المطلق مع مواقف حزب الله وسياساته الإقليمية خاصة في الملف السوري.

كما قام عون بالاتصال بسفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان عواض عسيري لتهنئته بالعيد، مشددا في تصريحاته الأخيرة على استمرار تواصله مع تيار “المستقبل”. وتعد الزيارة التي أجراها قبل أيام إلى عين التينة، التي لم يطأها منذ أشهر في ظل حالة التوتر القائمة بينه وبين رئيس حركة “أمل” نبيه بري ، مؤشرا إضافيا على أنه قرر تولي زمام المبادرة ونزع جميع الألغام التي تعترض سبيله إلى قصر بعبدا. وقد بدت هذه الزيارة مرتبطة في ظاهرها بتأكيد الاتفاق الذي أبرم مؤخرا بين بري ووزير الخارجية جبران باسيل حول ملف النفط والغاز البحري.

وشكل هذا الملف مصدر توتر كبير خلال السنوات الأخيرة بين نبيه بري وميشال عون الذي كان المبادر بطيّه من خلال إرساله جبران باسيل ، (خليفته على رأس التيار الوطني الحر)، إلى عين التينة لإزالة النقاط الخلافية بين الجانبين والتوقيع على اتفاق يتوقع أن يصادق عليه البرلمان قريبا.

وقد رأى محللون أن اتفاق عون وبري حيال ملف النفط الذي ظل لمدة طويلة حبيس الأدراج سينعكس بشكل أو بآخر على العلاقة بين الطرفين. ومعلوم أن بري من أشدّ الرافضين لتولي عون منصب الرئاسة حتى أنه دعم مبادرة رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري القاضية بتولي رئيس حزب المردة سليمان فرنجية المنصب لقطع الطريق أمام طموحات عون.

وبالتالي فإن عون يرى أن الاتفاق النفطي الأخير من شأنه إزالة جزء من الجليد حول العلاقة مع رئيس حركة “أمل” وبالتالي تليين موقفه حيال ملف الرئاسة، وهو ما دفعه إلى المبادرة حول هذا الاتفاق.

العرب اللندنية