عشية أسبوعٍ حافلٍ بالمحطات السياسية، استمرّت "التحريات" عن سرّ إندفاعة رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع على خط جنبلاط – الحريري، والتي أعقبها خروج رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون من وضعيّة الانتظار رئاسياً، الى مرحلة محاولة فتح الأبواب الموصدة أمامه "بيده".

وفي هذا السياق، إعتبرت دوائر سياسية، ان حركة جعجع و عون تتكاملان:

– الأوّل، أي جعجع ، ساعياً الى تسويق مرشّحه زعيم “التيار الحر” مدفوعاً بإقتناع بأن هذا هو الخيار الوحيد المتاح لكسر تعطيل “حزب الله” وايران للاستحقاق الرئاسي واسترهانه للواقع الاقليمي، وتالياً ترْكه بمثابة “صاعق” يمكن ان يُسقِط النظام اللبناني برمّته المرتكز على اتفاق الطائف ، وذلك بحال استمرّ الشغور الرئاسي حتى الإنتخابات النيابية المقبلة في ايار مايو 2017، ما سيعني وقوع البلاد في الفراغ القاتل.

– اما عون ، الذي يراهن على متغيرات خارجية تعزز فرصه، فبدا من خلال حركته كمَن أدرك ان هذا الأمر لا يكفي لوحده لتعبيد الطريق امام وصوله الى قصر بعبدا بل ان ثمة حاجة لدينامية داخلية تُطَمئن كافة الأفرقاء وتحديداً المتحفظين على انتخابه، بدءاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري وليس انتهاءً بالرئيس سعد الحريري.

واذا كانت دوائر سياسية تعاطت مع تحرّك عون ، الذي سبقه تفاهم مفاجئ بينه وبين بري على ملف النفظ والغاز، على انه تأكيد لوجود مبالغات في المناخ الذي ساد أوساطه بأن مسألة وصوله الى الرئاسة باتت “في اليد”، فإن الأكيد ان ثمة محاولات داخلية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من حال “الغيبوبة” وسط تلاقٍ بين خوفيْن يعبّر عنهما كل من بري وقادة في “14 آذار” من مغبة بلوغ الاستحقاق المفصلي المتمثل بالإنتخابات النيابية قبل ملء الشغور الرئاسي.

ومن هنا تشير هذه الدوائر الى ان هذا التلاقي، يعني في مكان ما إما ان ما يشهده لبنان هو تقطيع جديد للوقت بانتظار انقشاع الرؤية اقليمياً ولا سيما في الملف السوري، وإما ان المرحلة المقبلة ستكون مفتوحة على كباش حول شروط التسوية الرئاسية وضماناتها من ضمن السلّة المتكاملة التي اقترحها الرئيس بري تحت مسمى “دوحة لبنانية> حدّد لها موعداً في 2 و 3 و 4 آب المقبل.

وحسب الدوائر نفسها، فإن هذه السلّة التي تشمل في شكل رئيسي ملف الرئاسة وقانون الإنتخاب والحكومة الجديدة رئيساً وتوازنات وبياناً وزارياً وبعض التعيينات الأمنية والمصرفية وضوابط لإدارة الحكم في العهد الجديد، لن تقبل قوى “14 آذار” بتحويلها مدخلاً لتكريس أعراف تضرب اتفاق الطائف، فيما لا يمكن لقوى “8 آذار”، وتحديداً “حزب الله”، إلا ان تحصل منها على الحدّ الأدنى من الضمانات التي تُطمْئِنها، وسط انطباعٍ بأن اي نجاح لمثل هذا المسار للحلّ لا بد ان يراعي عدم امكان تجاوُز النفوذ السعودي في لبنان ولا تَجاهُل النفوذ الايراني ما يعني عملية ترسيم جديدة للنفوذ على طريقة لا غالب ولا مغلوب، وإلا تمديد وضعية الفراغ ليصبح إنهاؤها مرهوناً بالكامل لما ستحمله التطورات في المنطقة.

الراي