تتجه العلاقة بين المصارف وحزب الله إلى تحسنٍ تدريجي بضوء القراءة المتأنية التي قامت بها بعد إدراكها أن هناك طابوراً خامساً يلعب في خيوط المشكلة من أجل خلق إشتباك بينها وبين قوة سياسية أساسية في البلاد، ما يترتب عن ذلك أثار سلبية مضاعفة على المصارف تنعكس على الوضع الإقتصادي الغير سليم أصلاً أكثر من تأثيرات العقوبات الأميركية نفسها!.

وعلى الرغم من أن المصارف لا زالت تدرك المخاطر المترتبة عن عدم تطبيق بنود العقوبات الأميركية، تسعى لموالفت آليات التطبيق مع آليات الحفاظ على علاقة مستقرة مع حزب الله وهي للغاية تعمل على إيجاد سبل ذات أثار خفيفة لتطبيق تلك العقوبات دون أن يؤثر ذلك بشكلٍ سلبي على العلاقة مع الحزب من جهة، وعلى المودعين من رؤوس الأموال الشيعية من جهة ثانية، وبالتالي أن لا ينم التطبيق عن عوامل مؤثرة ربما تعصف بالقطاع المصرفي وتهزه.

وبين عاصفة التصريحات ودخول "البارود" المشبوه على مسار الإشتباك، تخرج إلى النور قراءة هادئة لكيفية إخراج القطاع المصرفي من عنق الزجاجة التي وضع بها من جراء العقوبات الأميركية، حيث بدأ يتردّد، بحسب مصادر مصرفية لـ "ليبانون ديبايت"، داخل أروقة "جمعية المصارف" مخاوف من أن هناك من "يلعب بنار" العلاقة مع حزب الله بوصفه قوة أساسية، وذلك من قبل بعض السياسيين الذين يكنون العداء للحزب، هؤلاء الذين يتدخلون لدى المصارف كمحرضين على الحزب ورفع الإجراءات ضده منطلقين من ما يمثلون سياسياً ومالياً، وهذا ما بات يقرأ من قبل المصارف على أنه "توريط لها في لعبة سياسية أكبر منها وليس لها علاقة بها أصلاً"، وأن هناك من يريد "إستغلالها من أجل تصفية حسابات داخلية لا تعود عليها بالفائدة أبداً بل ترمي بالتأثيرات السلبية على الجو اللبناني وهو ما سيخلق بيئة غير مشجعة الأكيد أنها لن تكون ملائمة للعمل المصرفي أو المحافظة على إستقراره".

وتؤكد المصادر المصرفية لـ "ليبانون ديبايت"، بأن "هناك من في المصارف، بدأ يبحث عن مخارج من أجل الإبقاء على العلاقة جيدة مع حزب الله ومن خلفه رؤوس الأموال الشيعية، إنسجاماً مع قانون العقوبات الذي بات كالسيف المسلط على رقاب المصارف التي تستشعر الضغط على مصالحها وعملها وأموالها". وبحسب تلك المصادر، تنطلق القراءة تلك من عدم إمكانية "أن يوسم كل من هو مؤيد لحزب الله ويمتلك أموالاً في البنوك على أنه داعم للإرهاب.."، معتبرةً أن "هذا يعود بالضرر على المصارف قبل حزب الله نفسه" وأن هناك "من يريد أن يفرغ خزنات المصارف من رأس المال الشيعي الأساسي الذي يعتبر رافعةً للعديد من البنوك من أجل كشف وضعضعة الإقتصاد بغاية أخذ مايراد بالإبتزاز".

وعلى ما يبدو، فإن هذه القراءة كما الإتصالات الحثيثة الجارية بين حزب الله من جهة وحاكم مصرف لبنان من جهة ثانية، وتلك الجارية على نفس المستوى مع المصارف، وضعت اُسساً للحل وبدأت تُثمِر هدوءً في التصريحات الإعلامية تؤدي لاحقاً إلى إخراج للعلاقة من الطريق المسدود نحو الرحاب بعيداً عن الإتهامات والإتهامات المضادة، حيث يمكن للعقل أن يُحكّم لمصلحة الجميع ويعرف كيف يتعامل مع مساعي تفجير الإقتصاد الذي باتت معالمه واضحة.

عبدالله قمح ليبانون ديبايت