انعقدت، الثلاثاء، جلسة الحوار الوطني اللبناني في غياب أطراف رئيسية من مكوناته على غرار رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون، ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان.

وتصدر ملفا النفط وقانون الانتخابات الجلسة، دون أن يتم التوصل إلى نتيجة تذكر، ليعلن رئيس البرلمان نبيه بري تأجيل الحوار إلى 2 و3 و4 أغسطس، مشددا بعد رفع الجلسة على أنه “لا يفكر أحد بالتمديد (للمجلس النيابي) ولا بقانون الستين لأن العودة إليه قد تؤدي إلى ثورة”.

وكانت الأجواء التي سبقت الجلسة توحي بتفاؤل ما، كما صدرت تحليلات تفيد بأنها ستنجح في تحقيق اختراقات في الملفات العالقة، ولكن سرعان ما تبددت أجواء هذا التفاؤل، وعادت الأمور إلى نقطة الصفر، ما يدل على أن هناك استعصاء سياسيا محكما في لبنان سيبقى مستمرا إلى أن تتضح معالم الطريق التي ستسلكها كل أزمات المنطقة، وفي مقدمتها الأزمة السورية.

وتربط البعض من المصادر بين فشل جلسة الحوار وبين بروز أجواء دولية جديدة في ما يخص الموقف من الملف الرئاسي، حيث ترجح هذه المصادر أن الجو الدولي قد بات ميالا لانتخاب رئيس يقتصر دوره على إدارة الأزمة ليس إلا، ما يعني أن ترشيح كل من ميشال عون وسليمان فرنجية لم يعد منسجما مع المزاج الدولي، وأن هناك عودة إلى خيار الرئيس التوافقي.

وكان وزير العدل المستقيل أشرف ريفي قد استبق انطلاق جلسة الحوار بموقف سلبي اعتبر فيه أن الهدف الأساسي وراء طاولة الحوار يكمن في تبرير الفراغ الرئاسي.

وعلق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إثر خروجه من الجلسة، قبل نهايتها، قائلا إن “كل فريق لا يزال وراء متراسه”.

وقد اقترح رئيس المجلس النيابي نبيه بري تمديد جلسات الحوار القادمة لثلاثة أيام، في محاولة لحلحلة البعض من الملفات وخاصة مسألة قانون الانتخاب، والتي اقترح رئيس حزب الكتائب سامي الجميل خلال الجلسة المنقضية “اعتماد قانون الدائرة الفردية لأنه قانون عصري ويؤمن التمثيل الصحيح للمسيحيين، كما يسمح بالتغيير”.

في المقابل تشبث كل من حزب الله والتيار الوطني الحر خلال جلسة الحوار بالنسبية كأقصى ما يمكن تقديمه بالنسبة لقانون الانتخاب.

وقال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل “لبنان يمر بمفصل أساسي، والقانون النسبي بكل أشكاله، وحده الذي يمنحنا الطمأنينة، لأنه من خلال النسبية يمثل كل إنسان بحجمه”.

من جانبه شدد النائب عن كتلة “الوفاء للمقاومة” علي فياض على قانون النسبية معتبرا أنه الأكثر عدالة بين القوانين المطروحة.

ولا تزال اللجان المشتركة لم تحسم بعد في ملف القانون الانتخابي. وكان رئيس البرلمان نبيه بري قد سأل نائب رئيس المجلس فريد مكاري، مع انطلاقة الجلسة عما توصلت إليه اللجان المشتركة بشأن قانون الانتخابات، فأجابه قائلا “لم نتقدم قيد أنملة”.

ولم يسجل المتابعون للمشهد اللبناني أي جدية فعلية من قبل النخبة السياسية في لبنان في التعاطي مع الملفات الحارقة المطروحة على الطاولة.

ولا يبدو، وفق المتابعين، أن هناك من هو مبال من هذه الطبقة بجلسات الحوار ككل الذي لقبه التيار العوني بحوار “الطرشان”.

وقال النائب عن تيار المستقبل أحمد فتفت لـ“العرب” تعليقا على فشل الجلسة “طالما لا تزال إرادة حزب الله تقضي بإقفال أبواب الحلول في الملف الرئاسي فإن الأمور ستبقى عالقة. الحل الأول والأخير وكما عبر الرئيس بري هو في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، الذي ستتحول بعده كل الملفات الأخرى إلى ملفات ثانوية سهلة الحل”.

وأضاف فتفت “لقد باتت أزمة الرئاسة مرتبطة كليا بأزمات المنطقة، لذا لا أتوقع أن تسفر جلسة الحوار هذه ولا جلسات الحوار اللاحقة عن نتيجة في هذا الشأن”.

ويسجل النائب المستقبلي البعض من الإيجابيات في المشهد الحواري حيث أنه “من إيجابيات جلسة الحوار الأخيرة أنها طرحت فكرة جديدة تتعلق بالعودة إلى قانون فؤاد بطرس الانتخابي، وهو قانون لا يراعي المصالح المباشرة لأي فريق سياسي محدد، بل تم العمل عليه بشكل مستقل عن كل القوى السياسية، ولم تشارك فيه أيّ منها، وهو قانون يجمع بين النسبي والأكثري”.

وحول جدوى الاستمرار في الحوار على الرغم من فشله يعلق فتفت “المحافظة على الإطار الشكلي للأمور تبقى أفضل من لا شيء، و أفضل من فقدان الأمل، ويسجل للحوار أنه نجح حتى الآن في منع انفجار الأوضاع”.

شادي علاء الدين: العرب