المرونة التي اعتمدها وزير العمل الكتائبي في موقفه من الاستقالة من الحكومة التي قررها حزبه جاءت متأخرة كما يبدو، رغم انها وليدة نصيحة من الرئيس امين الجميل للوزير سجعان قزي، والدليل صدور قرار المكتب السياسي للحزب بفصله من الحزب فصلا نهائيا لا رجوع عنه. وكان اللافت تلاوة النائب الاول لرئيس الحزب جوزف ابوخليل شخصيا، تلاوة مقررات المكتب السياسي للحزب التي تضمنت صرف قزي من الحزب.

هنا يذكر كتائبي قديم انه سبق لسجعان قزي ان تسلم مسؤولية الجهاز الاعلامي في حزب الكتائب بعد انقلاب ايلي حبيقة على القيادة الشرعية للحزب مطالع الثمانينيات، ويومها تم ابعاد جوزف ابوخليل عن رئاسة تحرير جريدة «العمل» الناطقة بلسان الحزب. «الكتائبي القديم» استبعد ان يكون في الامر ثأرا لإساءة قديمة، لكنه يرى انه كان على الوزير ان يتجنب تأمين الظروف المساعدة على نبش حساباته السالفة. ويعد جوزف ابوخليف المنظر الاول للعقيدة الكتائبية ومحورها لبنان الكيان بمساحته وحدوده الراهنة، ولقد كان اليد اليمنى لمؤسس الحزب بيار الجميل، ثم لنجله الرئيس الراحل بشير الجميل قبل ان يحتضنه الرئيس امين الجميل فرئيس الحزب الراهن سامي الجميل، ولا احد يناديه باسمه من القاعدة الحزبية حتى رأس الهرم، حيث الجميع يصفه بـ «عمو جوزف».

اما الوزير سجعان قزي فهو كتائبي منذ النشأة، ولطالما سلك خط الصقور مع كل عهد كتائبي وآخر، لكنه لم ينسجم مع الجميع في غالب الاوقات، خصوصا مع الرئيس الجديد للحزب النائب سامي الجميل والقيادة الكتائبية المحيطة به والتي لطالما نظرت الى الصحافي اللامع سجعان قزي كصياد فرص. وصباح امس، نقل الوزير قزي «المشكلة» الى بكركي، وابلغ البطريرك بشارة الراعي انه سبق ان التزم بقرار الحزب الاستقالة مع تصريف الاعمال، ثم فوجئت بقرار المكتب السياسي للحزب بصرفي نهائيا، كما اكدت لغبطته اني احترم هذا الحزب، ووجودي في الحكومة تمثيل للدور المسيحي لاسيما الماروني.

وعن تفسيرها لحملة الكتائب ضد سلام وحكومته، قالت مصادر متابعة تبريرا من الحزب لسحب وزيريه من حكومته، فضلا عن انه لا يستطيع الفرض على وزيريه الاستقالة من الحكومة دون تقديم الاسباب الموجبة لهذه الاستقالة، وهذه الاسباب هي ما تضمنه بيان المكتب السياسي للحزب.

واسف الحزب لما صدر على لسان رئيس الحكومة تمام سلام واعترافه علنا بأن الفساد والصفقات هما القاعدة السائدة في هذه الحكومة وفي البلد.