برصاصة واحدة في الرأس، إرتكب الشقيقان جورج وميشال تناليان احدى عشرة جريمة قتل استهدفت في معظمها سائقي سيارات اجرة، وقد نجا من جرائمهم قلة قليلة من الضحايا ومن بينهم ايراني وهو سائق شاحنة قبل ان تلقي قوة من شعبة المعلومات القبض عليهما بجهود استثنائية قامت بها، وبعدما تحولت جرائمهما الى مسلسل مخيف بدأ في نيسان العام 2011 وانتهى بمقتل العريف في الجيش اللبناني زياد ديب في 12 تشرين الثاني من العام نفسه.  

إتخذ الشقيقان من منطقتي النبعة وبرج حمود مسرحا لجرائمهما التي بدأت بقتل امرأة سبعينية ليطلقا بعد ذلك العنان لعملياتهما فكانا يصعدان بسيارة اجرة، وما يلبثا ان يطلقا رصاصة واحدة على رأس السائق من الخلف ويعمدان بعد ذلك الى سرقته واحراق سيارته.  

كان الايراني فتاح نزاد احد ضحايا الشقيقين الذي كتب له النجاة رغم اصابته باربع رصاصات. وقد تمكن من الفرار منهما.

وفي هذه الجريمة اصدرت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة اسكندر حكما بحق الشقيقين قضى بسجنهما مدة عشر سنوات اشغالا شاقة بعد تخفيضها من السجن عشرين عاما، في حين انهما يواجهان عقوبة الاعدام في جرائم القتل الاخرى ومن بينها جريمة قتل العريف ديب التي تنظر فيها المحكمة العسكرية.  

ويروي حكم محكمة الجنايات تفاصيل حصول جريمة محاولة قتل الايراني نزاد ليل الاول من ايلول العام 2011 عندما كان يرتاح بالقرب من شاحنته المعدة للنقل الخارجي والتي كان قد اوقفها في محلة جسر الواطي.  

في ذلك المساء، حضر شخصان وقاما بمراقبة مكان تواجده حيث كانا يغيبان ويعودان مجددا الى ان اقدم احدهما وبشكل مفاجئ على شهر مسدس حربي بوجهه ووضعه في رأسه، فما كان منه الا ان حاول الفرار فأقدم حامل المسدس على اطلاق 4 أعيرة نارية باتجاهه فأصابه برصاصة في كتفه الايمن وخرجت من رقبته، وقد تمكن من الفرار.  

وقد حصلت سلسلة من جرائم القتل في مناطق مختلفة من جبل لبنان وبيروت وخصوصا في محيط منطقتي النبعة وبرج حمود، وكان اولها جريمة قتل المغدورة ملكة توفيق في منزلها في النبعة بتاريخ 18 نيسان 2011 وآخرها جريمتا قتل المغدور هاغوب قره يعقوبيان في محلة الدورة والمغدور العريف في الجيش اللبناني زياد ديب في محلة النهر في 12 تشرين الثاني من العام نفسه، ومن ضمن الجرائم محاولة قتل الايراني نزاد.

وعلى اثر ذلك باشرت شعبة المعلومات في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي التحقيقات التي بيّنت ان هذه الجرائم مرتبطة ببعضها البعض وذلك تبعا لوحدة نوعية وعيار السلاح المستخدم والطريقة المتبعة لجهة ان منفذي هذه الجرائم هما شخصان وينطلقان من منطقتي النبعة- برج حمود.  

ونتيجة رصد استعمال الرقم الخلوي العائد للمغدور زياد ديب والذي فُقد بعد مقتله، أفضت التحقيقات الى توقيف المتهمين جورج وميشال تناليان فجر 15 تشرين الثاني 2011 اي بعد ثلاثة ايام من ارتكابهما الجريمة الاخيرة.

وبمداهمة شقتهما في محلة النبعة عثر على مسدس حربي بداخله ممشط مع 31 طلقة موضوع داخل فرن الغاز اضافة الى عدد من مسجلات السيارات.  

وبالتحقيق مع الشقيقين اعترفا بقيامهما بسلسلة جرائم القتل بهدف سلب ضحاياهما وقتلهم من اجل الحؤول دون تعرّفهم عليهما.

كما اعترفا بمحاولتهما قتل الايراني نزاد بدافع سرقته وبأن جورج هو من اطلق النار عليه بعد ان كان قد حضر برفقة شقيقه ميشال الى محلة جسر الواطي نحو الساعة 11 ليلا على متن سيارة هيونداي بيضاء تحمل لوحة سورية كانا قد سلباها من شخص سوري قتلاه قبل يومين في محلة المدينة الصناعية في الدورة.

وكان جورج يقود السيارة عندما لفت نظرهما وجود نزاد جالسا على كرسي قرب الشاحنة فاقتربا منه بعد ان ركنا السيارة في زاروب ضيق يبعد عدة امتار عن الشاحنة، ثم توجها سيرا باتجاه زناد الذي توجّس منهما وقام بالركض يمينا ويسارا من اجل الهرب منهما، فقام عندها جورج باطلاق عدة عيارات نارية باتجاهه محاولا قتله الا ان الاخير تابع الركض والهرب دون ان يعلم جورج ما اذا كان قد اصابه ام لا.  

وقد افاد المتهمان انهما لم يكونا يعلمان هوية الشخص او جنسيته انما حاولا قتله بهدف سلبه.  

وفي التحقيق الاستنطاقي اعترف جورج بما اسند اليه وكرر اقواله الاولية ولكنه ادلى بانه قام بالجريمة منفردا من دون مشاركة شقيقه ميشال الذي لم يكن برفقته وقد انكر الاخير ما اسند اليه وتراجع عن اقواله الاولية موضحا بانه ادلى بها تحت الضرب.  

وامام المحكمة انكر جورج ما اسند اليه واوضح بانه اشترى المسدس قبل ثلاثة ايام وذلك من اجل "الناس" الذين اخذوا ماله حيث كان قادما من السويد. واكد بانه تعرض للضرب متراجعا عن افادته الاولية وقال بانه "أُلبس" هذه القضية طالبا مواجهة المدعي، مضيفا بانه لو كان يريد قتله لفعل ذلك. غير ان المتهم اعترف بانه قتل شخصين احدهما ارمني وآخر من آل النشار.  

واعتبرت محكمة الجنايات في حيثيات حكمها بان انكار المتهمين لما اسند اليهما والقول انهما تعرضا للضرب يقتضي ردّه لعدم الثبوت وذلك في ضوء افادة احد شهود الحق العام الذي اكد ان المتهمين ادليا باقوالهما بكل حرية، وكذلك في ضوء اعترافاتهما التفصيلية اوليا وعدم ابرازهما اي تقرير طبي شرعي يفيد بتعرضهما للضرب.

كما يقتضي رد ما ادلى به المتهم ميشال حول وجود خلاف مع شقيقه جورج لانه لم يثبت وجود ذلك بين الشقيقين ما يستدل بانهما اتفقا مسبقا على قتل الايراني لسلبه.  

ورأت المحكمة انه في ضوء غياب المدعي عن حضور جلسات المحاكمة، منح المتهمين الاسباب المخففة.  

(المستقبل)