شهدت مدينة كربلاء المقدسة عند الشيعة تظاهرات أمس احتجاجاً على التدخل الإيراني في العراق، فيما خرجت الكتل السياسية السنية عن صمتها لتوجه أصابع الاتهام مباشرة لميليشيا «كتائب حزب الله» و«رساليون« المدعومتين من إيران وقوات أمنية حكومية بممارسة «القتل المنهجي» ضد المدنيين السنة الفارين من المعركة الدائرة لطرد تنظيم داعش من مدينة الفلوجة كبرى مدن الأنبار (غرب العراق) وهي أعمال أثارت تنديداً واسعاً من قبل المنظمات الدولية وجمعيات حقوقية محلية وغربية.

فقد احتشد مئات المحتجين في كربلاء في جنوب البلاد، للتنديد بالتدخل الإيراني في العراق وللمطالبة بإغلاق مقار الأحزاب .وعبر المتظاهرون عن غضبهم من التدخل الإيراني بشؤون العراق رافعين الأعلام العراقية ومطلقين شعارات تندد برموز في النظام الإيراني.

وأغلق المحتجون مكتب مجلس النواب في كربلاء منددين بالأحزاب الفاشلة والفساد المستشري في العراق. كما أقدم شبان تابعون لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر يطلقون على أنفسهم «الثورة الشعبية الكبرى» على مهاجمة وإغلاق عدد من مقار الأحزاب الشيعية في محافظة ميسان (جنوب العراق).

وأغلق «شباب الثورة الشعبية العراقية» مقار حزب الدعوة الإسلامية التابع لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي وحزب الفضيلة التابع للمرجع الشيعي محمد اليعقوبي ومقر المجلس الإسلامي الأعلى التابع للسيد عمار الحكيم، ومقر حركة الإصلاح التابع لوزير الخارجية إبراهيم الجعفري في مدن بغداد والبصرة والناصرية والديوانية وأحياء في ضواحي العاصمة بغداد.

وفي سياق متصل بالتحركات الشعبية، أظهر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر وأنصاره إصراراً على مواصلة حراكه الشعبي الاحتجاجي للمطالبة بالإصلاحات الشاملة من خلال توجه المحتجين لاستهداف مقار الأحزاب الشيعية الكبيرة في خطوة تشكل تصعيداً جديداً في حلقة الخلافات مما قد يمهد الطريق لصراع شيعي ـ شيعي.

وأغلقت السلطات العراقية أمس جسر الجمهورية المؤدي الى المنطقة الخضراء وسط بغداد بعدما دعا المتظاهرون في بيان لهم أمس إلى تظاهرة مليونية اليوم الجمعة في ساحة التحرير في وسط بغداد بمشاركة متظاهرين من جميع المحافظات.

وفي شأن جرائم الميليشيات المدعومة من إيران في الفلوجة، أصدر تحالف القوى السنية بياناً اتهم فيه ميليشيات تديرها إيران بارتكاب جرائم قتل لمدنيين هاربين من الفلوجة، ومن بينها «كتائب حزب الله (بزعامة أبو مهدي المهندس) ورساليون (بزعامة النائب عدنان الشحماني أحد المقربين من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي) وبالتواطؤ مع بعض مجموعات الشرطة الاتحادية، وأنه سلوك الغدر والخيانة واستغلال الدولة ومؤسساتها»، موضحة أنه «بالإضافة الى أعمال القتل والتعذيب والتنكيل الموثق فإن آخر جريمة اقترفها هؤلاء هو اختفاء 610 مواطنين وأكثرهم من قبيلة المحامدة وتغييبهم قسراً وهو عدد قابل للزيادة«.

وطالب التحالف بـ»سحب فصائل الحشد الشعبي من الأنبار كلها لكي لا نبقي ذريعة لمن يريد تسميم الأجواء بين أبناء الوطن الواحد»، مؤكداً أن «أبناء الأنبار بالتعاون مع قواتنا المسلحة سبق وأن حرروا مدناً مهمة مثل الرمادي والرطبة وهيت وغيرها من دون الحاجة الى الحشد الشعبي«.

وأشار تحالف القوى الى «تقديم شكوى قضائية ضد الفصائل التي مارست القتل المنهجي»، محملاً رئيس الوزراء حيدر العبادي «مسؤولية الحفاظ على حياة المدنيين وتقديم المعلومات عن مصير المغيبين» وداعياً الى «الاعتماد على المتطوعين من أبناء عشائر الأنبار كبديل عن فصائل الحشد الشعبي وتشكيل لجنة تحقيق محايدة للوقوف على حجم الإجرام الذي مارسه الموتورون في معارك الفلوجة«.

وأكد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أن مجلس النواب سيعمل على كشف الجهات التي نفذت انتهاكات ضد النازحين ومحاسبتهم .وقال خلال اجتماعه في بلدة عامرية الفلوجة مع القيادات الأمنية وأعضاء من الحكومة المحلية للأنبار ووجهاء الناحية وقيادات عليا من وزارة الداخلية: «نستنكر ما تعرض له بعض النازحين من انتهاكات بشعة ولا نريد أن تصل رسائل سلبية لأهالي المناطق التي لم تحرر لحد الآن»، مؤكداً أن «هناك إجراءات سريعة ستُتخذ لتدقيق أسماء كافة الأشخاص وفرز المتهم من عدمه من خلال لجان حكومية وأمنية ومتابعة برلمانية، ولن نسمح بعودة الإرهاب وظلم البريء وسنعمل على كشف الجهات التي قامت بتعذيب النازحين وستتم محاسبتهم«.

ميدانياً أعلنت قيادة عمليات تحرير الفلوجة عن وصول تعزيزات مدرعة لمحيط المدينة للمشاركة في اقتحام مركز المدينة. وقال قائد عمليات تحرير الفلوجة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي في تصريح صحافي إن «لواء من الدروع والدبابات وصل إلى الجهة الشرقية الجنوبية لمدينة الفلوجة استعداداً لاقتحام وتطهير مركز مدينة الفلوجة بدعم وإسناد من طيران التحالف الدولي»، مؤكداً أن «الساعات القليلة المقبلة ستشهد عملية اقتحام مركز المدينة«.

وأضاف الساعدي أن «جميع المناطق المحيطة بالمدينة تم تطهيرها ومن جميع محاورها»، مشيراً إلى أن «تنظيم داعش منهار تماماً وخصوصاً بعد عجزه عن إقناع عناصره بتنفيذ عمليات انتحارية كما تشير المعلومات الاستخباراتية مع تكبده خسائر فادحة بالعناصر والعجلات«.

أمنياً أيضاً، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا منطقة بغداد الجديدة ومعسكر التاجي في بغداد وأديا الى مقتل وإصابة 92 عراقياً بينهم عناصر من الجيش. وقال في بيان نقلته مواقع الكترونية تابعة للتنظيم المتطرف إن «التفجير الانتحاري بسيارة مفخخة في منطقة بغداد الجديدة نفذه أبو مهاجر العراقي واستهدف تجمعاً كبيراً للحشد»، مشيراً الى أن «التفجير الانتحاري الثاني الذي استهدف، مجموعة من عناصر الجيش قرب البوابة الأولى لمعسكر التاجي شمالي بغداد، نفذه حبيب العراقي«.

وكانت الشرطة العراقية قد أفادت بمقتل 15 عراقياً وإصابة 50 آخرين بجروح بانفجار سيارة مفخخة في شارع تجاري بمنطقة بغداد الجديدة (شرق بغداد).

كما أكد مصدر أمني آخر بأن تفجيراً انتحارياً بسيارة مفخخة استهدف قاعدة تفتيش عسكرية رئيسية في منطقة التاجي (شمال بغداد) مما أدى إلى مقتل 7 جنود وإصابة أكثر من 22 آخرين بجروح.

    المستقبل: علي البغدادي