تمهيد:

كانت غزوة بدر أول منازلة بين النبي محمد(ص) وأصحابه المهاجرين والأنصار من جهة وقريش التي خرجت بأشرافها لملاقاته، وفيهم :عُتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد،والنضر بن الحارث، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وسهيل بن عمرو،.فأقبل رسول الله فقال: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها.

أولا : جرأة الحبّاب بن المنذر بن الجموح على النبي..

ورد في السيرة النبوية لابن هشام أنّ الحباب بن المنذر قال لرسول الله، بعد أن اتخذ منزلا " أي موقعا قتالياً" في أدنى ماءٍ من بدر نزل به: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدّمه، أو نتأخّر عنه، أم هو الرأيُ والحرب والمكيدة؟

قال: بل هو الرأيُ والحرب والمكيدة.فقال: يا رسول الله، فإنّ هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماءٍ من القوم، فننزله، ثمّ نُغوّرُ ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله(ص): لقد أشرت بالرأي. فنهض رسول الله ومن معه من الناس، فسار حتى إذا أتى أدنى ماءٍ من القوم نزل عليه، ثم أمر بالقُلب فغُورت، وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه، فمُلئ ماءً، ثم قذفوا فيه الآنية.

ثانياً: متى يخرج في صفوف حزب الله جموحيٌ آخر؟

لا حاجة لمزيد قول بأنّ الوحي انقطع بعد وفاة رسول الله منذ حوالي أربعة عشر قرناً من الزمن، فلا يبقى إلاّ أنّ النزول "بماء" سوريا، ما هو إلاّ الرأي والحرب والمكيدة. وبعد أكثر من ثلاث سنوات، وأعدادُ الشهداء والجرحى على تصاعد في حرب سوريا، التي نعرف كيف بدأت، ولا أحد يدّعي كيف تنتهي، وإذ ارتفعت صيحات الاستهجان والتحذير والتنديد بدخول هذه الحرب المفتوحة من قبل حزب الله، وإذ لم ينقطع سيل المناشدات بالخروج من هذه الحرب القذرة، فإنّ قادة حزب الله ما زالوا يُصرّون على أنّهم إنّما يتّبعون الرأي والحرب والمكيدة، ولم يخرج حتى الآن في صفوفهم رجل كالحباب بن المنذر،ليقول أنّهذه الحرب ليس فيها شيءٌ من الرأي والحرب والمكيدة، وأنّ بدائل أخرى يجب أن تُطرح، فالنبي يومها، لم يلجأ للمكابرة بأنّها أمرٌ من الله لا يُدفع، بل نزل عند رأي رجل رآه أكثر دراية بفنون القتال ومكائد الحروب، أم أنّه ليس لكم في رسول الله أسوة حسنة؟ عندها لا ينفع رايٌ ولا نصيحة ولا تقريع ولا من يحزنون.