لم يكن يحتاج العماد ميشال عون الى كل هذه الجلبة في جبل لبنان، خصوصاً بعد تحالفه مع الدكتور سمير جعجع.

 

لم يكن يحتاج الى خوض إمتحان جديد لمدى قوته وتأييد المسيحيين لخياراته وشخصه.

ولم يكن يحتاج الى خيبة الأمل من نتائج الإنتخابات البلدية في جبل لبنان.

من حق كل فريق سياسي أن يقرأ النتائج على طريقته. لكن الواقع أن العماد عون لم يكن يحتاج، في عزّ السباق الى رئاسة الجمهورية الى مطبّات قاسية في بلدات عدة مسيحية لها رمزيتها، نذكر منها خمس:

في انطلياس، حيث خسر المعركة على رغم تحالفه مع "القوات اللبنانية" و"الكتائب".

في جل الديب حيث خسر أيضاً على رغم تحالفه مع "القوات".

في سن الفيل حيث خسر على رغم تحالفه أيضاً مع "القوات".

في عين سعادة حيث لم يكن من داعٍ لزجّ صهر العماد عون، السيد روي الهاشم المعروف بدماثته وأخلاقه في معركة خاسرة.

في جونية حيث فاز العماد عون بهامش ضيّق جداً، كالطالب الذي ينجح في إمتحانات البكالوريا بنيله علامة عشرة على عشرين، لكنها لا تؤهّله للدخول الى المدرسة الحربية مثلاً، أو إلى كليّة الطب.

هناك من أخطأ في الثرثرة، وكبّر الحجر، وأخفق في الحساب، وعقد صفقات تحت الطاولة، وربما زجّ بالعماد عون في معارك جانبية. وما زال يتمادى سراً لحجب الأنظار عن مسؤوليته في الخسارة، خسارة غالبية من المسيحيين.

هل ما زال في الإمكان اليوم الحديث عن الرئيس القوي بعد فتح صناديق الإقتراع في هذه البلدات؟

هل ما زالت الطريق الى بعبدا متاحة بعدما قُطعت الطرق اليها في انطلياس، وجل الديب، وسن الفيل، وعين سعادة، وجونية، وغوسطا، وغيرها؟

هل يصح الحديث عن تسونامي التحالف الحزبي بعد النتائج المخيبة من جهة، وإفتراق "القوات" والعونيين في جونيه وضبيه والحدث وبعبدا وغيرها؟

وكيف يمكن تفسير أن الدكتور جعجع يدعم وصول العماد عون الى بعبدا، وفي الوقت ذاته يقيم له الحواجز في جونيه؟

أسئلة كبيرة تطرح نفسها بعيداً من الصخب الإنتخابي والإنفعالات والتشنجات، لأن معظم الناس في هذا الزمن أصبحوا يكابرون ولا يتحمّلون الخسارة، بل يعادون من لا يُردّد ما يعشقون سماعه.

غداً يوم آخر.

(جورج سولاج ـ الجمهورية)