ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" انه "إن كان "التيار الوطني الحر"، الذي يتزعمه العماد ميشال عون، ويرأسه حاليا وزير الخارجية جبران باسيل، تمكن من تخطي أكثر من خطر أخيرا، أبرزها التعيينات الرئاسية والاستحقاقات الداخلية للتيار التي كشفت حجم الامتعاض "العوني" من تسليم باسيل دفة القيادة من دون اللجوء إلى الانتخابات، فلا شكّ أنّه لن يكون من السهل عليه على الإطلاق اجتياز القطوع الجديد، المتمثّل بتمرد ناشطين عونيين على قرار القيادة بالتحالف مع تيار "المستقبل" في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدتها العاصمة بيروت.

والمفارقة أن الإشكالات التي كانت الأجهزة الأمنية تتوقعها في مناطق معينة، وقعت في مناطق وبين فرقاء لم تكن تحسب لهم أي حساب، إذ شهدت منطقة الرميل، في بيروت، يوم الأحد، أكثر من جولة مواجهة وعراك بالأيدي بين عونيين انقسموا إلى فئتين، فئة مع نائب رئيس الحزب نقولا صحناوي، وفئة أخرى مع القيادي زياد عبس الذي قرر التمرد على القرار الحزبي بالتحالف مع تيار "المستقبل"، وأقدم مندوبوه على توزيع لوائح شُطب منها مرشحو الحريري، وتم استبدالهم بمرشحين آخرين، مما أدّى لأكثر من إشكال، وانضم إليه شبان من حزب "القوات اللبنانية" الذين وقفوا في صف صحناوي.

وتبحث قيادة التيار حاليا، وبحسب مصادر مطلعة، طرحا يقضي بفصل 20 شخصا (ممن يمتلكون بطاقات حزبية)، بينهم القيادي زياد عبس، لـ"تمردهم على القرارات الحزبية"، علما بأن هيئة التيار في بيروت الأولى، المحسوبة على عبس، لم تكن راضية أصلا عن قرار التحالف مع الحريري، ولم تتم استشارتها بمضمون التسوية التي تم التوصل إليها قبل أيام معدودة من موعد الاستحقاق البلدي.

وبحسب مسؤول سابق في التيار، وهو ناشط حالي معارض لباسيل، فإن "أول تجاوز قامت به القيادة هو التعدي على صلاحيات هيئة القضاء، أما التجاوزات الأخرى فلا تعد ولا تحصى، ولعل أبرزها التنازل عن كل المبادئ والقيم التي قام عليها التيار في سبيل مقعد أو مقعدين في بلدية بيروت".

وقال المصدر المذكور لـ"الشرق الأوسط"، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لعدم التعرض للفصل: "المعركة لا تزال تستدعي وجودنا في الداخل"، مؤكدا أن "استمرار التيار بوضعه وسياسته الحالية سيؤدي لانفجار حتمي قريب"، مضيفا: "لطالما خضنا معاركنا تحت عنوان محاربة فساد تيار المستقبل، الذي تشكل بلدية بيروت أبرز أوجهه، فإذا بنا اليوم نعطي ورقة للحريري، ونغطيه ضاربين بكل مبادئنا عرض الحائط من دون أي مقابل يُذكر".

ورأى المسؤول العوني السابق أن "السياسة المتبعة حاليا من قبل القيادة تؤكد أن التيار شاخ، وبات يتكئ على عكازتين، على الشمال عكازة حزب الله، وعلى اليمين عكازة القوات، وهذا أمر مخيف جدا، استدعى انتفاضة الشباب يوم الأحد، وهم ممن واجهوا القوات السورية التي كانت تحتل بيروت، والذين لن يقبلوا باحتلال من نوع جديد أو بكمّ أفواههم"، لافتا إلى أنّه "في حال تم فصل عبس وعدد من العونيين، فذلك سيكون له ارتدادات كبيرة، وبالتالي عمليات الفصل ستتفاقم والموضوع سيكبُر، علما أنّه أصلا كبير".

وبعد فشل مساعي الناشطين القدامى بتحقيق إصلاحات من الداخل، بدأ هؤلاء يفكرون بإنشاء "حركة إصلاحية" من الخارج، وفي هذا الإطار يقول المصدر: "ندرس الموضوع جديا طالما القيادة غير آبهة باستيعابنا واستيعاب اعتراضاتنا".

 

 

الشرق الأوسط