بعد انتهاء اليوم الطويل للإنتخابات البلدية والإختيارية وبعد تجاوز نجاح تجربة هذه الإنتخابات في مرحلتها الأولى في البقاع بيروت، والتي أثبت اللبنانيون من خلالها قدرتهم على تجاوز حالة الخلافات الضيقة والإحتكام الى صناديق الإقتراع، لا يمكن إلى أن نهنيء لبنان بإنجاز المرحلة الأولى من الإنتخابات والتي عبر اللبنانيون من خلالها عن آمالهم وتطلعاتهم .

ونخص بالتهنئة أولئك الذين فرضوا أنفسهم كواقع جديد على الحياة السياسية اللبنانية، وفرضوا أنفسهم على السائد الإنتخابي في ظل سيطرة سطوة المال والأحزاب والسياسة على هذه الإنتخابات، فإنهم مع خسارتهم في عدد الأصوات إلا أنهم نجحوا في تحدي هذا الواقع المرير، وأثبتوا حضورهم على مستوى قراهم ومدنهم كحالة إعتراضية على هذا السائد، وأثبتوا قدرتهم كمعارضة تستطيع أن تتحرك في هذا الواقع المتردي، وتثبت حضورها أمام هذه السطوة الحزبية والسياسية .

إن النتائج التي خرجت بها هذه الإنتخابات كرست قوة الأمر الواقع، إلا أنها تكرس أيضا حضور العائلات وحضور حالة الإعتراض وقوة الكلمة في وجه هذا التحدي، وتثبت من جديد إرادة التحدي ضد نهج الإقصاء والإستعلاء والإستئثار وتسييس هذه الإنتخابات لصالح الأحزاب السياسية ومكوناتها .

إن الحضور اللافت لمعارضي لوائح الأمر الواقع وحيتان المال والسياسية، هو انتصار من نوع آخر، ولئن كانت الأصوات الأكثر لمصلحة هذه قوى قوى الأمر الأمر الواقع، ولمصلحة السياسية الحزبية، إلا أن الإنتصار الحقيقي هو لأولئك الذين خسروا المعركة وربحوا الوطن والإرادة والديمقراطية، وربحوا الاستمرار في تجربة الرفض، وربحوا الإستمرار في تحدي هذا الواقع على أمل أن يستمر هذا التحدي وتستمر حالة الرفض لهذا السائد الذي سيأتي يوم ويذعن لإرادة الشعب ولإرادة الحقيقة .

مبروك اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع وبغض النظر عن النتائج فانها خطوة مهمة لاستعادة الحياة السياسية وبانتظار الانتخابات الرئاسية والنيابية وعلى أمل وضع قوانين جديدة تتيح المجال لاوسع مشاركة وافضل تمثيل للمواطنين .