ألقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عظة بعنوان "وصعد يسوع الى السماوات" خلال ترؤسه قداسا احتفاليا في كاتدرائية القديسة تيريز في ليزيو - فرنسا، أشار فيها الى أنه "في هذا الأحد ذكرى صعود مخلصنا الذي سبق واحتفلنا به يوم الخميس الماضي، بعد مرور اربعين يوما على قيامته من بين الاموات. خلال ظهوره الاخير على الرسل الاحد عشر، وبحسب انجيل مرقس، قال لهم:"اذهبوا في الارض كلها، واعلنوا البشارة الى الخلق اجمعين. وبعد ان خاطبهم، رفع الى السماء وجلس عن يمين الله." ولفت الراعي الى أن "انجيل هذا الأحد يحضر للسر الفصحي الذي يسميه يسوع تمجيد الآب وتمجيده هو ايضا. بموته لفداء الانساني مجد الآب، من خلال اتمام ارادته لخلاص الجنس البشري. وبقيامته وصعوده مجده الآب. وفي خطابه الوداعي ترك لنا وصيته:"ان نحب بعضنا بعضا كما هو احبنا".

  وأكد "انني سعيد لتلبيتي دعوة المطران جان كلود بولانجيه، اسقف بايو - ليزيو للاحتفال بهذا القداس هنا في بازيليك القديسة تريز ومباركة الكابيلا المكرسة للبنان ولقديسيه الخمسة وبمشاركة المطران مارون ناصر الجميل راعي ابرشية فرنسا المارونية والبعثة القادمة من لبنان وباريس. واشكر الأسقف والأب اوليفيه روفراي، الكاهن المسؤول عن البازيليك، على هذه المبادرة الجديرة بالثناء والتي قاما بها بفضل سخاء السيد فادي فياض وغيره من المحسنين اللبنانيين. اني اثني على هذه التماثيل المعبرة التي تمثل أرز لبنان وقديسيه بعمل الفنان النحات رودي رحمة. كما اشكركم على اختيار هذا التاريخ 8 ايار الذي نحيي فيه ذكرى ميلاد القديس شربل وذكرى المناولة الأولى للقديسة تريز".

  وأشار الى "اننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية بشفاعة القديسة تريز ووالديها القديسين لويس وزيلي مارتان وبشفاعة قديسينا وطوباويينا، على نية هذه الأبرشية التي تستقبلنا، من اجل الاستقرار في لبنان وإحلال السلام في سوريا والعراق وفلسطين. كما نصلي لكي تتوقف الحرب الدائرة، ويتم ايجاد حل سياسي للصراعات القائمة ويحل السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الاوسط". وأضاف الراعي: "ان الكابيلا المكرسة للبنان ولقديسيه الموارنة اللبنانيين في بازيليك ليزيو تعزز وتقوي ليس فقط الشركة الكنسية والروحية بين ابرشية بايو - ليزيو والكنيسة المارونية، وانما ايضا العلاقة التضامنية بين الشعبين الفرنسي واللبناني. فالعلاقات بين موارنة لبنان وفرنسا تعود الى عدة قرون".

  وأوضح أنه "هنا لا بد لنا من ان نشير الى العلاقة بين القديسة تريز وقديسينا. فهي حبيبة يسوع الصغيرة، اعلنها القديس البابا بيوس العاشر "اعظم قديسي العصر الحديث"، واعلنها البابا بيوس الحادي عشر "شفيعة الرسالات"، ونجمة حبريته"، وأعلنها البابا بيوس الثاني عشر "المحامية الثانية عن فرنسا مع القديسة جان دارك" والقديس البابا يوحنا بولس الثاني اعلنها "ملفانةالكنيسة الجامعة الثالثة والثلاثين". ان قديسينا بشهرتهم وعجائبهم وبخاصة تلك العائدة للقديس شربل، يتخطون حدود القارات الخمسة، وهم الآتون من بلد صغير، لبنان، الذي يشكل نقطة صغيرة على خريطة العالم. عن لبنان الصغير هذا قال القديس يوحنا بولس الثاني انه "اكثر من بلد، انه رسالة ونموذج للتعايش والحرية".

  أضاف: "في منطقة يعتمد فيها النظام الديني، يبقى لبنان البلد الوحيد في العالم العربي الذي يفصل بين الدين والدولة. انه يطبق النظام الديمقراطي ويعترف بالمساواة بين المسيحيين والمسلمين على قاعدة المواطنة، ويتميز برئاسة الجمهورية التي يتولاها مسيحي ماروني عملا بالميثاق الوطني في العام 1943. بفضل هذه الميزة يمثل قبلة انظار المسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط وبخاصة لاهل دول الخليج.ان القيمة الجيوسياسية للبنان تكمن في كونه بوابة اوروبا والغرب الى الشرق الأدنى والعالم العربي. انه ملتقى الحضارات والمكان الذي يقوم فيه الحوار بين الاديان والكنائس".

  ولفت الراعي الى "ان قديسينا يحملون رسالة محبة الله نفسها التي اعلنتها وعاشتها القديسة تريز، ولكن كلامهم، بحسب مسيرته الحياتية، يترك لنا رسالة: القديس شربل في صومعته كان لنا مثالا في العزيمة والمثابرة، القديس نعمة الله من خلال التعليم اللاهوتي علمنا الإخلاص للقيم ولحالة الحياة، القديسة رفقا في عيشها حياة الجماعة وبآلامها علمتنا فرح الآلام مع يسوع، الطوباوي الأب يعقوب في مؤسساته الإجتماعية في خدمة كل انواع الاوجاع علمنا حب "اخوة يسوع الصغار"، والطوباوي الاخ اسطفان في عمله في الحقل علمنا الإجتهاد وتقديس الذات في الخدمة والعمل. القديسة تريز في سكون ديرها علمتنا حب الله الحقيقي وتقبل الاوجاع من اجل نشر انجيل الخلاص في العالم اجمع. وعلمتنا بخاصة "ان نمارس الأمور العادية بحب غير عادي".

  في نهاية القداس، دشن الراعي وبارك مذبح "كابيلا لبنان" داخل الكاتدرائية، ورفع الستارة عن منحوتتين من الرخام للفنان رودي رحمة لوجوه قديسي لبنان الخمسة شربل، الحرديني، رفقا، اسطفان نعمة وأبونا يعقوب الكبوشي، وتتوسط المنحوتتين أرزة لبنان التي تضم ذخائر القديسين الخمسة وكتب عليها "أرز الرب أرز لبنان".