الخيانة الزوجية الإلكترونية مفهوم جديد للخيانة الزوجية غير التقليدية .. فهي الخيانة بواسطة التكنولوجيا التي اقتحمت الحياة الزوجية في عصر العولمة وتحطيم الخصوصيات ؟ والسؤال الذي ينبغي أن نجيب عنه هو :ما الذي حدث ويمكن أن يحدث للعلاقة الزوجية في زمن الإنترنت والستالايت والكومبيوتر والفيديو والهاتف النقال و وسائل الإعلام التي تركز في إهتماماتها على الجانب الغريزي وحسب ؟ ويبدو السؤال متشعباً إلى عشرات الأسئلة وسط هذه الفوضى التكنولوجية التي إستحوذت على الإنسان بوسائلها المتعددة والتي إستشرت بعد حقبات من الكبت والتحفظ الذي ظل مرافقا لخصوصيات مجتمعاتنا العربية والإسلامية، حتى بدا الدخيل الجديد عبئا ثقيلا وضيفا وقحا وقويا بالنسبة للجميع، والمشكلة أننا لم نحسن التعامل مع تلك الوسائل التكنولوجية في برمجة حياتنا بشكل حضاري وعصري يتلائم مع قيمنا وثقافتنا وخصوصيتنا الدينية، بل ربما لم نأخذ من تلك التكنولوجية إلا مخلفاتها. وإذا ما أخذنا الأسرة نموذجا سنرى المشكلة المستفحلة التي أظهرت كثيرا من العائلات التي تفسخت وتحطمت في علاقاتها الإنسانية وروابطها الإجتماعية ثم كثرت حالات الطلاق بين الزوجين نتيجة سوء إستخدام وفهم التكنولوجيا العصرية ولأن السعادة الزوجية تقوم على المودة والمحبة والألفة والاجتماع بين أفراد الأسرة والحوار اليومي واللقاء الدائم بين الرجل والمرأة وبين الأسرة، فإن ما حدث من غزو هذه الوسائل لمختلف العائلات والبيوتات دمر خطوط الاتصال الداخلية، وفتح خطوط الاتصالات مع العالم الخارجي،وفتح معها كما هائلا من التحديات والمشاكل والأسئلة التي لا تزال تنتظر مزيدا من الحلول والمعالجات .
ومن هنا يرغب الكثيرون في أن يعرفوا رأي الدين الإسلامي بموضوع الخيانة الإلكترونية أو العلاقات خارج إطار الزواج عبر وسائل التواصل الإلكترونية و كيف ينظر إلها الدين من الناحية الدينية والفقهية .
والإجابة الأولية عن الحكم الشرعي في هذه المسألة هي الحرمة الشرعية في منظور الفقه الإسلامي الإمامي الشيعي وكذا الإسلامي العام ..
ففي النظرة الإسلامية وكذا المسيحية لابد أن يتأطر نمط العلاقة الجنسية وما يشابهها في إطار العلاقة الشرعية الناتجة عن عقد الزواج الشرعي الصحيح .
فالاتصال بامرأة أخرى على شبكة الإنترنت ومغازلتها والتحدث معها حديثا جنسيا مكشوفا ،هو محرم ويمثل انحرافا من جهة الزوج وهو خيانة صريحة لزوجته ولقداسة الميثاق الغليظ والسر المقدس، لأن ذلك يعني علاقة حقيقية بامرأة أخرى خارج إطار العقد الشرعي . 
أما القول بأن المسألة لا تتعدى الخيالات والتصورات تماما مثلما يقرأ المرء رواية عاطفية تشتمل على مشاهد حميمة ..فجوابه أن الإسلام حرم أيضا الخيالات والتصورات الجنسية لما يترتب عليها غالبا من المفاسد وقد أشار رسول الله نبي الإسلام محمد (ص) إلى حيثية رائعة جدا في هذا الجانب المتصل بالخيانة البصرية سواء من المتزوجين أو غير المتزوجين حين قال : 
"إن الله كتب على ابن ءادم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها اللمس والرجل تزني وزناها الخطى واللسان يزني وزناه المنطق والفم يزني وزناه القبل والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".
وهذا يعني أن الخيانة الزوجية في الإسلام سواء كانت من جهة الزوج أو الزوجة ليس من الضروري أن تكون جسمية أو تلامسية مباشرة على المستوى الفيزيائي وإنما يمكن أن تكون خيالية أو تصويرية، وفي هذه الحالة يزني الرجل بقلبه ..ولن يكون من قبيل المبالغة وصف الرجل بأنه "مريض"، وأنه لا يحمل أي شعور بالتقدير والاحترام لشريكة حياته .. بل إننا نجد في الفتوى الدينية تحريما على الزوج حتى فيما يتصل بمقاربة زوجته إذا قاربها جنسيا ولكن بتخيل إمرأة أخرى ، لا أقول إن أصل العلاقة في هذا المورد حرام وإنما أقول أنه أرتكب الخطيئة من جهة الخيانة الروحية والنفسية عن طريق التصورات الذاتية التي لا تعلم بها الزوجة أصلاً .وهذا يعني في الإسلام أن من حق الزوجة على زوجها أن يفيض عليها مشاعره الصادقة دون أي تدليس أو مخادعة .
ويمكن لي أن أعتبر بأن هذا النوع من الخيانات الزوجية هو أسوأ من الخيانة الحقيقية في عالم الواقع ..لأن ذلك يعتبر انتهاكا شعوريا وفكريا للثقة التي هي أساس العلاقة الزوجية الصحيحة التي تعبر عنها الكنيسة بالسر المقدس كما يعبر عنها الإسلام على لسان الإمام جعفر الصادق (ع) بالميثاق الغليظ أي العقد المتين ..
ونحن ضمن هذه المعالجة بحاجة أيضا إلى تحديد مفهوم الخيانة ،لأن البعض يحصرها في المجال المادي البحت وهذا غير صحيح ، فالخيانة تتجاوز ذلك لتشمل الجوانب الأخلاقية والنفسية والمعنوية ، فما يقوله البعض من إن الزوج في علاقة النت ومواقع التواصل الإجتماعي يحصل على الإثارة إما من خلال كلام أو مشاهد مثيرة. وكلها عملية تفريغ لشحنات مكبوتة أو تنفيس عن النفس ولا مشكلة في ذلك طالما أشبع الرجل رغبة زوجته وعاشرها معاشرة عادية ، فهو لذلك لن يكون خائنا . 
طبعا إن هذا التصور يحصر القضية في إعطاء الزوجة حقها الجنسي وأنه يبرر للرجل بعد قيامه بواجبه الجنسي أن ينفس رغباته في طرق أخرى، ولكن المسألة في الرأي الديني ليست مطروحة بهذه البساطة وبهذا المستوى من المادية الغرائزية لأن أبعاد هذه الأزمة تتجاوز الواجبات والحاجات لتصل إلى حد منظومة القيم وجوهرة الأخلاق في المجتمع البشري الصحي ، كما تصل إلى حد التهديد المباشر للحياة الزوجية التي يجب أن تقوم على المودة والرحمة والسكينة والحب ،ومن الواضح أن هذه المقولات كلها ترتبط بجانب النفس والمشاعر ، وعلى الأزواج دائما أن يتأملوا بهذه الآية القرآنية المباركة : "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لّتَسْكُنُوَاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مّوَدّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ"
وأعتقد أن الموضوع بالنسبة لبعض الأزواج قد يكون مرضا نفسيا إدمانيا بحاجة إلى معالجة وهذه هي المشكلة ،وقد يكون مجرد رد فعل مباشر على تقصير الزوجة، أو سوء أخلاقها أو إهمالها لنفسها أو بيتها أو أولادها، ولا يخلو البشر من عيوب وخطايا، فإذا به يرد على عيوبها بالهجر والتقصير أو بالبحث عن علاقات خارج إطار الزواج، وينسى أن أساس درجة القوامة أنه مكلف شرعاً بأن ينفق عليها ويتسع قلبه لها، ويحتوي مطالبها ويقوم بحاجاتها، ولو لم تلتزم هي بما عليها أو ما هو منتظر منها .. وفي المقابل فإن إنتشار هذه المشكلة اليوم ينبغي أن يثير مزيداً من التساؤلات لدى الزوجة وأن تبادر بكل شجاعة ووعي في إصلاح مساحتها الخاصة كزوجة .
فإن كل تصرف يقدم الإنسان على فعله يكون نتيجة دوافع معينة، وهذا يندرج مع فعل الخيانة، فمن أهم أسباب إقدام الزوج الخائن إلكترونياً على مثل هذا الفعل هو إما هروب أو انتقام..!! لأن الخيانة هنا لا تتعدى الفضاء وليست بحثاً عن الزنا بالمعنى الحرفي.
وأخيراً نقول: إن الأزواج أحيانا يلجؤون إلى الإنترنت للبحث عما يفتقدونه في حياتهم الزوجية كالجمال أو الرومانسية أوالإثارة مع إيهام أنفسهم أن هذه العملية التواصلية هي مجرد محادثة على كمبيوتر في العالم الإتراضي تلبي حاجة نفسية عابرة ولا تندرج تحت عنوان الخيانة، وطبعاً هذا غير صحيح وهو بداية للهاوية وتدمير للذات وللأسرة والمجتمع . 
وإن جميع ما تقدمت الإشارة إليه من خيانة الأزواج ينطبق أيضا من جهة الحكم الشرعي على خيانة الزوجات وهي مشكلة دينية وإجتماعية أخرى لا تقل خطورة عن خيانة الأزواج ، فبحسب بعض الدراسات التي شملت مئات النساء، توصلت إلى أن أكثر الأسباب شيوعا وراء خيانة الزوجات إلكترونيا هو البحث عن الحميمية العاطفية والدفء العاطفي، وتعويض الاهتمام الغائب عندما تكون نكرة في نظر زوجها، وتحظى باهتمام لا يزيد على لحظات الرغبة العابرة، وكذلك إعادة تأكيد الجاذبية ولاسيما عندما يخالجها الشعور بأن صلاحيتها تبدو منتهية، وكذلك الملل بمعناه الشامل والعميق والمستدام، وأخيرا الوحدة والوحشة عندما تجد المرأة نفسها وحيدة بلا رجل لأن الرجل ببساطة إما أنه كان مشغولاً برغبات نفسه وإما لأنه كان مشغولا بإصلاح كل شيء إلا عائلته وبيته .
وفي الختام أعتقد أن الموضوع يتشعب على أكثر من سؤال ويتسع لأكثر من جانب بحثي يحتاج إلى تسليط الضوء عليه وثمة تساؤلات تتفرع عما أشرنا إليه ضمن هذه المقاربة الأولية..ربما أتابعها فيما بعد بدراسة خاصة إن شاء الله تعالى ..