لا شك ان مواقع التواصل الإجتماعي قد لاقت رواجاً كبيراً بين جميع فئات المجتمع ودخلت إلى كل منزل بدون إستئذان ومن عارضها في البداية ما لبث أن رضخ إلى هيمنتها الكبيرة فهي تتسلل إلى عقل الإنسان كالمخدرات، تكفيك جرعة واحدة منها حتى تدخل في عالمها الإفتراضي بدون القدرة على إيجاد "زر" الخروج.


سيف ذو حدّين


قبل عصر التكنولوجيا كانت فكرة التحدث صوتاً وصورة مع شخص بعيد من سابع المستحيلات. أما اليوم فمع مواقع التواصل والهواتف الذكية بات الأمر متاحاً للجميع مما ساهم في تقريب المسافات وكسر حواجز الغربة جاعلا من العالم "قرية كونية واحدة".


كما أن المواقع خلقت مساحة من الحرية لدى المستخدم وأعطته قدرة كبيرة للتعبير عن آرائه.


ولكن لكل شيئ حسناته وسيئاته فعلى الرغم من أن وسائل التواصل قربت العالم من بعضه إلا أنها فككت الأسرة الواحدة ووضعت حداً للصداقات الفعليَة التي يلتقي فيها الأفراد ويتحدثون وجها إلى وجه فإقتصرت محادثاتهم على المكالمات الهواتفية والرسائل النصيَة مما إنعكس سلباً على شخصية الشخص وأفقده القدرة على بناء علاقات إجتماعية ووجد نفسه غير قادر على الإنسجام في بيئته التي غاب عنها لوقت طويل.
حريَة مطلقَة


يشكو معظم الأهل من إنعدام الرقابة فليس بإمكانهم الإطلاع على نشاطات أولادهم على مواقع التواصل الإجتماعي أو مع من يتحدثون ويبقى خوفهم الأكبر من أن يتم خداعهم من قبل أشخاص مهمتهم الإيقاع بالآخرين وحثهم على القيام بأمور منافية للأخلاق. هذه الظاهرة رائجة جداً بين المراهقين الذين ينقصهم الخبرة فيسهل تغريرهم وينتهي بهم المطاف في خانة "المستغلين جنسياً".


هذه الآفة قد تطال الراشدين أيضاً وخصوصاً النساء منهم، فقد تنجر المرأة إلى حديث عاطفي مع رجل يكون الهدف من ورائه التعارف وصولا إلى بناء علاقة قد تصل إلى الزواج. ولكن في مفهوم بعض الرجال الغاية من التقارب هو لتحقيق مكاسب جنسية وقد يوهم الفتاة بنيته الإرتباط بها مشترطاً عليها إرسال صور مخلة بالآداب العامة. وكم من ضحية وقعت بهذا الفخ في مجتمع ذكوري لا يرحم المرأة حين تخطئ؟


قد يمتد طمع الرجل ليصل إلى حد إبتزاز المرأة من أجل إشباع رغباته مهدداً إيها بنشر صورها في حال رفضت، لتجد نفسها أسيرة خيارين إما الخضوع أو الفضيحة والأسوأ من ذلك حصوول الأمرين.


شهادة حيَة


"ريما" شابة عشرينة تروي تجربتها المريرة حيث تعرضت للخداع من قبل شاب غريب تعرفت عليه عبر "الفيسبوك". بدأت القصة بحوار عادي تطور إلى علاقة عاطفية إتخذت منحى جنسياً، فبعد أن وثقت بحبيبها وأرسلت له صوراً عارية قام الأخير بإبتزازها جسدياً ومادياً قبل أن يقوم بفضحها ونشر هذه الصور على مواقع التواصل الإجتماعي لتصل إلى عائلتها ووقعت الكارثة، وبالطبع تم تحميلها المسؤولية كاملة فحرمت من أبسط حقوقها ومتابعة تحصيلها العلمي وإنتهى بها المطاف سجينة منزلها لعدة أشهر. ولحسن حظ ريما لم تنته قصتها بجريمة تمسح العار الذي لحق بها.


إلقاء اللوم على الفتاة فقط ليس الحل فالمفترس لا يزال طليقاً يبحث عن فريسة أخرى والمطلوب التوعية والتشدد بتطبيق القوانين على الرجال كما النساء وعدم التردد الضحيَة بإبلاغ الجهات المختصة للحد من هذه الآفة.

 

الديار