إن مبدأ الولاية بين المؤمنين يساهم مساهمة فعالة في تكوين المجتمع النموذجي الصالح، فعلى هدى هذه الولاية وفي واحتها الرائعة يولد في نفوسنا الشعور بالحسّ الاجتماعي الذي يأخذنا لبناء مجتمعنا الأفضل على أساس من المحبّة والتعاون والإخاء .
وإنّ المؤمن الذي تربّى على أهداف الإسلام الحيوية، يؤمن أشدّ الإيمان بأنّ بناء المجتمع بناءً متكاملاً ومتماسكاً يعتبر من ضرورات الدين لاستمراريّة حركته وخلوده في عمق الزمن والحياة .
ومن هنا نجد أنّ الإسلام الحنيف لا يسمح للإنسان المسلم أن يعيش عمره كما الغرباء والمنعزلون الذين يعيشون لفرديّتهم وأنانيّتهم، أو كما المنتفخون الذين يعيشون في بروجهم العاجية أو سراديبهم التحتية ، بحيث لا يجدون بينهم وبين مجتمعهم سبباً من أسباب التفاعل والاتصال أو النزول إلى أرض الواقع، ولذلك يشدّد الإسلام مؤكداً على عضويّة الإنسان المسلم بالمجتمع عضويّة صالحة وعاملة وهادفة ، حتى لا تكون أزماته وتعقيداته الشخصية سبباً من أسباب الإنفصال عن المجتمع أو الأمة ، فيمنحه العنوان الإنسانيّ والإيمانيّ والرساليّ عندما يلتزم بهذه الصفة الإجتماعية الوحدوية ، كما يجرّده الإسلام من هذه القيمة في الوقت الذي يتجرّد فيه عن هذه الصفة، ليعيش وحده في عالم الغياب والانفصال، وحينئذٍ يسقط هذا الإنسان المنفصل عن مجتمعه وأمته من حسابات الإسلام بعد أن تصادر من شخصيته كل المزايا والاعتبارات التي كانت تشرفه في زمن الانتماء ...
( مقتطف من كتاب "الوحدة الإسلامية وتحديات المرحلة :نظرة في المرتكزات العملية والشروط الموضوعية " للشيخ عباس أحمد شحادي )