ربما لم يخطر في بال المغدور زياد القاصوف، أن في لبنان مرضاً أخطر بكثير من "الملاريا"، إذ غادر غانا الأفريقية خوفاً من هذا الداء.

  هذا الشاب لم يعلم أنه في أرض الوطن ثمّة من يقول إن "الحق يقتل من دون رحمة". تقول قريبة لزياد وهي تذرف الدموع على "الآدمي الذي قتل لأنه نطق بالحق".

  زحلة تعيش فاجعتها على شاب قتل بسبع رصاصات أطلقها مجهول عليه في مرأب منزله الكائن في ضهور زحلة.

سبع رصاصات انتشرت في أنحاء الجسد واضعة حداً لحياة زياد "الهادئ والآدمي"، بحسب ما يؤكد من عرفه.

  من قتل زياد؟ سؤال يتكرر بلا إجابة في زحلة.

خصوصاً أنه لم يمض على وجود الشاب في عمله في مستشفى تل شيحا سوى سبعة أشهر، بدأها مذ عاد من أفريقيا راغباً في الاستقرار في زحلة إلى جانب عائلته، لكن رياح الغدر كانت أقوى من سفنه فقضى قتلاً قبل تحقيق الحلم.

  ما علم من تفاصيل عملية القتل يشير إلى أن المغدور استدرج إلى مرأب منزله من قبل القاتل الذي تلاعب بمحوّل للكهرباء، وحين عمد زياد إلى تفقد انقطاع التيار عاجله القاتل بسبع رصاصات قضت عليه.

وفيما فرّ الجاني هرعت زوجة الشاب، بعد سماعها للطلقات النارية، إلى المرأب لتجد زياد غارقاً في دمائه.  

استنكاراً للجريمة النكراء، نظّم اعتصام، بدعوة من راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك المطران عصام درويش الموجود خارج لبنان، أمام مستشفى تل شيحا ، وقد تجمّع أفراد عائلة زياد وأقاربه وأصدقائه أمام مدخل المستشفى، وشاركهم عدد من المدراء في المستشفى والموظفين، وأضاء الجميع الشموع وتلوا صلاة لراحة نفس المغدور. 

  وكان لافتاً للانتباه خلال الاعتصام الصرخات الاحتجاجية التي تعرّضت لإدارة المستشفى، إذ طالبت إحدى قريبات الضحية بالكشف عما يدور داخل المستشفى في خصوص الشؤون المالية، مشيرة إلى أن ذلك يقف وراء قتل قريبها، وقد لاقت هذه الاتهامات ارتياحاً لدى المعتصمين الذين صفقوا لما قالته الفتاة.

  أما عائلة القاصوف فقد كانت واضحة في كلمتها. إذ أشارت إلى أن مجرمين ومستأجَرين أقدموا على تصفية ابنها لأسباب تتعلّق بوظيفته، وهذا ما أشارت إليه بعض الأجهزة الأمنية، لافتة النظر إلى أن هناك فرضيات أخرى تبقى موجودة.

  وناشدت العائلة مسؤولي المدينة القيام بكل ما يلزم لكشف ملابسات هذه الجريمة ومَن نفّذها ولاسيما معربة عن ثقتها بالأجهزة الأمنية والقضائية التي تعمل على كشف الجريمة.

وطالبت أهالي زحلة بعدم النظر إلى هذه الجريمة بطريقة عابرة.

  إلى ذلك، استنكر العديد من فاعليات زحلة الجريمة البشعة، فقال درويش، في برقية: "من بعيد أبكي بصمت وصلاة على أخ لنا في العمل وعلى ابن حبيب.

وأشعر بغضب لهذه الجريمة التي طالت واحداً من شرفاء تل شيحا".

  ودانت رئيسة "الكتلة الشعبية" ميريام سكاف الجريمة المروعة قائلة "إن زحلة حزينة ومفجوعة بعدما هزّتها جريمة نكراء أودت بحياة أحد المواطنين الأبرياء".  

من جهتها، استنكرت مستشفى تل شيحا في بيان، الجريمة التي أودت بحياة زياد القاصوف، "والذي برحيله، يفقد المستشفى أحد أبنائه الأعزاء الذين عُرفوا بالنزاهة والاستقامة والتفاني بالعمل".

  ودعا البيان "القوى الأمنية المختصة إلى إجراء كل الخطوات والتحقيقات اللازمة بغية كشف ملابسات هذه الجريمة المروّعة، بهدف معرفة هويّة فاعِلها والمشتركين معه والمتدخلين والمُحرّضين عليها وإنزال أشد العقوبات بحقهم".

السفير