الانتخابات البلدية تستعر لغثبات الوجود والتلهي , والسياسيون في عالم آخر

 

السفير :

المدينة المحاصرة والمشطّرة منذ ثلاث سنوات أو يزيد في ريفها يتعارك تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» وسائر المعارضة، والجيش الذي استعاد المبادرة يواجه من الجو كما الأرض، والناس يموتون في إحدى أوائل المدن في التاريخ الإنساني، مبدعة الفنون, المدينة ـ العالم المفتوح لجميع الأديان والطوائف والأعراق والعناصر التي أبدعت صناعة وفنوناً أدخلتها الوجدان العربي والعالمي.
المدينة المغدورة التي انصهرت فيها حضارات الدنيا، وتعايش فيها السوريون من كل الطوائف والأقليات وتلك التي نزحت من الحروب والدم في كل دول الجوار، وجدت في حلب وطناً لها يحتضنها. حلب، العاصمة الثانية لسوريا، ورافعة إنجازات السوريين وتقدمهم في كل المجالات: في الصناعة والتجارة والزراعة والسياسة والعلوم والفن والموسيقى. مربط التراث العالمي وملتقاه الجامع كما كانت لكل القوافل الآتية من شتى أقصاع الأرض لتختلط هناك. بالامس القريب كانت عطشى. وفي هذه الأيام تروي من دماء ابنائها الارض، كما عهدها مع نفسها منذ الأزل.
اليوم حلب، وبالامس تدمر وحمص ودمشق وغوطتها ودرعا وحماه وإدلب. سوريا كلها تنزف وحلب هذه الأيام تحت نيران الحقد.
علقت حلب في نفق الدم لليوم السادس على التوالي. ويبدو أن ارتفاع منسوب الدماء المراقة في الشوارع لم يصل بعد إلى عتبة الألم بمقياس «إنسانية الحرب السورية»، التي تستوجب الصراخ من قبل طرف ما، أو جهة ما، في الداخل أو الخارج لوقف هذا الجنون الجماعي.
لعبةُ عضّ أصابع دمويةٌ تجري على أجساد الأطفال والنساء والمدنيين، وعلى جسد «الهدنة» التي باتت جثة هامدة منذ أصابها «تل العيس» في مقتل، ومع ذلك هناك من يتمسك بها ويريد إنعاشها.
أطراف القتال في سوريا أصبحت أسيرةَ لزوجة الأرض التي تدفعها إلى المزيد من الانزلاق نحو القاع أكثر فأكثر، محكومةً بمعادلة الفعل ورد الفعل. وعيون المعنيين في الإقليم والعالم تسبر أغوار الدم من دون أن تتوقف عنده كثيراً، لأنها مشغولة بما سيشفُّ عنه الأحمرُ القاني من تغييرات إستراتيجية على موازين القوى واللعبة السياسية.
استهدفت «جبهة النصرة»، أمس، برصاص القنص أهالي حيي المشارقة والسليمانية، ما تسبب باستشهاد شخصين وإصابة آخر بجروح. وأصيبت طالبة أمام باب كلية الهندسة الزراعية. كما استهدفت القذائف حي الميدان وشارع النيل. وبلغ عدد الضحايا في مناطق سيطرة الجيش السوري ليوم أمس عشرة شهداء وعشرات الجرحى فيما العدد منذ بداية القصف بلغ أربعين شهيداً وحوالي 400 مصاب بحسب إحصاءات نشطاء. في المقابل واصل الطيران الحربي استهداف معاقل المسلحين في الأحياء الواقعة تحت سيطرتهم كالسكري والأنصاري، وتحدثت مصادر إعلامية معارضة عن استشهاد عشرات المدنيين.
وتجدد القصف مساء أمس حيث سقطت عشرات القذائف في الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش، ولا سيما في حلب الجديدة، ما أدى لوقوع مزيد من الشهداء والجرحى. وقد عرض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مؤلمة لواقع الموت والدمار الذي حلَّ بضفتي المدينة المنكوبة.
وفي إشارة إلى أن الوضع في حلب قد يشهد المزيد من التصعيد، هدد «الفوج الأول مدفعية» التابع لـ «الجيش الحر» بتوسيع رقعة القصف المدفعي، ليشمل كلَّ ما أسماه «الثكنات العسكرية»، وذلك «لحين توقف الطيران الحربي عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل في حلب». علماً أن مدفعية هذا «الفوج» هي التي استهدفت المدنيين في الشيخ سعيد والراموسة وغيرها من المناطق.
وقد لاحظ بعض المراقبين أن القذائف الصاروخية بدأت تطال مناطق كانت تعتبر حتى الأمس آمنة نوعاً ما، وهو ما يشير إلى أن تعديلاً تقنياً جرى على بعض أنواع هذه القذائف، أعطاها قدرة الوصول إلى مدى أطول من السابق. كما أكد الدكتور زاهر حجو رئيس الطبابة الشرعية في حلب أن «الأذيات الموجودة على أجساد الشهداء والمصابين تدل على ازدياد القدرة التدميرية لهذه القذائف».
ولم يعد خافياً أن الصفعات المتوالية التي وجهها الجيش السوري لبعض الفصائل، عبر إفشال خططها العسكرية لاقتحام الأحياء الواقعة تحت سيطرته، أصابت هذه الفصائل بالجنون، ودفعتها إلى ممارسة الانتقام بأبشع صوره، من خلال استهداف الحلقة الأضعف، التي هي فئة المدنيين ممن لا حول ولا قوة لهم. وفي هذا السياق، أقرّ «جيش المجاهدين» بمقتل ما يزيد عن 20 من عناصره جراء الكمين الذي نفذه الجيش السوري ضده في أحد الأنفاق التي كانت معدة للتسلل نحو ضاحية الأسد.
ومع استمرار القصف المتبادل على أحياء حلب المدينة، تتسارع التطورات في الريف الشمالي، على وقع تحشيد تركي في محاذاة الحدود، وتقدّمٍ لتنظيم «داعش»، الأمر الذي بات يطرح العديد من التساؤلات عن مآل هذه التطورات، وإلى أين يمكن أن تصل؟
فقد سيطر «داعش»، أمس، على عدد من القرى في ريف حلب الشمالي، أهمها دوديان القريبة من الحدود مع تركيا، وعلى يحمول وجارز وتليل الحصن شرق مدينة إعزاز، وسط انهيار في صفوف الفصائل التي تقاتل ضده، والتي باتت تعرف باسم «الفصائل المنتقاة» أو «المفحوصة» أميركياً، وعلى رأسها «أحرار الشام».
وبالرغم من تدخل طيران «التحالف الدولي» لمساعدة الفصائل في صد هجمات التنظيم، إلا أنه لا يمكن مقارنة حجم ونوعية هذا التدخل بما كانت تحظى به «وحدات حماية الشعب» الكردية من تغطية جوية، أتاحت لها هزم «داعش» في جميع معاركها ضده، وإجباره على الانسحاب من مساحات واسعة لمصلحتها.
فلماذا يبدو ريف حلب الشمالي كأنه استثناء من هذه القاعدة، مع العلم أن الفصائل تحظى أيضاً بدعم المدفعية التركية، التي تزايد عددها بشكل ملحوظ على الضفة الثانية من الحدود؟. فهل هي طريقة أميركية لتنفيذ اتفاقها مع الروس بعزل «جبهة النصرة» عبر إلزام الفصائل بحشد المزيد من عناصرها في ريف حلب الشمالي؟ أم أنه من باب بناء الذرائع لتبرير خطةٍ ما يجري إعدادها للريف الحلبي بالتعاون مع تركيا، خصوصاً في ظل تصاعد الحديث مجدداً عن «المنطقة الآمنة»، أو «الأكثر أمناً»، ذات الصلة بالطموح التركي من جهة وبالهاجس الأوروبي من ملف اللاجئين من جهة ثانية؟.
وفي خطوة من شأنها أن تزيد تعقيد الوضع في ريف حلب الشمالي، قصفت المدفعية التركية قرية ميدان أكبس الحدودية في ناحية راجو بعفرين، أحد أهم معاقل الأكراد في المنطقة، وذلك بالتزامن مع هجوم شنته الفصائل المسلحة «المنتقاة» ضد معاقل «قوات سوريا الديموقراطية» من ثلاثة محاور، بحسب بيان صدر عن «جيش الثوار». وقد تمكنت الفصائل من التقدم والسيطرة على بلدة البيلونية لتصبح الاشتباكات على أبواب مدينة تل رفعت من جهة عين دقنة وجهة الشيخ عيسى.

النهار :

مع ان طلائع الاستعدادات للانتخابات البلدية والاختيارية تسجل تفاوتاً كبيراً بين المناطق، فان الايام الأخيرة بدأت ترفع تدريجاً الحمى الانتخابية والتنافسية بما يؤشر لكون الفترة الفاصلة عن أولى مراحل الانتخابات في 8 أيار المقبل ستعمم العدوى ربما الى مناطق تتسم حركتها الحالية بالبرودة. ولا شك في ان ارتسام ملامح الخريطة التنافسية في العاصمة بيروت ستترك أثراً واسعاً على مدن وبلدات أخرى اذ ان أكثر من أربع لوائح باتت مؤهلة لخوض السباق الانتخابي علما ان اعلان لائحة "البيارتة " من "بيت الوسط" اول من أمس مقترنة بتوافق الاحزاب اطلق نفير العد العكسي أمام اللوائح المنافسة وفي مقدمها لائحة "بيروت مدينتي" التي تبدو طامحة بقوة الى خوض معركة جدية كلائحة معارضة للائحة "البيارتة" الاقوى تأثيراً. وتعتقد اوساط معنية بمعركة بيروت ان الامر الايجابي الذي برز في اعلان اللوائح المتعددة يتمثل في تحفيز الناخب البيروتي على المشاركة في الانتخابات باعتبار ان نقطة الضعف التقليدية التي غالبا ما يحاذرها المرشحون والقوى السياسية والحزبية في بيروت تتصل بضعف الاقبال على الانتخابات. ولفتت الى ان لائحة "البيارتة" بما تضمه من ائتلاف لقوى حزبية وعائلية واسعة بدأت تحريك ماكينتها الاعلامية والتنظيمية بقوة عقب اعلان اللائحة، كما يتوقع ان تتكثف تحركات اللوائح الاخرى وقد لوحظ ان لائحة " بيروت مدينتي " تتجه الى احياء مجموعة تحركات بيئية وثقافية في اطار السباق الانتخابي.
وأوضح أمس الرئيس سعد الحريري ان "اصرارنا على تكريس صيغة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في تشكيل "لائحة البيارتة " انما هو للتأكيد اننا تيار معتدل يقبل الآخر ومنفتح على الجميع ويؤمن بالعيش المشترك وضد كل أشكال التعصب والتطرف من أي جهة أتى". وأضاف: "اننا اثبتنا بالقول والفعل اننا مع اجراء هذه الانتخابات وسنخوضها في مواعيدها المحددة". ودعا الى "النزول الى صناديق الاقتراع وانتخاب لائحة البيارتة كي يصل المجلس البلدي الذي يعبر عن تطلعات أهل بيروت".
وقالت مصادر نيابية في "المستقبل" لـ"النهار" إن الائتلاف الذي سعى اليه الرئيس الحريري في لائحة "البيارتة" هو من أجل توفير أفضل الظروف لتأمين المناصفة في المجلس البلدي الجديد الذي يتألف من 12 عضواً مسيحياً و12 عضواً مسلما وقطع الطريق على الاخلال بهذه المعادلة.
أما في ما يتصل بالمشهد الانتخابي في مناطق أخرى، فاسترعى الانتباه ان مدينة جونيه التي تختزن الكثير من العوامل السياسية والحزبية والعائلية الشديدة التداخل تتجه بقوة نحو معركة حادة متعددة اللائحة وإن تكن محاولات التوافق فيها لم تتوقف نهائيا بعد. واتخذت معركة جونية بعدا جديا في اليومين الاخيرين بعدما بدا صعباً على التحالف الثنائي بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية " بلورة معادلة توافقية مع القوى النافذة الاخرى، خصوصاً ان التضارب في التوجيه والتفاوض برز لدى فريق "التيار" الامر الذي انعكس على محازبيه وعزز مواقف العائلات التقليدية المناهضة للاحزاب. واذ ينتظر ان تتواصل المفاوضات التوافقية على رغم الكلام عن امكان اعلان لائحة مشتركة بين النائبين السابقين منصور البون وفريد هيكل الخازن، فان المفاوضات مع الاحزاب والعائلات يتولاها رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمت افرام ولو ان امكان تشكيله لائحته في نهاية المطاف يبقى وارداً. وبذلك يبدو ان الاحتمال الاكثر ترجيحاً هو ان تتنافس ثلاث لوائح في جونية على غرار معركة زحلة التي لا تزال تتصدر مرتبة متقدمة جداً في المدن المرشحة لمعارك سياسية وعائلية حادة.

مجلس الوزراء
في السياق السياسي، كشفت مصادر وزارية لـ"النهار" ان نقاشاً مستفيضاً جرى في جلسة مجلس الوزراء أمس في شأن إقتراح قدمته وزارة الطاقة يقضي بتركيب عدادات في مخيمات اللاجئين السوريين وقطع الطريق على ممارسات التعليق على الشبكة العامة التي تكبّد الخزينة نفقات طائلة وتحميل البلديات المعنية المسؤولية المادية. وكان رد الفعل معظم الوزراء رفض هذا الاقتراح ولاسيما منهم وزير العمل سجعان قزي الذي قال إن من شأن هذه الخطوة أن تؤدي الى التثبيت الواقعي لوجود اللاجئين وتشريعه لاحقاً ولكن في الوقت نفسه لا يجوز حرمان اللاجئين من الكهرباء والحل يكون بتحميل الدول المانحة أعباء فاتورة كهرباء اللاجئين. وتبيّن من الحسابات التي أجريت ان الاستهلاك السنوي للاجئين من الكهرباء يبلغ 400 مليون دولار.
من جهة أخرى، طالب رئيس الوزراء تمام سلام بوقف الحملات في شأن جهاز أمن الدولة كي يتسنى له العمل على إيجاد مخرج لقضية الجهاز. وجاءت دعوة الرئيس سلام في معرض مناقشة بند على جدول الاعمال يقضي بالموافقة على التمديد سنة لإعطاء حركة الاتصالات كاملة للاجهزة الامنية والعسكرية إبتداء من 1-5-2016. وبعد الموافقة على هذا البند ترك لكل مرجع عن كل جهاز من الاجهزة تنفيذ القرار وتالياً فأن أمر تسليم "الداتا" لأمن الدولة سيكون مرجعه رئيس الوزراء الذي تعود اليه المسؤولية عن الجهاز. ولفتت المصادر الوزارية الى ان مساعي الحل التي يتولاها سلام منذ 10 أيام لم تصل حتى الان الى أية نتيجة.

 

المستقبل :

غداة إعلان «لائحة البيارتة» سرعان ما «شمّر» رئيسها وأعضاؤها عن سواعدهم ليتلمسوا نبض الناس ويكونوا على تماس مباشر معهم يشرحون لهم برنامجهم الانتخابي ويستمعون منهم إلى تطلعاتهم الإنمائية للعاصمة، وسط تسجيل أجواء ملموسة من التفاعل في أوساط البيارتة وصفها رئيس اللائحة المهندس جمال عيتاني بـ«الإيجابية جداً»، مؤكداً لـ«المستقبل» أنه لمس خلال جولته الميدانية والأهلية في عدد من أحياء بيروت أمس «ثقة الناس» وتفاعلهم مع مضامين البرنامج الإنمائي الذي أعلنه أول من أمس. في حين كان الرئيس سعد الحريري يواصل لقاءاته مع العائلات البيروتية ويُشدد أمام وفد منها زاره في بيت الوسط أمس على أهمية تصدي المجلس البلدي المقبل للمشاريع الضرورية الملحة للنهوض ببيروت، معرباً عن ثقته بالكفاءات التي تضمها «لائحة البيارتة» وقدرتها على تنفيذ هذه المهمة الإنمائية، مع تجديد دعوته أبناء العاصمة إلى التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع في 8 أيار لانتخاب اللائحة التي تُكرّس في تشكيلتها صيغة المناصفة الحقيقية والعيش المشترك «ضد كل أشكال التعصب والتطرف».
وإثر زيارته عدداً من مناطق وأحياء بيروت حيث التقى أهلها واستمع إلى متطلباتهم الحياتية والإنمائية، أبدى عيتاني ارتياحه لنبض الشارع البيروتي الأصيل الذي لمسه خلال الزيارة، وقال لـ«المستقبل»: «البيارتة يشعرون بأنّ لائحتنا متكاملة وتضم مختلف أفرقاء العاصمة وأطيافها، فقابلونا بردود أفعال إيجابية جداً»، مضيفاً رداً على سؤال: «لمسنا ثقة الناس بجدية البرنامج الذي أعلنته «لائحة البيارتة» وبصدقية كونه برنامجاً إنمائياً محضاً قابلاً للتنفيذ».
أرقام نهائية غير رسمية
وبعيد منتصف الليلة الماضية، حصلت «المستقبل» على الأرقام النهائية غير الرسمية لأعداد المرشحين للانتخابات البلدية والاختيارية في العاصمة بانتظار إعلانها اليوم رسمياً من قبل وزارة الداخلية والبلديات بعد التأكد من اكتمال الأعداد وبت وضع بعض الترشيحات التي لا تزال بحاجة إلى تزويد الوزارة بالإيصالات المالية اللازمة.
وكانت أعداد المرشحين للانتخابات البلدية في بيروت قد بلغت حتى قرابة الساعة الثانية عشرة والنصف ليلاً 114 مرشحاً ومرشحة (92 ذكور و22 إناث)، بينما بلغ عدد المرشحين للمقاعد الاختيارية في العاصمة 226 مرشحاً ومرشحة (216 ذكور و10 إناث).
بري يدعو اللجان.. وعون يصعّد
تزامناً، أعاد أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري كرة القانون الانتخابي العتيد إلى اللجان النيابية المشتركة من خلال دعوتها إلى الاجتماع الثلاثاء المقبل في جلسة وضع على طاولتها كل مشاريع واقتراحات قوانين الانتخابات النيابية ليُصار إلى «جوجلتها في إطار التركيز على نقطتين أساسيتين: ماهية الدائرة الانتخابية، والنظام الانتخابي« نسبي أو أكثري أو مختلط أو فردي، كما أوضح خلال لقاء الأربعاء النيابي. 

الديار :

لماذا يصمت الجنرال؟ حتى عندما أُرغم على الاقامة في المنفى الباريسي تجاوز كل الشروط التي فرضت آنذاك وكسر جدار الصمت، وكانت تصريحاته تهزّ بيروت والجبل، وتربك الاليزيه كما الكي دورسيه. الآن، تتلاحق الاسئلة: هل تقمص العماد ميشال عون شخصية أبي الهول؟
المثير ان الاجابات عن السؤال، ومن محيط الرابية، تأتي متناقضة، بل ومثيرة في تناقضها. البعض يقول ان «حزب الله» الذي مثلما له ذراعه الحديدية في الاقليم له مصادر معلوماته المستقاة من مراجع رفيعة.
وقبل ان يقول الشيخ نعيم قاسم ما قاله حول «الازمة الرئاسية الطويلة» كانت المعطيات التي استند اليها قد وضعت امام الحليف رئيس تكتل التغيير والاصلاح.
الى اشعار آخر، لا انتخابات رئاسية لأن المنطقة امام مفترق إما أن يقود الى عملية سياسية كبرى وتنتج تسويات بعيدة المدى أو أن يقود الى فوضى عسكرية لا يدري احد الى أين تمضي بالمنطقة.
في هذه الحال، ما جدوى الكلام؟ الافضل ان يكون الجنرال أبا الهول على أن يكون، مثل الآخرين، بتصريحاتهم اليومية المملة، والثقيلة الظل، بشخصية دونكيشوت وهو يصارع طواحين الهواء...
ويقال ان العماد ميشال عون فكر كثيراً في طريقة التعاطي مع هذه المرحلة التي بالرغم من ضبابيتها لا تخلو من «لعبة الاشباح»، اتصالات، ومشاورات، واعادة تقييم للمواقف، قبل أن يستقر الأمر على الصمت الأفضل على المستوى التكتيكي كما على المستوى الاستراتيجي.
في المقابل، ثمة جهات داخل التيار الوطني الحر وتقول ان المشهد السياسي، وفي ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، هو في مرحلة تحوّل. الذين يعنيهم انتخاب رئيس للجمهورية على الساحة الداخلية، كما على الساحة الاقليمية والدولية، لاحظوا ان عون، مثل الجبال، لا يتزحزح. في هذه الحال، الاخرون يفترض ان يتزحزحوا...
ولأن النائب وليد جنبلاط هو الأكثر قدرة على الاستدارة، دون ان يرف له جفن، قد يكون الاول في التحول من تأييد النائب سليمان فرنجية، بعدما مارس التعذيب السياسي على النائب المهذب جداً او «ابن العائلة» هنري حلو، باتجاه الرجل الذي طالما جمعته به «ذاكرة النار» على تلال سوق الغرب.
واذا تمكن عون ان يتجاوز «ذاكرة الدم» مع الدكتور سمير جعجع، فهو يعلم ان جنبلاط الابن ليس مثل جنبلاط الاب الذي كان في احيان كثيرة يمسك بمفتاح القصر، ولكن يمكنه ان يلعب ان في «الغرف السرية» في بيت الوسط او في اروقة عين التينة.
وهناك من يحمّل الاجتماع الذي عقد بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الزراعة أكرم شهيب حول الانتخابات البلدية في قضاء الشوف اكثر مما يحتمل، ولكن مبرر عقد اللقاءات يمكن ان يؤشر الى شيء ما اذا ما اخذت بالاعتبار «مصيبة» الزعيم الدرزي في البلدات المسيحية المحورية، وذات الدلالات الرمزية الحساسة، وكذلك «مصيبته» في البلدات السنية التي يتجاذبها تيار المستقبل والتيارات الاسلامية على اختلافها.
وهنا تقول شخصية مؤثرة في اقليم الخروب ان جنبلاط الذي صمم على تسليم «كرة الشوك» او «كرة النار» الى نجله تيمور يعلم ان المعارك البلدية في هذه المرحلة هي معركة احجام. لا يريد ان ينتقص من حجمه ولو بوصة واحدة. هل يدخل، في هذه الحال، في ائتلاف مخملي مع التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» مع ما لهما من ثقل بين الشوف الاعلى في دير القمر، وبيت الدين، والشوف الادنى في الدامور؟
الخيار الآخر هو المواجهة. جنبلاط يريد تجنب ذلك، وعون يريد للانتخابات البلدية ان تشق الطريق امام نوع آخر من العلاقات مع قصر المختارة.
ولم يعد سراً ان «حزب الله» اضطلع بدور حساس في الحد دون تدهور العلاقات بين عون وفرنجية. الكلام الذي يسمع الآن في الرابية، كما في بنشعي، مختلف تماماً عن الكلام الذي كان يتردد قبل شهر أو شهرين.
الظروف ليست مناسبة كلياً للقاء وشيك بين الجنرال والبيك، ولكن من «يشتغلون» وراء الضوء لا يستبعدون حصول ذلك في اي وقت، ليقولوا ان عون وفرنجية يدركان ان المرحلة استراتيجية (بامتياز) وليست تكتيكية (بأي حال).
مشكلة عون هي تدوير الزوايا مع مَن لا أحد مثله يتقن تدوير الزوايا. في احد الاوقات، وصل الامر بأحد وزيري حركة «أمل» حد التساؤل ما اذا كان جبران باسيل ظلاً لميشال عون أم ميشال عون ظلاً لجبران باسيل الذي توجه اليه الاصابع العشر بتخريب العلاقة وعلى نحو «خطير» بين عين التينة والرابية.
هذا مع اعتبار ان باسيل لم يتمدد أفقياً فحسب، بل وعموديا، انه الآن رئيس التيار الوطني الحر، ويخشى اذا ما انتخب عون رئيساً ان يقيم الصهر الوزير في احد اجنحة القصر.
ماذا عن الرئيس سعد الحريري الذي يقول مقربون منه ان مشكلاته، بما فيها المشكلات داخل تيار المستقبل، و«حيث الامواج تتلاطم»، كبيرة جداً. لا بد من العودة الى السرايا الحكومية. لموقع رئيس الحكومة هيبته على مستوى الطائفة، كما على مستوى البلد، وايضاً على مستوى التيار، ولكن من يوصل «الشيخ سعد» الى «الجنّة»؟
الحريري راهن على ان يترافق مع «سليمان بك»، هو الى السرايا والثاني الى القصر، بدا ان الرهان لم يوصل الى شيء، بل راحت الامور تدور حول نفسها، والى الحد الذي حمل السفير السعودي علي عواض عسيري الذي يختار كلماته بدقة على التساؤل عن الاجماع الذي راهن عليه الحريري حول ترشيح فرنجية.
هل هو سؤال عسيري ام سؤال الذين ينطق باسمهم سعادة السفير.

ـ لائحة بيروت و... العراب ـ

الحريري التقى مع التيار الحر و«القوات» في اللائحة الائتلافية في بيروت والتي مرت بمخاض دقيق جداً، ولولا المساعي التي بذلها وزير السياحة ميشال فرعون في تلك الليلة البيضاء لانفجر الائتلاف ولكان مفعول الشظايا قد ادى الى نتائج خطرة على مستوى المواجهة السياسية والطائفية في ظروف يدرك الجميع مدى حساسيتها.
الجهات التي واكبت عملية «لمّ الشمل» في العاصمة تقول ان بيروت نجت من «قطوع» لا بد ان تكون له انعكاساته في سائر المناطق اللبنانية. التجاذب بدا على اشده حول الحصص بين الرئيس سعد الحريري وكل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وكاد ينذر بسقوط كل محاولات الائتلاف.
الوزير فرعون قام باتصالات مكوكية ساعياً الى التوفيق بين الاحزاب المسيحية الثلاثة (الكتائب و«القوات» والتيار الحر) وبيت الوسط. واذ وصفت الاتصالات بالمضنية والمتشابكة، فقد نجحت مساعي فرعون في تضييق الهوة وصولاً الى صيغة حريرية، نسبة الى الحرير لا الى الحريري.

ـ العودة الى الخندق ـ

ما جرى اوحى بأن من يفلح في تركيب اللائحة، واختيار الاسماء، لا بد ان يكون لاعباً ماهراً. كثيرون كانوا قد اعتبروا ليل الثلاثاء ـ الاربعاء ان الطريق الى لائحة ائتلافية قد اقفلت كلياً، وعلى كل جهة ان تعود الى... خندقها.
بل ان عون وجعجع بلغا نقطة الاستعداد للاعداد لـ«الخطة ب»، اي المواجهة. المواجهة مع الحريري، وفي بيروت، مع ما يعنيه ذلك سياسياً وطائفياً. وبعيداً عن الاسماء التي وضعتها الاحزاب الارمنية الثلاثة على الطاولة، كان للاسماء الاخرى التي طرحها فرعون ان تعيد احياء الائتلاف، وبالتالي تظهير اللائحة التي اعلنت بعد ظهر أول من امس.
وتقول الجهات اياها ان دور «العراب» الذي اضطلع به وزير السياحة جنّب بيروت معركة لا بد ان تكون لها انعكاساتها في وضع داخلي يعاني اساساً من الهشاشة والاحتقان...

 

الجمهورية :

فيما دخلَ الأفرقاء السياسيون ما يشبه فترةَ «استراحة المحارب» بعدما هدأت جبهة التشريع، تتطلّع الأوساط السياسية إلى 3 أيار، الموعدِ الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري لانطلاقة جلسات عمل اللجان النيابية المشتركة في درس مشاريع القوانين واقتراحات القوانين الانتخابية النيابية، والبالغ عددُها 17 مشروعاً واقتراحاً. وفي الموازاة سُجّل هدوء على الجبهة الحكومية، بحيث إنّ مجلس الوزراء أقرّ تمديد فترة إعطاء «داتا» الاتصالات المطلوبة للأجهزة الأمنية والعسكرية، ووضع «داتا» مديرية أمن الدولة في عهدة رئيس الحكومة تمّام سلام. دعا برّي اللجان النيابية المشتركة: المال والموازنة، الإدارة والعدل، الشؤون الخارجية والمغتربين، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، والإعلام والاتصالات، إلى جلسة تُعقد العاشرة والنصف صباح الثلثاء 3 أيار المقبل لدرس مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بقانون الانتخابات النيابية.
وشدّد بري في «لقاء الأربعاء النيابي» على التزام الدستور ومبادئه في مناقشة قانون الانتخابات النيابية، مشيراً إلى «أنّ اللجان المشتركة مدعوّة الى مناقشة مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بالانتخابات بمسؤولية وجدّية للوصول إلى أقلّ نسبة من الاختلافات والفروقات لمناقشتها في الهيئة العامة».
وقال بري إنّه سيُصار إلى جوجلة وغربلة هذه المشاريع والاقتراحات في إطار التركيز على نقطتين أساسيتين: ماهيّة الدائرة الانتخابية، والنظام الانتخابي (نسبي، أكثري، مختلط، فردي).

«الوفاء للمقاومة»
وفي هذا السياق أكّدت كتلة «الوفاء للمقاومة» حضورَها جلسات اللجان النيابية المشتركة و«مشاركتَها الإيجابية الفاعلة بغية التوصّل إلى أفضل قانون انتخاب عبر مناقشةٍ موضوعية لكلّ اقتراحات ومشاريع القوانين المطروحة، وذلك وفقَ منهجية تستند إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور ومعايير المساواة بين جميع اللبنانيين».
ودعت إلى «الالتزام الكامل بمضمون وثيقة الوفاق الوطني والتوافق على إقرار قانون انتخاب تمثيلي صحيح وعادل وفاعل يقوم على المناصفة ويَصون العيش المشترك بين اللبنانيين ويعتمد معاييرَ واحدة وموضوعية وشاملة».
واتّهمت الكتلة تيار «المستقبل» بالتهرّب من هذين الالتزامين، «ذلك أنّ الاستنسابية في تطبيق وثيقة الوفاق الوطني هي السبب الأعمق لتفجّر الأزمة السياسية التي تتفاقم في البلاد».
الأمم المتّحدة
وفي خضمّ حماوة التحضيرات للانتخابات البلدية، وقبل عشرة أيام على أوّل جولة انتخابية، أكّدت الأمم المتحدة دعمَها لهذه الانتخابات عبر زيارة المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان السيّدة سيغريد كاغ لوزارة الداخلية مُبديةً ثقتَها وإعجابَها بالطريقة القيادية التي يدير بها الوزير نهاد المشنوق الانتخابات البلدية والاختيارية وبتصميمِه على إجرائها في مواعيدها، واطّلعَت منه على التحضيرات الجارية والبرامج الموضوعة بموجب المساعدات التي قدّمتها المؤسسات الدولية والأمم المتحدة أكثر من مرّة.
وبعدما شدّدت كاغ على «أهمّية إجراء الانتخابات في المهَل المحدّدة تعبيراً عن الديموقراطية السليمة والتواصل مع المواطنين»، شدّدت على «أهمّية الفرصة المتاحة أمام المرأة للترشّح، وشجّعت اللبنانيين على التصويت لها بكثافة».
وفي خطوةٍ تتّخذها للمرة الثالثة تتحدّث كاغ خلال لقاء إلكتروني مع الإعلاميين عبر «تويتر» لتردّ على أسئلتهم حول نتائج زيارتها لباريس قبَيل زيارة الرئيس فرنسوا هولاند إلى بيروت، وكذلك نتائج زياراتها لكلّ مِن الرياض وطهران قبل أسابيع، في إطار مساعيها الهادفة لمساعدة لبنان على إنهاء الشغور الرئاسي وتعزيز الخطوات الهادفة إلى تسليح الجيش اللبناني وتعزيز قدرات القوى العسكرية والأمنية. كذلك ستكشف كاغ الهدفَ مِن زيارتها المقبلة لموسكو لاستكمال البحث مع الأطراف الدولية المؤثّرة في الوضع اللبناني.
الحريري
في غضون ذلك، قال الرئيس سعد الحريري «إنّ إصرارَنا على تكريس صيغة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في تشكيل «لائحة البيارتة» إنّما هو للتأكيد على أنّنا تيار معتدل يقبَل الآخر، ومنفتح على الجميع ويؤمن بالعيش المشترك، وضدّ كلّ أشكال التعصّب والتطرّف من أيّ جهة أتى».
وأضاف لدى استقباله عائلات بيروتية في حضور المرشّح لرئاسة المجلس البلدي لبيروت المهندس جمال عيتاني: «البعض راهنَ على أننا سنطلب تأجيلَ الانتخابات البلدية منذ بدء الكلام عن إجرائها، تارةً بذريعة الخوف من نتائجها وتارةً أخرى بعدم جهوزيتِنا، وما شابَه، ولكنّنا أثبتنا بالقول والفعل أنّنا مع إجراء هذه الانتخابات التي أصبحت على الأبواب، وسنخوضها في مواعيدها المحدّدة».
سعَيد لـ«الجمهورية»
وكان الحريري قد استقبلَ أمس منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد العائد من الرياض، في حضور النائب السابق الدكتور غطاس خوري، وتَركّز البحث على الأوضاع السياسية في البلاد.
وقال سعَيد لـ«الجمهورية»: «أطلعتُ الرئيس الحريري على نتائج زيارتي للرياض واللقاءات والاتصالات التي عَقدتها مع عدد مِن المسؤولين والشخصيات السياسية في المملكة، حيث أجرَينا جولة أفق حول الوضعَين اللبناني والعربي، وذلك على هامش تلبيتي دعوةَ الأمير تركي الفيصل إلى المؤتمر الدولي «سعود الأوطان» تكريماً لصاحب السموّ الملكي الأمير سعود الفيصل. وشدّدتُ خلال لقائي الرئيس الحريري على ضرورة الاستمرار في عملية بناء الدولة على قاعدة «إتفاق الطائف» والعيش المشترك والمناصفة الإسلامية ـ المسيحية».
وكشفَ سعَيد أنّه سينطلق في الساعات المقبلة في جولة اتصالات داخلية، مشدّداً على «وجوب استمرار كلّ المساعي لتأكيد أنّ وحدة اللبنانيين تصنع المعجزات وأنّ اختلافهم يُدخِل البلد في مغامرة غير محسوبة».
داتا الاتصالات
حكومياً، عَمل مجلس الوزراء في جلسته أمس بنصف محرّك عاجز عن تشغيل القضايا الكبيرة الملِحّة، ومرَّر بهدوء عدداً من البنود العادية، كان من ضمنها البندُ 138 المتعلق بطلب وزير الداخلية والبلديات تمديد مهلة إعطاء حركة الاتصالات كاملةً للأجهزة الأمنية والعسكرية ابتداءً مِن 1 ـ 5 ـ 2016 والطلب من وزير الاتصالات اتّخاذ التدابير الفورية اللازمة لتأمينها.
على أنّ هذا القرار لم يعترض عليه الوزير ميشال فرعون ووزراء الكتائب و«التيار الوطني الحر»، مع أنّهم سبق وأعلنوا أنّهم لن يمرّروا أيّ بند لا يتعاطى بالتساوي مع كلّ الأجهزة الأمنية. لكنّ الوعد الذي قطعَه لهم رئيس الحكومة في الجلسة الماضية بحلّ مشكلة مديرية أمن الدولة خلال 15 يوماً كان كفيلاً بعدم اعتراضهم على بندِ «داتا» الاتصالات.
عدا ذلك، كانت جلسة مجلس الوزراء هادئةً لدرجة استغربَها بعض الوزراء، وقال أحدهم لـ«الجمهورية»: «اليوم كان مجلس الوزراء بعالم، والبلد بعالم آخر».
ولوحِظ أنّ خلافَ وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الصحة وائل أبو فاعور لم ينعكس على الجلسة، لكنّ الجفاء بينهما استمرّ، بحيث أنّهما لم يتبادلا التحايا والسلام. وعندما سُئل أبو فاعور لدى خروجه عمّا إذا كان قد حصل غسيلُ قلوب بينه وبين المشنوق؟ أجاب: «ما فيARIEL هل أيام»
فرعون
وقال فرعون لـ«الجمهورية»: «وافَقنا على بند «داتا» الاتصالات لأنّ الرئيس سلام أكّد لنا أنّ هذا القرار يخصّ جميع الأجهزة، ونحن أبدينا ملاحظة أنّ جهاز أمن الدولة منذ ستة أشهر لم يتسلّم «داتا» الاتصالات مثل سائر الأجهزة، وهناك أكثر من 370 طلباً مجمَّداً في أدراج رئاسة مجلس الوزراء ونتمنّى على الرئيس سلام أن لا يعود هناك صيفٌ وشتاء تحت سقف واحد.
ونحن نستطيع التأكيد أنّنا أخَذنا منه اليوم (أمس) وعداً جديداً بأن يعالج هذا الملف ضمن المهلة التي طلبَها». وكشفَ فرعون أنّه طوال الأيام السابقة «لم يحصل أيّ تواصل مع الرئيس سلام في هذا الإطار»، وقال: «إنّ الانتخابات شَغلتنا وما دام هناك مهلة لم تَنقضِ بعد، نحن سننتظر».

اللواء :

من شأن الانتخابات البلدية التي أقفلت باب الترشح لها في بيروت على 120 مرشحاً بينهم 22 امرأة، وفي البقاع وبعلبك الهرمل على 1850 مرشحاً ان تلطف أجواء التوتر التي وأن خبت، فإنها مستقرة في الكواليس ووراء الغرف المغلقة، وفي المصارحات والحوارات، سواء على خلفية عدم انتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، أو على خلفية التحشد المسيحي في الانتخابات البلدية والاختيارية، عبر استنساخ نموذج الثنائيات الطائفية، المعمول به في الجنوب والبقاع.
وعلى الرغم من الحرارة التي بعثتها في الركود السياسي الذي ضرب البلاد، عبر التعطيل والسجالات والنكايات والتحديات والتهديدات والاستهتار بمصالح الدولة والمواطن ومصير البلاد والعباد، فإن الاشتباك السياسي الذي يتوارى حيناً، وينتصب في الواجهة أحياناً، يجعل من الأسئلة والمخاوف مشروعة لدى الأوساط الدبلوماسية والسياسية عشية مرور سنة و11 شهراً على شغور موقع الرئاسة الأولى، وتزايد التشاؤم حول إمكانية التوصّل إلى قانون انتخاب تتفق عليه الأطراف ويسمح باجراء الانتخابات النيابية عام 2017، في ظل استمرار العجز عن إقرار الموازنة ومعالجة الأزمات المتلاطمة، ومجاهرة الأقطاب الكبار اللاعبين بأن التعايش بينهم بات متعذراً، مما جعل رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط ينسحب بهدوء من معركة العجز والفشل، ويغرد داعماً لائحة «بيروت مدينتي» البلدية في مواجهة لائحة «البيارتة» الممثل فيها، ليعود ويتراجع.
وفي المشهد الذي وضع «حزب الله» بعيداً عن الأنظار ثقله لعدم التعبير عنه في الشارع، بين الرئيس نبيه برّي مدعوماً من كتل «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» و«الوفاء للمقاومة» و«المردة» والمسيحيين المستقلين في 14 آذار، و«تفاهم معراب» الذي يُشكّل النائب عون وكتلته وتياره رأس الحربة فيه، تارة في مواجهة تيّار «المستقبل» وتارة في مواجهة الرئيس برّي وكتلته.
فجأة ادرك النائب عون ان مواقفه يعلنها مباشرة بنفسه، في معرض نفيه كلاماً نسب إلى «عونيين» مفاده: «نبيه برّي هو مشكلتنا»، لكن الرئيس برّي، في لقاء الأربعاء النيابي، الذي غاب عنه نواب «التيار الوطني الحر» رد على لسان النائب العضو في كتلته علي بزي من دون ان ينفي ما نسب إليه من انه طلب من عون الاعتذار على خلفية وصفه المجلس النيابي بغير الشرعي، بالاشارة إلى ان العلاقة بين رئيس المجلس ورئيس تكتل الإصلاح والتغيير علاقة احترام متبادل.
وفي محاولة لنزع فتيل الأزمة، على الرغم من ان الرئيس برّي احال مشاريع قوانين الانتخاب إلى اللجان المشتركة، والتي دعاها إلى الاجتماع الثلاثاء المقبل، خرج العماد عون إلى إطلاق سلسلة من المواقف تصب في إطار رفع حجم المخاوف على مستقبل النظام السياسي الذي ارسته وثيقه الوفاق الوطني وتكرس باتفاق الطائف.
وإن كانت المناسبة هي الذكرى 11 لخروج القوات السورية من لبنان، فإن عون جدد التأكيد ان ولاية المجلس الحالي هي غير شرعية بالمعايير الدستورية العالمية، متهماً الأكثرية المنتخبة في العام 2009 بأنها تريد ان تتحكم، على الرغم من عدم شرعيتها، بانتخاب رئيس للجمهورية.
ورداً على تأثير وحدة المسيحيين بانتزاع الشراكة من جديد والمساواة في الحكم، قال عون: «اذا لم تتحقق الشراكة والتوازن في الحكم، وإذا لم يلعب كل دوره، بتناغم مع السلطة التشريعية والتنفيذية سيكون لبنان في خطر، لأن الشواذ لا يمكن ان يدوم».
ولعل هذه الإشارة التي برزت في الاتصالات التي جرت ودفعت الرئيس برّي إلى صرف النظر عن الجلسة التشريعية، وتحويل قانون الانتخاب إلى اللجان المشتركة لدرسه، والذي وصفه نائب رئيس المجلس فريد مكاري الذي أوكلت إليه مهمة ترؤس جلسات اللجان المشتركة، بأنه «خطوة تهدف إلى تفادي الشرخ مع الأحزاب المسيحية»، هي محور جهود ستتواصل لتجنب الأسوأ، لا سيما بعدما اتهمت كتلة «الوفاء للمقاومة»، «المستقبل» بالتهرب من التوافق على إقرار قانون انتخاب تمثيلي يقوم على المناصفة ويصون العيش المشترك، والاستنسابية في تطبيق وثيقة الطائف، واصفة هذا التهرب بأنه «افظع جريمة يواصل «المستقبل» ارتكابها بحق لبنان واللبنانيين، وتهدد بتعطيل كل مؤسسات الدولة وتشيع الفوضى والفساد وتصعد الخطاب الطائفي والمذهبي».
ومع أن هذا البيان يأتي رداً على كتلة َ«المستقبل» أمس، فإنه يعبّر عن جانب من المناقشات الجارية في البلد حول الصيغة السياسية الملائمة، سواء أكانت الشراكة من خلال الطائف، أم البحث عن خيارات أخرى يأتي في مقدمها الفيدرالية باعتبارها نموذجاً يجري تظهيره في البلدان ذات الانتماءات المتعددة، سواء كانت طائفية أو أتنية أو خلاف ذلك.
وفي المعلومات، أن اهتمام السفارات العاملة في لبنان بالانتخابات البلدية، مردّها إلى اعتبارها ممراً اختبارياً لإنعاش إمكانيات صمود النظام السياسي الحالي، أم البحث عن بدائل تعبّر عنها التحالفات الطائفية خارج بيروت، حيث تتحوّل الانتخابات البلدية والاختيارية إلى فرصة لإدارة مناطق الطوائف خارج العاصمة بيروت إدارياً وإنمائياً.
وما يُعزّز هذه المخاوف أن كل الصيغ المطروحة لإيجاد مخارج أو تصوّر سيناريوهات لكسر «الستاتيكو» اللبناني أو استمراره، لا تأخذ بالحسبان موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، فضلاً عن الشلل الذي يُهدّد حكومة المصلحة الوطنية باعتبارها آخر صيغة تلتقي فيها القوى السياسية والطائفية، إذا ما عادت أكوام النفايات ترتفع في الشوارع والساحات، بعد الثامن عشر من أيار المقبل، وقبل أسبوعين من بدء شهر رمضان المبارك في 6 حزيران، خصوصاً وأن كميات النفايات التي رفعت لم تتجاوز كميتها الـ500 ألف طن.
مجلس الوزراء
وتنبّه مجلس الوزراء لهذه المخاطر، فاستقر الرأي على عقد جلسة لمحارق النفايات، وجلسة أخرى لبحث أعمال مجلس الإنماء والاعمار.
وبصرف النظر، عمّا إذا كانت الجلسة التي انعقدت أمس، منتجة أو غير منتجة بتعبير وزير الصحة وائل أبو فاعور، فإن الرئيس تمام سلام تمكن من تجاوز أزمة جهاز أمن الدولة بإعطاء «داتا» الاتصالات لكل الأجهزة الأمنية بما في ذلك أمن الدولة، ومن دون التطرق إلى موضوع الانترنيت غير الشرعي الذي أصبح بتصرف القضاء الذي أوقف ستة أشخاص وادعى على أربعة آخرين بينهم موظفون.
على أن الموضوع الذي استأثر بالجدل، هو الموضوع الذي أثاره وزير الطاقة ارتيور نظاريان بضرورة وضع عدادات للكهرباء في مناطق تجمع النزوح السوري تمهيداً لاستيفاء كلفة ما يستهلكونه من التيار الكهربائي، ولم يحصل اتفاق حول هذا الموضوع إذ أن وزير العمل سجعان قزي رفض هذا الاقتراح بقوة معتبراً أنه إذا ما حصل يعني تشريع وتثبيت وجود النازحين في لبنان.
وأكد الوزير قزي على ضرورة أن تتولى الهيئات المعنية والدول المانحة دفع ما يلزم للبنان مقابل تقديم هذه الخدمات من دون اشتراكات رسمية، فردّ وزير الخارجية جبران باسيل بأن هذه الهيئات لا تتجاوب، فهو عندما كان وزيراً للطاقة وضع عداداً للكهرباء في عين الحلوة ولم تدفع «الأونروا» قرشاً واحداً.
وعاد وزير المال علي حسن خليل وأكد أن أي إنفاق إضافي يحتاج إلى قانون يصدر عن مجلس النواب، وذلك في معرض النقاش حول طلب وزير الأشغال غازي زعيتر أموالاً من أجل الطرقات.
الإنتخابات البلدية
بلدياً، أقفل باب تقديم الترشيحات لانتخابات بلدية بيروت وبلديات البقاع وبعلبك - الهرمل منتصف الليل، على أن تنتهي مهلة الرجوع عن الترشيح منتصف ليل الثلاثاء في 3 أيار المقبل، بعد أن مدّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق هذه المهلة يوماً واحداً بسبب مصادفة الاثنين يوم عطلة رسمية.
وبلغت الحصيلة شبه النهائية لعدد المرشحين لانتخابات بلدية بيروت 92 مرشحاً من الذكور و22 مرشحة من الإناث، بانتظار أن يقدم 6 مرشحين قبيل منتصف الليل الإيصالات المالية لترشيحهم إلى المحافظة، وبذلك يكون عدد المرشحين الإجمالي 120 مرشحاً يتنافسون على 24 مقعداً.
اما بالنسبة للمخاتير، فقد بلغ عدد المرشحين الذكور 216 مرشحاً و10 أناث، فيكون المجموع 226 مرشحاً، وثمة مرشّح واحد يحتاج إلى تقديم إيصال مالي.
وفي بعلبك الهرمل بلغ عدد المرشحين حتى الخامسة والنصف عصراً 1850 مرشحاً يتنافسون لعضوية 74 مجلساً بلدياً، إضافة إلى 589 مرشحاً للمختارية و33 مرشحاً لعضوية المجالس الاختيارية.
ويفترض ان تذيع دوائر وزارة الداخلية والبلديات بياناً رسمياً اليوم بالحصيلة النهائية بعدد المرشحين والأسماء للانتخابات بلدية بيروت وبلديات البقاع وبعلبك الهرمل.